ثانيًا: عدم التفاهم بين الزوجين في القضايا الأساسية: وهي [المال ـ الأولاد ـ طريقة التعامل ـ العلاقة الجنسية].
1ـ المال:
إن مسألة المال والحقوق المالية من المسائل الهامة التي إن لم يتم إلا تفاهم عليها بين الزوجين؟ دب الخلاف في تلك الأسرة، حيث إن المال هو عصب الحياة وعليه تقوم أمور الناس وتتحقق مطالبهم وغالبًا ما تنشأ المشاكل في هذا الموضوع من [النفقة وحدودها، وإسراف الزوجة، الذمة المالية للزوجة].
أـ النفقة والتقتير فيها:
إن نفقة الزوج على زوجته واجبة بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف** [البقرة: 233]. والمعروف المتعارف عليه بالشرع، من غير إفراط ولا تفريط, وإنما استحقت الزوجة هذه النفقة لتمكينها له من الاستمتاع بها، وطاعتها له، والقرار في بيته، وتدبير منزله، وحضانة أطفاله، وتربية أولاده.
وتبدأ المشاكل عندما تعلم المرأة أن زوجها ميسور الحال وله قدرة في التوسعة عليها وعلى أبنائها، ومع ذلك تراه يمسك عليها ويقتر على أبنائها فتبدأ المطالبة والامتناع وتظهر المشاكل.
ب ـ الإسراف وعدم القناعة من المرأة:
وهناك من النساء من لا تقنع أبدًا بأي حد، وهذا النوع من النساء دمار البيوت، لأنها تجعل الرجل في توتر دائم وبالتالي الأسرة، فهو إما أن يرفض فتبدأ المشاكل، أو يستجيب ويكون هذا فوق طاقته مما يضطره إلى الدين أو الطرق غير المشروعة.
ج ـ الذمة المالية للزوجة:
وهذا موضوع طويل وقد سبق طرحه بالتفصيل، ولكن المهم هنا أن عدم فهم الرجل والمرأة ما له ولها وعليه وعليها، يولد كثيرًا من الجدل والمشاكل، والتفاهم في هذا الأمر وفق قواعد الشرع والعرف العاصم من هذه القاصمة، والفضل وحسن العشرة وهو المنجي من هذا الصراع.
2ـ الأولاد:
إن تربية الأولاد والمسئولية عن ذلك، وكذلك متابعة المستوى الدراسي، هي من الأمور التي يكثر حولها الجدل، من المسئول عن ذلك الرجل أم المرأة، وهل هذا الأسلوب المتبع في التربية وطريقة الدراسة مرضٍ للطرفين أم غير مرضٍ. والحقيقة أن هذه المشكلة أعني الأولاد من الأمور الهامة التي يجب أن يحسن الأزواج إدارتها إذ إن التنازع فيها، يعرض الأسرة إلى الدمار، والتذبذب يؤدي إلى نشوء أجيال غير واضحة الهوية، مشتتة الوجدان والفكر.
3ـ طريقة التعامل:
طريقة التعامل بين الزوجين محور من محاور التفاهم بين الزوجين الأساسية، إذ إن الحياة الزوجية قائمة على التفاهم والحوار، والحوار جزء كبير من هذه الحياة، ولذلك نبه القرآن على ذلك بقوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ**, وهناك من الأزواج من يتفاهم مع زوجته من منطلق الدونية وإلغاء الهوية والكيان, فهي أشبه بأمة ليس لها من الأمر شيء، فالقوامة عنده قهر وإذلال، وهناك من النساء من تعامل زوجها أسوأ معاملة وتتسلط عليه وتلغي شخصيته وقوامته فيذوب الرجل، وتتذبذب الأسرة، وهناك أسر كأنها حلبة صراع ومعارك حربية، وخطط ومؤامرات، مع أن الصورة المثالية الإسلامية حددت وبوضوح الحقوق والواجبات وأيضًا طريقة العشرة.
4ـ العلاقة الجنسية:
[يعتبر وجود علاقات جنسية سليمة ومشبعة بين الزوجين أمرًا أساسيًا في كل زواج سعيد ناضج، ذلك أنه إذا كان السكن هدفًا من أهداف الزواج كما ورد في الآية القرآنية الكريمة {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً**, فإن المشاكل الجنسية منغص كبير لهذا السكن على المستويين النفسي والجسدي.
وقد أثبتت الدراسات النفسية أن السكن والمودة والرحمة بين الزوجين، تزداد قوة بوجود توافق جنسي بينهما، وذلك لأن العلاقة الجنسية بحكم طبيعتها مصدر نشوة ولذة، فهي تشبع حاجة ملحة لدى الرجل والمرأة على السواء، واضطراب إشباع هذه الغريزة لمدة طويلة يسبب توترًا نفسيًا ونفورًا بين الزوجين، إلى الحد الذي جعل كثيرًا من المتخصصين ينصحون بالبحث وراء كل زواج فاشل أو متعثر، عن اضطراب من هذا النوع.
ثالثًا: النشأة الأولى، وأثرها في استقرار الزواج:
لقد نشأنا في أسر مختلفة، ومرت بنا ظروف متباينة، جعلت توقعاتنا مختلفة جدًا فنحن عادة نتأثر بما نلاحظه من تعامل أبوينا في محبتهما واختلافهما، وبما يقولان أو يفعلان، أو بما يصمتان عنه، ونكون تعلمنا ومن غير أن ندري أساليب مختلفة في معظم أمور الحياة، كيف ننفق المال، وكيف نرتب أمور المنزل والحياة الأسرية، وما يفعل الرجل داخل البيت، وما لا يفعل، ودور المرأة وعملها ومن يتخذ القرارات وكيف يربي الأولاد وكيف نحتفل بالأعياد، وكيف نحل الخلافات والنزاعات، وأهمية الترتيب أو عدم أهميته، وأهمية الوقت وكيفية قضائه، وكيفية استعمال التلفزيون، ودور الأصدقاء في حياتنا وكثير من غير هذه المواضع.
يتبع ...