بسم الله الرحمن الرحيم
التلخيص: هذه محاضرة للشيخ إبراهيم الدويش بعنوان سلامة الصدر مطلب محاضرة جدا رائعه وكلا منا محتاج لسماعها يتكلم الشيخ عن أهمية سلامة القلب وذكر قصص عن السلف توضح سلامة قلوبهم وبيان الأدلة من القران على الترغيب لسلامة الصدر كما وضح الشيخ أسباب امتلاء القلوب بالغل والحقد والسبل للتخلص منها والوصول لسلامة الصدر وكذلك وضح نتائج وآثار سلامة الصدر اسأل الله للجميع أن يطهر قلوبنا وان يرزقنا قلب سليم
وسامحوني على أي خطا في أي كلمة منقولة وتوجد كلمات لم استطيع فهمها من الشيخ تركت مكانها قوسين
وأخيرا أترككم مع المحاضرة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئاتي أعمالنا فمن يهديه الله فلا مضل له ومن يضلله فلا هادي له واشهد أن لااله إلاالله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-تسليم كثيرا ........
أما بعد ……….
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حي الله هذه الوجه الطيبة النيرة المتوضئة الطهارة بطهارة الإيمان نحن وإياكم أيها الأحبه على مائدة من موائد النبوة في موضوع مهم جدا لكل إنسان أي كان موضوع هذا اللقاء هو بعنوان سلامة الصدر مطلب
وهذه ليلة الجمعة الموافق 28 -5-1414 للهجرة النبوية في مدينة الزلفى المباركة
فنسأل الله جل وعلا أن يجعل مجلسنا هذا مجلس ذكرا مباركا ومقبولا إن شاء الله
سلامة الصدر مطلب لماذا الحديث عن سلامة الصدر؟
أخي الحبيب أخي المسلم يا من نلتقي وإياك على لااله إلا الله ادعوك وأنت تسمع هذه الكلمات ادعوك من التجرد من الهوى وترك شرور النفس تجرد من حب التصدر والزعامة تجرد من التعالي والتعاظم تجرد من الكبرياء والغرور من الحقد والحسد تجرد من كل هذه الأمراض القلبية فإنني أريدك أن تسمع كلماتي هذه تسمعها بقلب سليم بقلب ذلك المسلم الطيب النقي التقي,أنسيت انك خلقت لعبادة الله ومرضاته وطلب لجنات الفردوس أيجوز لمن كان هذا هدفه ومقصده من ماله الدنيا أن يغفل عن قلبه فيطلق له العنان في البغضاء والشحناء والحمل على الآخرين والانتقام والتشفي أخي الحبيب لماذا أصبحنا نسمع كلمات الذم أكثر من سماعنا كلمات الثناء؟! لماذا أصبحنا نسمع كلمات التنقص أكثر من سماعنا كلمات التثبت ؟!كيف غفلت عن هذه المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله سلامة الصدر طهارة القلب , صفاء النفس كلمات نادرة الاستخدام عزيزة الذكر لا نكاد نسمعها في مجالسنا ومنتدياتنا موضوعات كثيرة تلك التي نتحدث عنها لكنها لا تخلو من غيبه ملبسه بلباس النصيحة أو من حديث يشفي الغليل ويرضي الخليل أو من هم فيه همز ولمز وانتصار للنفس يا من في قلبك خوف من الله تبارك وتعالى يا من تصلي الصلوات الخمس يا أيها المسلم إننا نريد أن نسمع كلمات الحب والإخاء والصدق والوفاء والنصح والصفاء نريد أن نسمع كلمات الشكر والعرفان وذكر الفضل والإحسان نريد أن نسمع عن جمع القلوب وتوحيد الكلمة والإصلاح بين الناس وكل ذلك في مجال الدين عزيز ,عزيز وقليل أنني القي سمعي لعل اسمع التماس الأعذار وذكر المحاسن الأبرار فيرتد سمعي خاسئا وهو حسير إلا ما شاء الله ولكن كلي أمل فيكم يا من تجلسون أمامي كلي أمل في مشايخي وأساتذتي وإخواني الدعاة وشباب الصحوة المباركة وكل من سمع هذا الحديث أن نهزم أنفسنا ونعرف قدرها وان نحمل على عاتقنا نشر هذا الموضوع وإكثار الحديث عنه وتكراره في كل مكان وعلى كل لسان ولا نمل الحديث عنه بل ونجعله شعار لنا في كل ميدان ,في ميدان العلم والعلماء ,في ميدان البيع والشراء بين الرجال والنساء والعامة والخاصة في مدارسنا وجامعاتنا في أسواقنا ومجالسنا ومنتدياتنا فلنملأ هذه القلوب بخوف الله ولنملأها بذكر الله ولنردد في كل لحظه ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا إننا والله نشعر بقسوة في قلوبنا وامتلأ نفوسنا وجفاف دموعنا إذا فليكون حديث كل واحد منا اللهم إنا نسألك قلب سليم اللهم إنا نسألك قلب سليم اللهم إنا نسألك قلب سليم .
إن عناصر هذا الموضوع :ثلاثة قبل البداية ثم القران يدعوك ,ثم صورا مشرقه في عالم الصفاء والنقاء ,والرابع تكامل الشخصية في حياة السلف, والعنصر الخامس نتائج سلامة الصدر وآثاره ,والسادس أسباب امتلاء الصدر وغل القلب والسابع كيف السبيل لسلامة الصدر والثامن ثلاثة قبل النهاية.
ثلاثة قبل البداية ثلاثة أمور قبل أن ابدأ الحديث وإياك يا من تسمع هذا الكلام انتبه لها وفكر فيها جيدا وتمعنها :
الأمر الأول راجع نفسك بعد سماع هذه الكلمات واعلم أن الكلام موجه إليك لا لغيرك ولا تبرأ نفسك من التقصير واحسب إن الآخرين من المسلمين خيرا منك عند الله تعالى انظر بهذه العين أن الآخرين كلهم أفضل منك عند الله جل وعلا أما سمعت لقول العابد الزاهد ظفر ابن عبد الله المزني وهو من الصالحين ومن العباد المخلصين وهو واقف بعرفه ينظر إلى الناس والحجيج يوم عرفه فيقول اسمع لقوله فيقول : لولا كنت فيهم لقلت قد غفر الله لهم سبحان الله قال الإمام الذهبي بعد إن ذكر هذه المقولة قال كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها .
الأمر الثاني اعلم إن سلامة الصدر مطلب عزيز والحرص عليه واجب وبذل الأسباب إليه وسلوك طريقه متعين ولكن لا تنسى إن الناس بشر وانك تتعامل مع بشر وان النفس ضعيفة فلابد من الخطأ ولابد للنفس أن تتأثر وان تخطيء وكل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابين فانتبه لمثل هذا وعامل الآخرين بحسبه فلهذا يقول سعيد ابن المسيب كما ذكر ابن كثير في البداية والنهاية يقول انه ليس من شريك ولا ( ) ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه ومن كان فضله أكثر من نقصه جبر نقصه لفضله .
الأمر الثالث والأخير لست بالخب ولاالخب يخدعوني هذا لا ينافي سلامة القلب والأخذ بالظاهر ولكنه يعني الحيطة والحذر فان هناك نوع من البشر يستجريء بالناس ويستغفلهم ويلبس عليهم فعليك أن تكون فتيا متنبها فالله سبحانه وتعالى يقول (خذوا حذركم)ويقول(لايستخفنك الذي لايوقنون)
العنصر الثاني القران يدعوك :نعم يا إخواني إن قرأننا هو كلام ربنا وهو دستور حياتنا وهو منبع صفائنا وهو ميزاننا الذي نحتكم إليه عند الاختلاف إذن ما بالك نسيت هذا الميزان وما بالك غفلت عنه وما بالك تقرؤه ليلا نهار بدون تدبر ولا نظر في معانيه إن القران يدعوك من براءة القلب من غل الذين ءامنوا (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا )والقران يدعوك فيقول (خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين) والقران يدعوك فيقول (فأعفوا وصفحوا حتى يأتي الله بأمره) والقران يدعوك فيقول (فأعفوا عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين) والقران يدعوك فيقول (وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفورا رحيم ) والقران يدعوك فيقول (وإن الساعة آتيه فاصفح الصفح الجميل ) والقران يدعوك فيقول (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعوها أذى )القران يدعوك فيقول (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) والقران يدعوك فيقول (يوم لا ينفع مالا ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )والقران يدعوك فيقول (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن غفر الله لكم ) بلى والله نحب ان تغفر لنا يا ربنا قال لها أبو بكر الصديق مع سخاء نفسه وسلامة صدره ونصحه للامه فماذا نقول نحن وهذا حالنا مع قلوبنا أخي الحبيب هل وقفت مع هذه الدعوات ومع هذه الآيات وتدبرتها إن القران يدعوك (أفلا يتدبرون القران أم على قلوب أقفالها ).
صور مشرقة في عالم الصفاء والنقاء ومن أراد فهم هذه الدرجة كما ينبغي أن ينظر في سيرة المصطفى بابي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم- انظر لسيرته مع الناس وكيف يتعامل معهم انك لتجدها بعينها أي انك لتجد هذه الدرجة من سلامة الصدر وسخاء النفس والنصح انك لتجدها بعينها ولم يكن كمال هذه الدرجة لأحد سواه -صلى الله عليه وسلم-.
الصورة الأولى بعنوان وهي التي لا نطيق حديث أخرجه الإمام احمد في مسنده من حديث انس ابن مالك رضي الله عنه مشهور معلوم على السنة الناس يتداولونه كثير ولكن من يقف مع هذا الحديث ويتدبر فقه هذا الحديث ويسمع ويعمل بمعاني هذا الحديث قصة طويلة أخرجها الإمام احمد في مسنده مطوله ولا داعي لذكرها كاملة ولكن لا باس من روايتها بالمعنى اختصار للوقت ,فانس ابن مالك يحدث فيقول كنا جلوس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-فقال يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة لو قلنا الآن يدخل عليكم رجل من أهل الجنة لا شرئبت الأعناق لتنظر إلى هذا الرجل .فطلع رجل من الأنصار تنقط لحيته من وضوئه قد علق نعليه في يده الشمال أي من بساطته ويسر أمره فلما كان الغد قال رسول الله مثل قوله وفي اليوم الثالث قال رسول الله مثل قوله فوقع ذلك في نفس عبد الله بن عمر بن العاص فيقول فأردت أن تتبع حال هذا الرجل فذهبت إليه لما قام رسول الله فقلت إني لاحيت أبي أي أن حصل بيني وبين أبي ملحات وخصومه فاقترح أني لا ادخل عليه ثلاثا فان رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي ,قال الرجل :نعم.قال انس راوي الحديث فكان عبد الله يحدث انه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يراه يقوم من الليل شي غير انه إذا تعارا تقلب على فراشه ذكر الله وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر .قال عبد الله غير إني لم اسمعه يقول إلا خير فلما مضت الليالي الثلاث وكدت أن احتقر عمله قلت يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجره ولكن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يقول لك ثلاث مرات يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت المرات الثلاث فأردت أن آوي إليك لا نظر ما عملك فاقتدي به فلم أرك تعمل كبير عمل فما الذي بلغ بك ما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-قال الرجل :ما هو إلا ما رأيت .أي أن هذه أعمالي وهذه صفاتي .قال عبد الله فلما وليت دعاني فقال ما هو إلا ما رأيت غير إني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا احسد احد على خير أعطاه الله إياه سبحان الله لا أجد على احد من المسلمين في نفسي غشا ولا احسد احد على خير أعطاه الله إياه .فقال عبد الله بن عمر ابن العاص : فهذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق . صدق رضي الله عنه هذا الحديث ذكره الإمام احمد في مسنده وقال الإمام ابن كثير عنه ورواه النسائي في اليوم والليلة ( ) وهذا إسناد صحيح
نعم يا أخي الحبيب إن قلب المؤمن المطمئن بذكر الله لا يحمل حقد على احد من إخوانه ولذلك تمعنوا في هذا الحديث جيدا تجدون إن سلامة الصدر وطهارة القلب كانت سبب من أسباب دخول الجنة فالله اكبر ونسال الله جل وعلا أن يرزقنا سلامة الصدر.
