الوسطية بين دلالات النصوص وأقوال العلماء
أحمد بن حسن المعلم
المبحث الأول
الوسطية بين دلالات النصوص وأقوال العلماء
ليس غريباً ونحن نؤصل لمفهوم الوسطية أن نقف على مرجعه في نصوص الشريعة؛ كونها الأصل الذي يستند عليه في كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية، وهذا التأصيل يستدعي استقراء النصوص القرآنية والنبوية للوقوف على استعمالاتها لهذا المفهوم من حيث الألفاظ والمعاني، وقد جاء الحديث عنه في إطار التصريح تارة وفي إطار التلميح تارة أخرى، والمنهج العلمي الرصين يستلزم تتبع المواضع المتعلقة بهذا المفهوم من أجل الخروج بمعنى كلي يشكل إطاراً مرجعياً لغيره من المفاهيم ذات العلاقة، مما يجعلنا منقادين - ونحن في سياق هذا التأصيل - لمقاصد القرآن والسنة النبوية؛ كونهما حاكِمَيْن على كل نص سواهما، وبناء على ذلك فإننا بحاجة إلى معرفة نظر الشارع لهذا المفهوم من خلال استقراء نصوصه، وكذلك معرفة نظر العلماء من المحققين في تأصيلهم لهذا المفهوم في ضوء فهمهم لنصوص الشرع، ونختم بنماذج تاريخية لبعض الدعوات التي اتسمت بالوسطية في منهجيتها ودعوتها.
المطلب الأول: الوسطية في ضوء نصوص الشريعة:
لقد كان لمصطلح الوسطية في نصوص الشريعة مجال رحب لمن أراد الوقوف على أصله ومضمونه، ولا شك أن وراء ذلك مقصداً وغاية، فالشارع الحكيم أراد من عباده أن يتصفوا بهذا الوصف ويكون لهم منهجاً ومسلكاً، ولذلك حري بنا في سياق موضوعنا هذا أن نقف على تلكم المواضع التي أشارت إلى الوسطية تصريحاً وتلميحاً في كتاب الله - تعالى -وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
المقصد الأول: الوسطية في ضوء النصوص القرآنية:
وردت كلمة وسط في القرآن الكريم في إطار التصريح في خمسة مواضع:
1- قوله - تعالى -: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)[البقرة: 143]، وقد جاء تفسير هذه الآية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما روى ذلك البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب. فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم. فيقال لأمته هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير. فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته. فيشهدون أنه قد بلغ: (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)[البقرة: 143]. فذلك قول الله جل ذكره: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)[البقرة: 143]، والوسط العدل"[1]، وهو أحد المعاني المرادة ولكن لا يمنع من أن يكون هناك معانٍ أخرى.
قال الطبري في سياق تفسير هذه الآية: " وأنا أرى أن الوسط في هذا الموضع هو الوسط الذي بمعنى: الجزء الذي هو بين الطرفين مثل (وسط الدار) محرّك الوسط مثقّله، غير جائز في سينه التخفيف. وأرى أن الله - تعالى -ذكره إنما وصفهم بأنهم وسط؛ لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلوّ فيه غلوّ النصارى الذين غلوا بالترهب، وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصير فيه، تقصير اليهود الذين بدلوا كتاب الله، وقتلوا أنبياءهم، وكذبوا على ربهم، وكفروا به، ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه. فوصفهم الله بذلك إذ كان أحبّ الأمور إلى الله أوسطها"[2]. وقد جرى على منواله القرطبي[3]، وابن كثير[4]، والسعدي[5]، وابن عاشور[6]، ومن المعاصرين من جعل الوسطية التي قصدها الشارع دائرة مع عنصرين لا بد من توافرهما: الخيرية - البينية، فالجمع بين هذين العنصرين يثمر لنا الوسطية التي مدحها الله تعالى[7].
