،،،،،،
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله 0
( ياأَيُّهَا الَّذِينءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
( سورة آل عمران - الآية 102 )
( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تََسَاءَلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
( سورة النساء - الآية 1 )
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَولا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
( سورة الأحزاب - الآية 70 – 71 )
أما بعد :
فإن أحسن الكلام كلام الله سبحانـه وتعالى ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار 0
في مثل تلك الظروف التي يمر بها العالم وتفشي وباء ومرض كورونا شافانا الله وعافانا ، فانه حري بالمسلم أن يقف على حقائق هامة وثابتة في التعاطي مع هدا المرض والوباء الخطير ، وبناء عل ذلك أذكر التالي :
أولاً : كيف يتصرف المسلم مع انتشار مثل هذا المرض والوباء الخطير( CORONAVIRUS – COVID- 19 ) :
01)- لا بد من اللجوء الى الله سبحانه وتعالى والتوكل والاعتماد عليه ، وليعلم يقينا بأن هذا من قدر الله وتقديره ، يقول تبارك وتعالى في محكم التنزيل :
( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا )
( سورة الظلاق - الآية 2 ، 3 )
يقول ابن كثير في تفسير القرآن العظيم : في تفسير قوله تعالى : " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ " 0
أي : ومن يتق الله فيما أمره به ، وترك ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجا ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، أي : من جهة لا تخطر بباله .
وقوله ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) 0
قال الإمام أحمد :حدثنا يونس ، حدثنا ليث ، حدثنا قيس بن الحجاج ، عن حنش الصنعاني ، عن عبد الله بن عباس : أنه حدثه أنه ركب خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا غلام ، إني معلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك ، لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام ، وجفت الصحف )( وقد رواه الترمذي من حديث الليث بن سعد ، وابن لهيعة به ، وقال : حسن صحيح – وقال الألباني حدبث صحيح – انظر صحيح الترمذي برقم " 2516 " ) 0
وقوله : إن الله بالغ أمره ) أي : منفذ قضاياه ، وأحكامه في خلقه بما يريده ويشاؤه ( قد جعل الله لكل شيء قدرا ) كقوله : ( وكل شيء عنده بمقدار ( الرعد : 8 )( تفسير القرآن العظيم – ابن كثير تفسير – تفسير سورة الظلاق الاية 2 ، 3 ) 0
02)- الابتلاء سنة الى قيام الساعة :
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل :
( وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )
( سورة البقرة – الآية 155 – 157 )
يقول ابن كثير - رحمه الله - : ( أخبر تعالى أنه يبتلي عباده ( المؤمنين ) فتارة بالسراء ، وتارة بالضراء من خوف وجوع ، فإن الجائع والخائف كل منهما يظهر ذلك عليه ; ولهذا قال : لباس الجوع والخوف . وقال هاهنا ( بشيء من الخوف والجوع ) أي : بقليل من ذلك ( ونقص من الأموال ) أي : ذهاب بعضها ) والأنفس ( كموت الأصحاب والأقارب والأحباب ( والثمرات ) أي : لا تغل الحدائق والمزارع كعادتها . كما قال بعض السلف : فكانت بعض النخيل لا تثمر غير واحدة . وكل هذا وأمثاله مما يختبر الله به عباده ، فمن صبر أثابه الله ومن قنط أحل الله به عقابه .
ولهذا قال : ( وبشر الصابرين )
ثم بين تعالى من الصابرون الذين شكرهم ، قال : ( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) أي : تسلوا بقولهم هذا عما أصابهم ، وعلموا أنهم ملك لله يتصرف في عبيده بما يشاء ، وعلموا أنه لا يضيع لديه مثقال ذرة يوم القيامة ، فأحدث لهم ذلك اعترافهم بأنهم عبيده ، وأنهم إليه راجعون في الدار الآخرة .
