رسالة عاجلة إلى الشباب المسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الشاب:
هل أنت تتجرع مرارة الحياة صباح مساء!
ولا أسوأ أخي في مرارة الحياة من الوقوع في المعاصي، والتهالك على اللذات والشهوات! فإنها أخي هي القاصمة التي أفسدت عليك شبابك، وعكرت عليك أن تحيا شبابك قويًا.. ثابتًا.. في عزيمة وعلو همة..
أخي الشاب:
أتدري ما تعنيه كلمة الشباب؟! قال العلماء: أصلها الحركة والنشاط.
أخي:
إن للشباب حرارة إن لم تطفأ ببرد الإيمان الصادق؛ أهلكت صاحبها!
ولتعلم أخي أن حبائل إبليس اللعين منصوبة حولك، إذا نجوت من واحدة منها وضع في طريقك الأخرى، وهكذا أخي حتى تقع في أسره وسلطانه.
وسأخبرك أخي بحبائله الكبار التي تفرع عنها شروره وسمومه،
فتأمل معي أخي بقلب حاضر في ذلك إلى تعليم العلماء الربانيين إذ يبصرونك بكيد إبليس لعنه الله،
قال على ابن أبي طالب رضي الله عنه:
( بُنيت الفتنة على ثلاث: النساء وهن فخ إبليس المنصوب. والشراب وهو سيفه المرهف. والدينار والدرهم وهما سهماه المسمومان ).
أخي الشاب:
وقاني الله وإياك شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.. وعصمنا بفضله عن الأهواء والشهوات..
أخي:
ما أهلك العباد إلا الهوى! النفس تهوى كل شيء؛ وإن عصت فيه ربها تعالى! وخاصة نفوس الشباب، فهي تغلي بأصحابها كما يغلي المرجل! وتتوثب إلى الملذات والشهوات توثبا.. فواحسرتها أخي على شاب أحرق نضار شبابه في اللذات والشهوات!!
أخي كم من الشباب اتخذوا أهواءهم مطية! ولبئس المطية أخي مطية الهوى.. أما رأيت أخي كيف ذم الله تعالى الهوى في كتابه العزيز؟!
فقد قال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [الجاثية:23].
قال الحسن البصري رحمه الله:( هو المنافق لا يهوى شيئاً إلا ركبه).
وكل امرئ يدري مواقع رشده *** ولكنه أعمى أسير هواه
يشير عليه الناصحون بجهدهم *** فيأبى قبول النصح وهو يراه
قال مالك بن دينار:( بئس العبد عبدٌ همه هواه وبطنه ).
أخي الشاب: أين أنت واقف؟! على عتبة الهوى؟! أم على عتبة الطاعة لله تعالى؟
فبالله أخي إذا كنت من الواقفين على عتبة الهوى! ما الذي وجدته في دنيا الهوى؟!
* هل وجدت لذة لا ينقضي نعيمها؟!
* هل وجدت أنسًا وراحة يملآن جوانحك؟!
* هل وجدت في نفسك شوقاً إلى الدار الآخرة، وجنة ربك تعالى؟
جنة عرضها كعرض السماوات والأرض أعدها الله لأهل طاعته.
* هل وجدت حباً لطاعة ربك تعالى والتفاني في عباده؟!
أخي: إذا أجبتني فاصدقني، ولن تجد أخي الراحة إلا في صدقك مع نفسك وأنت تجيب على هذه الأسئلة..
أخي الشاب:
أما أنا فسأجيبك بجواب العلماء الذين عرفوا أدواء القلوب، ووصفوا لك الوصفات النافعة؛ إن أنت أخذتها أذهبت ما بك من الداء.
وإليك أخي جواب السؤال؛ يجيبنا فيها الإمام ابن الجوزي رحمه الله إذ يقول: ( اعلم أن مطلق الهوى يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في عاقبة، وبحث على نيل الشهوات عاجلاً، وإن كان سبباً للألم والأذى في العاجل، ومنع لذات في الآجل، فأما العاقل، فإنه ينهى نفسه عن لذة تعقب ألماً، وشهوة تورث ندماً، وكفى بهذا القدر مدحاً للعقل وذمًا للهوى ألا ترى أن الطفل يؤثر ما يهوى؛ وإن أداه إلى التلف، فيفضل العاقل عليه بمنع نفسه من ذلك، وقد يقع التساوي بينهما في الميل بالهوى ).
أخي الشاب
: ما أسعدك يوم أن تصبح فتستقبل يومك بطاعة لله تعالى، وتقتل هواك يومها! فلك أخي أن تعد هذا اليوم من أيامك الصالحة التي ستنفعك غدًا إذا وقفت أمام الله تعالى، فتحتاج إلى الحسنة الواحدة. ولا تقف أخي عند يوم واحد، بل فلتحرص أن تكون أيامك كلها بيضًا.. بيض الله وجهي ووجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
قال أبو الدرداء : «إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله، فإن كان عمله تبعًا لهواهt فيومه يوم سوء وإن كان هواه تبعًا لعمله فيومه يوم صالح».
ومن البلاء وللبلاء علامة أن *** لا يرى لك عن هواك نزوع
العبد عبد النفس في شهواته *** والحر يشبع تارة ويجوع
أخي: ألا أخبرك عن أصل الداء؟! وأصل الدواء؟!
قال ابن السماك: «إن شئتَ أخبرتك بدائك، وإن شئتَ أخبرتك بدوائك! داؤك: هواك! ودواؤك: ترك هواك».
وجاء رجل إلى الحسن البصري فقال:
يا أبا سعيد أي الجهاد أفضل؟ قال: «جهادك هواك». وقف أخي! إليك أنت أخي يا من أراك وقفت عند المعاصي والشهوات الفانية! يا من وقفت مشدوهًا حائرًا من بريق الدنيا الخادع! فلم تعرف اللذة إلا في ليل تقضيه في صالات الحفلات! أو غرام وعشق تبوح به إلى الفتيات! أو حب يحملك إلى تقليد الموضات! أو تسكع في الأزقة والطرقات! أو قضاء أيام زهرة الشباب في بلاد الكفر بين الرقص والبارات!!
أخي الشاب:
أراك نسيت أنك مسلم! أخي: أراك نسيت ما خلقت لأجله! أخي: أراك نسيت أن الأيام تمضي ويمضي شبابك معها.
أخي: أراك نسيت أن سعادتك قريبة منك.
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ** حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ** [رواه مسلم والترمذي].
أخي: إنه شبابك فلا تضيعه، وحصنك إذا ضعفت فلا تهدمه! وانظر أخي إلى عواقب المعاصي والشهوات بعين بصيرة؛ تعلم سوء بركتها وقلة خيرها، وضمنها أخي قلبك.
. يقول الإمام ابن الجوزي:
«فالعاقل من حفظ دينه ومروءته بترك الحرام، وحفظ قوته في الحلال؛ فأنفقها في طلب الفضائل من علم أو عمل ولم يسعَ في إفناء وتشتيت قلبه في شيء لا تحسن عاقبته...».
أخي الشاب: أين أنت من عواقب المعاصي؟! شقاء وجحيم يوم الحساب..
يا من غدا في الغي والتيه *** وغره طول تماديه
أملى لك الله فبارزته *** ولم تخف غب معاصيه
منقول ^_^