بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد :
فهذه أمور جائزة وممنوعة في الرقى أذكرها للفائدة والله الموفق :
1-لاباس بالقراءة على الماء وغيره أو كتابتها في أوراق ونحوها ثم تغسل ويشرب ماؤها ولابأس بأي نوع من الرقى مالم يكن محظورا لحديث عوف بن مالك مرفوعا : ((لاباس بالرقى مالم تكن شركا ))رواه مسلم . اللجنة :35وغيرها . وبعض العلماء كالألباني لايرى هذا لأنه لم يصح فيه شيء وهي من باب التوقيف .
2-لايجوز حرق الجني بالنار لأنه لايعذب بالنار إلا رب النار . اللجنة :57
3-ورد أمور مما يتعلق بالضرب والخنق ومخاطبة الجني من بعض العلماء مثل ابن تيمية ولكن المبالغة في هذه الأمور مما نسمعه عن بعض القراء فلا وجه له . لابن باز : 65
قلت : ومخاطبة الجني والتوسع في هذا وأخذ العهد عليه كل هذا ليس عليه دليل والجن معروفون بالكذب كما نص عليه الدليل . والصرب ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضرب صدر عثمان فليس مما يبالغ فيه كما جاء عن الرقاة .
4-النفث في الماء –ليس من باب التبرك به فليس بجائز –ولكن ينفث بريق تلا فيه القرآن فلا باس به وقد فعله بعض السلف وهو مجرب ونافع بإذن الله وقد كان صلى الله عليه وسلم ينفث في يديه عند نومه بالإخلاص والمعوذتين فيمسح بهما وجهه ومااستطاع من جسده . ابن عثيمين : 78 قلت : وهذا بسبب أنهم يقولون بالتجربة لما صح من حديث عوف فلاتنسى هذا .
قلت : ومن يرى من أهل العلم مثل الألباني : أن الرقى توقيفية فلايرى جواز هذا الفعل ولم يصح عندهم حديث أبي داود في النفث في الماء .
5-ذكر الشيخ ابن باز أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم القراءة على ماء زمزم ولكن لاباس بفعل هذا. قلت : وذكر ابن القيم أنه أمر مجرب . انظر علاج السحر للهنداوي :114
5-تنبيه :كوننا مع القائلين بتجويز التجربة النافعة في الرقى فلابد من وضع قيود تقيدها :
1-أن تكون من القرآن والسنة الصحيحة إن كان بالوارد فهو الأفضل ولاباس بغيرها فالقرآن كله شفاء كما نص عليه محكم التنزيل ، بخلاف من يرى الآيات المنصوص عليها فقط فلايزاد عليها
2-تتحقق فيها شروط الرقية الشرعية التي نص عليها العلماء .مثل كونها لاتكون شركا لحديث عوف بن مالك وباللغة العربية .
3-لايرتكب فيها محظور : كلمس المرأة الأجنبية ،وكشفها ، والمبالغة في الضرب ، أو المشي على جسم المرأة ونحوها ، أو الحرق بالنار ونحوها .
4-لايتوسع في باب التجربة توسعا غير مرضي فيدخل في باب المحدثات وضابطه لايخالف الشرع.
5-ومن الشروط أيضا: أن يعتقد الراقي والمرقي أن الرقية لا تؤثر بذاتها، وأن لا يعتمد عليها المرقي بقلبه، وأن يعتقد أن النفع إنما هـو مـن الله تعـالى، وأن هـذه الـرقية إنمـا هـي سبب مـن الأسـباب المشـروعة، ويشـترط أن لا تكون هـذه الـرقية مـن ساحر أو مـتهم بالسـحر، وحكـم هـذه الرقية أنها مستحبة، وهي من أعظم أسباب الشفاء من الأمراض بإذن الله تعالى. مجلة البحوث الإسلامية
6-لانرى فتح مايسمونه غرف الرقية فإن هذا من البدع المحدثة وفي الحديث : ((من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ))متفق عليه . ولايصح استدلالهم بحديث عثمان بن أبي العاص قال ابن ماجة: حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني عيينة بن عبد الرحمن حدثني أبي عن عثمان بن أبي العاص قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بن أبي العاص قلت نعم يا رسول الله قال ما جاء بك قلت يا رسول الله عرض لي شيء في صلواتي حتى ما أدري ما أصلي قال ذاك الشيطان أدنه فدنوت منه فجلست على صدور قدمي قال فضرب صدري بيده وتفل في فمي وقال اخرج عدو الله ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال الحق بعملك قال فقال عثمان فلعمري ما أحسبه خالطني بعد . قال الشيخ الألباني : صحيح .
