١- العلم الذي هو محل الثناء هو العلم الشرعي الذي هو فقه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما عدا ذلك فإما أن يكون وسيلة إلى خير أو وسيلة إلى شر، فيكون حكمه بحسب ما يكون وسيلة إليه.
٢-العلم من أفضل الأعمال الصالحة، وهو من أفضل وأجلَ العبادات، عبادات التطوع، لأنه نوع من الجهاد في سبيل الله، فإن دين الله – عز وجل – إنما قام بأمرين: أحدهما: العلم والبرهان.
والثاني: القتال والسنان، فلا بد من هذين الأمري
٣- إن العابد حقًا هو الذي يعبد ربه على بصيرة ويتبين له الحق، وهذه سبيل النبي صلى الله عليه وسلم ] قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [
٤- علينا أن نتنبه لهذا الأمر العظيم، وهي أن نستحضر ونحن نقوم بالعبادة أن نمتثل أمر الله بها لتحقيق الإخلاص، وأن نستحضر أن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلها ونحن له متبعون فيها لتحقيق المتابعة؛ لأن من شروط صحة العمل: الاخلاص والمتابعه
٥-بالعلم يعبد الإنسان ربه على بصيرة، فيتعلق قلبه بالعبادة ويتنور قلبه بها، ويكون فاعلاً لها على أنها عبادة لا على أنها عادة،
٦- أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرغب أحداً أن يغبط أحداً على شيْ من النعم التي أنعم الله بها إلا بشيئين: طلب العلم والعمل ، التاجر الذي جعل ماله خدمة للإسلام.
٧- الفقه في الدين ليس المقصود به فقه الأحكام العملية المخصوصة عند أهل العلم بعلم الفقه فقط، ولكن المقصود به هو: علم التوحيد، وأصول الدين، وما يتعلق بشريعة الله – عز وجل -.
٨- أن الله يرفع أهل العلم في الآخرة وفي الدنيا، أما في الآخرة فإن الله يرفعهم درجات بحسب ما قاموا به من الدعوة إلى الله – عز وجل – والعمل بما علمـوا ، وفي الدنيا يرفعهم الله بين عبـاده بحسب ما قاموا به. قال الله تعالى: ] يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ[ (المجادلة: الآية11).
٩-ينبغي لطالب العلم أن يشعر نفسه أنه قائم بفرض كفاية حال طلبه ليحصل له ثواب فاعل الفرض مع التحصيل العلمي
١٠- ولا شك أن طلب العلم من أفضل الأعمال، بل هو من الجهاد في سبيل الله، ولاسيما في وقتنا ، ثلاثة أمور كلها تحتم على الشباب أن يحرص على طلب العلم.
أولا: بدع بدأت تظهر شرورها.
ثانيًا: أناس يتطلعون إلى الإفتاء بغير علم.
ثالثاً: جدل كثير في مسائل قد تكون واضحة لأهل العلم لكن يأتي من يجادل فيها بغير علم.
١١- قال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى -: (( العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته )). قالوا : كيف ذلك ؟ (( ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره )).
١٢- وحامل العلم كالحامل لسلاحه، إما له وإما عليه، ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( القرآن حجة لك أو عليك)) (14) . لك إن عملت به،
١٣- الواجب علينا أن نتلقى ما أخبر الله به ورسوله من أمور الغيب بالقبول والتسليم، وأن لا نعارضها بما يكون في أذهاننا من المحسوس والمشاهد؛ لأن الغيب أمر فوق ذلك
١٤- العلم الشرعي يدعو إلى كل خلق فاضل من الصدق، والوفاء ومحبة الخير للمؤمنين
١٥- الأصل في العبادات الحظر حتى يقوم دليل على المشروعية واستدلوا على ذلك بقوله: ** أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه**
١٦- الحكمة : أن يكون طالب العلم مربياً لغيره بما يتخلق به من الأخلاق، وبما يدعو إليه من دين الله – عز وجل – بحيث يخاطب كل إنسان بما يليق بحاله، وإذا سلكنا هذا الطريق حصل لنا خير كثير كما قال ربنا – عز وجل:- ] وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [ (البقرة: الآية269) .
١٧- ينبغي لنا أيها الإخوة أن ننظر إلى أهل المعاصي بعينين: عين الشرع، وعين القدر، عين الشرع أي لا تأخذنا في الله لومة لائم كما قال تعالى عن الزانية والزانيفاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ **
وننظر إليهم بعين القدر فنرحمهم ونرق لهم ونعاملهم بما نراه أقرب إلى حصول المقصود وزوال المكروه، وهذا من آثار طالب العلم بخلاف الجاهل الذي عنده غيرة، لكن ليس عنده علم، فطالب العلم الداعية إلى الله يجب أن يستعمل الحكمة.
١٨- أنه يجب على طلبة العلم الحرص على حفظ القرآن والعمل به والدعوة إليه وفهمه فهماً مطابقاً لفهم السلف الصالح.
