أطيافي مشبوحة
أرْقُبها كل يوم .. تتركني وحدي وتذهب لتحوم حولها ..
تترك جسدي الجاثم هنا وتذهب حيث روحي .. حيث أملي .. حيث قلبي .. حيث كِياني
تحوم وتحوم .. وما هي إلا بشريةٌ تطير وغِربان على أرضها تسير .. حيث المعادلةُ مقلوبة
هناك .. تبحث عن عروسي .. حيث عروسي ليست كأي عروس .. عروسي فاتنة .. آه يا فاتنتي متى ألقاكْ ..
تعود إليّ أطيافي فأبادرها السؤال : متى ؟ .. فتُطْرِقُ صامتة .. لتعاود التحليق من جديدٍ صباح يومها التالي
وأنا أناظرها بنظراتٍ حيرى وأرجوها : خذي جسدي حيث القلبُ والروحُ فلا تقوى ..
وتتركني بين سنَدانات عذاباتي يُحَرِّقُني لهيبُ بُعدِها .. ويقتلني الشوق لقربها ..
ومضت الأيام وأطيافي تغدو وتروح .. تارة تعود بفاجعةٍ وتارة بأكبر منها .. وقد تعود بلا قوى ..
حيث تخور القوى من هول المواقف ..
واستمرت بجسديَ الآلامُ حتى غدا هيكلا عُلِّق قلبُه في مكان .. وانتُزِعَت روحه إلى مكان .. وأطيافه تغدو وتروح بين هذين ..
ويبقى هو وحيدا في مكان بعيد بعيد .. يتجرع من غُصص الآهات ما لا يطيق ..
يترقب أن يقال له يوما هلُمّ .. هلم لحضنها .. لتحظى بسعدها ..
أتمنى لو كنت طيرا في السماء لأحلق حيث أريد .. لأرافق أطيافي فأحظى معها بالسعد والأنس .. لألتقيَ بروحي وقلبي فيجمعَنا جسد واحد ..
أحلق كما أشاء فلا أحدَ يمنعني .. ولكن هيهات ..
ولازالت بي الجراحات والأمنيات حتى بتُّ أغار من الطيور حين أراها في السماء .. في الفضاء الرحْب تسعى ..
بل حتى بت أغار من أطيافي .. تأخذها أحلامُها إلى ذاك المكان ..
وأنا لا أستطيع ولا أملك إلا أمنيتي بأن أعيش حُلُم اللقاء لحظة .. لقاء لأجله أحببت ولأجله أبغضت ولأجله قاتلت ..
يا أطيافي .. إنني أحبها .. وأبغض آسرَها .. وأقاتل لأجلها ..
أما تسمعين أنين الحنين .. اروي سُهافي وخذيني حيث تسعدين .. هناك ..
أجابت فجأة : تسعدين ؟ كيف أسعد .. أذهب كل يوم لأحترق .. أُمنع من لقائها وتحجبُها عني أسوارها .. وأظل أحلم بوصالها ..
فلا تزيدوا عتابي فما أنا إلا أطيافٌ شُبحت بالبُعد والنوى ..
أنا .. أطياف مشبوحة ..
كلَّ يوم أنادِي بعودتي .. أناجي ربي ..
أنا اللاجئ هُجرت من وطني .. أنا النازح غُربت عن أرضي ..
تلك هي فاتنتي التي عذبتني ..
وسوف أثور لأجلها .. نعم سأثور .. فلم تنفعني كل وسائل الدنيا ..
وسأظل أنادي بحق عودتي .. فلن تعود فِلَسطيني إلا بسيفي