إذا ما الغيث جافى تربةً ..
نغيب ونطيل .. ولكن .. يبقى فينا بعض ذكرى ..
وبعضها الآخر أذهبته صروف الأيام .. أو أبعدتنا عنه ..
فما نلبث أن نعود بأذهاننا إلى الوراء فنتذكر ..
وإذا ما أطلقنا عِنانها .. فإننا لن نجد لها حدودا .. ستسافر بنا بعيدا .. بعيدا ..
تنتشلنا من كل هم ومن كل شغُل .. إلى حيث الماضي .. وأحيانا المستقبل
تشرئبّ منها أمنيات وأمنيات : ألا ليتها تعود .. أو .. ألا ليتها تأتي ..
- تلك الأيام -
ثم ينقطع حبل الذكرى بعودة إلى حاضر يخربشُها ..
فنكابد حيث نرقب ذلك الحلم .. ونتعالى على سُهافنا ..
فما ذاك حينها إلا شاكع من هموم تقاذفته بين الذكرى والطموح ..
يرجو أن تمضي به السنون إليه مسرعة .. أو تعود به إلى ذكراه مُبطئة ..
لا مؤنس له إلا صبر يتصبره ..
يواسي به نفسه .. يعلل به قلبه ..
يدعو فيه ربه .. ويبقى يتذكر : ( فصبر جميل ) ..
فيصفع كل راحة غارقًا في بحر مشاغله ..
حابسًا غيثه في سمائه .. مُبقيًا غيمته تلوح في الأفق البعيد ..
بلا عطاء !!
ودون حِراك ! .. إلا يسيرًا ..
فإذا ما أمر سماءه أن تمطر .. تململت ثم ما كادت تسقي تربة ..
فكأنما طول الجمود أصابها .. فما عادت تُغدق !
فلا يملك صاحبها إلا أن يسلم أمره .. ويرتقب بُلجة صبحه ..
ليعود بعدها إلى سمائه .. فيمدها بغيثه .. يأمره بالهطول والهطول فلا يبقي لتلك التربة عطشًا .. بعد أن روى هو عطشه ..
ذاك يومه المرتقب ..
وإلى ذاك الحين ..
لا يرجو من إخوته إلا دعوةً .. تيسّر عليه أمره ..
إن غاب .. أو لم يصفُ له ذهن ..
وما ذاك الشاكع إلا نحن , وإن نضب غيثنا فلا تحرموا أرضنا من غيث دعائكم
وذاك عهدنا بكم