١٩- إذا نقل عن شخص ما، ترى أنه خطأ فاسلك طرقا ثلاثة على الترتيب:
الأول : التثبت في صحة الخبر.
الثاني: النظر في صواب الحكم، فإن كان صواباً فأيده ودافع عنه، وإن رأيته خطأ فاسلك الطريق
الثالث وهو : الاتصال بمن نسب إليه لمناقشته فيه وليكن ذلك بهدوء واحترام.
٢٠- ما يحصل من الأخطاء من الأمراء، لا يجوز لنا أن نتخذ ما يخطئون فيه سٌلّماً للقدح فيهم في كل شيء ونتغاضي عما لهم من الحسنات؛ لأن الله يقول في كتابه: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا[ (المائدة: الآية8). يعني لا يحملكم بغض قوم على عدم العدل، فالعدل واجب، ولا يحل للإنسان أن يأخذ زلات أحد من الأمراء أو العلماء أو غيرهم فيشيعها بين الناس ، ثم يسكت عن حسناتهم، فإن هذا ليس بالعدل .
٢١-إذا كان اغتياب العامي من الناس من كبائر الذنوب فإن اغتياب العالم أكبر وأكبر؛ لأن اغتياب العالم لا يقتصر ضرره على العالم بل عليه وعلى ما يحمله من العلم الشرعي.
٢٢- الإنسان إذا اتقى الله سهل له الأعمال الصالحة التي يكفّر الله بها عنه.
٢٣- فإنك ترى الرجلين يحفظان آية من كتاب الله يستطيع أحدهما أن يستخرج منها ثلاثة أحكام، ويستطيع الآخر أن يستخرج أكثر من هذا بحسب ما أتاه الله من الفهم.
٢٤- الإنسان كلما ازداد علماً ازداد معرفة وفرقاناً بين الحق والباطل، والضار والنافع، وكذلك يدخل فيه ما يفتح الله على الإنسان من الفهم؛ لأن التقوى سبب لقوة الفهم، وقوة الفهم يحصل بها زيادة العلم
٢٥- قال تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً**
فكلما عمل الإنسان بعلمه زاده الله حفظاً وفهماً، لعموم قوله: {زادهم هدى **
٢٦- تجد بعض الناس في مسائل الدين يسأل عن مسألة يسيرة جداً جداً وقلبه منكب على الدنيا غافل عن الله مطلقاً في بيعه وشرائه، ومركوبه، ومسكنه، وملبسه ، فقد يكون بعض الناس الآن عابداً للدنيا وهو لا يشعر، وقد يكون مشركاً بالله في الدنيا وهو لا يشعر، لأنه مع الأسف الشديد لا يهتم بجانب التوحيد وجانب العقيـدة، وهذا ليس من العامة فقط ولكن من بعض طلاب العلم وهذا أمر له خطورته.
٢٧- الحق – ولله الحمد – ناصع، بين لمن صلحت نيته، وحسن منهاجه، فإن الله – عز وجل يقول في كتابه: ] )وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر[ (القمر الآية:17
٢٨- لا يمكن أن يصلح الناس في ساعة واحدة أبداً . أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد بقي في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس؟ وفي النهاية أخرج من مكة حين تآمروا عليه ] وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوك[ (الأنفال الآية: 30).يثبتوك يعني يحبسوك أو يقتلوك أو يخرجوك ] وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ[ . فلا يمكن أن تصلح الخلق بمجرد دعوة أو دعوتين لاسيما إذا لم تكن ذا قيمة بينهم لكن اصبر وأطل النفس وادع بالحكمة وأحسن الخلق وسيتبين لك الأمر فيما بعد
٢٩- الحسد من أخلاق اليهود أخبث عباد الله.
٣٠- الحسد لا يستفيد منه الحاسد إطلاقا، بل لايزيده إلا غماً وحسرة، ابغ الخير للغير يحصل لك الخير، وأعلم أن فضل الله يؤتيه من يشاء، لو حسدت فإنك لن تمنع فضل الله، ربما تمنع فضل الله عليك بمحبتك زوال فضل الله على غيرك وكراهتك نعمة الله على غيرك
٣١-في أول الطلب أنا أنصح الطالب أن يركز على شيخ معين لا يتعداه.
٣٢--أحسن المذاهب فيما نعلم من حيث اتباع السنة مذهب الإمام أحمد رحمه الله – وإن كان غيره قد يكون أقرب إلى السنة من غيره، على إنه كما أشرت قبل قليل؛ لا تكاد تجد مذهباً من المذاهب إلا والإمام أحمد يوافقه – رحمه الله-
٣٣- وأهم شيء أيضاً في منهج طالب العلم بعد النظر والقراءة، أن يكون فقيهاً، بمعنى أنه يعـرف حكم الشريعة وآثارها ومغزاها وأن يطبق ما علمه منها تطبيقاً حقيقياً بقدر ما يستطيع ]لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [ (البقرة الآية: 286) لكن يحرص على التطبيق بقدر ما يستطيع، وأنا أكرر عليكم دائماً هذه النقطة (( التطبيق)) سواء في العبادات أو الأخلاق أو في المعاملات. طبق حتى يُعرف أنك طالب علم عامل بما علمت.
٣٤-أعمالنا وإن فعلناها فهي هزيلة نحتاج إلى تقوية الإيمان، السلام مما يقوي الإيمان؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم – يعني حصل لكم الإيمان – أفشوا السلام بينكم)) (48)
٣٥-** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم **(الحديد الآية:28) والآيات في هذا المعنى كثيرة، فعليكم بالتطبيق في العبادات وفي الأخلاق وفي المعاملات حتى تكونوا طلاب علم حقيقة،
٣٦- النحو بابه من حديد ودهاليزه قصب يعني أنه شديد وصعب عند أول الدخول فيه، ولكنه إذا انفتح الباب لطالبه سهل عليه الباقي بكل يسر وصار سهلاً عليه،
٣٧- النصيحة العامة لطالب العلم أن يكون عليه آثار علمه من تقوى الله – عز وجل والقيام بطاعته ، وحسن الخلق، والإحسان إلى الخلق بالتعليم والتوجيه والحرص على نشر العلم بجميع الوسائل سواء كان ذلك عن طريق الصحف أو المجلات أو الكتب أو الرسائل أو النشرات وغير ذلك من الوسائل.
٣٨- على طالب العلم أن يكون متأدباً بالتواضع وعدم الإعجاب بالنفس وأن يعرف قدر نفسه.
٣٩-من المهم لطالب العلم المبتدىء : ألا يكون كثير المراجعة لأقوال العلماء؛ لأنك إذا أكثرت مراجعتك لأقوال العلماء وجعلت تطالع المغني في الفقه لابن قدامة، والمجموع للنووي والكتب الكبيرة التي تذكر الخلاف وتناقشه فإنك تضيع.
٤٠- طريقة طلب العلم باختصار في نقاط :
1- احرص على حفظ كتاب الله تعالى واجعل لك كل يوم شيئا معيناً تحافظ على قراءته ولتكن قراءتك بتدبر وتفهم، وإذا عنت لك فائدة أثناء القراءة فقيدها.
2- احرص على حفظ ما تيسر من صحيح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك حفظ عمدة الأحكام.
3- احرص على التركيز والثبات بحيث لا تأخذ العلم نتفاً من هذا شيئاً ومن هذا شيئاً؛ لأن هذا يضيع وقتك ويشتت ذهنك.
4- ابدأ بصغار الكتب وتأملها جيداً ثم انتقل إلى ما فوقها، حتى تحصل على العلم شيئاً فشيئاً على وجه يرسخ في قلبك وتطمئن إليه نفسك.
5- احرص على معرفة أصول المسائل وقواعدها وقيد كل شيء يمر بك من هذا القبيل فقد قيل: من حُرم الأصول حُرم الوصول.
6- ناقش المسائل مع شيخك، أو مع من تثق به علماً وديناً من أقرانك، ولو بأن تقدر في ذهنك أن أحداً يناقشك فيها إذا لم تمكن المناقشة مع من سمينا.
٤١- قال تعالى : ** قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي **(يوسف الآية: 108) فلا بد من العلم الشرعي الذي تقوم به حياة المرء في الدنيا والآخرة، ولا يمكن لأي دعوة أن تقوم إلا وهي مبنية على العلم،
٤٢- قال تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ** (النحل، الآية:125 ) . وقد جعل الله الدعوة على ثلاث مراتب: الدعوة بالحكمة، وبالموعظة وبالمجادلة؛
٤٣-إذا رأيت شخصاً منحرفاً وليس حولك من يدعوه صار الآن فرض عين عليك؛ لأن العلماء يقولون فرض الكفاية: إنه إذا لم يوجد سوى هذا الرجل تعين عليه.
٤٤- نسيان القرآن له سببان:
الأول: ماتقتضيه الطبيعة.
والثاني: الإعراض عن القرآن وعدم المبالاة به
فالأول لا يأثم به الإنسان ولا يعاقب علي
أما الوعيد على من ينسى ، قال الإمام أحمد: (( ما أشد ما ورد فيه)) أي حفظ آية ونسيها والمراد بذلك من أعرض عنها حتى تركها، وأما من نسيها لسبب طبيعي أو لأسباب كانت واجبة أشغلته فإن هذا لا يلحق به إثم ] لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا[ (البقرة الآية: 286) .
