شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)
5- تعويد الأمة النظام والوحدة والوئام.
6- يذهب المواد المترسبة في البدن، وبذلك تتحسن1 صحة الصائم.
{شَهْرُ2 رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ3 وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) **
شرح الكلمات:
{شَهْرُ رَمَضَانَ** : هو الشهر التاسع من شهور السنة القمرية، ولفظ الشهر مأخوذ من الشهرة، ورمضان مأخوذ من رمض الصائم إذا جر جوفه من العطش4.
{الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ** : هذه آية فضله على غيره من سائر الشهور حيث أنزل فيه القرآن، وذلك في ليلة القدر منه لآية: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ** ، أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا ثم نزل نجماً بعد نجم، وابتدئ نزوله على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان أيضاً.
__________
1 لحديث: "صوموا تصحوا وسافروا تغنموا ".
2 قرئ: {شَهْر** بالنصب فيكون بدلاً من قوله: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ** ، وقرئ بالرفع فيكون مبتدأ والخبر، {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ** . وقد يكون المبتدأ محذوفاً تقديره هي: أي الأيام المعدودات.
3 قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً"، أوضح طريق للصوم والإفطار وبه العمل والحمد لله.
4 والرمضاء: شدة الحر، ويشهد لذلك حديث مسلم: " صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال"، أي اشتد الحر في الأرض فلم يقوى الفصيل على الوقوف على الأرض بأخفافه فيبرك.
{هُدىً لِلنَّاسِ** : هادياً للناس إلى ما فيه كمالهم وسعادتهم في الدارين.
{وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ** : البينات: جمع بينة، والهدى: الإرشاد، والمراد أن القرآن نزل هادياً للناس ومبيناً لهم سبيل الهدى موضحاً طريق الفوز والنجاة فارقاً لهم بين الحق والباطل في كل شؤون الحياة.
شهد الشهر1: حضر الإعلان2 عن رؤيته.
{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ** : فعليه القضاء بعدد الأيام التي أفطرها مريضاً أو مسافراً.
{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّة** : وجب القضاء من أجل إكمال عدة الشهر ثلاثين أو تسعة وعشرون يوماً.
{وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ** : وذلك عند إتمام صيام رمضان من رؤية الهلال إلى العودة من صلاة العيد والتكبير مشروع وفيه أجر كبير، وصفته المشهورة: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ** : فرض عليكم الصوم وندبكم إلى التكبير لتكونوا بذلك من الشاكرين لله تعالى على نعمه؛ لأن الشكر3 هو الطاعة.
معنى الآية الكريمة:
لما ذكر تعالى أنه كتب على أمة الإسلام الصيام في الآية السابقة وأنه أيام معدودات بين في هذه الآية أن المراد من الأيام المعدودات أيام شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن هادياً موضحاً طرق الهداية، وفارقاً به بين الحق والباطل، فقال تعالى: {شَهْرُ4 رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ** يريد شهر رمضان، ومعنى: شهد، كان حاضراً غير مسافر لما أعلن عن رؤية هلال رمضان، فليصمه على سبيل الوجوب إن كان مكلفاً. ثم ذكر عذر المرض والسفر، وأن على من أفطر بهما قضاء ما
__________
1 اختلف في قبول شهادة الواحد في هلال رمضان، والذي عليه الأكثر وهو الأحوط للدين أن الواحد إذا كان عدلاً تقبل شهادته، هذا في الصام، أما في الإفطار وهو رؤية هلال شوال فلا بد من شاهدين اثنين.
2 إذا أسلم الكافر ليلاً وبلغ الصبي وجب عليهما الصيام من الغد، أما إذا أسلم الكافر وبلغ الغلام في نهار رمضان فإنه يستحب لهما الإمساك ولا يجب.
3 يشهد له قوله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً** ، والشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح وهو العمل، قال الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
4 يجمع رمضان على رمضانات، وأرمضاء ويجوز أن يقال شهر رمضان. ورمضان بدون شهر لحديث: "إذا كان رمضان فاعتمري فإن عمرة فيه تعدل حجة".
أفطر بعدده، وأخبر تعالى أنه يريد بالإذن في الإفطار للمريض والمسافر ليس بالأمة، ولا يريد بها العسر فله الحمد وله المنة، فقال تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ** .
ثم علل تعالى للقضاء بقوله ولتكملوا العدة، أي: عدة أيام رمضان، هذا أولاً، وثانياً: لتكبروا الله على ما هداكم عندما تكملون الصيام برؤية هلال شوال وأخيراً ليعدكم بالصيام والذكر للشكر، وقال عز وجل: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ** .
هداية الآية
من هداية الآية:
1- فضل1 شهر رمضان وفضل القرآن.
2- وجوب صيام رمضان على المكلفين، والمكلف هو: المسلم العاقل مع سلامة المرأة من دمي الحيض والنفاس.
3- الرخصة للمريض الذي يخاف تأخر برئه أو زيادة مرضه، والمسافر مسافة2 قصر.
4- وجوب القضاء على من أفطر لعذر3.
5- يسر الشريعة الإسلامية وخلوها من العسر4 والحرج.
6- مشروعية التكبير ليلة العيد ويومه، وهذا التكبير جزء لشكر نعمة الهداية إلى الإسلام.
7- الطاعات: هي الشكر، فمن لم يطع الله ورسوله لم يكن شاكراً فيعد مع الشاكرين.
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) **
__________
1 يكفي في بيان فضل رمضان قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين". رواه مسلم، قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " في الصحيح.
2 أوسط ما قيل في مسافة القصر إنها أربعة بُرُد، وهي ثمانية وأربعون ميلاً، والميل: ألفا ذراع عند أهل الأندلس وهو يعادل الكيلو المتر المعروف الآن.
3 لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ** أي فعليه قضاء أيام أخر بعدد ما أفطر.
4 لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ** ، وقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دين الله يسر"، وقوله لأصحابه: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا". في الصحيح.