شكوى امرأة و ذكاء قاض
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد
روى الزبير بن بكر أن امراة أتت عُمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت " يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل وأنا أكره أن أشكوه وهو يعمل بطاعة الله "
فقال لها
" نِعم الزوج زوجك "
فجعلت تكرر عليه القول وهو يكرر عليها الجواب
فقال له كعب بن سوار الأسدي :
" يا أمير المؤمنين هذه امرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه
" فقال له عمر رضي الله عنه
" كما فهمت كلامها فاقض بينهما
فقال كعب: عليَّ بزوجها فأُتي به
فقال له إن امرأتك تشكوك
فقالت : أفي طعام أو شراب ؟
قال : لا في واحد منهما
فقالت المرأة من الرجز :
يأيها القاضي الحكيم رشدُه **** ألهى خليلي عن فراشي مسجدُه
زهده في مضجعي تعبـدُه **** نهـاره وليله ما يـرقـده
فلست في أمر النساء أحمده **** فاقض القضا يا كعب لا ترده
فقال الزوج من الرجز :
زهـدني في فرشها وفي الحجـَل **** أني امرؤ أذهلـني ما قد نزل
في سورة النحل وفي السبع الطول **** وفي كتاب الله تخويف جلل
فقال كعب من الرجز :
إن لها حقا عليك يا رجل ****نصيبها في أربع لمن عقل
فأعطها ذاك ودع عنك العلل
ثم قال له : إن الله قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك ولها يوم وليلة .
فقال عمر لكعب :والله ما أدري من أي أمريك أعجب أمن فهمك أمرهما أم من حكمك بينهما ؟
اذهب فقد وليتك القضاء بالبصرة .
من كتاب ساعة وساعة للشيخ محمود المصري