ولهذا أخبر تعالى عما أعطاهم على ذلك فقال : ( أولئك عليهم صلوات من ربهم ) أي : ثناء من الله عليهم ورحمة . أعطوا ثوابهم وزيدوا أيضا .)( تفسير القرآن العظيم – باختصار – الآية 155 – 157 من سورة البقرة ) 0
وعن أم سلمة – رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : " إنا لله وإنا إليه راجعون " اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ، إلا آجره الله من مصيبته ، وأخلف له خيرا منها " قالت : فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخلف الله لي خيرا منه : رسول الله صلى الله عليه وسلم )
( أخرجه الامام مسلم في صحيحه )
03)- العودة الصادقة الى الله تعالى والتوبة النصوح والبعد عن الذنوب والمعاصي :
لا بد من أن نعرج على حال الأمة الإسلامية وما آلت إليه من تصدع وخلل جراء تلك المعاصي والتي بسببها صال الشيطان وجال وتسلط على رقاب المسلمين بطرق جمة ووسائل شتى ، وكان لا بد تدارك واستئصال تلك المعاصي لأن ذلك هو السبيل الوحيد لتجريد الشيطان من أسلحته ، وبسلاح الإيمان والتقوى والطاعة والاقتداء لن يجرؤ إبليس وأعوانه على النيل من تلك الأمة ، وتكون بإذن الله صلبة قوية متينة ، لا تؤثر فيها الأعاصير ، ولا تجتاحها الخطوب والأحداث ، فأساسها العقيدة ، وأركانها الإيمان وبنيانها الطاعة والاقتداء 0
يقول ابن القيم – رحمه الله - : ( ومن عقوبات الذنوب : أنها تزيل النعم وتحل النقم ، فما زالت عن العبد نعمة إلا بسبـب ذنب ، كما قال علي بن أبـي طالب رضي اللَّه عنه : ( ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا رفع بلاء إلا بتوبة ) . وقد قال تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير ) " سورة الشورى – الآية 30 " )( الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي – 1 / 75 ) 0
قال محمد بن مفلح - رحمه الله - : ( فإن السعادة كل السعادة في تقوى الله ، والشقاء كل الشقاء فعل الذنوب ومعصية الله ، فإنه جاء عن علي – رضي الله عنه – من جواهر الكلام : " العبد لا يرجو إلا ربه ، ولا يخافن إلا ذنبه وما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا رفع إلا بتوبة " )( مصائب الانسان – ص 4 ) 0
يقول الشيخ اسماعيل بن علي المنصوري – حفظه الله - : ( الحَمْدُ للهِ والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ اللهِ ، أَمّا بَعْدُ :
إِنَّ النَّاظِرَ بِعَيْنِ البَصيرَةِ في حالِ أُمَّةِ الإِسْلامِ اليَوْمَ لَيَعْلَمُ عِلْمَ يَقينٍ أَنَّ أَعْظَمَ أَسْبابِ ما هُمْ فيهِ مِنْ بَلاءٍ وَغَلاءٍ وَوَباءٍ وَنَكَباتٍ وَحُروبٍ وَاخْتِلافٍ وَشِقاقٍ: الذُّنوبُ وَالمَعاصِي .
وَالذُّنوبُ وَالمَعاصِي أَعْظَمُ أَسْبابِ زَوالِ النِّعَمِ وَحُلولِ النِّقَمِ .
قالَ اللهُ سبحانه : ( وضَربَ اللهُ مثَلا قريةً كانَت آمِنَةً مُطمئِنةً يَأْتِيها رِزقُها مِن كلِّ مكانٍ فكَفَرت بأَنْعُمِ اللهِ فَأذاقَها اللهُ لِباسَ الجوعِ والخَوفِ بِما كانوا يَصنَعون )( سورة النحل – الآية 112 ) 0
كَمْ مِنْ أُمَّةٍ كانَتْ في سَعَةٍ مِنَ الرِّزْقِ ، وَرَغَدٍ في العَيْشِ ، وَسَلامَةٍ في الأَبْدانِ وَأَمْنٍ في الأَوْطانِ ، فَعَصَتْ خالِقَها سبحانه ، وَسَخَّرَتْ نِعَمَهُ في مَعاصِيهِ ، فَحَلَّ عَليها العِقابُ وَنَزَلَ بِها العَذابُ ، فَتَبَدَّلَتْ عَليها الأَحْوالُ ، وَصارَتْ مَضْرَبًا لِلأَمْثالِ .
