2707 - " من كان ذبح - أحسبه قال - قبل الصلاة فليعد ذبحته " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 461 :
أخرجه البزار في " مسنده " ( 1205 - كشف الأستار ) : حدثنا محمد بن مرداس
الأنصاري : حدثنا بكر بن سليمان حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في يوم أضحى : .. فذكره ، و قال : " لا
نعلمه عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه ، و لا رواه عن محمد بن عمرو إلا بكر ، و
بكر مشهور بالسيرة ، سمع من ابن إسحاق المبتدأ و المبعث " . قلت : قد روى عنه
جمع من الثقات ، فهو كما قال الذهبي : لا بأس به ، و أقره العسقلاني ، و ذكر أن
ابن حبان ذكره في " الثقات " ، و هو فيه ( 8 / 148 ) . و مثله محمد بن مرداس
الأنصاري ، فقد روى عنه جماعة من الأئمة ، منهم البخاري في " جزء القراءة " ، و
ذكره أيضا ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 107 ) و من فوقهما معروفون ، فالإسناد
حسن ، بل هو صحيح لأن له شواهد كثيرة ، سأذكر بعضها إن شاء الله تعالى . و
الحديث قال الهيثمي ( 4 / 24 ) : " رواه البزار ، و فيه بكر بن سليمان البصري ،
وثقه الذهبي ، و روى عنه جماعة ، و بقية رجاله موثقون " . و من شواهده ما روى
حماد بن سلمة : أنبأنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله أن رجلا ذبح قبل أن يصلي
النبي صلى الله عليه وسلم عتودا جذعا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
لا تجزي عن أحد بعدك " ، و نهى أن يذبحوا حتى يصلوا . أخرجه أحمد ( 3 / 364 ) و
الطحاوي ( 4 / 172 - مصر ) و أبو يعلى ( 2 / 492 ) و عنه ابن حبان ( 1051 ) . و
هو على شرط مسلم ، لكن أبو الزبير مدلس ، إلا أنه قد صرح بالتحديث في غير هذه
الرواية ، فقال الإمام أحمد ( 3 / 324 ) : حدثنا محمد بن بكر أنبأنا ابن جريج :
أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قال : صلى بنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوم النحر بالمدينة ، فتقدم رجلان فنحروا و ظنوا أن النبي صلى الله
عليه وسلم قد نحر ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله أن يعيد
بنحر آخر ، و لا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم . و تابعه عبد
الرزاق : أنبأنا ابن جريج به مسلسلا بالتحديث و السماع . أخرجه عنه أحمد أيضا (
3 / 294 ) . و أخرجه الطحاوي ( 4 / 171 ) من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج به
. و رواه مسلم ( 6 / 77 ) من طريق ابن بكر فقال : حدثني محمد بن حاتم : حدثنا
محمد ابن بكر به مسلسلا أيضا بالتحديث . و قد جاء الحديث في " الصحيحين " و
غيرهما من حديث البراء بن عازب و أنس بن مالك و جندب بن سفيان ، و هي مخرجة في
" إرواء الغليل " ( 4 / 366 - 368 ) ، فليراجعها من شاء . ( فائدة و تنبيه هام
) : قوله : ( عتودا جذعا ) : العتود هو الصغير من أولاد المعز إذا قوي و رعى و
أتى عليه حول ، و الجمع : ( أعتدة ) . و ( الجذع ) من المعز ما دخل في السنة
الثانية ، و من الضأن ما تمت له سنته ، و قيل أقل منها كما في " النهاية " .
ففي حديث جابر الشاهد فائدتان : الأولى : ما في حديث الترجمة أنه لا يجوز أن
يضحي قبل صلاة العيد ، و أن من فعل ذلك فعليه أضحية أخرى . و الأخرى : أن الجذع
من المعز لا يجوز في الأضحية ، و هذا بخلاف الجذع من الضأن ، فإنه يجزي لأحاديث
صحيحة وردت في ذلك صريحة ، خرجت بعضها في " الإرواء " ، و " صحيح أبي داود " (
2494 ) و غيرهما . و لا يعكر على ذلك حديث جابر الآخر بلفظ : " لا تذبحوا إلا
مسنة ، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " ، لأنه من رواية أبي الزبير
معنعنا عنه في كل الطرق ، ليس في شيء منها تصريحه بالتحديث ، و لا هو من رواية
الليث بن سعد عنه كما كنت بينته في " الضعيفة " ( 65 ) ، ثم في " الإرواء " (
1145 ) ، و أكدت ذلك أخيرا في " ضعيف أبي داود " ( 485 ) . و الذي أريد أن أنبه
عليه هنا بهذه المناسبة أن بعض الطلبة الطيبين من الباكستانيين في مكة ، كان
كتب إلي بتاريخ ( 3 / 12 / 1399 ) خلاصة نقاش جرى بينه و بين أحد الأثريين في
الباكستان ، دار حول تضعيفي لحديث جابر هذا في المسنة في " الأحاديث الضعيفة "
تحت الحديث ( 65 ) ، فاحتج عليه الطالب بالعنعنة ، و ما كنت نقلته عن العلماء و
موقفهم من المدلسين . فرد عليه الأثري بأنه قد صرح بالتحديث في روايته عند أبي
عوانة في " مسنده " ( 5 / 228 ) فإنه قال بعد أن أسند الحديث من طرق عن زهير عن
أبي الزبير عن جابر : " رواه محمد بن بكر عن ابن جريج : حدثني أبو الزبير أنه
سمع جابرا يقول .. فذكر الحديث " . أقول : و قد أجبت عن هذه الشبهة بأن هذا
الإسناد الذي فيه تصريح أبي الزبير بالتحديث معلق منقطع لا تقوم به حجة . ذكرت
هذا في " ضعيف أبي داود " ( 485 ) . ثم بدا لي شيء آخر هام جدا ، فوجب التنبيه
عليه ، ألا و هو : أن هذا الإسناد المعلق - الذي اغتر به ذلك الأثري - ليس لهذا
الحديث الذي ضعفته بالعنعنة ، و إنما هو لحديث آخر عن جابر ، و هو المتقدم آنفا
شاهدا لحديث الترجمة من رواية محمد بن بكر .. بسنده المتصل عن أبي الزبير أنه
سمع جابرا .. و إليك البيان : لقد ساق مسلم في " كتاب الأضاحي " ( 6 / 77 )
حديثين على التعاقب من رواية أبي الزبير عن جابر : الأول : حديثه في المسنة ، و
الآخر : حديثه في النحر المتقدم و من المعلوم عند النابغين العارفين بهذا الفن
أن " مسند أبي عوانة " إنما هو مستخرج على " صحيح مسلم " ، يخرج فيه أحاديثه
بأسانيد له إلى شيخ مسلم أو من فوقه إذا تيسر له و هو الغالب ، و هذا ما فعله
أبو عوانة في الحديث الأول ، فإنه أخرجه بأسانيد له عن زهير عن أبي الزبير عن
جابر . و أما الحديث الآخر فليس له ذكر في مسنده ، و المفروض أن يكون مخرجا فيه
بإسناده عن أبي الزبير ، أو عن ابن جريج عنه ، فالظاهر أنه سقط من الناسخ أو
الطابع ، و بقي إسناده المعلق . و هو قوله : " رواه محمد بن بكر .. " إلخ ،
فرجع ضمير " رواه " إلى الحديث الأول : حديث المسنة ، فوقع الإشكال ! و هو في
الحقيقة ينبغي أن يعود إلى الحديث الآخر : حديث النحر ، هذا هو الذي يقتضيه ما
تقدم من البيان و التحقيق مما يحصل به غلبة الظن في سقوط الحديث من مطبوعة "
مسند أبي عوانة " ، و اليقين إنما يتحقق بالرجوع إلى المجلد الثامن المخطوط
المحفوظ في ظاهرية دمشق ( حديث - 274 ) ، فإن فيه كتاب الأضاحي ، و لعلنا نحصل
على صورة منه ، فإن يدي لا تطوله الآن ، فإني أكتب هذا و أنا في داري التي
بنيتها منذ نحو سنتين في ( عمان - الأردن ) .