٤٥- العلم الذي أثنى الله على أصحابه، والذي أصحابه هم أهل خشية الله، إنما هو علم الشريعة فقط، وأما العلوم الأخرى فإنها إن كانت نافعة فإنها تكون مطلوبة لا لذاتها ولكن لما يرجى فيها من نفع ، وأما إذا كانت ضارة وجب اجتنابها، وأما إذا كانت غير نافعة ولا ضارة فإن الإنسان لا ينبغي أن يضيع وقته فيها
٤٦- طلب العلم الشرعي فرض كفاية إذا قام به من يكفي صار في حق الآخرين سنة، وقد يكون واجباً على الإنسان عيناً أي فرض عين كما لو أراد الإنسان أن يتعبد الله بعبادة فإنه يجب عليه أن يعرف كيف يتعبد لله بهذه العبادة.
٤٧- السفر إلى بلاد الكفار فلا أرى جواز السفر إلا بشروط :
الأول: أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات ؛ لأن هناك في لبلاد الكفار يوردون على أبناء المسلمين الشبهات حتى يردوهم عن دينهم.
الثاني: أن يكون عند الإنسان دين يدفع به الشهوات، فلا يذهب إلى هناك وهو ضعيف الدين ، فتغلبه الشهوات فتدفع به إلى الهلاك.
الثالث: أن يكون محتاجاً إلى السفر بحيث لا يوجد هذا التخصص في بلاد الإسلام.
فهذه الشروط الثلاثة إذا تحققت فليذهب، فإن تخلف واحد منها فلا يسافر،لأن المحافظة على الدين أهم من المحافظة على غيره (56)
٤٨-،من أعظم الطرق التي تعين على ضبط العلم:
١- أن يهتدي الإنسان بعلمه قال تعالى:] وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُم [ (محمد، الآية: 17
فإذا عمل العالم بعلمه، ازداد علماً وأوتي تقوى، أي عبادة وخشية.٢-أن يفرغ قلبه للعلم بحيث لا يتشاغل بغيره عنه بل يكون هو همه وهاجسه.٣- أن يتعاهده بالحفظ والمذاكرة.
٤- أن يستحضر الحكم ودليله عند كل عمل يقوم به.٥- أن يكب على طلب العلم فلا يجعل طلب العلم عند التفرغ فقط، ولهذا يقولون أعط العلم كلك يعطيك بعضه، وأعط العلم بعضك لا يعطيك شيئاً ، فلا بد من الإكباب على طلب العلم ليلاً ونهاراً، والمناقشة وتطبيق ما علمت على ما عملت حتى يبقى العلم.
٤٩- تفسير القرآن بالنظريات العلمية له خطورته، وذلك إننا إذا فسرنا القرآن بتلك النظريات ثم جاءت نظريات أخرى بخلافها فمقتضى ذلك أن القرآن صار غير صحيح في نظر أعداء الإسلام؛ أما في نظر المسلمين فإنهم يقولون إن الخطأ من تصور هذا الذي فسر القرآن بذلك، لكن أعداء الإسلام يتربصون به الدوائر، ولهذا أنا أحذر غاية التحذير من التسرع في تفسير القرآن بهذه الأمور العلمية،
٥٠- كل إنسان معرض للخطأ، والإنسان إذا أخطأ ونُبّه فهذا من نعمة الله عليه، حتى لا يغتر الناس بخطئه،
٥١- وإذا علم الله منك حسن النية ومنَّ عليك بالتوفيق فقد تجمع من العلم الشيء الكثير
٥٢- طلب العلم أفضل من قيام الليل؛
٥٣- الإخلاص من جملة ما يحفظ به العلم.
٥٤ - والذي يفتي بلا علم أضل من الجاهل ، فالجاهل يقول : لا أدري ويعرف قدر نفسه ، ويلتزم الصدق ، أما الذي يقارن نفسه بأعلام العلماء بل ربما فضل نفسه عليهم فيَضل ويُضل.
٥٥- المختصرات سُلّم إلى المطولات، لكن لابد من معرفة الأصول والقواعد ومن لم يعرف الأصول حُرم الوصول.
٥٦- العلم يهتف بالعمل فإن أجاب وإلا ارتحل .
٥٧- الدعوة إلى الله تعالى مرتبة عالية ومقام عظيم؛ لأنه مقام الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وقد قال الله تعالى )وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
٥٨- ومن ظن أنه لا يمكن الجمع بين العلم والدعوة فقد أخطأ، فإن الإنسان يمكنه أن يتعلم ويدعو أهله وجيرانه وأهل حارته وأهل بلدته وهو في طلب العلم .
٥٩- من آداب كتابة الحديث كما نص عليه علماء المصطلح ألا يرمز إلى هذه الجملة بحرف(ص)، وكذلك لا يعبر عنها بالنعت مثل(صلعم)، ولا ريب أن الرمز أو النعت يفوت الإنسان أجر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
٦٠- لا ينبغي أن يوعظ الناس بأشياء غير صحيحة سواء نُسبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو نُسبت إلى قوم صالحين قد يكونوا أخطأوا فيما ذهبوا إليه من الأقوال والأعمال
٦١- والاختلاف الذي يقع بين علماء الأمة الإسلامية لا يجوز أن يكون سبباً لاختلاف القلوب؛ لأن اختلاف القلوب يحصل فيه مفاسد عظيمة كبيرة كما قال تعالى)وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(الأنفال:46)
٦٢- الخلاف المعتبر بين العلماء والذي ينقل ويذكر هو الخلاف الذي له حظ من النظر، أما خلاف العامة الذين لا يفهمون ولا يفقهون فلا عبرة به ولهذا يجب على العامي أن يرجع إلى أهل العلم كما قال الله تعالىفسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (النحل ، الآية: 43) .