وَصَدَقَ اللهُ سبحانه : ( وكأيِّن مِن قريةٍ عَتَت عن أمْرِ رَبِّها ورُسُلِه فحاسَبْناها حِسابًا شَديدا وَعذَّبْناها عَذابًا نُكْرا ، فذاقَت وبال أمرِها وكان عاقبةُ أمْرِها خُسْرا ، أعدَّ اللهُ لهم عذابا شديدا قاتَّقوا اللهَ يا أُولي الألبابِ الذينَ آمنوا ) ( سورة الطلاق – الآية 8-10 ) 0
قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِذا ظَهَرَ السُّوءُ في الأَرْضِ أَنْزَلَ اللهُ بَأْسَهُ بِأَهْلِ الأَرْضِ )( السلسلة الصحيحة للألباني برقم (1372 ) ، وصحيح الجامع برقم 680 )
( ملتقى أهل الحديث – الشبكة العنكبوتية - أثر الدنوب والمعاصي )
04)- الدعاء :
مما لا شك فيه بأن الدعاء طريق يتوجه به المؤمن لمناجاة ومناداة خالقه سبحانه ، ومعناه الحقيقي استدعاء العبد ربه العناية ، واستمداده إياه بالمعونة ، وحقيقته : إظهار الافتقار إليه 0 والتبرؤ من الحول والقوة ، وهو سمة العبودية ، والاستشعار للذلة والبشرية 0
وقد ثبت من حديث النعمان بن بشير والبراء – رضي الله عنهما – أن رسول الله قال :
( الدعاء هو العبادة )
( صحيح الجامع 3407 )
كم ثبت أيضا من حديث ابن عباس – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله :
( أفضل العبادة الدعاء )
( صحيح الجامع 1122 )
يقول ابن القيم - رحمه الله - : ( وإذا جمع العبد مع الدعاء حضور القلب ، وصادف وقتا من أوقات الإجابة ، وخشوعا في القلب ، وانكسارا بين يدي الرب ، وذلا له ، وتضرعا ورقة ، واستقبل الداعي القبلة ، وكان على طهـارة ، ورفع يديه إلى الله ، وبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ثم ثنى بالصلاة على رسول الله ، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ، ثم دخل على الله وألح عليه في المسألة ، وتبلغه ودعاه رغبة ورهبة ، وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده ، وقدم بين يدي دعائه صدقة ، فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا ، ولا سيما إذا صادف الأدعية التي أخبر النبي أنها مضنة الإجابة ، وأنها متضمنة للاسم الأعظم )( الجواب الكافي بتصرف – ص 19 ) 0
سئل الشيخ محمد صالح المنجد – حفظه الله – السؤال التالي : هل هناك دعاء من الكتاب ، أو السنَّة ، للوقاية من الأمراض والأوبئة ، مثل " انفلونزا الخنازير" ؟؟؟
الجواب : ( الحمد لله
حفلت السنَّة النبوية المطهرة بأحاديث صحيحة كثيرة تحث المسلم على الإتيان بما فيها من أدعية وأذكار تقال من أجل وقاية قائلها من الضرر ، والشرور ، وهي شاملة بمعانيها العامَّة للوقاية من الإصابة بالأمراض والأوبئة المختلفة ، ومنها :
1)- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( مَنْ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ )( رواه أبو داود 5088 ، ورواه الترمذي 3388 – وصححه – بلفظ :
( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ ) 0
2)- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ ، قَالَ : ( أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ تَضُرَّكَ )( رواه الامام في صحيحه برقم 2709 ) 0
3)- عن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال : خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ لَنَا ، فَأَدْرَكْنَاهُ فَقَالَ : ( أَصَلَّيْتُمْ ؟ ) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، فَقَالَ : ( قُلْ ) ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : ( قُلْ ) ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : ( قُلْ ) ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : ( قُلْ : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ )( رواه الترمذي في سننه برقم 3575 ، وأبو داود في سننه برقم 5082 ) 0
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - : ( ومما يحصل به الأمن والعافية والطمأنينة والسلامة من كل شر : أن يستعيذ الإنسان بكلمات الله التامات , من شر ما خلق ثلاث مرات صباحا ومساء : ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) فقد جاءت الأحاديث دالة على أنها من أسباب العافية ، وهكذا : ( باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحا ومساء , فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قالها ثلاث مرات صباحا لم يضره شيء حتى يمسي ومن قالها مساء لم يضره شيء حتى يصبح ) 0
فهذه الأذكار والتعوذات من القرآن والسنَّة : كلها من أسباب الحفظ والسلامة والأمن من كل سوء .
فينبغي لكل مؤمن ومؤمنة الإتيان بها في أوقاتها , والمحافظة عليها ، وهما مطمئنان ، وواثقان بربهما سبحانه وتعالى ، القائم على كل شيء ، والعالِم بكل شيء ، والقادر على كل شيء ، لا إله غيره ولا رب سواه , وبيده التصرف والمنع والضر والنفع , وهو المالك لكل شيء عز وجل )( فتاوى الشيخ ابن باز - 3 / 454 ، 455 ) 0
4)- قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي )( رواه أبو داود في سننه برقم 5074 ، وابن ماجه في سننه برقم 3871 ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود ) 0
قال الشيخ أبو الحسن المباركفوري – رحمه الله - : ( " اللهم إني أسالك العافية " أي : السلامة من الآفات الدينية ، والشدائد الدنيوية ، وقيل : السلامة من الأسقام والبلايا ، وقيل : عدم الابتلاء بها والصبر عليها والرضا بقضائها ، وهي مصدر أو اسم من عافى ، قال في القاموس : والعافية دفاع الله عن العبد وعافاه الله تعالى من المكروه عفاء ومعافاة وعافية : وهب له العافية من العلل والبلاء كأعفاه .
( اللهم إني أسالك العفو ) أي : محو الذنوب والتجاوز عنها .
( والعافية ) أي : السلامة من العيوب .