2- قوله - تعالى -: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)[البقرة: 238]، قال الخلوتي الحنفي: "والصلاة الوسطى أي المتوسطة بينها على أن تكون الوسطى صفة مشبهة، أو الفضلى منها على أن تكون أفعل تفضيل تأنيث الأوسط وأوسط الشيء خيره وأعدله وهي صلاة العصر؛ لأنها بين صلاتي ليل وصلاتي نهار، ولقوله - عليه الصلاة والسلام - يوم الأحزاب: (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً) وفضلها لكثرة اشتغال الناس في وقتها بتجاراتهم ومكاسبهم واجتماع ملائكة الليل وملائكة النهار"[8]، وقد نقل القول بكون الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ابن الجوزي في تفسيره ونسبه إلى جماهير أهل العلم، وذكر منهم علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وأبا أيوب، وابن عمر في رواية، وسمرة بن جندب، وأبا هريرة، وابن عباس في رواية عطية، وأبا سعيد الخدري، وعائشة في رواية، وحفصة، والحسن، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وعطاء في رواية، وطاووس، والضحاك، والنخعي، وعبيد بن عمير، وزر بن حبيش، وقتادة، وأبا حنيفة، ومقاتل في آخرين[9].
3- قوله - تعالى -: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ)[المائدة: 89]، والمراد بالأوسط هنا على الراجح المنزلة بين منزلتين، والنصف بين طرفين، وإن كان أصل اللفظ دائراً مع الأعلى والخيار والعدل، وقد أجمع العلماء على أن الوسط بمعنى الخيار هاهنا متروك[10]، على الرغم من كون سياق الآية قد جعل معنى الأوسط مغايراً لمعناها اللغوي، فإنه من جهة أخرى يؤكد ما تقدم من كون اللفظ في أصله اللغوي يدور مع العدل والخيار.
4- قوله - تعالى -: (قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ)[القلم: 28]، والأوسط هنا بمعنى الأحسن والأرجح عقلاً ورأياً، أو الأوسط سناً، أو الأعدل والأفضل[11].
5- قوله - تعالى -: (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا)[العاديات: 5]، والمعنى توسط جموع الأعداء[12].
فهذه الآيات جاء فيها لفظ الوسط صريحاً، وهي كما ترى لا تخرج عن المعنى اللغوي لأصل الكلمة، وهو معنى توافق عليه الشرع كذلك كما هو مقتضى السياقات القرآنية المتعلقة باللفظ المعني، إلا أن هناك نصوصاً كثيرة جاء فيها معنى الوسطية في إطار ألفاظ أخرى؛ لتدل على هذا المعنى وفق منهجية قرآنية واضحة البرهان ثابتة البنيان، والباحث لا يسعه أن يقف عند هذه النصوص بأجمعها؛ لكونها كثيرة، إلا أنه سيقف مع بعضها موضحاً ومظهراً مقاصدها ومعانيها، وسيحيل إلى غيرها من خلال التنويه عمن فصل الحديث عنها فيما رقم ورسم.
6- قوله - تعالى -: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)[الفاتحة: 6، 7]، وجه دلالة الآية أنه - سبحانه - وصف الصراط المستقيم بأمرين: الأول أنه مستقيم، والثاني أنه غير صراط المغضوب عليهم وهم اليهود، وغير صراط النصارى، وهم أهل الغلو في الرهبانية والتعبد، حتى خرجوا عن حدود الشرع، ليس فقط في العبادة بل حتى في الاعتقاد، فإذا كان الصراط المستقيم غير صراط اليهود والنصارى، وكان صراطهم صراط غلو في الدين، دل ذلك على أن الصراط المستقيم الذي شرعه الله - عز وجل - صراط لا غلو فيه، فهو بين طرفين إفراط وتفريط، وهذا هو معنى الوسطية التي هي منهاج الدين الإسلامي[13].
7- والمعنى نفسه يظهر جلياً كذلك في قوله - تعالى -: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[البقرة: 213].
8- قوله - تعالى -: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ)[لقمان: 19]، قال ابن كثير: "أي امش مقتصداً مشياً ليس بالبطيء المتثبط، ولا بالسريع المفرط، بل عدلاً وسطاً بين بين"[14].
وهذه الآيات بعد بيانها يظهر بجلاء أنها تصب في إطار المنهج الوسطي الذي دل عليه القرآن الكريم، مع العلم أن الآية المركزية التي يدور معها مفهوم الوسطية هي قوله - تعالى -: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)[البقرة: 143]، دون أن يغفل الباحث التنبيه على أن القرآن الكريم كله يدعو إلى الوسطية والعدل والإنصاف وما يتعلق بذلك من مفاهيم واصطلاحات، بدليل قوله - تعالى -: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)[الإسراء: 9]، فلفظ الأقوم هنا يشير إلى ضمان سلامة أمة القرآن من الحيدة عن الطريق الأقوم؛ لأن القرآن جاء بأسلوب من الإرشاد قويم ذي أفنان لا يحول دونه ودون الولوج إلى العقول حائل، ولا يغادر مسلكاً إلى ناحية من نواحي الأخلاق والطبائع إلا سلكه إليها تحريضاً أو تحذيراً، بحيث لا يعدم المتدبر في معانيه اجتناء ثمار أفنانه[15]؛ ولذلك جاء وصف الدين والشريعة والهدى بهذه اللفظ في اشتقاقات مختلفة ترجع إلى أصل واحد كما هو الحال بألفاظ: القيمة، أقوم، قيماً[16].
المقصد الثاني: الوسطية في ضوء نصوص السنة النبوية:
إن المتتبع لنصوص السنة النبوية يظهر له أن السنة أتت بلفظ الوسط في إطاره الصريح، نبهت عليه كذلك في سياق ألفاظ أخرى لا تخرج عن مقتضى معناه ومقصده وإن اختلفت معه في اللفظ، ولذلك سيقف الباحث على بعض هذه النصوص؛ من أجل بيان مقاصد السنة حول هذا الموضوع.
1- فمن الأحاديث التي جاء فيها لفظ الوسط صريحاً قوله - عليه الصلاة والسلام -: "إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة"[17]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وضع الطعام، فخذوا من حافته، وذروا وسطه، فإن البركة تنزل في وسطه"[18]، فهذان حديثان جاء ذكر الوسط فيهما صريحاً ومعناه ظاهر وإن اختلف سياقه في الحديثين، فالمراد بالأوسط في الحديث الأول الأعدل والأفضل[19]، فيكون موافقاً لقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)[البقرة: 143]، أما الحديث الثاني فعلته ظاهرة المعنى حيث جاء التصريح بكون البركة تنزل في وسطه أو في ذروته وأعلاه.
2- قوله - عليه الصلاة والسلام -: "عليكم هدياً قاصداً عليكم هدياً قاصداً فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه"[20]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا"[21]، والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب، ولا شك أن هذين الحديثين فيهما عَلَم من أعلام النبوة كما أشار إلى ذلك ابن المنير، فالشواهد الحسية أظهرت أن كل متنطع في الدين ينقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة، بل المراد منع الإفراط المؤدي إلى الملال، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل، أو إخراج الفرض عن وقته[22].
3- حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: " جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: أين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)"[23]. قال ابن بطال في شرح هذا الحديث: "في هذا الحديث من الفقه أن النكاح من سنن الإسلام، وأنه لا رهبانية في شريعتنا، وأن من ترك النكاح رغبة عن سنة محمد - عليه السلام - فهو مذموم مبتدع...وفيه الاقتداء بالأئمة في العبادة، والبحث عن أحوالهم وسيرهم في الليل والنهار، وأنه لا يجب أن يتعدى طرق الأئمة الذي وضعهم الله ليقتدى بهم في الدين والعبادة، وأنه من أراد الزيادة على سيرهم فهو مفسد، فإن الأخذ بالتوسط والقصد في العبادة أولى حتى لا يعجز عن شيء منها، ولا ينقطع دونها"[24].
المطلب الثاني: قراءة تاريخية في بعض الدعوات الوسطية:
لا يمكننا ونحن بصدد استقراء تاريخي لبعض الدعوات التي قامت منهجيتها على الوسطية والاستقامة، إلا أن نقف على مرجع هذه الدعوات من حيث منهجيتها ومعتقدها ومسلكها وطريقتها.
والأصل الذي تستند عليه هذه الدعوات قائم على بعض الأحاديث التي تمثل منهاج النبوة في الدعوة والحق والهدى، يجمعها حديث واحد هو حديث الافتراق، وهذا الحديث مشهور عند العلماء من حيث حفظه وتدوينه وجمعه وشرحه والتعليق عليه، وهو مروي من طرق متعددة وألفاظ متقاربة فيها زيادات تمثل الفيصل في أوصاف الفرقة الناجية التي تمثل منهج الوسط والاعتدال، ولا يسع الباحث الوقوف على طرق هذا الحديث والبحث فيه، فسياق هذا المطلب يحكمنا بأن نوجز القول ولا نفصل إلا بالقدر الذي يصب في مصلحة البحث، وبناء على ذلك نقرر أن حديث الافتراق رواه جمع من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والكل متفق على أصل متنه إلا أن هناك زيادات مؤثرة تظهر أوصاف الفرقة الناجية، ولذلك سنقتصر في الأصل على رواية أبي هريرة ثم نذكر الزيادات من الروايات الأخرى، وحديث أبي هريرة أخرجه جمع من الأئمة، فقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وابن حبان وغيرهم، ونصه أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "افترقت اليهود على إحدى - أو ثنتين - وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى - أو ثنتين - وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"[25]، وجاء في رواية معاوية وعوف بن مالك: "كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة"[26]، وجاء في رواية عبد الله بن عمرو بن العاص: "ما أنا عليه وأصحابي"[27].
ولا شك أن مقتضى هذا الحديث برواياته المتعددة ينطبق على الجيل الأول الذي تربي في أحضان النبوة وصنع على عينها، وزكاه القرآن والسنة النبوية؛ ليكون منهجهم مسلكاً وطريقاً يقتدي به من خلفهم، كما دلت عليه النصوص القرآنية والنبوية، منها قوله - تعالى -: ? وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ - رضي الله عنهم - وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ? [التوبة: 100]، وقوله - تعالى -: ? فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ? [البقرة: 137]، وقوله - عليه الصلاة والسلام -: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"[28]، ووجه الارتباط بين هذه النصوص في القرآن والسنة، وبين وصف الجيل الأول من الصحابة وأتباعهم بمنهج الوسطية والاعتدال أن الله - عز وجل - وصف هذه الأمة، بوصفين يستلزم أحدهما الآخر وجوداً وعدماً، الأول جاء في قوله - تعالى -: ? كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ? [آل عمران: 110]، والثاني جاء في قوله - تعالى -: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ? [البقرة: 143]، فالخيرية تقتضي أن تكون الأمة متصفة بصفة الوسطية، وهو الذي يدل عليه وصف الجعل في الآية الثانية، ولذلك حين ننظر في حال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنجدهم قد حققوا هذا الوصف، فتحققت بهم أكمل صورة يمكن أن يحققها البشر، واستطاعت أن تحفظ للإسلام قوته ومكانته، بل وأن تزيد من توسعه وانتشاره، فأضحوا أمة حاكمة مسيطرة بهديها وقرآنها، فتمثلوه منهجاً وواقعاً[29]، وسار الأتباع على نهجهم إلا أن الملاحظ أن خيرية الصحابة كانت في إطار جمعي، أما خيرية التابعين وأتباعهم كانت على سبيل الانفراد؛ كون كثير من البدع والمحدثات ظهرت في جيل التابعين وتابعيهم، ووصف الجيل بأكمله بالخيرية يستلزم مدح أهل البدع وما أحدثه، وهذا لا يصح، وقد جاءت آثار كثيرة تصب في هذا المعنى، ومنها ما قاله أبو حاتم الرازي: "العلم عندنا ما كان عن الله - تعالى -، من كتاب ناطق، ناسخ غير منسوخ، وما صحت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما لا معارض له، وما جاء عن الألباء من الصحابة ما اتفقوا عليه، فإذا اختلفوا لم يخرج عن اختلافهم، فإذا خفي ذلك ولم يفهم فعن التابعين، فإذا لم يوجد عن التابعين، فعن أئمة الهدى من أتباعهم مثل: أيوب السختياني، وحماد بن زيد، وسفيان، ومالك بن أنس، والأوزاعي، والحسن بن صالح، ثم من بعد، ما لم يوجد عن أمثالهم، فعن مثل: عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن إدريس، ويحيى بن آدم، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، ومن بعدهم: محمد بن إدريس الشافعي، ويزيد بن هارون، والحميدي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وأبي عبيد: القاسم بن سلام"[30].
