هل تارك الصلاة خالد مخلد فى النار حتى لو نطق بالشهادتين ؟
نسرد لحضراتكم -حديثُ الشفاعة
[قال رسول الله صلى الله عليه و سلم]:
«إذا خَلصَ المؤمنونَ من النار وأَمِنُوا؛فـ [والذي نفسي بيده!] ما مُجَادَلَةُ أحَدِكُم لصاحبِهِ في الحقِّ يكون له في الدنيا بأشدِّ من مجادلة المؤمنين لربِّهم في إخوانِهِمُ الذين أُدْخِلُوا النار.
قال: يقولون:
ربَّنا:!
إخوانُنَا
كانوا يصلُّون معنا؛ ويصومون, معنا؛ويحُجُّون معنا؛ [ويُجاهدون معنا]؛ فأدخلتَهم النار
. قال: فيقولُ
: اذهَبُوا فأخرِجُوا من عَرَفْتُم منهم؛
فيأتُونهم؛
فَيَعْرفونَهُم بِصُورِهم؛ لا تأكلُ النار صُوَرَهُم؛ [لم تَغْشَ الوَجْهَ]؛
فَمِنْهم من أَخَذتْهُ النارُ إلى أنصافِ ساقَيْهِ؛
ومنهم من أخذته إلى كَعْبَيْه [فَيُخرِجُونَ مِنْها بشراً كثيراً]
؛ فيقولون:
ربَّنا! قد أَخْرَجنا مَنْ أَمَرتنا.
قال: ثم [يَعُودون فيتكلمون فـ] يقولُ:
أَخْرِجُوا من كان في قلبهِ مِثقالُ دينارٍ من الإيمانِ.
[فيُخرِجُون خلقاً كثيراً]
، ثم [يقولون: ربَّنا! لم نَذَرْ فيها أحداً ممن أَمَرتَنا.
ثم يقول:
ارجعوا،فـ] من كان في قلبه وزنُ نصف دينارٍ[فأًخْرِجُوهُ. فيُخرِجونَ خلقاً كثيراً،
ثم يقولون:
ربَّنا! لم نَذَرْ فيها ممن أمرتنا...]؛
حتى يقول
: أخرِجُوا من كان في قلبه مثقال ذَرَّةٍ.[فيخرجون خلقاً كثيراً]،
قال أبو سعيد
: فمن لم يُصّدِّقْ بهذا الحديث فليَقْرَأْ هذه الآية: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا
قال:
فيقولون
: ربنا! قد أَخْرَجْنا من أمرتنا؛ فلم يَبْقَ في النار أحدٌ فيه خيرٌ
قال:ثم يقول الله:
شفعَتِ الملائكة؛ وشَفَعَتِ الأنبياء؛ وشَفَعَ المؤمنون
وبَقِيَ أرحم الراحمين
قال:
فَيَقْبضُ قبضةً من النار- أو قال: قَبْضَتَينِ
- ناساً لم يعملوا خيراً قَطُّ
؛ قد احتَرَقُوا حتى صاروا حُمَماً.
قال: فَيُؤْتَى بهم إلى ماء يُقالُ له: (الحياةُ)؛ فَيُصَبُّ عليهم؛ فَيَنْبُتُونَ كما تَنْبُتُ الحبَّةُ في حَمِيلِ السَّيلِ؛
[قد رَأَيْتُمُوها إلى جانب الصخرة؛ وإلى جانب الشجرة؛فما كان إلى الشمس منها كان أخضر؛ وما كان منها إلى الظلِّ كان أبيض]
؛ قال
: فَيَخْرُجُونَ من أجسادِهِم مِثلَ اللؤلؤِ؛ وفي أعناقهم الخاتمُ؛ (وفي رواية: الخواتِمُ): عُتَقاءُ الله
قال:
فيُقالُ لَهُمُ: ادخلوا الجنة؛ فما تمنَّيتمُ وَرَأيتُم من شيءٍ فهو لكُم [ومِثلُهُ مَعَهُ].
[فيقول أهل الجنة:
هؤلاء عُتقاءُ الرحمن أَدْخَلَهُمُ الجنة بغيرِ عملٍ عَمِلُوهُ؛ ولا خيرٍ َقدَّمُوهُ]
قال: فيقولون:
ربَّنا! أَعَطَيْتَنا ما لم تُعطِ أحداً من العالمين.
قال: فيقول:
فإن لكم عندي أفْضَلَ منه.
فيقولون:
ربَّنا! وما أَفْضَلُ من ذلكَ؟
[قال:] فيقولُ:
رِضائي عَنْكُم؛ فلا أَسْخَطُ عليكم أبداً».
متفق عليه
و فيه فوائد جمة عظيمة؛
1- منها شفاعة المؤمنين الصالحين في إخوانهم المصلين الذين أدخلوا النار بذنوبهم،
2-ثم في غيرهم ممن هم دونهم على اختلاف قوة إيمانهم.
3-ثم يتفضل الله تبارك وتعالى على من بقي في النار من المؤمنين، فيخرجهم من النار بغير عمل عملوه؛ ولا خير قدموه.
3-ولقد توهم بعضهم أن المراد بالخير المنفي تجويز إخراج غير الموحدين من النار
!قال الحافظ في الفتح"(13/429):
«ورد ذلك بأن المراد بالخير المنفي ما زاد على أصل الإقرار بالشهادتين؛ كما تدل عليه بقية الأحاديث».
4-و: منها قوله صلى الله عليه و سلم في حديث أنس الطويل في الشفاعة أيضاً:
«فيقال: يا محمد! ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع. فأقول: يا رب! ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله. فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله»
.متفق عليه،
وفي طريق أخرى عن أنس رضي الله عنه:
«.. وفرغ الله من حساب الناس، وأدخل من بقي من أمتي النار، فيقول أهل النار: ما أغنى عنكم أنكم كنتم تعبدون الله عز وجل لا تشركون بالله شيئاً؟ فيقول الجبار عز وجل: فبعزتي لأعتقنهم من النار. فيرسل إليهم فيخرجون وقد امتحشوا، فيدخلون في نهر الحياة، فينبتون..» الصحيحة
5- ومنهم من استنبط فى قوله : "لم تغش الوجه "، و "إلا دارات الوجوه ": أن من كان مسلماً ولكنه كان لايصلي لايخرج؛إذ لا علامة له!
ولذلك قال الحافظ
" لكن يحمل على أنه يخرج في القبضة؛ لعموم قوله: " لم يعملوا خيراً قط "؛
6-وعلى ذلك؛ فالحديث دليل قاطع على أن تارك الصلاة-
إذا مات مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله- لا يخلد في النار مع المشركين، ففيه دليل قوي جداً أنه داخل تحت مشيئة الله تعالى في قوله:
﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء
8-وقد روى الإمام أحمد في "مسنده " (6/240) حديثاً صريحاً في هذا من رواية عائشة رضي الله عنها مرفوعاً بلفظ:
«الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة..» : «فأما الديوان الذي لا يغفره الله؛ فالشرك بالله، قال الله عز وجل: ﴿مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ ﴾). وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً؛ فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه؛من صوم يوم تركه؛ أو صلاة تركها؛ فإن الله عز وجل يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء.."
الصحيحة
8-ومن الدلائل على ان تارك الصلاة- إذا مات مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله- لا يخلد في النار مع المشركين،
[قال رسول الله ص]:
«يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: " لا إله إلا الله " فنحن نقولها».
وفي الحديث فائدة فقهية هامة،
وهي أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة، ولو كان لا يقوم بشيء من أركان الإسلام الخمسة الأخرى كالصلاة وغيرها، ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في حكم تارك الصلاة خاصة، مع إيمانه بمشروعيتها، فالجمهور على أنه لا يكفر بذلك، بل يفسق وذهب أحمد إلى أنه يكفر وأنه يقتل ردة، لا حداًّ،
9-وقد صح عن الصحابة أنهم كانوا لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة
والصواب رأي الجمهور،
وأن ما ورد عن الصحابة ليس نصا على أنهم كانوا يريدون بـ (الكفر) هنا الكفر الذي يخلد صاحبه في النار ولا يحتمل أن يغفره الله له، كيف ذلك
-وهذا حذيفة بن اليمان - وهو من كبار أولئك الصحابة - يرد على صلة بن زفر وهو يكاد يفهم الأمر على نحو فهم أحمد له، فيقول:
ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة..
.. " فيجيبه حذيفة بعد إعراضه عنه
: «يا صلة تنجيهم من النار . ثلاثاً».
11-فهذا نص من حذيفة رضي الله عنه على أن تارك الصلاة، ومثلها بقية الأركان ليس بكافر، بل هو مسلم ناج من الخلود في النار يوم القيامة،
فاحفظ هذا فإنه قد لا تجده في غير هذا المكان.
وفى الختام اقول
: اجمع سلفنا وعلماؤنا على
إن التارك للصلاة كسلاً إنما يصح الحكم بإسلامه، ما دام لا يوجد هناك ما يكشف عن مكنون قلبه، أو يدل عليه، ومات على ذلك، قبل أن يستتاب كما هو الواقع في هذا الزمان،
أما لو
خير بين القتل والتوبة بالرجوع إلى المحافظة على الصلاة، فاختار القتل عليها، فقتل، فهو في هذه الحالة يموت كافرا، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا تجري عليه أحكامهم،
- اذن مسك المسألة نقول
بأن من ترك الصلاة عامداً متعمداً جاحداً لها فهو كفر بإجماع الأمة، أما من تركها كسلاً معترفاً بوجوبها ويتمنى من الله عز وجل أن يهديه وأن يوفقه للصلاة فهذا ليس بكافر كفراً يرتد به ويخرج به من الملة
؛ لأن الكفر الذي يخرج به صاحبه من الملة مَقَرُّهُ القلب فإذا كان هذا التارك للصلاة مؤمناً في قلبه معترفاً بما فرض الله عليه من فرائض لكنه يعرف بأن الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والتجارة وإلى آخره لا شك أن هذا التعلل مردود عليه
، ولكن يشفع له أن لا يُكفَّر ما دام أنه يؤمن بما شرع الله تبارك وتعالى.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين