أقوال العلماء فى حكم سب الدين
الحمد لله الذي هدانا للإسلام والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن نعم الله عظيمة وآلاؤه جسيمة وأعظم النعم وأجلها منزلة نعمة الإسلام التي من الله بها علينا وخصنا بها.
ومع انهماك الناس في الدنيا ولذاتها وليونة الدين في القلوب ظهر على سنة البعض أمر خطير ومنكر وكبير هو: سب الله عز وجل أو الدين أو النبي محمد صلى الله عليه وسلم
و في هذه الورقات بيان لعظم الأمر وخطورته حتى ننصح من نراه يفعل ذلك ونعلمه موطن الخير وندله على طريق التوبة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهراً وباطناً سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرما أو كان مستحلا له أو ذاهلا عن اعتقاده؛ هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل". (1)
وقال ابن راهويه: ( قد أجمع المسلمون أن من سب الله أو سب رسول الله أنه.. كافر بذلك وإن كان مقراً بما أنزل الله).
قال القاضي عياض: ( لا خلاف أن ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم).
وقال أحمد في رواية عبد الله في رجل قال لرجل: ( يا ابن كذا و كذا - أعني أنت ومن خلقك: هذا مرتد عن الإسلام تضرب عنقه). ).
وقال ابن قدامة: ( من سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحاً أو جادا).ً
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم سب الله
فقالت:
سب الدين والاستهزاء بشيء من القرآن والسنة والاستهزاء بالمتمسك بهما نظرًا لما تمسك به كإعفاء اللحية وتحجب المسلمة؛ هذا كفر إذا صدر من مكلف، وينبغي أن يبين له أن هذا كفر فإن أصر بعد العلم فهو كافر، قال الله تعالى ** قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ **** لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ **
اللجنة الدائمة للإفتاء
سب الدين - والعياذ بالله - كفر بواح بالنص والإجماع؛ لقوله سبحانه: ** أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ **** لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ** الآية (1) ، وما ورد في معناها، ويجب أن ينصح وينكر عليه ذلك، فإن استجاب فالحمد لله، وإلا فلا يجوز أن يبدأ من يسب الدين بالسلام، ولا يرد عليه إن بدأ، ولا تجاب دعوته، ويجب هجره هجرًا كاملًا حتى يتوب أو ينفذ فيه حكم الله بالقتل من جهة ولي الأمر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « من بدل دينه فاقتلوه » (2) خرجه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولا شك أن المنتسب للإسلام إذا سب الدين فقد بدل دينه.(2)
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء الفتوى رقم (7150):
س2: يقال: إن الردة قد تكون فعلية أو قولية، فالرجاء أن تبينوا لي باختصار واضح أنواع الردة الفعلية والقولية والاعتقادية؟
ج2: الردة هي الكفر بعد الإسلام، وتكون بالقول، والفعل، والاعتقاد، والشك، فمن أشرك بالله، أو جحد ربوبيته أو وحدانيته أو صفة من صفاته أو بعض كتبه أو رسله، أو سب الله أو رسوله، أو جحد شيئًا من المحرمات المجمع على تحريمها أو استحله، أو جحد وجوب ركن من أركان الإسلام الخمسة، أو شك في وجوب ذلك أو في صدق محمد صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء، أو شك في البعث، أو سجد لصنم أو كوكب ونحوه - فقد كفر وارتد عن دين الإسلام. وعليك بقراءة أبواب حكم الردة من كتب الفقه الإسلامي فقد اعتنوا به رحمهم الله.
وبهذا تعلم من الأمثلة السابقة الردة القولية والعملية والاعتقادية وصورة الردة في الشك.
وهذه فتوى اللجنة الدائمة رقم (3782):
س: بعد إثبات قواعد الخمس المذكور في الحديث هل يوجد هناك شيء يكفر بعد الشرك وغيره أم لا؟
...أما المكفرات فكثيرة، وتسمى: نواقض الإسلام، وأعظمها: الشرك بالله؛ كدعاء الأموات، والاستغاثة بهم، ودعاء الأصنام والأشجار والكواكب، ونحو ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: « أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله ندًا وهو خلقك » الحديث متفق على صحته.
ومن ذلك سب الله ورسوله والاستهزاء بالدين، ومن ذلك جحد ما علم من الدين بالضرورة أنه واجب، كالصلاة والزكاة، وجحد ما علم من الدين ضرورة أنه محرم؛ كالزنا، والسرقة..."
وسئل العلامة ابن عثيمين:
رجل سب الدين هو في حالة غضب شديد ، فما حكمه ؟ وما هي شروط التوبة من هذا الفعل ؟ وهل ينفسح نكاح زوجته ؟.
الحمد لله
" الحكم فيمن سب الدين الإسلامي أنه يكفر ، فإن سب الدين
والاستهزاء به ردة عن الإسلام وكفر بالله عز وجل وبدينه ، وقد حكى الله عن قوم
استهزؤوا بدين الإسلام حكى الله عنهم أنهم كانوا يقولون : إنما كنا نخوض ونلعب ،
فبين الله عز وجل أن خوضهم هذا ولعبهم استهزاء بالله وآياته ورسوله ، وأنهم كفروا
به فقال تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ
وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا
تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة/65، 66 .
فالاستهزاء بدين الله ، أو سب دين الله ، أو سب الله ورسوله ، أو
الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة
ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه ، لقول الله تعالى : ( قُلْ
يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
فإذا تاب الإنسان من أي ردة كانت توبةً نصوحاً استوفت شروط
التوبة الخمسة ، فإن الله يقبل توبته .