قرأت في احد الكتب الجميلة عن قصة امرأة زارتها امها من البلدة المجاورة ،ففرحت بأمها فرحا شديدا وذبحت جديا للعشاء اكراما لها،
وعندما عاد الزوج من العمل عدّ الاجداء فوجدها ناقصة ، وحين اكتشف ان زوجته ذبحت جديا منها غضب وقام بضربها ضربا مبرحا من غير رحمة ،وباتت ليلتها باكية متألمة .
وبعد فترة ، توفي زوج هذه المرأة فقامت بشد شعرها وتمريغ رأسها في التراب حزنا عليه
ولما رأتها أمها على هذه الحالة اقتربت منها وقالت لها : ابكي مثلما تريدين يا ابنتي، وتذكري ليلة الجدي !
ولحظة تذكرت المرأة الألم والظلم وما نالته على يد زوجها تلك الليلة ،توقفت عن البكاء والصراخ ومسحت وجهها وقامت واعتدلت في مشيتها .
بغضّ النظر عن مفارقات القصة ..الا ان علينا ان نتذكر " ليلة الجدي " في كل مرحلة من مراحل حياتنا
لكي نخلق نوع من التوازن ...عند الفرح ..عند الحزن ..عند الابتهاج..عند الدهشة وعند الصدمة..عند اللقاء ولحظة الفراق...
فالحقيقة تقول انه لا وجود للسعادة المطلقة في الحياة الدنيا ، ولا للحزن المطلق
لا وجود لكمال أبدي ..والنقص يعم الأشياء ، والاشياء لا غنى لها عن بعضها الآخر وبعضٌ يكمل كلاًّ
ينبغي - بشكل ما - ان يدخل سيناريو ليلة الجدي في كل لحظة من لحظات نشعر فيها اننا في قمة الحزن ..قمة الابتهاج ...أو قمة السعادة ..
فمن غير هذا التوازن سنفقد انفسنا لحظة الحزن وقد نفقد عقولنا في لحظة فرح !
هناك نقطة بيضاء خلف كل وشاح اسود، كما أن لا بد من النقطة السوداء خلف كل وشاح ابيض
ليست هذه دعوة الى التشاؤم ، ولا دعوة الى قتل الاحساس أو نبذ الفرح..
بقدر ما هي دعوة الى التوازن، الذي سيعيدنا الى قوامنا بعد نوبات الحزن الشديدة، ويمنع عنا عواقب البطر عند الفرح الشديد...
علينا أن ندرك مليا أن مواقع أقدامنا لا تكون الا على سطح الأرض،
مهما غصنا عميقا في الحزن ، او صعدنا عاليا في سماء الفرح.