( في ديني ودنياي ) ، أي في أمورهما )( مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - 8 / 139 ) 0
5)- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال : كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ )( رواه الامام مسلم في صحيحه - برقم 2739 ) 0
قال المناوي – رحمه الله - : ( والتحويل : تغيير الشيء وانفصاله عن غيره ، فكأنه سأل دوام العافية ، وهي السلامة من الآلام والأسقام )( فيض القدير - 2 / 140 ) 0
وقال العظيم آبادي – رحمه الله - : ( وتحول العافية : إبدال الصحة بالمرض ، والغنى بالفقر )( عون المعبود شرح سنن أبي داود - 4 / 283 ) 0
6)- عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئْ الْأَسْقَامِ )( رواه الامام أحمد في مسنده برقم 12592 ، وأبو داود في سننه – برقم 1554 ، والنسائي في سننه – برقم 5493 ، وصححه الألباني ) 0 .
قَالَ الطِّيبِيُّ : ( وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَوَّذْ مِنْ الْأَسْقَام مُطْلَقًا فَإِنَّ بَعْضَهَا مِمَّا يَخِفُّ مُؤْنَته وَتَكْثُرُ مَثُوبَتُهُ عِنْدَ الصَّبْر عَلَيْهِ مَعَ عَدَم إِزْمَانه كَالْحُمَّى وَالصُّدَاع وَالرَّمَد , وَإِنَّمَا اِسْتَعَاذَ مِنْ السَّقَم الْمُزْمِن فَيَنْتَهِي بِصَاحِبِهِ إِلَى حَالَة يَفِرُّ مِنْهَا الْحَمِيم وَيَقِلُّ دُونهَا الْمُؤَانِس وَالْمُدَاوِي مَعَ مَا يُورِثُ مِنْ الشَّيْن )( نقله العظيم آبادي في "عون المعبود ) 0
والله أعلم ) 0
( موقع الاسلام سؤال وجواب – باختصار - سؤال رقم ( 247973 – بتاريخ 24 / 12 / 2009 م )
05)- الذكر :
المسلم ينقاد لربه سبحانه ، ويذكره بلسانه وقلبه ، وسره وجهره ، إنما ينير دروب حياته ومعاده بضياء إلهي غامر ، ويحرز نفسه من كيد الشيطان ووسوسته ، ويستحضر دائما أنه في حماية إله عزيز قدير ، كما ثبت في الحديث القدسي عن النبي قال : يقول الله تعالى في الحديث القدسي :
( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إليّ ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة )
( متفق عليه )
وما أحوج المسلمين اليوم إلى ذكر الله تعالى واستغفاره ومناجاته ، بعد أن ادلهمت حولهم الخطوب ، واشرأبت بينهم الفتن ، وتداعى عليهم الأعداء ، وتضافرت فوق رؤوسهم المحن والأوبئة 00 وما أفقرهم أفرادا وجماعات إلى نور الذكر ليبدد ما اكتنف حياتهم من ظلام وفساد وضياع ، وليجمع ما تشتت من قلوبهم وهممهم ، وما تبدد من إراداتهم وعزائمهم 0
وأفضل الذكر والدعاء ما ورد مأثورا في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة ، لما في ذلك من التوحيد الخالص ، والعبادة المشروعة ، والمحبة الصادقة لله ورسوله ، والالتزام بألفاظ مخصوصة هدف لها الشارع الحكيم 0
قال ابن القيم : ( وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب واللسان وكان من الأذكار النبوية وشهد الذاكر معانيه ومقاصده )( بدائع الفوائد – ص 192 ) 0
ومما لا شك فيه بأن الأمة عامة والاسلامية خاصة تعيش هذه الأيام محنة وابتلاء ومن ذلك تفشي مرض ووباء ( كورونا ) ، وسوف أذكر بعض الأدعية التي تهمنا في هذا المقام عل الله أن يحفظنا والأمة الاسلامية من هذا الداء الخطير 0
وأذكر ثلة من تلك الأذكار التي أشار اليها فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد – حفظه الله – كما وردت انفا وتلك الأدعية والأذكار تقال من أجل وقاية قائلها من الضرر ، والشرور ، وهي شاملة بمعانيها العامَّة للوقاية من الإصابة بالأمراض والأوبئة المختلفة ، ومنها :
1)- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ )
( رواه أبو داود 5088 ، ورواه الترمذي 3388 – وصححه – بلفظ :
( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ )
2)- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ ، قَالَ : ( أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ تَضُرَّكَ )
( رواه الامام في صحيحه برقم 2709 )
3)- عن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال : خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ لَنَا ، فَأَدْرَكْنَاهُ فَقَالَ : ( أَصَلَّيْتُمْ ؟ ) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، فَقَالَ : ( قُلْ ) ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : ( قُلْ ) ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : ( قُلْ ) ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : ( قُلْ : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ )
( رواه الترمذي في سننه برقم 3575 ، وأبو داود في سننه برقم 5082 )
4)- قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي )
( رواه أبو داود في سننه برقم 5074 ، وابن ماجه في سننه برقم 3871 ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود )
5)- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال : كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ )
( رواه الامام مسلم في صحيحه - برقم 2739 )
6)- عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئْ الْأَسْقَامِ )
( رواه الامام أحمد في مسنده – برقم 12592 ، وأبو داود في سننه – برقم 1554 ، والنسائي في سننه – برقم 5493 ، وصححه الألباني )
وأضيف الى ما ذكره الشيح – حفظه الله – ادعية صحيحة لها أثر عظيم متحقق من المداومة عليها لصرف المرض والوباء ووقاية الانسان بإذن الله عز وجل ومن ذلك :
أولا : الذكر عند الخروج من المنزل :
ثبت حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، ولاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟ )
( أخرجه أبو داود قي سننه – برقم 5095 ، وصححهم الألباني – صحيح الكلم برقم 44 )
يقول العلامة الشيخ عبدالعزيز ين عبدالله بن باز – رحمه الله - : ( عنْ أنسٍ – رضي الله عنه - قَالَ: قالَ : رسولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَالَ - يعنِي إِذَا خَرَج مِنْ بيْتِهِ - : " بِسْم اللَّهِ توكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، وَلا حوْلَ وَلا قُوةَ إلاَّ بِاللَّهِ، يقالُ لهُ هُديتَ وَكُفِيت ووُقِيتَ ، وتنحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ ) رواه أبو داودَ، والترمذيُّ، والنِّسائِيُّ، وغيرُهمِ: وَقالَ الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ، زاد أبو داود: فيقول : - يعْنِي الشَّيْطَانَ - لِشَيْطانٍ آخر : " كيْفَ لَكَ بِرجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفي وَوُقِى ؟ " .
وَعنْ أنَسٍ – رضي الله عنه - قَالَ: كَان أخوانِ عَلَى عهْدِ النبيِّ ﷺ، وكَانَ أَحدُهُما يأْتِي النبيِّ ﷺ، والآخَرُ يحْتَرِفُ، فَشَكَا الْمُحْتَرِفُ أخَاهُ للنبيِّ ﷺ فَقَالَ: لَعلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ )( رواه التِّرْمذيُّ بإسناد صحيحٍ عَلَى شرطِ مسلمٍ ) .
يحْترِفُ: يكْتَسِب ويَتَسبَّبُ .
يقول الشيخ : الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه .
أما بعد:
فهذان الحديثان كالأحاديث السابقة فيما يتعلق بالثقة بالله، والتوكل عليه، والقيام بالأسباب، هذا شـأن المؤمنين، هذا شأن أهل الإيمان توكل على الله، وثقه به، واعتماد عليه مع الأخذ بالأسباب، هذا هو حال المؤمنين، وهذا هو التوكل الشرعي، التوكل الشرعي هو الذي يجمع بين أمرين: بين الثقة بالله، والاعتماد عليه، والإيمان بأنه مسبب الأسباب، وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه قد سبق علمه وقدره بكل شيء. والأمر الثاني: الأخذ بالأسباب، وتعاطي الأسباب الحسية والشرعية، فلا يتم التوكل إلا بهذا، ما يصير التوكل إلا بالأمرين: الثقة بالله، والاعتماد عليه، والإيمان بانه مسبب الأمور ومقدرها، وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
والأمر الثاني: الأخذ بالأسباب، فلم يجلس ولم يعمل، وقال: إنه متوكل، فهذا عاجز ليس بمتوكل، ولكن المتوكل هو الذي يعمل ويعتمد على الله ويستعين به كما قال ﷺ: ( احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن )( جزء من حدبث رواه الامام مسلم في صحيحة ) ، وقال جل وعلا : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ )( سورة الملك – الآية 15 ) ، وقال - جل وعلا ( وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )( سورة المائدة – الآية 23 ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) " الحديث رواه عمر بن الخظاب – حديث صحيح – صححه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح برقم 5229)
( موقع الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بت باز – على الشبكة العنكبوتية - شرح كتاب " رياض الصالحين " – حديث : من قال بعني اذا خرج من بيته )
ثانيا : الذكر عند رؤية المبتلى :
السنة أنه من رأى مبتلًى فقال :
( الحمدُ للهِ الذي عافاني مما ابتلاكَ به ، و فضَّلني على كثيرٍ ممن خلق تفضيلًا " ، لم يُصِبْهُ ذلك البلاءُ )
( حدبث عبدالله بن عمر ، وقال الألباني : " حديث صحيح " ، أنظر " السلسلة الصحيحة " – برقم2737 )
يقول الشيخ محمد صالح المنجد : ( ويدل لهذا لفظ الحديث المشار إليه : ( مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلاءٍ فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ ) رواه الترمذي (3431) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وشروح العلماء للحديث يستفاد منها أنهم لم يجعلوا الحديث شاملا للمبتلى من الحيوان ، فإنهم ذكروا أن "البلاء" في الحديث يشمل البلاء البدني كالمرض ، والبلاء الديني ، وهو نقص الدين بسبب فعل معصية أو بدعة ، وهذا لا يشمل الحيوان قطعاً .