قلت : وأصل الرواية عند مسلم وهي : أن عثمان أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني . رواه مسلم .
فنقول :
1-هل في الحديث دليل على ماذهبوا إليه أم أنهم حملوه مالم يحتمل ؟
2-ونقول هل النبي صلى الله عليه وسلم خصص مكانا للناس للقراءة عليهم ؟ إن قلتم نعم فأين من الدليل ؟
وإن قلتم لا فهو الحق وقد خصمتم .؟ وهي حالة خاصة بعثمان رضي الله عنه شعر بأمر فرحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأين تعميمه على كل الناس ؟
ثم أقول: ماذا كان حال الرسول صلى الله عليه وسلم في الرقية لنفسه وماحاله مع أصحابه؟
وهل كان يوصيهم بالقراءة على أنفسهم أو بالذهاب لأماكن الرقى (البدعية )؟
حاله عليه الصلاة والسلام مع الرقية
قال ابن ماجة : حدثنا هشام بن يونس الكوفي حدثنا القاسم بن مالك المزني عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما قال أبو عيسى وفي الباب عن أنس وهذا حديث حسن غريب
وفي سنن ابن ماجة أيضا قال : حدثنا سهل بن أبي سهل قال ثنا معن بن عيسى ح وحدثنا محمد بن يحيى ثنا بشر بن عمر قالا ثنا مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها . قال الألباني : صحيح .
وصيته للصحابة :
وقال الترمذي : حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد حدثني أبي حدثنا محمد بن سالم حدثنا ثابت البناني قال : يا محمد إذا اشتكيت فضع يدك حيث تشتكي وقل بسم الله أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد من وجعي هذا ثم أرفع يدك ثم أعد ذلك وترا فإن أنس بن مالك حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه بذلك قال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ومحمد بن سالم هذا شيخ بصري : وقال الشيخ الألباني : صحيح
وعن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عروة بن الزبير حدثه :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بيت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت صبي يبكي فذكروا له أن به العين قال عروة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تسترقون له من العين رواه في الموطأ
ثم بعد كتابتي ماتقدم رأيت فتوى للشيخ الفوزان قال فيها : (لايجوز أن يفعل لأنه يفتح باب فتنة ويفتح باب احتيال للمحتالين وماكان هنا من عمل السلف أنهم يفتحون دورا أو يفتحون محلات للقراءة والتوسع في هذا يحدث شرا ويدخل فيه فساد ويدخل فيه من لايحسن لأن الناس يجرون وراء الطمع ويريدون أن يجلبوا الناس إليهم ولو بعمل أشياء محرمة ولايقال هذا رجل صالح لإن الإنسان يفتن والعياذ بالله ولو كان صالحا ففتح هذا الباب لايجوز )اهـ بلفظه من المنتقى من الفتاوى للفوزان : وهو في كتاب سلسلة فتاوى شرعية : 94-95
قلت : وفيه أيضا : ضعف في التوكل على الله تعالى –واعتماد على فلان وعلان -وتخصيص السفر إليهم إن كانوا ببلد آخر وكأنهم يشد الرحل إليهم . والخلاصة فتنة لأنفسهم ولغيرهم والله المستعان
7-لايجوز كتابة آيات من كتاب الله على أواني الأطعمة ففيها امتهان شديد لكتاب الله فهذا العمل حرام وعلى من فعله أن يطمسه وإن لم تطمس حفر لها في مكان طاهر ودفنها وهذه الطريقة في الإستشفاء لم ترد عن السلف . ابن عثيمين :80
8-الأفضل والأكمل أن تكون الرقية بالقراءة على المريض مباشرة وينفث على المريض أو محل الإصابة . الفوزان : 94
قلت : لو فعل بنفسه كان أمرا طيبا كما كان عليه الصلاة والسلام يفعله إلا إن عرض أحد
أن يقرأ عليه فلا باس ولايرده فقد صح في الحديث : ((من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل )) وهذا جاء بخصوص الرقى والله أعلم .