وإذا انتقلنا إلى مراحل تاريخية أخرى نقف على نماذج كثيرة جداً من الدعوات التي اتصفت بصفة الوسطية ومنهج الاعتدال، وحسبنا في هذا المقام أن نشير إلى أن هناك من جمع جهود العلماء في الدفاع عن هدي النبوة والصحابة دعوة ومنهجاً، ونحيل في هذا الباب إلى كتاب الدكتور محمد بن عبد الرحمن المغراوي (المصادر العلمية في الدفاع عن العقيدة السلفية)، حيث تتبع فيه هذه الجهود العلمية التي تمثل في حقيقتها منهجاً دعوياً وعلمياً يهتدي به من خلفهم، إلا أننا في المقابل لا ينبغي أن نغفل الحديث عن دعوات كان لها الأثر البالغ في الدفاع عن الحق وتبليغه للناس، وتمثل منهج السلف عقيدة ومسلكاً، هي دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية في القرن السابع والثامن الهجريين، ودعوة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب في القرن الثالث عشر الهجري، ودعوة الأئمة المجتهدين أهل السنة في اليمن، وحري بنا أن نقف قليلاً مع هذه الدعوات كونها تشكل مفصلاً رئيساً من مفاصل دعوة أهل السنة والجماعة وكانت بحق دعوات وسطية لا إفراط فيها ولا تفريط، إلا أن الفارق بين هذه الدعوات أن دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية ومجتهدي اليمن يغلب عليها الجانب العلمي، بينما دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب يغلب عليها الجانب الحركي.
أولاً: دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية:
كان ظهور ابن تيمية في عصرٍ ساد فيه ركام المنهج الفلسفي والتأويل الكلامي والشطح الصوفي حتى غلب على ظن كثير من المسلمين أنها تمثل دين الإسلام وهديه، وهذا مرجعه بطبيعة الحال الجهل بمنهاج النبوة وهدي السلف الأول، وبحكم نشأة شيخ الإسلام العلمية المستقيمة فقد وقف على حال الأمة في عصره حيث انتشرت البدع والمحدثات ومناهج أهل الضلال، ومسالك أهل التقليد وتحكيم آراء الرجال، ولذلك اتخذ لنفسه منهجاً تجديدياً يُحيي من خلاله منهاج النبوة في الدعوة والاستقامة على الحق، ولقد أوتي - رحمه الله - - قوة في الحوار والجدال مع المخالفين بسبب تعمقه في تتبع مناهجهم، والوقوف على انحرافاتهم العقدية والمنهجية، واستطاع من خلال ما ألَّفه ووضعه من مصنفات وفتاوى ورسائل في تقرير منهج السلف أن يعيد الهيبة والمكانة لهذا المنهج، ولقد بذل جهوداً عظيمة في إعادة الاعتبار لنصوص الوحي، حيث وجد فيها ضالته وعلم علم اليقين أن وحدة الأمة إنما تكون باتباع الكتاب والسنة وهما يمثلان منهج النبوة الذي حث عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، جاعلاً في المقابل العقل تابعاً لمقصد النص، ومظهراً بجلاء أن صحيح المنقول لا يخالف صريح المعقول، وبذلك استطاع أن يقضي على ذلك النزاع الذي بقي دهوراً ما بين العقل والنقل، وأثبت أن العقل الفطري لا يمكن أن يخالف الوحي الإلهي، أما العقل الفلسفي فليس عنده القدرة على فهم نصوص الوحي بعد أن اجتالته نظريات الفلاسفة والمتكلمين، وقليل من يسلم منها وإن رام التخلص[31].
لقد كان لمفهوم الوسطية عند شيخ الإسلام ابن تيمية مجال واسع، ظهر ذلك من خلال ما رقمه بقلمه من تأصيلات وفتاوى في إطار تصحيح المفاهيم، يقول - رحمه الله - مقرراً قاعدة الوسطية: "دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، والله - تعالى -ما أمر عباده بأمر إلا اعترض الشيطان فيه بأمرين لا يبالي بأيهما ظفر: إما إفراط فيه، وإما تفريط فيه"[32]، وقال تحت قاعدة: (الانحراف عن الوسط كثير في أكثر الأمور): "الانحراف عن الوسط كثير في أكثر الأمور، في أغلب الناس، مثل تقابلهم في بعض الأفعال، يتخذها بعضهم ديناً واجباً، أو مستحباً، أو مأموراً به في الجملة. وبعضهم يعتقدها حراماً مكروهاً، أو محرماً، أو منهياً عنه في الجملة"[33]. وبهذا التأصيل المنضبط والتطبيق المقيد بالمنهج الوسط المستقيم أصبح ابن تيمية إماماً ومرجعاً لكثير من طوائف الأمة حتى من لم يوافقه في كثير من تقريراته، وأصبحت مؤلفاته معيناً عذباً سائغاً لعلماء ودعاة الصحوة المباركة.
ثانياً: دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
تشكل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحركته الإصلاحية التجديدية مفصلاً تاريخياً مهماً في تاريخ دعوات الموحدين، وكانت شخصية الشيخ مثار جدل عند الكثير، ودارت حولها كثير من النقاشات العلمية والفكرية، فقد أثيرت حوله كثير من الشبهات التي تشوه صورته عند كثير من الناس، ولا شك أن المنصف يدرك بعد الوقوف على البينات والبراهين أن الإمام - رحمه الله - كان داعية إلى الحق قاصداً تبليغ التوحيد، وتجريد العقيدة مما شابها من أدران الشرك والوثنية، ولقد كان ظهوره "في عصر استحكمت فيه غربة الإسلام، وغلب على أهله الجهل والبدع والخرافات، وعبادة الأنبياء والصالحين والأشجار والأحجار، وقل من يصدع بالحق ويشرح للناس حقيقة التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب ويحذرهم من أنواع الشرك المنافية لدين الإسلام، فقام هذا الإمام في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري بالدعوة إلى الله - سبحانه - بقلمه ولسانه وأوضح للناس حقيقة ما بعث الله به نبيه - عليه الصلاة والسلام - وما ألصقه به أهل الجهل والضلال وهو برئ منه من الشرك والبدع والخرافات، وأوذي في ذلك أذى كثيراً من الجهال وأدعياء العلم ومن علماء السوء الذين آثروا الحظ الأدنى على الحظ الأعلى، واشتروا الحياة الدنيا بالآخرة.. فصبر - رحمه الله - على ذلك واستمر في الدعوة والبيان وإيضاح الحق بأنواع الأدلة من الكتاب والسنة وشرح حال سلف الأمة.. "[34]. وبذلك ثبتت دعوته ومنهجه أمام أعاصير الباطل التي ووجهت بها، وانتشرت في أصقاع الأرض ودان بها ملايين البشر، وحملها آلاف العلماء والدعاة وطلبة العلم، وهي اليوم أعتى قلعة يتحصن بها الحق وأهله رغم ما يشنه أعداؤها من حروب مدمرة ضدها، ولكن صدق الله - تعالى -: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ)[الرعد: 17].
ثالثاً: دعوة الأئمة المجتهدين في اليمن:
وأعني بها الدعوة السلفية التي حملها مجددو ومجتهدو اليمن الكبار، الأئمة محمد بن إبراهيم الوزير ومحمد بن إسماعيل الأمير ومحمد بن علي الشوكاني ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم ممن أتى بعدهم من علماء اليمن وغيرها، هذه الدعوة تميزت بالوسطية والاعتدال والاستقامة على منهاج الصحابة - رضي الله عنهم - في جميع جوانبها العلمية والعملية وفي جوانب العقيدة والفقه والأصول، وهي سابقة على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومعاصرة لها في نفس الوقت وموافقة لها في الأصل والمنهج العلمي، وإن اختلفت بعض الشيء في الأسلوب العملي والحركي حيث لم تحظَ بسلطة تقوم بها كما حصل لدعوة الشيخ محمد رحم الله الجميع، غير أن تراثها العلمي أصبح من أعظم الزاد الذي يتزود به دعاة السنة وعلماؤهم وأصبحت مؤلفات أئمتها مناهج علمية تُدرَّس في جامعات ومدارس ومراكز أهل السنة في مشارق الأرض ومغاربها، وفيها تتجلى الوسطية والاعتدال فهماً وتطبيقاً، غير أن نصيب هذه المدرسة من العناية أقل بكثير من نصيب دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وذلك بمقدار ما كان حظها من النقد والأذى أقل مما تواجه به الدعوة الوهابية.
والدارس لهذه الدعوات الثلاث وغيرها من دعوات أهل السنة أتباع السلف الصالح سيجد أنها كبيرة الشبه عظيمة الصلة متشابكة الأواصر، وأنها القاعدة الفكرية والنظرية للصحوة المباركة بفصائلها السنية السلفية بل وغير السلفية.
المطلب الثالث: قراءة في الدعوات الوسطية في واقعنا المعاصر:
شهد النصف الثاني من القرن الماضي صحوة إسلامية مباركة على جميع الأصعدة الفكرية والمنهجية، وكان للواقع المرير الذي عاشته الأمة بسبب التخلف والجهل والاحتلال، ودعوات التغريب والحداثة أثر في محاولة التجديد عند كثير من مفكري الأمة ونخبها، وكانت الوجهة متغايرة ومختلفة، فبعضهم اتجه نحو الغرب أو الشرق يستلهم تجاربه في النهضة، فآلت الأمور إلى دعوات إلحادية علمانية، جعلت المسلم بعيداً عن دينه ودعوته لم يبق له إلا الاسم، كما هو حال كثير ممن عاش في دول الغرب ودرس فيها، فعاد ممسوخاً ممثلاً لعقلية الغرب ومنهجه ظاناً أن الحل الأمثل يكون في تقليد الغرب في حضارته، وهذا لا شك كان له أثره في دفع كثير من علماء الأمة الغيورين لمحاولة بعث تعاليم الإسلام من جديد وإحياء دعوته من خلال تبني منهجه ليكون مسلكاً في الحياة، وبالفعل قامت دعوات غرضها إحياء الإسلام عقيدة وشريعة في نفوس الناس، والخروج بهم من ذلكم الحال الذي جعلهم في دائرة الاستتباع للغرب، إلا أن هذه الدعوات كانت متفاوتة في منهجيتها، ومن المهم في سياق بحثنا أن ننبه على تلكم الدعوات التي اتخذت فهم السلف عقيدة ومنهجاً، وجعلت الوسطية لها دعوة وطريقاً، وكان لعلماء الدعوة النجدية أثر بالغ في تصحيح التوحيد وتهذيب العقيدة مما شابها من شوائب الشرك والمحدثات، ولم يكن أثرهم قاصراً على الجزيرة العربية بل كان لهم الأثر في مواطن أخرى، ونذكر على سبيل المثال بعضاً من أعلام الدعوة السلفية في العالم الإسلامي، ففي مصر كان هناك الشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ أحمد محمد شاكر والشيخ محمد حامد الفقي، وفي الشام كان الشيخ محمد جمال الدين القاسمي، والشيخ ناصر الدين الألباني، والشيخ محمد بهجت البيطار وفي العراق الشيخ محمود شكري الآلوسي، وعدد من أولاده وأحفاده وغيرهم، وفي اليمن محمد بن سالم البيحاني ومحمد بن علي بافضل وعدد غير قليل في صنعاء وما حولها من أتباع مدرسة اليمن السنية السلفية وممن تأثروا بالدعوة النجدية، وهكذا في بقية أقطار العالم الإسلامي.
ثم جاء عصر الدعوة المعاصرة بجماعاتها وجمعياتها ومنظماتها الدعوية، وكثرت مسمياتها واختلفت مناهجها وكلها تدعي السلفية والسنية وأتباع منهج الصحابة ، ولكن كثيراً من تلك الدعوات قد شابت مناهجها بأصول وقواعد ومفردات مأخوذة عن غير المنهج السلفي، أو أنها قد تركت وتنكبت لأصول وقواعد ومفردات مهمة من صميم ما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم، وبذلك وقعت في شيء من الإفراط أو التفريط ومن الغلو والجفاء أحياناً في أحد الطرفين وأحياناً قد تجمع الطرفين جميعاً، بحيث تقع في غلو في جانب وفي جفاء وتفريط في جانب آخر.
وعلى الرغم من ذلك بقيت جماعات أخرى على ذلك المنهج الأصيل والصراط المستقيم سالمة من الانحراف عنه والوقوع فيما يناقضه، لعل بيننا من يمثل تلك الجماعات أو أكثرها وقد جآؤوا لحضور هذا المؤتمر لتأصيل الوسطية وتحديدها والتعرف على ملامحها ووضع الضمانات لاستمرارها واستمرار السير عليها والتحذير من خوارمها ووسائل الخروج عنها.
_____________
[1] أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب/ وكذلك جعلناكم أمة وسطًا، رقم 4217.
[2] تفسير الطبري: جامع البيان عن تأويل القرآن، محمد بن جرير الطبري، القاهرة، مكتبة ابن تيمية، ط2، بدون تاريخ، ج3، ص142.
[3] الجامع لأحكام القرآن، محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط1، 1427هـ/2006م، ج2، ص433.
[4] تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي، الرياض- دار السلام، دمشق- دار الفيحاء، ط2، 1418هـ/1998م، ج1، ص260.
[5] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، عبدالرحمن بن ناصر السعدي، الكويت، جمعية إحياء التراث، ط2، 1422هـ/2001م، ص72.
[6] التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، تونس، الدار التونسية للنشر، 1984م، ج2، ص17.
[7] الوسطية في القرآن الكريم، د. محمد علي الصلابي، بيروت، دار المعروفة، بدون تاريخ، ص34.
[8] تفسير روح البيان، إسماعيل الخروتي الحنفي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، بدون تاريخ، ج1، ص305.
[9] زاد المسير في علم التفسير، ابن الجوزي، بيروت، المكتب الإسلامي، ط3، 1404هـ/1984م، ج1، ص282.
[10] أحكام القرآن، أبو بكر ابن العربي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط3، 1423هـ/2003م، ج2، ص157.
[11] زاد المسير، مرجع سابق، ج8، ص238، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، شهاب الدين الألوسي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، بدون تاريخ، ج29، ص29، المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، بيروت، دار المعروفة، بدون تاريخ، ص522.
[12] بيان النظم في القرآن الكريم، محمد فاروق الزين، دمشق، ط1، 1424هـ/2003م، ج4، ص347، السراج في غريب القرآن، د. محمد عبدالعزيز الخضيري، مجلة البيان، ط1، 1429هـ/2008م، ص416.
[13] أدلة الوسطية في القرآن والسنة، د. محمد بن عمر بازمول، بحث منشور ضمن بحوث ندوة أثر القرآن الكريم في تحقيق الوسطية ودفع الغلو، ص16.
[14] تفسير القرآن الكريم، ابن كثير، مرجع سابق، ج3، ص589.
[15] تفسير التحرير والتنوير، ابن عاشور، مرجع سابق، ج15، ص40، وانظر ما كتبه العلامة المفسر الشنقيطي في تفسير هذه الآية في كتابه "أضواء البيان" (3/17).
[16] يرجع للاستزادة في موضوع أدلة الوسطية: أدلة الوسطية في القرآن والسنة للدكتور محمد عمر بازمول.
[17] أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب درجات المجاهدين في سبيل الله، يقال: هذه سبيلي، رقم 2637.
[18] أخرجه ابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب النهي عن الأكل من ذروة الثريد، رقم 3277، وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.
[19] فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، بيروت، دار المعرفة، 1379م، ج6، ص12.
[20] أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، باب الأمر بالاقتصاد في صلاة التطوع، رقم 1179.
[21] أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب الدين يسر، رقم 39.
[22] فتح الباري، ابن حجر، مرجع سابق، ج1، ص93.
[23] أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، رقم 4776.
[24] شرح صحيح البخاري، ابن بطال البكري القرطبي، الرياض، مكتبة الرشد، ط2، 1423هـ/2003م، ج7، ص159.
[25] أبو داود، باب شرح السنة، رقم 4596، ابن ماجه، كتاب الفتن، رقم 3991، الحاكم في المستدرك، كتاب العلم، رقم 441، البيهقي، كتاب الشهادات، 20690، ابن حبان، كتاب التاريخ، رقم 6247.
[26] أبو داود، باب شرح السنة، رقم 4597.
[27] الترمذي، كتاب الإيمان، رقم 2779.
[28] أخرجه البخاري، كتاب الشهادات، باب: لا يشهد على جور إذا أشهد، رقم 2509، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم - باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، رقم 2533.
[29] صفة الغرباء، سلمان العودة، صنعاء، مركز الصديق العلمي، ط4، 1421هـ/2000م، ص78.
[30] كتاب الفقيه والتفقه، الخطيب البغدادي، الدمام، دار ابن الجوزي، ط1، 1417هـ/1996م، ج1، ص432.
[31] انظر: ملامح رئيسة للمنهج السلفي، د. علاء بكر، مصر، دار العقدية، ط2، 2002م، ص31.
[32] مجموع الفتاوى، شيخ الإسلام ابن تيمية، المدينة المنورة، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ط2، 1416هـ/1995م، ج3، ص381،
[33] المرجع السابق، ج3، ص359.
[34] من مقدمة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز لكتاب (الشيخ محمد بن عبدالوهاب) للعلامة الشيخ أحمد بن حجر آل أبوطامي، ص2