ولهذا استحب العلماء أن يقال هذا الذكر إذا رأى عاصياً أو فاسقاً أو ظالماً .
وانظر : "تحفة الأحوذي" ، "فيض القدير" ( 6 / 130 ) 0
والحاصل : أن هذا الدعاء لا يقال إذا رأى حيواناً مريضاً ، بل إذا رأى إنساناً مبتلى بمرض أو نقص في البدن أو الدين .
والله أعلم ) 0
( موقع سؤال وجواب – الشيخ محمد صالح المنجد – الشبكة العنكبوتية – جزء من سؤال رقم ( 133649 ) – بتاريخ 12 / 12 / 2009 م )
ورد في موقع ( اسلام ويب ) السؤال التالي : هل الدعاء الذي يقال عند روية مبتلى يقال عند رؤية المسلم فقط؟ أم يقال كذلك عند رؤية الكافر؟ وجزاكم الله خيراً ؟؟؟
الجواب : ( الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يشرع قول هذا الدعاء عند رؤية الكافر المبتلى، لأن المصلحة فيه راجعة للداعي نفسه ولعموم ـ من ـ في قول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، لم يصبه ذلك البلاء. رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
وفي حديث آخر: إلا عوفي من ذلك البلاء كائناً ما كان ما عاش. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
وقد ذكر بعض شراح الحديث ما يفيد عموم هذا البلاء للبلاء الديني والدنيوي، جاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري: قوله: ما من رجل رأى مبتلى ـ أي في أمر بدني: كبرص وجذام وقصر فاحش أو طول مفرط، أو عمى، أو عرج، أو اعوجاج يد ونحوها ـ أو ديني بنحو فسق وظلم وبدعة وكفر وغيرها.
والله أعلم )( اسلام ويب – " محل الدعاء لمن رأى مبتلى " الشبكة العنكبوتية – رقم الفتوى 147187 – بتاريخ 16 / 1 / 2011 م ) 0
يقول الشيخ علوي بن عبدالقادر السقاف صاحب الموسوعة الحديثية : ( مَن رأَى مُبتلًى" بأيِّ بَليَّةٍ في البَدَنِ كمَرَضٍ، أو الدُّنيا كفقرٍ، أو الدِّينِ كعاصٍ، والمُرادُ برُؤياه: النَّظَرُ إليه أو السَّماعُ به، " فقال" أي: عَقِبَ رُؤيتِه في نَفْسِه أو بحيثُ لا يَسمَعُه؛ لِئَلَّا يكونَ شامتًا به: "الحمدُ للهِ الذي عافاني"، أي: نجَّاني وأنقَذَني "ممَّا ابتلاك به" دعا اللهَ عزَّ وجلَّ وحَمِدَه على حِفظِه مِن ذلك البلاءِ، "وفضَّلني"، أي: صيَّرني أفضَلَ منك، وأَكثَرَ خيرًا، وَأحسَنَ حالًا بالعافِيَةِ والسَّلامةِ مِن الابتلاءِ مِن ذلك أو أعَمَّ "على كثيرٍ ممَّن خَلَقَ تَفضيلًا" وهذا فيه شُكرٌ للهِ على السَّلامةِ مِن الشُّرورِ "لم يُصِبْه ذلك البلاءُ"، أي: كان ذِكرُ اللهِ وحمْدُه سببًا في أنْ يَحفَظَ المرْءَ ويحمِيَه مِن هذا البلاءِ الذي وَقَعَ بغيرِه؛ لأنَّه لا يأمَنُ أنْ يَقَعَ به؛ ولأنَّ اللهَ يُعافيه ويرحَمُه بدُعائِه، فيَنبغي للعبدِ أنْ لا يزالَ ذاكرًا نِعَمَ اللهِ عليه مُعتبِرًا في رُؤيَةِ العبادِ، ومُقِرًّا أنَّ ما به مِن نِعمةٍ؛ فمِنَ اللهِ )( موقع الدرر السنية – الشبكة العنكبوتية – شرح الحديث ) 0
علما بأن هناك اختلاف بين العلماء بخصوص ظبيعة الابتلاء ، فمنهم من رأى ان ذلك الابتلاء خالص بالعقيدة ومنهم من رأى أن ذلك الابتلاء خاص بالمعصية ومنهم من رأى أن ذلك خاص بابتلاء البدن ، وألراجح لي ما ذكره فضيلة الشيخ ( علوي السقاف ) – حفظه الله – أي مبتلى العقيدة أو المعصية أو البدن كما أشار آنفا والله تعالى أعلم 0
6)- كثرة الاستغفار :
يقول تعالى في محكم التنزيل :
( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا )
( سورة نوح – الآية 10 – 12 )
يقول ابن كثير في تفسير القرآن العظيم :
( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا )
أَيْ اِرْجِعُوا إِلَيْهِ وَارْجِعُوا عَمَّا أَنْتُمْ فِيهِ وَتُوبُوا إِلَيْهِ مِنْ قَرِيب فَإِنَّهُ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ تَابَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبه مَهْمَا كَانَتْ فِي الْكُفْر وَالشِّرْك . وَلِهَذَا قَالَ فَقُلْت اِسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا .
( يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا )
أَيْ مُتَوَاصِلَة الْأَمْطَار وَلِهَذَا تُسْتَحَبّ قِرَاءَة هَذِهِ السُّورَة فِي صَلَاة الِاسْتِسْقَاء لِأَجْلِ هَذِهِ الْآيَة وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ صَعِدَ الْمِنْبَر لِيَسْتَسْقِيَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الِاسْتِغْفَار وَقِرَاءَة الْآيَات فِي الِاسْتِغْفَار وَمِنْهَا هَذِهِ الْآيَة " فَقُلْت اِسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِل السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا" ثُمَّ قَالَ " لَقَدْ طَلَبْت الْغَيْث بِمَجَادِيح السَّمَاء الَّتِي يُسْتَنْزَل بِهَا الْمَطَر " وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره يَتْبَع بَعْضه بَعْضًا .
( وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا )
أَيْ إِذَا تُبْتُمْ إِلَى اللَّه وَاسْتَغْفَرْتُمُوهُ وَأَطَعْتُمُوهُ كَثُرَ الرِّزْق عَلَيْكُمْ وَأَسْقَاكُمْ مِنْ بَرَكَات السَّمَاء وَأَنْبَتَ لَكُمْ مِنْ بَرَكَات الْأَرْض وَأَنْبَتَ لَكُمْ الزَّرْع وَأَدَرَّ لَكُمْ الضَّرْع وَأَمَدَّكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ أَيْ أَعْطَاكُمْ الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد وَجَعَلَ لَكُمْ جَنَّات فِيهَا أَنْوَاع الثِّمَار وَخَلَّلَهَا بِالْأَنْهَارِ الْجَارِيَة بَيْنهَا هَذَا مَقَام الدَّعْوَة بِالتَّرْغِيبِ ثُمَّ عَدَلَ بِهِمْ إِلَى دَعَوْتهمْ بِالتَّرْهِيبِ ) ( تفسير القرآن العظيم – ابن كثير – تفسير سورة نوح – الاية 10 – 12 ) 0
عن ابن عباس – رضي الله - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب )
( رواه أبو داود في سننه برقم ( 1518 ) وابن ماجه في سننه برقم ( 3819 ) ، والامام أحمد أحمد في مسنده ( 1 / 248 ) ، والطبراني في " المعجم الأوسط " ( 6 / 240 ) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " ( 3 / 351 ) ، وغيرهم – وقال الألباني " حديث ضعيف " انظر السلسلة الضعيفة رقم ( 705 )
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - : ( الحديث المذكور رواه أبو داود وابن ماجه ، وهذا ضعيف ؛ لأن في إسناده الحكم بن مصعب وهو مجهول .
ولكن الأدلة الكثيرة من الآيات والأحاديث تدل على فضل الاستغفار والترغيب فيه ، مثل قول الله سبحانه : ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) الآية من سورة هود ، وقوله سبحانه في آخر المزمل : ( وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) والله ولي التوفيق " انتهى )( مجموع فتاوى ابن باز – 26 / 90 ) 0
وقال أيضا - رحمه الله - : ) على كل حال فالحديث المذكور يصلح ذكره في الترغيب والترهيب ؛ لكثرة شواهده الدالة على فضل الاستغفار ، ولأن أكثر أئمة الحديث قد سهلوا في رواية الضعيف في باب الترغيب والترهيب ، لكن يُروى بصيغة التمريض كـ " يُروى " ، و " يُذكر " ، ونحوهما ، لا بصيغة الجزم ، قال الحافظ العراقي في ألفيته ، رحمه الله :
وإن ترد نقلا لواه أو لما ... يشك فيه لا بإسنادهما
فأت بتمريض كيروى واجزم ... بنقل ما صح كقال فاعلم
وسهلوا في غير موضوع رووا ... من غير تبيين لضعف ورأوا
بيانه في الحكم والعقائد ... عن ابن مهدي وغير واحد " انتهى ) ( مجموع فتاوى ابن باز - 26 / 259 ) 0
يقول العلامة ابن القيم في كتابه " الوابل الصيب " في الفصل الثامن عشر : الاستغفار ، ضمن الأذكار الجالبة للرزق ، الدافعة للضيق والأذى : ( قال الله سبحانه وتعالى عن نبيه نوح صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا )( سورة نوح – الآية 10 – 12 ) 0
وفي بعض المسانيد عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ) من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب )( الحديث فم تخريجه سابقا وهو ضعيف ولكن معناه صحيح ) ، وذكر أبو عمر عن عبد البر في ( التمهيد ( له حديثاً مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( من قرأ سورة الواقعة كل يوم لم تصبه فاقة أبداً ) " وقد اجتمع على ضعفه الإمام أحمد، وأبو حاتم، وابنه، والدارقطني، والبيهقي، وابن الجوزي تلويحا وتصريحا، والله أعلم " انتهى من " تخريج أحاديث الكشاف - 3 / 413 " ( كتاب الوابل الصيب – ص 113 ) 0