٦٣- الاجتهاد في الإسلام هو: بذل الجهد لإدراك حكم شرعي من أدلته الشرعية.
٦٤- مذهب الظاهرية :
كما هو معروف مذهب يأخذ بالظاهر ولا يرجع إلى القواعد العامة النافعة، ولو إننا ذهبنا نتتبع من أقوالهم ما يتبين به فساد منهجهم أو بعض منهجهم لوجدنا الكثير، ولكننا لا نحب أن نتتبع عورة الناس .
٦٥- قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ : إن أحداً من الناس يجب طاعته في كل ما قال ، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لأن في ذلك طاعة غير رسول الله صلى الله عليه وسلم
وصدق ـ رحمه الله ـ لا أحد من الناس يجب أن يؤخذ بقوله مطلقاً إلا النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يجب الأخذ بقوله ، وقد قال صلى الله عليه وسلم :"اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر"(70). وقال :"إن يطيعوا أبابكر وعمر يرشدوا"(71).
٦٦- الأولى بطالب العلم أن يبدأ أولاً بكتاب الله ـ عز وجل ـ فإن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كانوا لا يتعلمون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل ، ثم بالسنة النبوية، ولا يقتصرون على معرفة الأسانيد والرجال والعلل إنما يحرصون على مسألة فقه هذه السنة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:"رب مُبلغ أوعى من سامع" (72) ويقول :" رُبَّ حامل فقهٍ ليس بفقيه"(73)
٦٧- يجب أن يعلم الإنسان المفتي، أنه سفير بين الله وبين خلقه، ووارث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلابد أن يكون عنده علم راسخ يستطيع به أن يفتي عباد الله، ولا يجوز للإنسان أن يتصدر للفتوى والتدريس وليس معه علم؛
٦٨- ليس العلم كالمال يتطلب الإنسان فيه الزبائن ليدرك من يبيع بل يدرك من يشتري منه، بل العلم إرث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فيجب على الإنسان أن يكون مستشعراً حين الفتوى شيئين
الأول: أنه يقول عن الله ـ عز وجل ـ وعن شريعة الله
الثاني: أنه يقول عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم لأن العلماء ورثة الأنبياء.
٦٩- إخلاص النية في طلب العلم أن ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره من الأمة، وعلامة ذلك أن الرجل تجده بعد طلب العلم متأثراً بما طلب، متغيراً في سلوكه ومنهاجه، وتجده حريصاً على نفع غيره، وهذا يدل على أن نيته في طلب العلم رفع الجهل عنه وعن غيره فيكون قدوة،
٧٠- قال بعض أهل العلم: إن تعلم الصناعات والطب والهندسة والجيولوجيا وما أشبه ذلك من فروض الكفايات، لا لأنها من العلوم الشرعية، ولكنها لأنها لا تتم مصالح الأمة إلا بها، ولهذا أنبه الإخوان الذين يدرسون مثل هذه العلوم أن يكون قصدهم بتعلم هذه العلوم نفع إخوانهم المسلمين ورفع أمتهم الإسلامية
٧١- الإخلاص في طلب العلم يكون بأمور:
الأمر الأول: أن تنوي بذلك امتثال أمر الله؛ لأن الله أمر بذلك فقال )فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك)(محمد: الآية19). وحث سبحانه وتعالى على العلم، والحث على الشيء يستلزم محبته والرضا به والأمر به.
الأمر الثاني: أن تنوي بذلك حفظ شريعة الله؛ لأن حفظ شريعة الله يكون بالتعلم والحفظ في الصدر ويكون كذلك بالكتابة.
الأمر الثالث: أن تنوي حماية الشريعة والدفاع عنها؛ لأنه لولا العلماء ما حُميت الشريعة ولا دافع عنها أحد، ولهذا نجد مثلاً شيخ الإسلام أبن تيمية وغيره من أهل العلم تصدوا لأهل البدع وبينوا بطلان بدعهم، نرى أنهم حصلوا على خير كثير.
الأمر الرابع: أن تنوي بذلك اتباع شريعة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنك لا يمكن أن تتبع شريعته حتى تعلم هذه الشريعة.
الأمر الخامس: أن تنوي بذلك رفع الجهل عن نفسك وعن غيرك.
