_ المتن :
وقوله : ** وَمَنْ أصدق من الله حديثا **
سورة النساء 87
** ومَنْ أصدق من الله قيلا **
سورة النّساء 122
** وإذ قال اللهُ يا عيسى ابن مريم **
سورة المائدة 116
** وتمّت كلمت ربّك صدقاً وعدلا **
سورة الأنعام 115
** وكلَّمَ اللهُ موسىٰ تكليما **
سورة النّسآء
** مّنهم مَّن كَلّم الله **
سورة البقرة 253
** ولـمّا جآء موسى لميقاتنا وكلَّمه رَبُّهُ **
سورة الأعراف 143
** ونـٰدينـٰه من جانب الطُّور الأيمن
وقَرّبنـٰه نَجيّا ** سورة مريم 52
** وإذ نادىٰ رَبُّكَ موسىٓ أنِ ائت القوم
الظّالمين ** سورة الشّعراء 10
** وناداهما رَبُّهمآ ألَمْ أنْهَكُما عن تِلْكُما الشّجرة ** سورة الأعراف 22
** ويوم يناديهم فيقول ماذآ
أجبتم المرسلين ** سورة القصص 65
** وإنْ أحد مِّن المشركين استجارك فأجِرْه حتّىٰ يسمع كلام الله ** سورة التّوبة 6
** وقد كان فريق مّنهم يسمعون كلام الله ثمّ يُحرّفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون **
سورة البقرة 75
** يريدون أن يبدّلوا كلام الله قل لّن تَتَّبِعونا كذلكم قال الله من قبل ** سورة الفتح 15
** واتل مآ أُوحيَ إليك من كتاب ربّك لا مُبدّل لكلماته ** سورة الكهف 27
** إنّ هذا القرءان يَقصُّ علىٰ بنيٓ إسرآءيل أكثر الّذي هم فيه يختلفون **
سورة النّمل 76
_ الشرح :
قوله تعالى ( ومن أصدق من الله )
أي : لا أحد أصدق منه سبحانه ،
فهو استفهام إنكاري
( حديثا ) أي : في حديثِه وخبرهِ وأمرهِ
ووعده ووعيده
وقوله : ( ومن أصدق من الله قيلا )
القيل مصدر قال كالقول ،
أي : لا أحد أصدق قولا من الله عز وجل .
والشاهد من الآيتين الكريمتين أن فيهما
إثبات الحديث والقيل لله سبحانه ،
ففيهما إثبات الكلام له سبحانه .
وقوله تعالى :
( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم )
أي : اذكر
( إذ قال الله )
جمهور المفسرين ذهب إلى أن هذا القول منه سبحانه يكون يوم القيامة ،
وهو توبيخ للذين عبدوا المسيحَ وأُمَه من النصارى .
وهي كالآيتين السابقتين فيها إثبات
القول لله تعالى وأنه يقول إذا شاء .
وقوله : ( وتمّت كلمت رَبِّك صدقا وعدلا )
المراد بالكلِمَةِ كلاَمُه سُبحانه .
وقوله : ( صدقا ) أي : في أخباره سبحانه
( وعدلا ) أي : في أحكامه
( وصدقا وعدلا ) مَنْصوبان على التمييز ،
وفي الآية إثبات الكلام لله تعالى .
وقوله : ( وكلّمَ اللُه موسى تكليما )
هذا تَشريفٌ لموسى عليه السلام
بأن الله كلّمه أي أسمعه كلامَه
ولهذا يقال له الكليم
و ( تكليماً )
مَصدر مُؤكد لدفع كون التكليم مجازاً .
ففي الآية إثبات الكلام لله
وأنه كلّم موسى عليه السلام .
وقوله تعالى : ( ومنهم من كلم الله )
أي : من الرسل عليهم الصلاة السلام
( من كلم الله )
أي : أسْمَعَه كلامَه بلا واسطة
يعني موسى ومحمداً
عليهما الصلاة والسلام
وكذا أدم كما ورد به الحديث
في صحيح ابن حبان .
ففي الآية إثبات الكلام لله تعالى
وأنه كلّم بعضَ الرسل .
وقوله تعالى : ( ولما جاء موسى لميقاتنا )
أي : حصل مجيئه في الوقت الذي
واعده الله فيه
( وكلّمه ربُّه )
أي : أسْمعَه كلامَه من غير واسطة
– فالآيات فيها إثبات الكلام لله ، وإنه يتكلم متى شاء سبحانه ، وأنه كلّم موسى عليه السلام بلا واسطة –
وقوله تعالى : ( وناديناه ) أي : نادى الله تعالى موسى عليه السلام ،
والنداء هو الصوت المرتفع
( من جانب الطور )
الطور : جبل بين مصر ومَدْين
( الأيمن ) أي : الجانب الأيمن من موسى
حين ذهب يبتغي من النار التي رآها جذوة وليس المراد أيمن الجبل نفسه فإن الجبال لا يمين لها ولا شمال .
( وقَرَّبْناهُ ) آي : أدنيناه حتى كلمناه
( نَجيّا ) أي : مناجيا .
والمناجاة ضد المناداة .
وفي الآية الكريمة إثبات الكلام لله تعالى
وأنه ينادي ويناجي .
وهما نوعان من الكلام ،
فالمناداة بصوت مرتفع
والمناجاة بصوت غير مرتفع .
وقوله : ( وإذا نادى ربك موسى )
أي : واتل أو أذكر ذلك
( إذ نادى ربّك موسى )
والنداء هو الدعاء
( أن ائت ) : ( أن ) يجوز أن تكون مفسرة
وأن تكون مصدرية أي اذهب إلى
( القوم الظالمين ) وصَفَهُم بالظلم
لأنهم جمعوا بين الكفر الذي ظلموا به أنفسهم وبين المعاصي التي ظلموا بها غيرهم كاستعبادهم بني إسرائيل وذبح أبنائهم ،
وفي الآية الكريمة :
إثبات الكلام لله تعالى وأنه ينادي من شاء من عباده ويسمعه كلامه .
وقوله ( وناداهما ربّهما ألم أنهكُما عن تلكما الشجرة ) أي : نادى اللهُ تعالى آدم وحواء عليهما السلام قائلا لهما
( ألم أنهكما عن تلكما الشجرة )
أي : عن الأكل منها ،
وهذا عِتابٌ مِنَ اللهِ لهما وتوبيخ حيث لم يَحْذَرا ما حذرهما منه .
وفي الآية الكريمة ، إثبات الكلام لله تعالى والنداء منه لآدم وزَوجِهِ .
وقوله تعالى : ( ويوم يناديهم )
أي : ينادي الله سبحانه هؤلاء المشركين
يوم القيامة
( فيقول ) لهم ( ماذا أجبتم المرسلين )
أي : ما كان جَوابُكم لمن أرسل إليكم من النبيين لما بلغوكم رسالاتي ؟
والشاهد من الآية : إثبات الكلام لله ،
وأنه ينادي يوم القيامة .
وقوله تعالى : ( وإن أحد من المشركين )
الذين أُمِرْتَ بِقِتالِهم
( استجارك ) يا محمد أي : طلب جِوارَك وحِمايَتَك وأمانك
( فأجِرْه ) أي : كن له جاراً ومُؤمِّناً
( حتى يسمع كلام الله ) منك ويَتَدبَره
ويقف على حقيقة ما تدعو إليه .
والشاهد من الآية :
أن فيها إثبات الكلام لله تعالى .
وأن الذي يُتْلَى هو كلام الله
وقوله : ( وقد كان فريق منهم ) أي : اليهود والفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه
( يسمعون كلام الله ) أي : التوراة
( ثم يحرفونه )
أي : يتأولونه على غير تأويله
( من بعد ما عقلوه ) أي : فهموه
ومع هذا يخالفونه على بصيرة
( وهم يعلمون ) أنهم مُخْطِئون فيما ذهبوا إليه من تحريفه وتأويله .
والشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات الكلام لله تعالى ،
وأن التوراة من كلامه تعالى .
وأن اليهود حرفوها وغيروا فيها وبدّلوا .
وقوله تعالى : ( يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل )
( يريدون ) أي : المخلفون من الأعراب الذين اختاروا المقام في أهليهم وشغلهم ،
وتركوا المسير مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين خرج عام الحديبية
( أن يبدلوا كلام الله )
أي : يغيروا كلام الله الذي وعد الله به أهل الحديبية خاصة بغنيمة خيبر
( قل لن تتبعونا ) هذا نفي في معنى النهي أي لا تتبعونا
( كذلكم قال الله من قبل ) أي : وعد الله أهل الحديبية أن غنيمة خيبر لهم خاصة .
والشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات الكلام لله وإثبات القول له ، وأن الله سبحانه يتكلم ويقول متى شاء إذا شاء ،
وأنه لا يجوز تبديل كلامه سبحانه بل يجب العمل به واتّباعه .
وقوله : ( واتل ما أوحى إليك ) أمر الله نَبِيَه أن يواظب على تلاوة الكتاب الموحَى إليه
والوحي هو الإعلام بسرعة وخفاء ، وله كيفيات مذكورة في كتب أصول التفسير
( من كتاب ربك ) بيان للذي أُوحِيَ إليه
( لا مبدل لكلماته )
أي : لا مغير لها ولا محرف ولا مزيل .
والشاهد من الآية :
إثبات الكلمات لله تعالى .
قوله : ( إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل ) وهم حملة التوراة والإنجيل
( أكثر الذي هم فيه يختلفون )
كاختلافهم في عيسى ، فاليهود افتروا في حقه والنصارى غلوا فيه .
فجاء القرآن بالقول الوسط الحق
أنه عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه .
والشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات أن القرآن كلام الله تعالى ، لما تضمنه من الإحاطة بالكتب السابقة والحكم في الخلاف بين طوائف أهل الكتاب بالقسط
وهذا لا يكون إلا من عند الله .
ويستفاد من مجموع الآيات التي ساقها المؤلف : إثبات الكلام لله
ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات ما دل عليه الكتاب والسنة من أن الله موصوف بالكلام
وكلامه سبحانه من صفاته الذاتية لقيامه به واتصافه به ،
ومن صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته وقدرته فيتكلم إذا شاء كيف شاء بما يشاء .
ولم يزل مُتكلماً ولا يزال متكلما لأنه لم يزل ولا يزال كامِلاً والكلام من صفات الكمال .
ولأن الله وصف به نفسه
ووصفَهُ به رسولُه .
وسيأتي ذكر مذهب المخالفين في هذه المسألة مع الرد عليهم إن شاء الله .
( يتبع ) ...................