هذه الفتوى للشيخ العلامه (( ابن باز )) رحمه الله
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 000
السؤال الأول : ما هو حدود رؤية الخاطب للمخطوبة ، وهنا اعني الشاب الذي يقابل الفتاة أول مرة بوجود أهلها بقصد الخطبة هل يحق لها أن تظهر عليه بالزينة التي اعتادت الظهور بها أمام إخوتها وأهلها ؟؟
وقبل أن أجيب على هذا السؤال أود أن أبين أن الإسلام شرع للرجل رؤية مخطوبته قبل الزواج من أجل أن يؤدم بينهما كما جاء في الحديث الصحيح ، وبخاصة أن الأرواح قد تتعارف وتتآلف وقد تتنافر وتختلف ، لما ثبت من حديث عَائِشَةَ - رَضِي اللَّه عَنْهَا - قَالَتْ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ ) ( متفق عليه ) ، وقد يؤدي عدم رؤية المخطوبة قبل الزواج في كثير من الأحيان إلى الطلاق ، لأن الرؤية فيهات فائدة عظيمة ، فقد يرتاح الخاطب إلى مخطوبته وتقبلها نفسه زوجة له ، وقد لا يكون ذلك ، ومن هنا جاءت السنة تبيح تلك النظرة 0
سئل سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن رؤية المخطوبة ، فأجاب – رحمه الله - : ( لا شك أن عدم رؤية الزوج للمرأة قبل النكاح قد يكون من أسباب الطلاق ، إذا وجدها خلاف ما وصفت له 0 ولهذا شرع الله سبحانه للزوج أن يرى المرأة قبل الزواج حيث أمكن ذلك 0 فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ ، فإن ذلك أحرى إلى أن يؤدم بينهما ) ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده ، وأبو داود في سننه – كتاب النكاح ، والحاكم في المستدرك بإسناد حسن ) 0
وصححه الحاكم من حديث جابر – رضي الله عنه – 0 وروى أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عَنْ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ – رضي الله عنه – أنه خطب امرأة فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا فَفَعَلَ ) ( حديث صحيح ) 0
وروى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه - قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا ، قَالَ : لَا قَالَ ، فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب النكاح – برقم 1424 ) 0
وهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على شرعية النظر للمخطوبة قبل عقد النكاح ، لأن ذلك أقرب إلى التوفيق وحسن العاقبة 0
وهذا من محاسن الشريعة التي جاءت بكل ما فيه صلاح للعباد وسعادة المجتمع في العاجل والآجل ، فسبحان الذي شرعها وأحكمها ، وجعلها كسفينة نوح ، من ثبت عليها نجا ، ومن خرج عنها هلك ) ( الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية – ص 497 ، 498 – أنظر مجلة الدعوة – تاريخ 4 / 4 / 1410 هـ ) 0
أما بخصوص الحدود التي يجوز أن يراها الرجل في مخطوبته ، فقد اختلف في ذلك أهل العلم ، فمنهم من قال : تكشف وجهها ويديها ورأسها ومكان قلادتها ، وقال البعض الآخر يكفي الوجه والكفان ، والقول الراجح في تلك المسألة أنه يجوز لها أن تكشف له ما تكشفه على محارمها وهو :
1)- رؤية الوجه والشعر 0
2)- رؤية مكان قلادتها 0
3)- رؤية يديها حتى الدبلج ( أعلى المرفق بقليل ) 0
4)- قدميها ، والله تعالى أعلم 0
سئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن حدود رؤية المخطوبة ، فأجاب – رحمه الله : ( فإذا كشفت له وجهها ويديها ورأسها فلا بأس على الصحيح 0 وقال بعض أهل العلم : يكفي الوجه والكفان ، ولكن الصحيح أنه لا بأس أن يرى منها رأسها ووجهها وكفيها وقدميها للحديث المذكور – حديث مسلم آنف الذكر – 0 ولا يجوز ذلك مع الخلوة بها ، بل لا بد أن يكون معهما أبوها أو أخوها أو غيرهما ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الحج – برقم 1341 ) ، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا ) ( حديث صحيح – أخرجه الإمام أحمد في مسنده ، والترمذي في سننه – كتاب الفتن ، ) ( مجلة البحوث الإسلامية – العدد 26 ، ص 136 ، 137 – الشيخ ابن باز ) 0