ومِن صفات الله تعالى أنه الفعَّال لما يريد، لا يكون شيءٌ إلا بإرادته، ولا يخرج شيءٌ عن مشيئته، وليس في العالَم شيءٌ يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره،
ولا محيد عن القدر المقدور، ولا يُتجاوز ما خط في اللوح المسطور، أراد ما العالَم فاعلوه، ولو عصمهم ما خالفوه، ولو شاء أنْ يطيعوه جميعاً لأطاعوه،
خلق الخلق وأفعالهم، وقدَّر أرزاقهم وآجالهم، يهدي مَن يشاء بحكمته،
قال الله تعالى: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [سورة الأنبياء – الآية 23]،
قال الله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [سورة القمر – الآية 49]،
وقال تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [سورة الفرقان – الآية 2]،
وقال تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا﴾ [سورة الحديد – الآية 22]،
وقال تعالى: ﴿فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ [سورة الأنعام – الآية 125]،
وروى ابن عمر أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره". فقال جبريل: صدقت. رواه مسلم [صحيح مسلم – ح8].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آمنتُ بالقدر خيره وشره وحلوه ومره"،
ومِن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي علمه الحسن بن علي يدعو به في قنوط الوتر: "وقني شرَّ ما قضيتَ".
كتبه: موفق الدين ابن قُدامة المقدسي، رحمه الله
مِن كتاب "لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد".