التسمية.. الحرز الذهبي لمنع الشيطان من دخول البيت
التسمية جملة أغلى من أن تكتب بمداد من ذهب تتكون من كلمتين وهذه الكلمة – في الحقيقة – كافية بإذن الله لمنع الشيطان من دخول البيت وهذه الكلمة هي {بسم الله** فالسر في هاتين الكلمتين غريب والأثر بعد ذكرها على الشيطان شديد وهاكم الدليل:
أولاً: التسمية عند الخروج من البيت: إذا خرجت من بيتك، كيف تمنع دخول الشيطان وكيف تمنع مرافقة الشيطان لك؟ يمكنك ذلك بكلمة واحدة هي بسم الله لما جاء في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قالَ ـ يعني إذا خرج من بيته ـ باسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ على اللَّهِ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ، يُقالُ لَهُ: كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَهُدِيتَ، وتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطانُ» قال الترمذي: حديث حسن. زاد أبو داود في روايته: «فيقول ـ يعني الشيطان لشيطان آخر ـ كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وكُفِيَ وَوُقِيَ؟» صححه الألباني في صحيح أبي داود برقم: 4249.
ثانياً: التسمية عند دخول البيت: إذا دخلت بيتك فذكرت نفس الكلمة {بسم الله** فلا مكان للشيطان في البيت بإذن الله فقد روى مسلم وأهل السنن إلا الترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل ولم يذكر اسم اللّه عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا لم يذكر اسم الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء» لفظ أبي داود .
فإذا زدت على التسمية سلامك على أهلك فإن خروج الشيطان يتأكد من البيت فقد روى ابن خويز منداد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخلتم بيوتا فسلموا على أهلها واذكروا اسم الله فإن أحدكم إذا سلم حين يدخل بيته وذكر اسم الله تعالى على طعامه يقول الشيطان لأصحابه لا مبيت لكم ها هنا ولا عشاء وإذا لم يسلم أحدكم إذا دخل ولم يذكر اسم الله على طعامه قال الشيطان لأصحابه أدركتم المبيت والعشاء».
عن أنس رضي الله عنه قال: قال لي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك» رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح وحسنه الألباني في الكلم الطيب برقم: 63.
ثالثاً:التسمية عند ابتداء الطعام: إذا ذكرت الله وقلت {بسم الله**عند طعامك: وذلك لحديث جابر السابق ذكره.
رابعاً: التسمية عند نسيانها أثناء الطعام: إذا نسيت الذكر في أول الطعام فقل {بسم الله**أوله وآخره في أي وقت تذكره ففي سنن أبي داود والترمذي، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «إذَا أكَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعالى في أوَّلِهِ، فإنْ نَسِيَ أنْ يَذْكُر اسْمَ اللَّهِ تَعالى في أوَّلِهِ فَلْيَقُلْ: باسم اللَّهِ أوَّلَهُ وآخِرَهُ» قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروى أحمد عن عائشة: أن رسول اللّه كان يأكل الطعام في ستة نفر من أصحابه، فجاء أعرابي فأكله بلقمتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما أنه لو كان ذكر اسم اللّه لكفاكم، فإذا أكل أحدكم طعاماً فليذكر اسم الله، فإن نسي أن يذكر اسم اللّه في أوله فليقل باسم اللّه أوله وآخره».
وفي سنن أبي داود والنسائي، عن أميّة بن مَخْشِيٍّ الصحابي رضي الله عنه قال:كان رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم جالساً ورجلٌ يأكلُ، فلم يُسمّ حتى لم يبقَ من طعامه إلا لقمة، فلما رفعها إلى فِيه قال: باسم اللّه أوّله وآخرُه، فضحكَ النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم قال: «ما زَالَ الشَّيْطانُ يأكُلُ مَعَهُ، فَلَمَّا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ اسْتَقَاءَ ما في بَطْنِهِ».
قال النووي: وهذا الحديث محمول على أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يعلمْ تركَه التسمية إلا في آخر أمره، إذ لو علم ذلك لم يسكتْ عن أمره بالتسمية.أ.هـ.
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القضية بياناً واضحاً في قصة الأعرابي والجارية التي نذكرها بتمامها: قال الإمام أحمد عن حذيفة رضي الله عنه ، قال: كنا إذا حضرنا مع النبي على طعام لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول اللّه، فيضع يده، وإنا حضرنا معه طعاماً فجاءت جارية كأنما تدفع، فذهبت تضع يدها في الطعام، فاخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، وجاء أعرابي كأنما يدفع فذهب يضع يده في الطعام فأخذ رسول الله بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم اللّه عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها، وجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يديهما»، يعني الشيطان، رواه مسلم وأبو داود والنسائي.
خامساً: فإذا سقطت لقمة من الطعام فلا يدعها للشيطان: فقد جاء في في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان فإذا فرغ فليلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة».
سادساً: التسمية عند خلع الثياب: ففي هذه الحالة التي يتجرد فيها الإنسان وتنكشف عوراته فإن الشيطان يطّلع على هذه العورات لأن الشيطان يرانا ولا نراه قال تعالى: )إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ( [الأعراف: 27] ولكن يستطيع المرء أن يقي نفسه من أعين الشياطين إذا سمى قبل أن يخلع ثيابه فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «سِتْرُ ما بَيْنَ أَعْيُنِ الجِنّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ أنْ يَقُولَ الرَّجُلُ المُسْلِمُ إذَا أرَاد أنْ يَطْرَحَ ثِيابَهُ: بِسْمِ اللَّهِ الذي لا إِلهَ إلاَّ هُوَ». رواه ابن السني والنووي وقال:حسن بشواهده وكذلك حسنه السيوطي ورواه أيضاً الطبراني في الأوسط بلفظ «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: "بسم الله"» وأورده الألباني في صحيح الجامع برقم 3610.
***
سابعاً: التسمية عند دخول الخلاء: فقد وروى ابن ماجة والترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول بسم الله». أخرجه الترمذي في كتاب أبواب الصلاة، باب ما ذكر من التسمية عند دخول الخلاء قال الترمذي: حديث غريب واسناده ليس بذاك القوي وقال أحمد شاكر: الصواب أنه حديث حسن ورجاله ثقات.قال المناوي: وذلك لأن اسم الله تعالى كالطابع على بني آدم فلا يستطيع الجن فكه.
وقد ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يقول عند دخول الخلاء: «اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبْثِ وَالخَبَائث».
قال النووي: وروينا في غير الصحيحين: «باسْمِ اللّه، اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبْثِ وَالخبائِث» وهم ذكور الجن وإناثه. أ.هـ.
ثامناً: التسمية عند الجماع: فقد أخرج أحمد والبخاري ومسلم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضى بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدا». فالإنسان إذا ذكر التسمية عند جماع أهله فإن الشيطان لا يحضر هذا الجماع بخلاف ما إذا نسي التسمية فإن الشيطان يحضر، روى مسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه …» الحديث، جاء في فيض القدير في شرح هذا الحديث: «إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه» أي من أمره الخاص به أو المشارك فيه غيره فإنه بصدد أن يغايظ الإنسان المؤمن ويكايده ويناقضه حتى يفسد عليه شأنه في كل أموره .
قال ابن العربي: لا يخلو أحد من الخلق عن الشيطان وهو موكل بالإنسان يداخله في أمره كله ظاهراً وباطناً، عبادة وعادة، ليكون له منه نصيب. أ.هـ.
وقد جاء عن مجاهد قول في تفسير قوله تعالى: )وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ( [الاسراء: 64] أنه قال: إذا جامع الرجل ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه أ.هـ.