ما أسوأ عمليات التجميل..
تجريها حواء لتحصل على خدود مرتفعة وشفاه منتفخة، وافتعال خطوط غير موجودة ، وإيجاد ( أو إخفاء ) معالم أخرى ، لهدف أول.... هو الحرب مع الزمن ،
فواحدة لم تر تجاعيد السنين على وجهها ، تعتقد أنها لا تزال في ريعان الشباب ،،
وكأن الزمن توقف آنذاك ،، بينما مر عمرها في السجون ، لترسم الأيام تجاعيد لا تريد أن تراها صاحبة اللوحة .
أترك مقتنياتي النحاسية القديمة بلا تلميع ولا تبييض ، لماذا أحاول أن أزيل آثار زمن مضى
ما دامت هذه هي قيمة الأشياء ؟
أحب اللوحات الجدارية التي تتركها الأيام على الوجوه ،
ما أروع خربشات الذاكرة العميقة على وجه عجوز مسنّة تبتسم في طيبة ، بينما أحاول أن أبحث عن نظرتها الودودة بين آلاف الحفر في الوجه الذي نقشت عليه الأيام ساعاتها بكل دقة ........ .
خطرت في بالي الكثير من الخواطر وأنا أتأمل منظر بيت أثري قديم كنت أزوره من وقت لآخر ، كان سطحه متهاوي وعمدانه متآكلة ، كأسنان عجوز نخرها السوس وأتى على معظمها،
دُهشتُ عندما زرته مؤخرا ووجدت أن عمليات الإصلاح قضت عليه، تم إصلاح سطحه المتهاوي بقرميد حديث،
فظهر كرجل يضع قبعة جديدة حديثة بينما يرتدي ملابس عتيقة أثرية !
قُضي على قيمته ومعناه ، وما يمكن أن يثير في القلوب والنفوس،، المتعطشة إلى معاني الأصالة والتراث ، وقيمة الماضي الرفيعة ..وإلى الصدق ... ولم يعد يستحق أن يكون على لائحة الآثار...
ألا يكفي ما في حاضرنا من تلفيق وكذب حتى نعمد إلى تزوير الماضي ؟
قد تتعدى هذه الخواطر كونها خواطر، وقد تكون شكوى رسمية موجهة لوزارات الآثار ،
عن الظلم الذي تلحقه منشئاتها بالماضي وبالأيام ،،
إن عمليات الترميم للأسوار والمباني القديمة ، ستفضي إلى تغيير المعالم وطمس القيمة الحضارية،،
تماما ،،، كما تؤدي عمليات التجميل التي تنفذها حواء إلى طمس المعالم وضياع الشكل الأصلي ،
فأصبحت النساء تقريبا متشابهات، لا فرق بين العشرين والأربعين ، ولا الخمسين والسبعين.
تُرى ...
هذا الإنسان الذي يقف متحديا الزمن، بتزويره للماضي ، ومحاولة إخفاء ما أعملته حفارة الأيام في الأشياء والأجساد،
هل نجح حقا في ترميم آثار الدمار .....؟
ماذا عن دمار الروح والنفس .... هل يمكن ترقيعه أيضا ؟؟
هل من الممكن حقا ...إصلاح أي شيء ........ ليعود كما كان.......؟
كما كان ؟؟؟