: أسلحتك
أخرج هذه الأشياء من بيتك كي تحصنه من الشيطان
لكي تحصن بيتك من الشيطان يجب عليك أن تخرج بعض الأشياء منه وهاكم التفصيل:
مما هو معلوم أن الملائكة التي تحفظ العبد إذا وجدت لم يكن للشيطان على أهل البيت سبيل إذ وجودها بركة ورحمة في البيت وفي المقابل إذا خرجت هذه الملائكة كان للشيطان أعظم سبيل على البيت ومن منطلق مبدأ التخلية قبل التحلية نذكر أولاً الأشياء التي تمنع دخول الملائكة إلى البيت فما هي هذه الأشياء؟؟
أولها: تربية الكلاب في البيوت:
فكثير ممن فتنوا بالغرب وقلدوا الكفار في كل شيء مغرمون بتربية الكلاب في البيوت وغاب أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب وهذا خبر متفق على صحته فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أخبرني أبو طلحة رضي الله عنه ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة».
وروى مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنّهَا قَالَتْ: "وَاعَدَ رَسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيل عَلَيْهِ السّلاَمُ، فِي سَاعَةٍ يَأْتِيهِ فِيهَا. فَجَاءَتْ تِلْكَ السّاعَةُ وَلَمْ يَأْتِهِ. وَفِي يَدِهِ عَصاً فَأَلْقَاهَا مِنْ يَدِهِ. وَقَالَ: «مَا يُخْلِفُ اللّهَ وَعْدَهُ، وَلاَ رُسُلُهُ» ثُمّ الْتَفَتَ فَإِذَا جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ. فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ مَتَىَ دَخَلَ هَذَا الْكَلْبُ هَهُنَا؟» فَقَالَتْ: وَاللّهِ مَا دَرَيْتُ. فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ. فَجَاءَ جِبْرِيلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَاعَدْتَنِي فَجَلَسْتُ لَكَ فَلَمْ تَأْت»".فَقَالَ: [مَنَعَنِي الْكَلْبُ الّذِي كَانَ فِي بَيْتِكَ. إنّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَة]، واستثنى العلماء ما اتخذ للصيد أو للحراسة.
ثانياً: التماثيل والصور:
لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تماثيل أو صورة» رواه أحمد في مسنده والترمذي وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد رضي الله عنه وصححه السيوطي وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 1961.
فأما التماثيل فلا خلاف عليها بين العلماء في تحريم وجودها في البيت وكذلك ما كان مرسوماً باليد في أظهر الأقوال وإنما اشتد الخلاف في الصور الشمسية (الفوتوغرافية) بين مانع ومبيح وبين من منعها لأجل أنها تحجب الملائكة عن البيت ومن حرمها لا لكون منع دخول الملائكة إنما من أجل التورع والخروج من الخلاف، وليس هذا في الحقيقة مجال مناقشة هذه القضية لأن الكلام فيها يطول إنما نقول إن الأفضل والأسلم ترك جميع أنواع الصور إلا ما كان للضرورة مثل التصوير لجوازات السفر وبطاقات إثبات الشخصية مثلاً، ومن استقرأ حجج الفريقين لا يخفى عليه أن محل النزاع إن خرج عن دائرة الحرام لم يخرج عن دائرة الشبهات، والمؤمنون وقَّافون عند الشبهات كما صرح به الحديث الصحيح، ومن تركها فقد استبرأ لعرضه ودينه، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، والله تعالى أعلم.
ثالثاً: المعازف والغناء المحرم:
لأن المعازف هي صوت الشيطان الذي حينما يوجد يوجد معه الشيطان، قال تعالى: )وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً( [الاسراء:64].
قال المفسرون في تفسير )بصوتك(: صوته كل داع يدعو إلى معصية الله تعالى؛ قاله ابن عباس رضي الله عنهما. وقال مجاهد: الغناء والمزامير واللهو. وقال الضحاك: صوت المزمار.
وقال القرطبي في تفسيره: [في الآية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو؛ لقوله: )واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم( وقال مجاهد: وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فالتنزه عنه واجب. وروى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع صوت مزمار فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق وهو يقول: يا نافع! أتسمع؟ فأقول نعم؛ فمضى حتى قلت له : لا، فوضع يديه وأعاد راحلته إلى الطريق وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع صوت زمارة راع فصنع مثل هذا. قال علماؤنا: إذا كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل هذا الزمان وزمرهم] أ.هـ كلام القرطبي.
وقال ابن عطيه: وبهذا فسر ابن مسعود وابن عباس وجابر بن عبدالله ومجاهد، وذكره أبو الفرج بن الجوزي عن الحسن وسعيد بن جبير وقتادة والنخعّي. أ.هـ.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى )وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ( [لقمان: 6]: [ هذا أعلى ما قيل في هذه الآية، وحلف على ذلك ابن مسعود رضي الله عنه بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات إنه الغناء. روى سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري قال: سئل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن قوله تعالىوَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيث ( فقال: الغناء والله الذي لا إله إلا هو؛ يرددها ثلاث مرات. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه الغناء؛ وكذلك قال عكرمة وميمون بن مهران ومكحول.
وروى شعبة وسفيان عن الحكم وحماد عن إبراهيم قال: قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق في القلب؛ وقاله مجاهد، وزاد: إن لهو الحديث في الآية الاستماع إلى الغناء وإلى مثله من الباطل.
وقال الحسن: لهو الحديث المعازف والغناء. وقال القاسم بن محمد: الغناء باطل والباطل في النار. وقال ابن القاسم سألت مالكا عنه فقال: قال الله تعالى: "فماذا بعد الحق إلا الضلال" [يونس: 32] أفحق هو؟! ] أ.هـ كلام القرطبي.
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صوتان ملعونان، صوت مزمارعند نعمة، وصوت ويل عند مصيبة» رواه البزار والضياء وصححه السيوطي وأورده الألباني في صحيح الجامع 3801.
وعَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه: "أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: فِي هَذِهِ الأُمّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمينَ: يَا رَسُولَ الله وَمَتَى ذَاكَ؟ قَالَ: إِذَا ظَهَرَت الْقِيَانُ وَالمَعَازِفُ وَشُرِبَتِ الْخُمُورُ
رابعاً: ما كان من الأجراس على مثل صوت الكنائس:
لما رواه مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَصْحَبُ الْمَلاَئِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلاَ جَرَسٌ» وكذلك ما رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْجَرَسُ مَزَامِيرُ الشّيْطَانِ».
قال النووي في شرح صحيح مسلم: (ففيه كراهة استصحاب الكلب والجرس في الأسفار، وأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها أحدهما، والمراد بالملائكة ملائكة الرحمة والاستغفار لا الحفظة، وأما الجرس فقيل سبب منافرة الملائكة له أنه شبيه بالنواقيس أو لأنه من المعاليق المنهي عنها، وقيل سببه كراهة صوتها، وتؤيده رواية مزامير الشيطان) أ.هـ.