سئل الشيخ محمد صالح المنجد – حفظه الله – السؤال التالي :
في سورة نوح ورد فضل الاستغفار ، ما هي كيفية الاستغفار الصحيحة - حفظكم الله - ؟ وهناك تجربة إن صح التعبير لزميل لي في العمل حيث إنه لم يرزق بالذرية بعد مضي عام ونصف تقريبا ، وبعد ذلك داوم على الاستغفار ولازمه في جميع أوقاته وأحواله بعد ترك فضول الكلام وتحري الحلال في جميع حوائجه ولم يكمل الشهر وإذا به - بحمد الله - يبشَّر بأن زوجته أصبحت حبلى ، حفظ الله هذا الزميل وحفظ ذريته وأهله . فسبحان الله هل ينطبق هذا المثال على من أراد الأموال والجنات ؟؟؟
الجواب : ( الحمد لله ،،،
أولاً : لا بأس أن يكثر الإنسان من الاستغفار ليرزقه الله تعالى المال والولد .
قال الله تعالى : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10 - 12 .
قال القرطبي ) :قوله تعالى فقلت استغفروا ربكم أي : سلوه المغفرة من ذنوبكم السالفة بإخلاص الإيمان . إنه كان غفاراً أي : لم يزل كذلك لمن أناب إليه . وهذا منه ترغيب في التوبة .
يرسل السماء عليكم مدراراً أي : يرسل ماء السماء ، و مدراراً ذا غيث كثير .
( ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ) 0
قال الشعبي : خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع ، فأُمطروا فقالوا : ما رأيناك استسقيت ؟ فقال : لقد طلبتُ المطر بمجاديح السماء التي يُستنزل بها المطر ؛ ثم قرأ استغفروا ربكم إنه كان غفاراً . يرسل السماء عليكم مدراراً .
( بمجاديح ) جمع مِجْدَح وهو نجم كانت العرب تزعم أنها تمطر به . وأراد عمر رضي الله عنه تكذيب العرب في هذا الزعم الباطل ، وبَيَّن أنه استسقى بالسبب الصحيح لنزول المطر وهو الاستغفار وليس النجوم .
وشكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له : استغفر الله ، وشكا آخر إليه الفقر فقال له : استغفر الله ، وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني ولداً ؛ فقال له : استغفر الله ، وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال له : استغفر الله ، فقلنا له في ذلك ؟ فقال : ما قلت من عندي شيئاً ؛ إن الله تعالى يقول في سورة نوح ( استغفروا ربكم إنه كان غفاراً . يرسل السماء عليكم مدراراً . ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً )( تفسير القرطبي " ( 18 / 301 – 303 ) باختصار .
ثانياً :أما صيغ الاستغفار : فأفضل ذلك ما ثبت في السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوله ، أو ما أوصى به الأمة أن تقوله .
1)- أن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سيد الاستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
قال : ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة )( رواه الامام البخاري في صحيحه برقم 5947 ) 0
2)- عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء " رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير " ( متفق عليه - رواه الامام البخاري في صحيحه برقم 6035 ، والامام مسلم في صحيحه برقم 2719 ) 0
3)- عن ابن عمر قال : إنْ كنَّا لنعدُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم " مائة مرة )( رواه الترمذي في سننه برقم 3434 ، وعنده " التواب الغفور " وأبو داود في سننه برقم 1516 ، وابن ماجه في سننه برقم 3814 ، حديث صحيح - صححه الألباني في صحيح أبي داوود برقم 1516 ) 0
4)- عن أبي يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَن قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف " . ( رواه الترمذي في سننه برقم 3577 ، وأبو داود في سننه برقم 1517 ، حديث صحيح - صححه الألباني ) .
5)- عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي ، قال : قل " اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " ( متفق عليه - رواه الامام البخاري في صحيحه برقم 799 ، والامام مسلم في صحيحه برقم 2705 ) 0
والله أعلم ) 0 .
( موقع الشيخ محمد صالح المنجد – سؤال وجواب – سؤال رقم 39776 – بتاريخ 7 / 2 / 2004 م )
ينبع / ما بعده / 000