بارك الله فيكم أخي الحبيب ( المستعين بالله ) وإن كان الأمر متعلق بالسحر وقوته ولا يملك الإنسان نفسه فلا يقع في الكفر ، علماً بأن مسألة ترك الصلاة فيها خلاف في كفر تاركها ، وعلماء المملكة العربية السعودية يرون بكفر تاركها لعموم الأدلة في ذلك 0
أما بخصوص الصلاة وعدم اتيانها على الوجه المطلوب وكان الحال كذلك ولا يستطيع المسحومر مطلقاً التحكم بنفسك ، فلا تثريب عليكِ وصلاتك صحيحة إن شاء الله تعالى ، يقول جل وعلا في محكم كتابه : ( ءامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءامَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) ( سورة البقرة – الآية 285 ، 286 ) 0
ويقول صلى الله عليه وسلم كما ثبت من حديث ثوبان : ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) وفي رواية " وضع " ) ( صحيح الجامع 3515 ) 0
وقد أوردت بحثاً مفصلاً حول هذا الموضوع في كتابي الموسوم ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) تحت عنوان ( عدم أداء المسحور لبعض الفرائض ) على النحو التالي :
بعض المرضى ممن تعرض لإيذاء السحر أو عانى من الإصابة بالأمراض الروحية كالصرع والعين والحسد ونحوه ، قد يفوته أداء بعض الفرائض المكتوبة كالصلاة والصيام ونحوه ، ولا بد من الوقوف على طبيعة الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الجانب وكيفية التصرف في تلك الأوقات ، ولأهمية ذلك الأمر ولكي يعيش المسلم في بوتقة الأحكام الشرعية وضمن نطاق حدودها دون انتقاص من أجره ودونما بعد عن خالقه - سبحانه وتعالى - كان لا بد أن نذكر التفصيل في تلك المسائل الفقهية ، وهي على النحو التالي :
أولاً : أن يكون تأثير السحر أو الأمراض الروحية تأثيرا كليا :
فلا يعي المسحور أو المريض مطلقا الأحداث وما يدور من حوله ، وعلى ذلك فالأحكام الشرعية المتعلقة بفريضة الصلاة تكون على النحو التالي :
إن الأحكام الشرعية المتعلقة بتلك الفريضة هي نفس الأحكام التي تنطبق على فاقد الوعي والإدراك ، كالمجنون والمعتوه ونحوه ، وفي تلك الحالة يكون المسحور أو المريض قد خرج من نطاق التكليف الشرعي لعدم وعيه وإدراكه ، إلا أن يفيق وقت الصلاة فيؤديها في وقتها ويؤدي ما بعدها طالما عاد له إدراكه ووعيه 0
قال ابن قدامة : ( والمجنون غير مكلف ، ولا يلزمه قضاء ما ترك في حال جنونه ، إلا أن يفيق في وقت الصلاة ، فيصير كالصبي يبلغ ، ولا نعلم في ذلك خلافا ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة ، عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يشب ، وعن المعتوه حتى يعقل ) ( الحديث من طريق علي رضي الله عنه وقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 1 / 116 ، 118 ، 140 ، 155 ، 158 - 6 / 100 ، 101 ، والإمام البخاري في صحيحه – كتاب الطلاق ( 11 ) – باب الطلاق في الاغلاق - فتح الباري - 9 / 388 - وكتاب الحدود ( 22 ) - باب لا يرجم المجنون والمجنونة - فتح الباري - 12 / 121) أخرجه أبو داوود ، وابن ماجة ، والترمذي ، وقال حديث حسن 0 ولأن مدته تطول غالبا ، فوجوب القضاء عليه يشق ، فعفي عنه ) ( المغني – 2 / 50 ) 0
ثانياً : أن يكون تأثير السحر أو المرض الروحي تأثيرا جزئيا :
أو أن يكون تأثيره لفترات متقطعة ، فتارة يدرك المسحور أو المريض الأمور من حوله ، وتارة أخرى لا يدرك ولا يعي مطلقا الأحداث وما يدور من حوله ، وعلى ذلك فالأحكام الشرعية المتعلقة بتلك الفريئضة تكون على النحو التالي :
1)- أن تكون فترة تأثير السحر أو المرض الروحي بالنسبة للمسحور أو المريض وعدم الإدراك مدة تقل عن ثلاثة أيام :
وفي هذه الحالة يلحق حكم هذه المسألة بالنائم ، وعليه فلا بد للمسحور أو المريض في حالة إدراكه وعودته لوعيه أن يقوم فورا بقضاء الصلوات التي فاتته مرتبة خلال تلك الفترة 0
2)- أن تتعدى فترة تأثير السحر أو المرض الروحي ثلاثة أيام فأكثر :
وفي هذه الحالة يلحق حكم هذه المسألة بالمجنون والمعتوه ونحوه ، وعليه فليس على المريض القضاء ، ويصلي الصلاة المفروضة التي أدركها حال وعيه وإدراكه ، وما كان ذلك التيسير إلا للمشقة التي قد تحصل للمرضى الذين قد يعانون من تلك الأعراض ، وقد تطول مدة المرض بالنسبة لهم ، شريطة أن يكون إجماع لبعض المعالجين الثقاة العدول في تحديد ذلك بالنسبة للمريض 0
عرض على سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز سؤال ، نصه : يتعرض البعض من جراء حوادث السيارات ونحوها لارتجاج في المخ لمدة ثلاثة أيام ، أو لإغماء ، فهل يجب على هؤلاء قضاء الصلاة إذا أفاقوا ؟؟؟
فأجاب – رحمه الله – بقوله : ( إن كانت المدة قليلة مثل ثلاثة أيام أو أقل وجب القضاء ، لأن الإغماء في المدة المذكورة يشبه النوم ، فلم يمنع القضاء ، وقد روي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - أنهم أصيبوا ببعض الإغماء لمدة أقل من ثلاثة أيام فقضوا 0
أما إن كانت المدة أكثر من ذلك فلا قضاء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة ، عن النائم حتى يستيقظ ، والصغير حتى يبلغ ، والمجنون حتى يفيق ) ( سبق تخريجه ) والمغمى عليه في المدة المذكورة يشبه المجنون بجامع زوال العقل ، وبالله التوفيق ) ( فتاوى مهمة تتعلق بالصلاة – ص 27 ، 28 ) 0
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن المرضى المصابين بالصرع أو السحر ويمكثون فترة تزيد عن الثلاث أيام بلياليها دون وعي أو إدراك ، فما حكم ما فاتهم من صلاة خلال تلك الفترة ؟؟؟
فأجاب – حفظه الله - : ( هذه الفترة الطويلة لا تكليف عليهم فيها ، فلا يقضون ما تركوه من الصلاة ونحوها لفقد العقل ومشقة القضاء ، فقد يمكث أحدهم في الغيبوبة مدة طويلة فيلحق بمن رفع عنه القلم ، وأكثر ما روي قضاء عمار لما أغمي عليه ثلاثة أيام فقضاها والأصل براءة الذمة لعدم التمكن فلا يلحق ذنب ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) 0
ولكن على الرجل اتخاذ كافة الأسباب الشرعية والحسية للصلاة في الأصل كما عليه اتخاذ تلك الأسباب عند الدخول في الصلاة من حيث الخشوع والتدبر وعدم الحركة حسب القدرة والاستطاعة ، سائلاً المولى عز وجل أن يكتب له شفاء عاجل غير آجل ، مع تمنياتي لكِ بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0