9-الرقى للأمراض المعنوية والعضوية : الفوازن : الهنداوي : 215 قلت : ونحوها عن ابن باز واستدل بفعله صلى الله عليه وسلم بالقراءة في كفيه المعوذات والإخلاص والنفث ومسح الوجه ... : الهنداوي : 277 .
10- وتعليق الرقى على المرضى والأطفال لايجوز وتسمى التمائم والحروز والجوامع
قالت اللجنة : والصواب فيها أنها محرمة ومن أنواع الشرك
واستدلوا بحديث : (( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ))رواه أبو دواد وهو صحيح
قالت اللجنة : واختلف العلماء في التمائم إذا كانت من القرآن أو من الدعوات المباحة هل هي محرمة أم لا ؟ والصواب تحريمها لوجهين :
أحدهما : عموم الأحاديث المذكورة ، فإنها تعم التمائم من القرآن وغير القرآن .
والوجه الثاني : سد ذريعة الشرك فإنها إذا أبيحت التمائم من القرآن اختلطت بالتمائم الأخرى واشتبه الأمر وانفتح باب الشرك بتعليق التمائم كلها ، ومعلوم أن سد الذرائع المفضية إلى الشرك والمعاصي من أعظم القواعد الشرعية . فتاوى اللجنة .
11-من الرقى الممنوعة مايسمونه برقية العقربة وهي رقية تحتوي على شركيات
قال الشيخ ابن باز :
فقد بلغني أنه يوجد بجهتكم رقية (للعقرب) وغيرها من ذوات السم, مشتملة على أنواع من الشرك فوجب على تنبيهكم عليها, وتحذيركم منها.
وهذا نص بعض ما بلغني من الرقية المشار إليها:
(بسم الله يا قراءة الله, بالسبع السماوات, وبالآيات المرسلات, التي تحكم ولا يحكم عليها, يا سليمان الرفاعي , ويا كاظم سم الأفاعي, ناد الأفاعي, باسم الرفاعي , أنثاها وذكرها, طويلها وأبترها, وأصفرها وأسودها, وأحمرها وأبيضها, صغيرها وأكبرها, ومن شر ساري الليل وماشي النهار, استعنت عليها بالله وآيات الله وتسعة وتسعين نبيا, وفاطمة بنت النبي, ومن جاء بعدها من ذريتها) انتهى.
هذا بعض ما بلغني ولها صور كثيرة, لا تخلو من الشرك, وهذه الرقية فيها أنواع من الشرك, مثل قوله: (بالسبع السماوات) ومثل قوله: (يا سليمان الرفاعي , يا كاظم سم الأفاعي, ناد الأفاعي, باسم الرفاعي ), ومثل قوله: (استعنت عليها بالله وآيات الله وتسعة وتسعين نبيا, وفاطمة بنت النبي ومن جاء بعدها من ذريتها) وقد دل القرآن الكريم والسنة المطهرة على أن العبادة حق لله وحده, وأنه لا يدعى إلا الله, ولا يستعان إلا به, كما قال تعالى: سورة الفاتحة الآية 5 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وقال تعالى: سورة الجن الآية 18 وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وقال النبي صلى الله عليه وسلم: سنن الترمذي تفسير القرآن (2969),سنن ابن ماجه الدعاء (3828). الدعاء هو العبادة .
المراجع
1-فتاوى الرقى والتمائم إعداد : خالد الجريسي والأرقام أعلى لهذا الكتاب بذكر رقم الصفحات
2-علاج السحر والمس : عبد الحميد الهنداوي .
3-فتاوى اللجنة
4-فتاوى الشيخ عبد العزيز ابن باز
5- مجلة البحوث الإسلامية