صالح عليه السلام نبي ثمود
وهم قبيلة مشهورة يقال ثمود باسم جدهم ثمود أخي جديس وهما ابنا عابر بن ارم بن سام بن نوح
وكانوا عربا من العاربة يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك
.وقد مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين وكانوا بعد قوم عاد وكانوا يعبدون الاصنام كأولئك فبعث الله فيهم رجلا منهم
2-وهو عبد الله ورسوله صالح
: صالح بن عبيد بن آسف بن ماسخ بن ثمود بن جاثر بن ارم بن سام بن نوح.)
إلى عبادة الله وحده لا شريك له وأن يخلعوا الاصنام والانداد ولا يشركوا به شيئا فآمنت به طائفة منهم وكفر جمهورهم
ونالوا منه بالمقال والفعال وهموا بقتله
وقتلوا الناقة التي جعلها الله حجة عليهم
فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر
3- كما قال تعالى في سورة الاعراف
(وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم.هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم.
ما كان من أمرهم وكيف نجى الله نبيه صالحا عليه السلام ومن آمن به وكيف قطع دابر القوم الذين ظلموا بكفرهم وعتوهم ومخالفتهم رسولهم عليه السلام وقد كانوا عربا
وكانوا بعد عاد ولم يعتبروا بما كان من أمرهم *
ولهذا قال لهم نبيهم عليه السلام
(أعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم. واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الارض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الارض مفسدين)
أي إنما جعلكم خلفاء من بعدهم لتعتبروا بما كان أمرهم وتعملوا بخلاف عملهم وأباح لكم هذه الارض تبنون في سهولها القصور وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين أي حاذقين في صنعتها
وإتقانها وإحكامها فقابلوا نعمة الله بالشكر والعمل الصالح والعبادة له وحده لا شريك له وإياكم ومخالفته والعدول عن طاعته
فإن عاقبة ذلك وخيمة ولهذا وعظهم بقوله (اتتركون فيما ههنا آمنين.في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم
أي متراكم كثير حسن بهي ناضج
(وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين فاتقوا الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين.الذين يفسدون في الارض ولا يصلحون)
(إن ربي قريب مجيب قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا)
أي قد كنا نرجو أن يكون عقلك كاملا قبل هذه المقالة وهي دعاؤك إيانا إلى إفراد العبادة وترك ما كنا نعبده من الانداد والعدول عن دين الآباء والاجداد
(اتنهانا أن نترك ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب - قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير)
وهذا تلطف منه لهم في العبارة ولين الجانب وحسن تأت في الدعوة لهم إلى الخير أي فما ظنكم إن كان الامر كما أقول لكم وأدعوكم إليه ماذا عذركم عند الله
أي من المسحورين يعنون مسحورا لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة لله وحده وخلع ما سواه من الانداد وهذا القول عليه الجمهور
7- (فأت بآية إن كنت من الصادقين)
سألوا منه أن يأتيهم بخارق يدل على صدق ما جاءهم
(قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب عظيم)
(قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم)
(وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها
8-وقد ذكر المفسرون أن ثمود اجتمعوا يوما في ناديهم
فجاءهم رسول الله صالح فدعاهم إلى الله وذكرهم وحذرهم ووعظهم وأمرهم فقالوا له إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة وأشاروا إلى صخرة هناك ناقة من صفتها كيت وكيت وذكروا أوصافا سموها ونعتوها وتعنتوا
(التي مضى لحملها عشرة أشهر أو هي كالنفساء من النساء)
طويلة من صفتها كذا وكذا فقال لهم النبي صالح عليه السلام أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على الوجه الذي طلبتم أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني فيما أرسلت به.
فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك ثم قام إلى مصلاه فصلى لله عزوجل ما قدر له ثم دعا ربه عزوجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفظر عن ناقة عظيمة عشراء،
على الوجه المطلوب الذي طلبوا أو على الصفة التي نعتوا فلما عاينوها كذلك رأوا أمرا عظيما ومنظرا هائلا وقدرة باهرة ودليلا قاطعا وبرهانا ساطعا
فآمن كثير منهم واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم
وأعلم أن تلك الناقة كانت معجزة من وجوه:
انه تعالى خلقها من الصخرة.
انه تعالى خلقها في جوف الجبل ثم شق عنها الجبل.
انه تعالى خلقها حاملا من غير ذكر.
خلقها دفعة واحدة من غير ولادة
ما روي انه كان لها شرب يوم ولكل القوم شرب يوم آخر
كان يحصل منها لبن كثير يكفي لخلق عظيم.
9-واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم
أي جحدوا بها ولم يتبعوا الحق بسببها أي أكثرهم.
ولهذا قال لهم صالح عليه السلام
أضافها الله سبحانه وتعالى إضافة تشريف وتعظيم كقوله بيت الله وعبد الله لكم آية أي دليلا على صدق ما جئتكم به
(فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب)
10- فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم ترعى حيث شاءت من أرضهم وترد الماء يوما بعد يوم
وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم
ويقال إنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم
(قال لها شرب ولكم شرب يوم معلوم)
(أنا مرسلوا الناقة فتنة لهم)
أي اختبارا لهم أيؤمنون بها أم يكفرون والله أعلم بما يفعلون
أي انتظر ما يكون من امرهم (واصطبر) على أذاهم فسيأتيك الخبر على جلية
(ونبئهم ان الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر)
11-فلما طال عليهم الحال هذا اجتمع ملؤهم واتفق رأيهم
على أن يعقروا هذه الناقة ليستريحوا منها ويتوفر عليهم ماؤهم وزين لهم الشيطان أعمالهم
(فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين)
وكان الذي تولى قتلها منهم رئيسهم
وكان أحمر أزرق أصهب وكان يقال أنه ولد زانية ولد على فراش
سالف وهو ابن رجل يقال له صيبان.
وكان فعله ذلك باتفاق جميعهم فلهذا نسب الفعل إلى جميعهم كلهم
12-وذكر ابن جرير وغيره من علماء المفسرين
أن امرأتين من ثمود اسم احداهما صدوق ابنة المحيا ابن زهير بن المختار وكانت ذات حسب ومال وكانت تحت رجل من أسلم ففارقته فدعت ابن عم لها يقال له مصرع بن مهرج بن المحيا وعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقة
وتكنى أم عثمان وكانت عجوزا كافرة لها بنات من زوجها ذؤاب بن عمرو احد الرؤساء فعرضت بناتها الاربع على قدار بن سالف إن هو عقر الناقة فله أي بناتها شاء
فانتدب هذان الشابان لعقرها وسعوا في قومهم بذلك فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة وهم المذكورون في قوله تعالى
(وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون)
وسعوا في بقية القبيلة وحسنوا لهم عقرها فأجابوهم إلى ذلك وطاوعوهم في ذلك فانطلقوا يرصدون الناقة فلما صدرت
من وردها كمن لها مصرع فرماها بسهم فانتظم عظم ساقها وجاء النساء يزمرن القبيلة في قتلها وحسرن عن وجوههن ترغيبا لهم فابتدرهم
فشد عليها بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة إلى الارض ورغت رغاة واحدة عظيمة
تحذر ولدها ثم طعن في لبتها فنحرها وانطلق سقيها وهو فصيلها فصعد جبلا منيعا ودعا
(فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر فكيف كان عذابي ونذر)
(إذ انبعث أشقاها فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها)
أي احذروها (فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها)
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر الذي عقرها فقال
) عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي:
: " رجلان أحدهما أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي بضربك يا علي على هذا - يعني قرنه - حتى تبتل منه هذه - يعني لحيته "
(فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا ان كنت من المرسلين)
(فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ( ذلك وعد غير مكذوب)
وذكروا نهم لما عقروا الناقة كان أول من سطا عليها قدار بن سالف لعنه الله فعرقبها فسقطت إلى الارض ثم ابتدروها بأسيافهم يقطعونها فلما عاين ذلك سقيها وهو ولدها شرد عنهم فعلا أعلى الجبل هناك ورغا ثلاث مرات فلهذا قال لهم صالح
(تمتعوا في داركم ثلاثة أيام)
أي غير يومهم ذلك فلم يصدقوه أيضا في هذا الوعد الاكيد بل لما أمسوا هموا بقتله وأرادوا فيما يزعمون أن يلحقوه بالناقة
(قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله)
أي لنكسنه في داره مع أهله فلنقتلنه ثم نجحدن قتله وننكرن ذلك أن طالبنا أولياؤه بدمه.ولهذا قالوا:
(ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون)
وذلك أن الله تعالى أرسل على أولئك النفر الذين قصدوا قتل صالح حجارة رضختهم سلفا وتعجيلا قبل قومهم
16-وأصبحت ثمود يوم الخميس وهو اليوم الاول من أيام النظرة ووجوههم مصفرة
كما أنذرهم صالح عليه السلام
فلما أمسوا نادوا بأجمعهم ألا قد مضى يوم من الاجل
.ثم أصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل.
وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى يومان من الاجل
.ثم أصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع وهو يوم السبت ووجوههم مسودة فلما
أمسوا نادوا ألا قد مضى الاجل فلما كان صبيحة يوم الاحد تحنطوا وتأهبوا وقعدوا ينتظرون ماذا يحل بهم من العذاب والنكال والنقمة لا يدرون كيف يفعل بهم ولا من أي جهة يأتيهم العذاب
فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم ورجفة شديدة من أسفل منهم ففاضت الارواح وزهقت النفوس وسكنت الحركات وخشعت الاصوات وحقت الحقائق فأصبحوا في دارهم جاثمين جثثا لا أرواح فيها ولا حراك بها.
17-قالوا ولم يبق منهم أحد إلا جارية كانت مقعدة واسمها
وكانت شديدة الكفر والعداوة لصالح عليه السلام فلما رأت العذاب أطلقت رجلاها فقامت تسعى كأسرع شئ فأتت حيا من العرب فأخبرتهم بما رأت وما حل بقومها واستسقتهم ماء فلما شربت ماتت.
أي لم يقيموا فيها في سعة ورزق وغناء
(ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود)
أي نادى عليهم لسان القدر بهذا.
(فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين
إخبار عن صالح عليه السلام أنه خاطب قومه بعد هلاكهم وقد أخذ في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها قائلا لهم
(يا قوم لقد ابلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم)
أي جهدت في هدايتكم بكل ما أمكنني وحرصت على ذلك بقولي وفعلي ونيتي
) أي لم تكن سجاياكم تقبل الحق ولا تريده فلهذا صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب الاليم المستمر بكم المتصل إلى الابد وليس لي فيكم حيلة ولا لي بالدفع عنكم يدان والذي وجب علي من أداء الرسالة والنصح لكم قد فعلته وبذلته لكم ولكن الله يفعل ما يريد.
19-وهكذا خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر بعد ثلاث ليال: وقف عليهم وقد ركب راحلته وأمر بالرحيل من أخر الليل فقال:
" يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا
فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا،
" بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقتني الناس وأخرجتموني وآواني الناس وقاتلتموني ونصرني الناس فبئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم "
يا رسول الله تخاطب أقواما قد جيفوا فقال
: (والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يجيبون).
* ويقال إن صالحا عليه السلام إنتقل إلى حرم الله فأقام به حتى مات.
قال لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان حين حج قال:
" يا أبا بكر أي واد هذا "
" لقد مر به هود وصالح عليهما السلام على بكرات خطمها الليف أزرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون يحجون البيت العتيق "
28-مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك
1- عن نافع عن ابن عمر قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود فعجنوا منها
ونصبوا القدور فأمرهم رسول الله فاهراقوا القدور وعلفوا العجين الابل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا
إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم
2- عن عبد الله بن عمر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم
3-وقال عامر بن سعد رضي الله عنه قال لما كان في غزوة تبوك فسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى في الناس الصلاة جامعة قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره وهو يقول:
" ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم
" فناداه رجل تعجب منهم يا رسول الله قال
أفلا أرئكم بأعجب من ذلك رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا *
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين