من وصايا أبي الدرداء - رضى الله عنه -
" أطلبوا العلم ، فإن عجزتم فأحبوا أهله ، فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم ".
وهذه وصية للأمة جميعا ؛ لأن أشرف ما في هذه الأمة العلم ، وأي علم؟ العلم بالله جل جلاله ، العلم بكتابه وسنة رسوله صَلَّى الله عليه وسلم ؛ لأن هذا هو العلم الذي أُمِر المصطفى صَلَّى الله عليه وسلم بالازدياد منه ، قال جل وعلا لنبيه ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) طه:114 .
قال العلماء: لم يأمر الله نبيه صَلَّى الله عليه وسلم أن يدعوه بالازدياد من شيء إلا من العلم . وأهل العلم مرفوعون درجات ( يَرْفَع اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) المجادلة:11 ، لهذا أبو الدرداء رضي الله عنه قال: (أطلبوا العلم فإن عجزتم) لأن الناس ليسوا على حد سواء في أن يكونوا طلبة علم ومقبلين على العلم، إن عجزتم عن طلب العلم قال : (فأحبوا أهله) لأن محبة أهل العلم تجعل المحب مع من يحب تجعله يسألهم ويقتدي بأقوالهم وأفعالهم ويكون ذا صلة بهم ، إن لم تحصل المحبة قال (فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم) لأن بغض أهل العلم بغض لصفوة المؤمنين ؛ لأن الله جل وعلا أمرنا بمحبة المؤمنين جميعا، قال جل وعلا (وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) التوبة:71 .
يعني بعضهم يحب بعضا وينصر بعضا وأولى أهل الإيمان بالمحبة أكثرهم خشية وأكثرهم علما؛ لهذا قال (فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم) وأي جناية - أيها المؤمن- تجنيها على نفسك إذا أبغضت أهل العلم ، وكيف يكون بغضهم؟ يكون بأشياء: إما بمسبتهم ، وإما بنقدهم ، وإما بأن تكون وقَّاعا فيهم تارة بحق وتارة بباطل . أهل العلم ليسوا كاملين معصومين ؛ لكن إن رأيت فيهم نقصا فإشاعة النقص في الناس يعني أن لا يأخذ الناس من أهل العلم فإن ترك الناس أهل العلم لا يأخذون منهم فمعنى ذلك الجناية على أخذ الشريعة ، فممن يأخذ الناس الشريعة إن لم يأخذوها من أهل العلم لهذا جاءت وصية أبي الدرداء عويمر بن عامر رضي الله عنه ، وهو يقول لك : (أطلبوا العلم فإن عجزتم فأحبوا أهله ، فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم) ليبقى في القلب ليبقى في القلب إجلال أهل العلم الذين كلأ صدورهم كتاب الله والعلم بسنة المصطفى صَلَّى الله عليه وسلم.
المصدر :
من شريط وصايا أبي الدَّرْدَاء - رضي الله عنه -
خطبتي جمعة
للشيخ
صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله -