بسم الله الرحمن الرحيم
((الروايات الحسان في مواعظ الجان))
قــصـــــ طـــــــــــــــــــــــــ طويلة...طويلة...طويلة ــــــــــــويـــــلـــــة ــــــــة
ولكن حسبنا منها بعض الدروس والعبر......
في مرة من المرات ....
واجه أحد الأخوة الرقاة,حالة من أعجب الحالات,ومن أشقها وأشدها جهداً ونصباً
وذلك أنه كانت هناك إحدى الأخوات الصالحات –نحسبها والله حسيبها ولا نزكي على الله أحداً-
تعرضت لسحرين,أحدهما تُقرِب فيه إلى ملك من ملوك الريح الأزرق - الملك جالوت - اليهودي...
برأس حسيل,والآخر تُقرِب فيه إلى ملكة من ملوك المردة - الملكة شمس – النصرانية... برأس ديك,وكان السحر معقوداً فيه بشعرة ...
وكان غرض هذا السحر هو التعدي على عرضها..
ولكن...
قال رسول الله (ص):[أحفظ الله يحفظك,أحفظ الله تجده تجاهك,تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة,إذا سألت فاسأل الله,وإذا استعنت فاستعن بالله,واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك, لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك,وإن اجتمعوا على أن يضروك,لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك,رفعت الأقلام وجفت الصحف]الحديث.
وفي رواية أخرى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (واعلم أن النصر مع الصبر,وأن مع الكرب فرجا).
وقد عانت أختنا هذه ما عانت من شدة وتعب,ولكن النصر مع الصبر,وقد اشتد الأمر بين هذا الأخ الراقي وبين الساحر,فكلما أهلك بقدرة الله ملكاً من ملوك الجن الموكلين بالسحر,يتقرب الساحر إلى آخر,وقد استعان هذا الساحر بجميع أصناف الجآن لقهر هذه الفتاة وهذا الراقي.....
فقد استعان بــــ....
بصنف الريح.....
و بصنف العفاريت....
و بصنف الـمـــردة....
و بصنف الشياطين....
و بصنف الدواب من الجن....
ولــكــن..........
دون جدوى ولله الحمد والمنة ...
وذلك إنما هو لقوله تعالى:
(إن ينصركم الله فلا غالب لكم,وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده)
وقوله تعالى:[وإنه لكتاب عزيزلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفهتنزيل من حكيمٍ حميد] ...عزيز:أي منيع... أو يصعب وجود مثله...
ولما بدأ هذا الأخ الراقي في مقاومة هؤلاء الجآن....وجد عندهم العناد والتحدي,
فأعمل فيهم القتل,حتى خضعوا....
وشكوا إليه أنهم مكرهون على فعلهم هذا,
وإن لم يفعلوه قُتلوا... هم... وأُسرهم,
لأنهم تحت حكم الملك,وقانونهم – أي قانون المُلك لدى الجآن – يلزمهم بخدمته كيف شاء وبالطاعة العمياء لأوامره,
فطلبوا من هذا الأخ التسلط على ملكهم بدلاً عنهم,فهم مكرهون لا حول لهم ولا طول...
فاستجاب لهم في ذلك استحساناً لرأيهم وشفقةً عليهم.....
فأحضره - أي الملك جالوت - في المرة الأولى بطلبه للحضور على عهد أن لا يؤذى هذا الملك,فجاء الملك بهذا العهد لتفاوض معه,ولكي يَعْرِضَ عليه الإسلام,لأنه كان يهودي الديانة..
ولكن وبعد طول عرض على هذا الملك...
أخذه ما يأخذ الملوك من الكبر الذي منعه عن قبول الحق...
لأنه كان – كان..كان يا أخي القارئ..وقد انتهى بعد مقتله - كان يُعدُ من عظماء ملوك الجن لديهم...
بل لدى عالم الجن قاطبة....
ومع أن الأخ قد بين لهذا الملك مقدار ضعفه –أي ضعف هذا الملك- أمام كتاب الله وأمام القرآن والإيمان,
وقد أثبت له ذلك عملياً, لأنه قام بحبسه بعد إعراضه, وأراه أنه قادر على قتله...
ولكن الموعظة لا ينتفع بها كل أحد...
كما قيل لبعض الأنبياء الذين حكى الله لنا قول قومه له وهو نبي الله هود عليه السلام :[قالوا سواءٌ علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظينإن هذا إلا خُلق الأولينوما نحن بمعذبين]
فانظر كيف يتشابه الرد...
رد الظالمين لأنفسهم... والظالمين لغيرهم...
ثم انظر كيف تتشابه عاقبتهم... وخاتمتهم...
كما حكى الله بعد ذلك عنهم فقال تعالى:[فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين]
فلا ينتفع بها - أي الموعظة - إلا من أراد الله به خيراً كما قال الله لنبيه(ص):[إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء] وقوله تعالى أيضا لنبيه(ص):[وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم ]
ثم انتهى اللقاء على عدم الاستجابة...
ثم أطلقه هذا الأخ وسمح له بالذهاب.
ثم واصل الراقي قتل خدام السحر حتى اشتكى أتباع الملك من ذلك,
ثم قام الراقي باستدعاء هذا الملك على وجه التحدي,
وقال له:إن كنت على قدر كفاءة خدمة السحر والتوكل به فاحضر أنت للدفاع عنه بنفسك...
وكأن الملك لم يفهم الطلب أنه على وجه التحدي, بل الظن - والله أعلم - أنه فهم الطلب أنه كالطلب الأول.
فجاء الملك جالوت,ووقع في الأسر,وقام الراقي بحبسه,وحبس ابنه الملك جابر,
وحبس زوجته الملكة سلسبيل..
وطلب الراقي من الملك جابر السحر,وكذلك من أمه وأبيه,ولم يجدي شيئاً...
فقام بقتلهم جميعاً,واحداً تلو الآخر وفي مجلسٍ واحد,بتيسير الله تعالى لذلك ...
كما قال اللهتعالى:[فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين]
وكان ذلك الحدث وهذه المواجهة سبب بقدرة الله في تمزيق وتشتيت مملكة من أكبر ممالك الجن...
وكان قد أسلم من أسلم من هذه المملكة بفضل الله تعالى ...
ثم قام الساحر بالتقرب إلى ملك آخر,ثم تابع الراقي عمله باستتابة من يتوب وقتل من يصر.....
وكان كلما تقرب هذا الساحر إلى ملك من ملوك الجن, يسر الله لهذا الأخ الراقي تحضيره – أي تحضير الملك بنفسه – وقتله ومن أعانه,بدلاً من التمادي في قتل الأفراد الذين لا جدوى من قتلهم,حتى أنه أصبح الساحر لا ينهي قربانه الشركي لملك من الجن إلا وقد استطاع هذا الأخ الراقي تحضيره من مدنٍ بعيدة بآيات التحضير بفضل الله تعالى ,ثم التقرب به إلى الله بعد إقامة الحجة عليه ورفض هذا الطاغوت من الجن لها...
وإنما كان ذلك الفتح العظيم في علاج هذه الحالة بعد فضل الله وتوفيقه, ثم كون الراقي موفقاً, فاجتمع له مع كفاءته,علو إيمان هذه الفتاة,فكل ما كان إيمان المسترقي عالياً,كان العلاج أكثر يسراً....منقووول
الروايات الحسان في أخبار وعظات الجان-الحلقة الاولى