٧٢- لابد من العمل بالعلم، لأن ثمرة العلم العمل؛ لأنه إذا لم يعمل بعلمه صار من أول من تُسعَّر بهم النار يوم القيامة
٧٣- لابد أن يُطلب العلم على شيخ متقن ذي أمانة؛ لأن الإتقان قوة، والقوة لابد معها من أمانة، قال الله تعالى) إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)(القصص: الآية 26). ربما يكون العالم عنده إتقان وسعة علم وقدرة على التفريع والتقسيم
٧٤- إذا أراد طالب العلم أن يكون عالماً في الفقه فلابد أن يجمع بين الفقه وأصول الفقه ليكون متبحراً متخصصاً فيه، وإلا فيمكن أن تعرف الفقه بدون علم الأصول، ولكن لا يمكن أن تعرف أصول الفقه، وتكون فقيهاً بدون علم الفقة
٧٥- ينبغي لطالب العلم أن يحفظ وقته عن الضياع، وضياع الوقت يكون على وجوه
الوجه الأول: أن يدع المذاكرة ومراجعة ما قرأ
الوجه الثاني:أن يجلس إلى أصدقائه ويتحدث بحديث لغو ليس فيه فائدة.
الوجه الثالث: وهو أضرها على طالب العلم ألا يكون له هم إلا تتبع أقوال الناس وما قيل وما قال، وما حصل وما يحصل في أمر ليس معنيًّا به، وهذا لا شك أنه من ضعف الإسلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "
٧٦- كل مجتهد مصيب من حيث اجتهاده، أما من حيث موافقته للحق؛ فإنه يخطئ ويصيب، ويدل قوله صلى الله عليه وسلم:"فاجتهد فأصاب، واجتهد فأخطأ
٧٧- الشيخين الحافظين( النووي وابن حجر) لهما قدم صدق ونفع كبير في الأمة الإسلامية ولئن وقع منهما خطأ في تأويل بعض نصوص الصفات إنه لمغمور بما لهما من الفضائل والمنافع الجمة ولا نظن أن ما وقع منهما إلا صادر عن اجتهاد وتأويل سائغ ـ ولو في رأيهما - وأرجو الله تعالى أن يكون من الخطأ المغفور وأن يكون ما قدماه من الخير والنفع من السعي المشكور وأن يصدق عليهما قول الله تعالى( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ )(هود: الآية114). والذي نرى أنهما من أهل السنة والجماعة، ويشهد لذلك خدمتهما لسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم وحرصهما على تنقيتها مما ينسب إليها من الشوائب، وعلى تحقيق ما دلت عليه من أحكام ولكنهما خالفا في آيات الصفات وأحاديثها أو بعض ذلك عن جادة أهل السنة عن اجتهاد أخطئا فيه، فنرجو الله تعالى أن يعاملهما بعفوه.
٧٨- ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين أن تتفرق الأمة أحزاباً لكل حزب أمير ومنهج، وأمير الأمة الإسلامية واحد، وأمير كل ناحية واحد، من قِبَل الأمير العام.
٧٩- قول الصحابي أقرب إلى الصواب من غيره بلا ريب، وقوله حجة، بشرطين:أحدهما: أن لا يخالف نص كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم
والثاني: أن لا يخالفه صحابي آخر
فإن خالف الكتاب أو السنة فالحجة في الكتاب أو السنة، ويكون قوله من الخطأ المغفور.
٨٠- وإن خالف قول صحابي آخر طلب الترجيح بينهما، فمن كان قوله أرجح فهو أحق أن يتبع، وطرق الترجيح تعرف إما من حال الصحابي أو من قرب قوله إلى القواعد العامة في الشريعة أو نحو ذلك.
٨١- إن تحديد يوم معين منتظم لإلقاء محاضرة أو حلقة علم ليس ببدعة منهي عنها، بل هو مباح ... لكن لو خص يوماً معيناً لطب العلم باعتبار أنه مخصوص لطلب العلم وحده فهذا هو البدعة.
٨٢-ذا كان الخلاف سائغاً لم يظهر فيه العصيان والتعصب للنفس، فإن الواجب أن تتسع صدورنا له، ولا مانع حينئذ من المناقشة الهادئة التي يُراد بها التوصل إلى الحق، فإن هذا هو طريق الصحابة، وأما أن نتخذ من الخلاف السائغ مثاراً للكراهية والبغضاء والتحزب، فإن ذلك خلاف طريق السلف الصالح
٨٣- لا يجوز للإنسان إذا استفتى عالماً واثقاً بقوله أن يستفتي غيره؛ لأن هذا يؤدي إلى التلاعب بدين الله وتتبع الرخص، بحيث يسأل فلاناً، فإن لم يناسبه سأل الثاني، وإن لم يناسبه سأل الثالث وهكذا.
وقد قال العلماءمن تتبع الرخص فسق)، لكن أحياناً يكون الإنسان ليس عنده من العلماء إلا فلاناً مثلاً، فيسأله من باب الضرورة، وفي نيته أنه إذا التقى بعالم أوثق منه في علمه ودينه سأله، فهذا لا بأس به، أن يسأل الأول للضرورة، ثم إذا وجد من هو أفضل سأله.
٨٤- جرح العالم في الواقع ليس جرحاً شخصيّا بل هو جرح لإرث محمد صلى الله عليه وسلم .
٨٥- السنة فلا يتم الاستدلال بها إلا بأمرين: الأول: صحة الحديث، الثاني: دلالة الحديث على الحكم المطلوب
٨٦- أجاد شيخ الإسلام ابن تيمية حق الإجادة في قوله عن أهل الكلام:{إنهم أوتوا فهوماً ولم يؤتوا علوماً، وأتوا ذكاء ولم يؤتوا زكاء**
٨٧- وبعـد فالعلم بحـور زاخـرة لن يبلـغ الكـادح فيـه آخـر
لكـن في أصـوله تســهيلاً لنيلـه فاحـرص تجـد سـبيلا
اغتنم القـواعد الأصـــولا فمـن تفتـه يحرم الوصــول
فالأصول هي: العلم والمسائل فروع، كأصل الشجرة وأغصانها إذا لم تكن الأغصان على أصل جيد فإنها تذبل وتهلك
٨٨- الأصول هي أدلة الكتاب والسنة، والقواعد والضوابط المأخوذة بالتتبع والاستقراء من الكتاب والسنة، وهذه من أهم ما يكون لطالب العلم، مثلاً المشقة تجلب التيسير هذا من الأصول مأخوذ من الكتاب والسنة من الكتاب من قوله تعالى:]وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [ (الحج: الآية 78) ومن السنة: قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمران بن حصين: (( صلَ قائماً ، فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطع على جنب ))
٨٩- ولنيل العلم طريقان:
أحدهما: أن يتلقى ذلك من الكتب الموثوق بها، والتي ألفها علماء معروفون بعلمهم، وأمانتهم، وسلامة عقيدتهم من البدع والخرافات
وأخذ العلم من بطون الكتب لا بد أن الإنسان يصل فيه إلى غاية ما. لكن هناك عقبتان
١-الطول
٢-الذي يأخذ العلم من بطون الكتب علمه ضعيف غالباً ، لا ينبني عليه قواعد أو أصول،
الثاني: من طرق تحصيل العلم أن تتلقى ذلك من معلم موثوق في علمه ودينه، وهذا الطريق أسرع وأتقن للعلم؛ لأن الطريق الأول قد يضل فيه الطالب وهو لا يدري إما لسوء فهمه، أو قصور علمه، أو لغير ذلك من الأسباب، أما الطريق الثاني فيكون فيه المناقشة والأخذ والرد مع المعلم فينفتح بذلك للطالب أبواب كثيرة في الفهم، والتحقيق، وكيفية الدفاع عن الأقوال الصحيحة، ورد الأقوال الضعيفة، وإذا جمع الطالب بين الطريقين كان ذلك أكمل وأتم ، وليبدأ الطالب بالأهم فالأهم
بمختصرات العلوم قبل مطولاتها حتى يكون مترقياً من درجة إلى درجة أخرى فلا يصعد إلى درجة حتى يتمكن من التي قبلها ليكون صعوده سليماً.
٩٠- الحسد يوجب إعراض العبد عن سؤال الله تعالى من فضله، فتجده دائما مهتماً بهذه النعمة التي أنعـم الله بها على غيره ولا يسأل الله من فضله، وقـد قال الله تعالى: ** وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِه**
٩١-من العقل والإيمان ومن تقوى الله وتعظيمه أن يقول الرجل عما لا يعلم لا أعلم، لا أدري، اسأل غيري، فإن ذلك من تمام العقل؛ لأن الناس إذا رأوا تثبته وثقوا به
٩٢- قال ابن مسعود – رضي الله عنه :- (( أبها الناس من سئل عن علم يعلمه فليقل به، ومن لم يكن عنده علم فليقل الله أعلم ، فإن مع العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم)).
٩٣- سئل الشعبي عن مسألة فقال: لا أحسنها، فقال له أصحابه: قد استحيينا لك، فقال: لكن الملائكة لم تستح حين قالت: ] لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا [ (البقرة الآية:32) .
٩٤- هناك أخطاء يرتكبها بعض طلبة العلم:
الحسد ،الكبر ، التعصب للمذاهب والآراء، التصدر قبل التأهل، سوء الظن
٩٥- الكبر : فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأجمع التفسير وأبينه وأوضحه فقال :
( الكبرٌ بطَرٌ الحق وغًمْطٌ الناس )
وبطر الحق هو : رد الحق، وغمط الناس يعني احتقارهم
٩٦- العلــم حــربٌ للفتى المتعالى كالسيل حربٌ للمكــان العــالي
ومعنى البيت:
أن الفتى المتعالى لا يمكن أن يدرك العلم؛ لأن العلم حرب له كالسيل حرب للمكان العالي، لأن المكان العالي ينفض عنه السيل يميناً وشمالاً ولا يستقر عليه، كذلك العلم لا يستقر مع الكبر والعلو، وربما يسلب العلم بسبب ذلك.
٩٧- لازم تصديق أخبار الله أن يكون الإنسان واثقاً بها مدافعاً عنها مجاهداً بها
٩٨- حسن الخلق مع الله ـ عز وجل ـ بالنسبة للصلاة، أن تؤديها وقلبك منشرح مطمئن وعيناك قريرتان، تفرح إذا كنت متلبساً بها وتنتظرها إذا أقبل وقتها
٩٩- حسن الخلق كما يكون في معاملة الخلق يكون في معاملة الخالق، وأن حسن الخلق في معاملة الخالق هو تلقي أخباره بالتصديق وتلقي أحكامه بالقبول والتطبيق. وتلقي أقداره بالصبر والرضا. هذا حسن الخلق مع الله.
١٠٠- حسن الخلق مع المخلوق فعرفه بعضهم. ويذكر عن الحسن البصري أنه "كف الأذى، وبذل الندى، وطلاقة الوجه".
١٠١- كل إنسان يتصل بالناس فلابد أن يجد من الناس شيئاً من الإساءة، فموقفه من هذه الإساءة أن يعفوا ويصفح، وليعلم علم اليقين أنه بعفوه وصفحه ومجازاته بالحسنى سوف تنقلب العداوة بينه وبين أخيه إلى ولاية وصداقة. قال الله تعالى)وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34)
١٠٢- فإن انشراح الصدر وطلاقة الوجه من أكبر العقاقير المانعة من هذا الداء داء الضغط.
١٠٣-[كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ]
العلم بدون تربية قد يكون ضرره أكثر من نفعه. لكن مع التربية يكون العلم مؤدياً لنتيجته المقصود
فائدة العلم أن يكون الإنسان ربانيًّا بمعنى مربياً لعباد الله على شريعة الله.
١٠٤-أسباب الخلاف :
١-أن يكون الدليل لم يبلغ هذا المخالف الذي أخطأ في حكمه.
٢-أن يكون الحديث قد بلغ الرجل ولكنه لم يثق بناقله، ورأى أنه مخالف لما هو أقوى منه، فأخذ بما يراه أقوى منه
٣-أن يكون الحديث قد بلغه ولكنه نسيه، وجل من لا ينسى، كم من إنسان ينسى حديثاً، بل قد ينسى آية.
٤-أن يكون بلغه الدليل وفهم خلاف المراد
٥- أن يكون قد بلغه الحديث لكنه منسوخ ولم يعلم بالناسخ فيكون الحديث صحيحاً والمراد منه مفهوماً ولكنه منسوخ، والعالم لا يعلم بنسخه فحينئذ له العذر؛ لأن الأصل عدم النسخ حتى يعلم الناسخ.
٦- أن يأخذ العالم بحديث ضعيف أو يستدل استدلالاً ضعيفاً
١٠٥-الإكثار من الأستغفار يوجب زوال أثر الذنوب التي هي سبب في نسيان العلم والجهل كما قال تعالىفبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به).
١٠٦- ضياع الوقت الذي هو أشد ضرراً من ضياع المال، فإن المال له ما يخلفه والوقت لا يخلفه شيء فإن كل وقت مضى لا يرجع كما قيل: امس الدابر لا يعود.
١٠٧ التقول على العلماء كان من قديم الزمان وله أسباب:
1ـ منها أن يسأل الشخص عالماً سؤالاً يقصد به معنى، فيفهمُ العالمُ المجيبُ خلاف ما قصده السائل، فيجيبُ بحسب ما فهم من السؤال ويفهم السائل الجواب على ما قصد من السؤال.
2ـ ومنها أن يفهم العالم السؤال على ما قصده به السائل فيجيبه بحسبه لكن يفهم السائل منه خلاف ما قصده المجيب.
3ـ ومنها أن يكون له هوى في حكم مسألة ما، فيُشّيع نسبته إلى عالمٍ معروفٍ ليكون أدعى لقبوله.
4ـ ومنها أن يكون الحكم غربياً منكرًا، فيُنسبه إلى عالم ليشوه به سُمعتهُ ويتخذ من ذلك وسيلةً إلى غيبته، والإيقاع به، مع أن العالم لم يكن منه فتوى في ذلك.
١٠٨-؟تحزب المسلمين إلى أحزاب متفرقة متناحرة، مخالف لما تقتضيه الشريعة الإسلامية من الائتلاف والاتفاق، موافق لما يريده الشيطان من التحريش بين المسلمين، وإيقاع العداوة والبغضاء، وصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة، قال الله تعالىإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبدون) .
١٠٩-حسن الخلق كما يكون في معاملة الخلق يكون في معاملة الخالق
١١٠-حسن الخلق في معاملة الخالق يجمع ثلاث أمور:
1ـ تلقي أخبار الله تعالى بالتصديق.
2ـ وتلقي أحكامه بالتنفيذ والتطبيق.
3ـ وتلقي أقداره بالصبر والرضا.