" حسن الظن بالله "
التفاؤل حسن ظن بالله، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه ذلك، قال عليه الصلاة والسلام : «يعجبني الفأل، قالوا : وما الفأل يا رسول الله ؟ قال : الكلمة الطيبة» (متفق عليه) .
والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال، والتشاؤم سوء ظن بالله، وإذا زاد إيمان العبد حسن ظنه بربه، وإذا نقص إيمانه بربه ساءت ظنونه بخالقه، فمن ظن أن الله لا ينصر عباده الموحدين، ولا يُعليهم، أو أن الله لا يظهر دينه، أو ظن أنه ينال ما عند الله بمعصيته ومخالفته كما يناله بطاعته والتقرب إليه، أو ظن أنه إذا ترك شيئاً من أجله لم يعوضه الله خيراً منه، أو ظن أن من فعل شيئاًَ لأجله لم يعطه أفضل منه، أو ظن أنه إذا صدقه في الرغبة والرهبة، وتضرع إليه، وسأله، واستعان به، وتوكل عليه، أنه يخيبه ولا يعطيه ما سأله، أو ظن أن الكرم طريق إلى الفقر، أو ظن المتصدق أن المال ينقص بالصدقة، أو ظن أن الله لا يخلف عن صدقته مالاً، أو ظن أن التمسك بهذا الدين لا يعلي شأن صاحبه فمن ظن شيئاً من ذلك، فقد ظن بالله ظن السوء، ووقع فيما نهى الله عنه. وإنما كان هذا ظن سوء بالله لأنه ظن بالله غير ما يليق بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، ونسبه إلى خلاف ما يليق بجماله وكماله وصفاته ونعوته، فإن حمده وعزته وحكمته تأبى ذلك. وأكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وعرف أسماءه وصفاته. وعرف موجب حكمته وحمده، قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (مسائل كتاب التوحيد) : " لا يسلم من ذلك إلا من عرف الأسماء والصفات وعرف نفسه " قال ابن القيم (زاد المعاد) : " فأكثر الخلق، بل وكلهم إلا من شاء الله، يظنون بالله غير الحق، وظن السوء، فإن غالب بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق ناقص الحظ، وأنه يستحق فوق ما أعطاه، ولسان حاله يقول ظلمني ربي ومنعني ما أستحقه، ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه ينكره ولا يتجاسر على التصريح به، ومن فتش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها، رأى ذلك فيها كامناً كمون النار في الزناد، فاقدح زناد من شئت ينبك شراره عما في زناده، ولو فتشت من فتشته لرأيت عنده تعتباً على القدر وملامة له، واقتراحاً عليه خلاف ما جرى به، وأنه ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم من ذلك ؟ .
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا إخالك ناجياً
فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا الموضع، وليتب إلى الله تعالى ويستغفره كل وقت من ظنه بربه ظن السوء، وليظن السوء بنفسه التي هي مأوى كل سوء ومنبع كل شر" فيجب على المسلم أن لا يظن بربه ظن السوء، وأن يحسن ظنه بربه في كل شأنه. في الحديث القدسي قال الله عز وجل : «أنا عند ظن عبدي بي» (متفق عليه) .