بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد الصادق الأمين و على آله الطاهرين و صحابته أجمعين . إن القرآن الكريم هو الدستور الإلهي الخالد الذي تكفل الله سبحانه و تعالى بحفظه يقول الله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون ) و لما كانت البشرية بحاجة إلى من يبين لها هذا الدستور الإلهي و يقوم بتطبيقه في مناحي الحياة المختلفة ليكون نموذجا تحذو حذوه و تقفو خطاه ، اقتضت رحمة الله بعباده أن يكون محمد صلى الله عليه و سلم هو القدوة الحسنة في ذلك و في هذا يقول الله تعالى ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيرا ) فقوله عليه الصلاة و السلام و عمله و تقريره بيان للقرآن الكريم ، و هذه هي رسالته عليه الصلاة و السلام و هذا مصداقا لقوله تعالى ( و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )
أولا - السنة :
1 - السنة القولية : و هي كل ما صدر عن الرسول عليه الصلاة و السلام من كلام لأنه لا يقول إلا حقا ، يقول الله تعالى ( و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) و قد جاء عبد الله بن عمرو بن العاص يستفتي الرسول عليه الصلاة و السلام في شأن كتابة الحديث قائلا : اكتب كل ما أسمع ؟ قال : نعم ، قال : في الغضب و الرضى ؟ قال : " نعم ، فإني لا أقول في ذلك إلا حقا ".
2 - السنة العملية : و هي تشمل كل أعماله صلى الله عليه و سلم و التي حرص الصحابة رضوان الله عليهم على إحصائها و الاقتداء بها في حياتهم و من ذلك ما أخرجه الترمذي و النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يتحرى صيام الاثنين و الخميس و ما أخرجه البخاري و مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره ، و في العشر الأواخر أشد ، و كان يحيي ليله و يوقظ أهله و يشد مئزره " .
3 - السنة التقريرية : و هي أن يرى الرسول عليه الصلاة و السلام فعلا أو يسمع قولا فلا ينكره . مثل ما روي أنه صلى الله عليه و سلم أقر لمعاذ بن جبل رضي الله عنه على الاجتهاد حين اختاره ليقضي بالإسلام بين أهل اليمن و سأله : كيف تقضي فيما يعرض لك ؟ فقال معاذ : اقضي بكتاب الله فإن لم أجد فيه أخذت بسنة رسول الله فإن لم أجد أجتهد رأيي و لا آلو .
ثانيا - منزلة السنة :
1 - السنة بيان للقرآن الكريم فهي تفصل ما أجمل و تطبق ما شرع و تعلم المسلمين كيف يطبقون شريعة القرآن و يقومون بتنفيذها ، فقد أمر الله سبحانه و تعالى المسلمين بالصلاة و الزكاة فقال ( و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة ) و بين الرسول عليه الصلاة و السلام أوقات الصلاة و عدد ركعاتها و كيفيتها و شروطها و كان يقول عليه الصلاة و السلام " صلوا كما رأيتموني أصلي " و أوضح مقادير الزكاة و من يجب عليه أداؤها و متى يجب إخراجها ؟ و في الحج أيضا حينما قال عليه الصلاة و السلام " خذوا مناسككم عني " .
2 - ما حرمه الرسول عليه الصلاة و السلام مثل ما حرمه الله تعالى و في هذا يقول الله تعالى ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) و يقول الرسول عليه الصلاة و السلام " ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني و هو متكئ على أريكته فيقول : بيننا و بينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه و ما وجدنا فيه حراما حرمناه ، و إن ما حرم رسول الله كما حرمه الله " .