بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
هل يمكن رؤية الجن
الجن: مخلوقات من نار لا يستطيع الإنسان رؤيتهم؛ منهم المسلمون، ومنهم القاسطون (الكافرون)، وقد وردت في القرآن الكريم سورة كاملة اسمها(الجن). قال تعالى: (وما خلقت االجن والانس الاليعبدون)(الذاريات) ذكر شيخ الإسلام ابن تيميّة أنّ بعض النّاس قد يرون الجنّ والشياطين. قال القرطبي: قول الله تعالى (إنّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) فسّره بعض العلماء بأنّ هذا دليل على أنّ الجن لا يمكن رؤيتهم. والرّاجح من أقوال أهل العلم هو عدم إمكانيّة رؤية الجن على خلقتهم الّتي خلقوا عليها؛ بل يمكن رؤيتهم إذا تمثّلوا وتحوّلوا على صورٍ شتّى كالإنسان والحيوان ونحوه، وقد ثبت ذلك في كتاب الله عزّ وجل وسنّة رسوله. قال تعالى: (وإِذْ زَيَّنَ لهمْ الشَّيْطان أَعْمالهمْ وقَالَ لا غالِبَ لكمْ الْيومَ منْ النَّاس وإِنِّي جارٌ لكمْ فلَمَّا ترَاءتْ الْفئَتَانِ نكصَ عَلَى عقبيْهِ وقالَ إِنِّي بريءٌ منْكمْ إِنِّي أَرى مَا لا تروْنَ إِنِّي أَخاف اللَّهَ وَاللَّه شدِيد الْعقاب).(الأنفال) قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: إنّ أصحاب سليمان كانوا يرون الجنّ في أشكالهم وهيئتهم حال تصرّفهم، قال وأمّا قوله تعالى: (إنّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) فالمراد أنّ أغلب أحوال بني آدم لا يرون الجنّ ولا يحسّون بوجودهم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : إِنَّ عفْرِيتًا منْ الْجنِّ تَفلَّتَ عليَّ الْبارحةَ ليقْطَعَ علَيَّ الصَّلَاةَ فَأَمكنَني اللَّهُ منهُ فَأَردتُ أَن أَرْبطَه إِلَى سارية مِنْ سوَارِي الْمسْجد حَتَّى تصبحوا وَتنظروا إِلَيه كلُّكمْ فذكرت قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ ربِّ هبْ لِي ملكًا لَا ينْبغِي لأَحدٍ مِنْ بَعدي).(رواه البخاري)
ثبت في السنة الصحيحة أن الحمار يرى الشيطان ، فيكون سببا من أسباب نهيقه :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ؛ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ، فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا ) رواه البخاري (3303) ومسلم (2729) وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَنَهِيقَ الْحُمُرِ بِاللَّيْلِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ ، فَإِنَّهُنَّ يَرَيْنَ مَا لَا تَرَوْنَ )
رواه أبو داود (5103)، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
وفي هذه الأحاديث دلالة صريحة على أن من الحيوانات ما يرى الشيطان – الذي هو من جنس الجن – رؤية حقيقية تفزعه ، ولا مانع من سماعها أصوات الجن والشياطين أيضا .
يقول الدكتور عمر الأشقر حفظه الله :
" ورؤية الحيوان لما لا نرى ليس غريباً ، فقد تحقق العلماء من قدرة بعض الأحياء على رؤية ما لا نراه
الله جل جلاله خلق الإنسان وغيره من سائر المخلوقات، وكل خلق يختلف عن الخلق الآخر في مصدره، ولو كانوا يجتمعون في الصفات كالأيدي والأرجل وغيرها من الأجزاء، ولكن جعل الله لكل مخلوق قدرات تختلف عن الآخر، فلو أخذنا مثلاِ جهاز البصر فإن منهم من يستطيع أن يراك ولا تستطيع أن تراه كالملائكة والشياطين ومنهم وأنت تراه يستطيع أن يرى شيئا لا تستطيع أن تراه كبعض الحيوانات لأن الله سبحانه وتعالى أعطاه ميزات في جهازها البصري ليست موجودة في جهازنا البصري وبه تستطيع رؤية الطاقات الكهرومغناطيسية المنعكسة من الأشياء ولله في ذلك حكمة. ويجب أن يعرف الجميع بأن الفضاء من حولنا يعج بهذه الطاقات ومنها ما هو مرئي ومنها ما هو غير مرئي،
أما الطاقة التي يرى فيها الملائكة والشياطين لا تدركها أبصارنا ولم تكتشف إلى يومنا هذا، وحتى لو اجتمع العلماء لدراسة الجهاز البصري للديكة والحمير فإن النتائج حتماً ستكون غير مجدية إلا بإذن من الله سبحانه وتعالى، كيف لا وهو الذي أرسى تلك الثوابت والتي لا يستطيع الإنسان أن يتعداها إلا بإذنه جل جلاله لو تعداها الإنسان لنعت بالجنون. والملائكة والشياطين لا أحد يستطيع إثبات رؤيتهم إلا ما ثبت عن الأنبياء عليهم السلام ومنهم الرسول صلى الله عليه وسلم حينما رأى جبريل عليه السلام على خلقته التي خلقه الله تعالى عليها، له ستمائة جناح قد سد الأفق
وفي خاتمة هذا المقال أقول ان الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بنعمة تحديد البصر وذلك في حدود النطاق المرئي، ولو أن البشر عندهم القدرة على رؤية كل شيء من حولهم لأصابهم الذعر من الأشكال التي قد يرونها من شياطين ومن جن وغيرهم من مخلوقات الله التي لا تعد ولا تحصى.
تخيل وأنت خارج من منزلك ترى أشخاصاً يهمون بالدخول له حتماً ستكون في خوف دائم من تلك المخلوقات ولله حكمة في عدم قدرتنا على رؤيتهم.