الصورة الثانية: بعنوان أيعجز أحدكم أن يكون كابي ضمضم
اخرج أبو داود في الأدب باب في الرجل يحل رجلا قد اغتابه وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق باب فضل كظم الغيظ وابن السني في عمل اليوم و الليلة باب ماذا يقول إذا أصبح ثلاثتهم من حديث قتادة عن انس أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال أيعجز أحدكم أن يكون كابي ضمضم .قالوا : ومن أبو ضمضم يا رسول الله؟ .قال رجل كان إذا أصبح يقول اللهم إني وهبت نفسي وعرضي فلا يشتم من شتمه ولا يظلم من ظلمه ولا يضرب من ضربه هذا لفظ ابن الدنيا وابن السني وإسنادهم ضعيف وقد أخرجه أبو داود من وجه آخر موقوف على قتادة وأخرجه البخاري أيضا في التاريخ الكبير في ترجمة محمد ابن عبد الله ثم قال أي البخاري وقد أخرجه أبو بكر البزار في مسنده والعقيلي في الضعفاء وكذلك الساجي والبيهقي في الشعب وقال عنه العلامة الألباني حفظه الله في الإرواء والمحفوظ عن قتادة وإسناده صحيح إلى قتادة وذكره في صحيح أبي داود وقال صحيح مقطوع .إذا لو تدبرت هذا الحديث أيضا ونظرت فيه جيدا وتمعنت فسال نفسك هذا السؤال الذي سأله الرسول -صلى الله عليه وسلم-أصحابه أيعجز احدنا أيها الاحبه أن يكون كابي ضمضم فعلا؟. يقول الإمام ابن القيم في مجالس الصالحين في الجزء الثاني والجود عشر مراتب فذكرها ثم قال في السابعة الجود بالعرض فجود أبي ضمضم من الصحابة رضي الله عنه كان إذا أصبح قال اللهم لا مال لي أتصدق به على الناس وقد تصدقت عليهم بعرضي فمن شتمني و قذفني فهو في حل .فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-من يستطيع منكم أن يكون كابي ضمضم والكلام مازال لابن القيم رحمه الله وفي هذا الجود من سلامة الصدر وراحة القلب والتخلص من معاداة الخلق انتهى كلامه.
الصورة الثالثة ما عندي إلا عرضي :
اخرج البزار كما في كشف الأستار في كتاب الزكاة في باب فيمن تصدق بعرضه من حديث كثير ابن عبد الله ابن عمر ابن عوف عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-حث يوم على الصدقة فقال علبة ابن زيد ما عندي إلا عرضي فاني أشهدك يا رسول الله إني تصدقت بعرضي على من ظلمني ثم جلس .فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-أين علبة ابن زيد قالها مرتين أو ثلاثة,قال فقام علبه فقال أنت المتصدق بعرضك قد قبل الله منك .وفي إسناد هذا الحديث قال ( )رواه البزار وفيه كثير ابن عبد الله وهو ضعيف وأخرجه البزار في كشف الأستار في نفس الموضع من حديث صالح موله التوامه عن علبه ابن زيد نفسه قول حث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-على الصدقة فقام علبه أي نفسه فقال يا رسول الله حثثت على الصدقة وما عندي إلا عرضي فقد تصدقت به على من ظلمني قال فاعرض عنه اي اعرض عنه رسول الله فلما كان في اليوم قال أين علبه ابن زيد أو أين المتصدق بعرضه فان الله تبارك وتعالى قبل الله منه أو نحو ذلك . وقال البزار علبة مشهور بهذا الفعل وقد روى عمرو أبو عوف المزني ذلك أيضا وشهده ولا نعلم روى علبة إلا هذا وقال ( ) في السند الثاني أيضا رواه البزار وفيه محمد ابن سليمان ابن محمود كذا وهو ضعيف كما في مجمع الزوائد .
واعذروني أيها الاحبه إن لم أتوقف عند كل صوره و موقف واعلق عليه حتى لا نطيل وحتى نستطيع أن نأتي على موضوعنا كامل إن شاء الله ,ولكن لعلكم ترونا وضوح هذه المواقف وهذه الصور وان فيها عبره لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد المهم أن تفكر جيدا في مثل هذه المواقف وفي مثل هذه الصور وليس أن تفكر فيها وينتهي الأمر لا, بل فكر فيها وحاول أن تقيسها على نفسك وترى أين موقعك من هذه المواقف وهذه الصور ثم تعلم إن ما وصلوا رحمهم الله تعالى إلى ما وصلوا إليه إلا بمثل هذه الأنفس فلعلنا أن نجاريهم ولعلنا أن نقف مع أنفسنا كما كانوا يقفون لرحمهم الله تعالى .
الصورة الرابعة :بئسما قلت والله ما نعلم إلا خيرا
قال كعب ابن مالك في قصة تخلفه عن غزوة تبوك ولما بلغ الرسول -صلى الله عليه وسلم-تبوك ذكرني وكعب كان من الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك رضي الله عنهم جميعا قال أي النبي ما فعل كعب فقال رجل من قومي خلفه يا نبي الله برداه والنظر في عطفيه أي كأنه ينتقصه فقال معاذ ابن جبل وقد كان حاضرا اسمع ماذا قال معاذ يرد على الرجل بئسما قلت والله ما نعلم إلا خيرا لقد كان بإمكان معاذ أن يسكت أمام مقولة الرجل تأدبا لوجود رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ولكنه الحق الذي ملا قلبه انطقه أمام رسول الله فسكت عنه -صلى الله عليه وسلم-انه الدفاع عن عرض أخيك والذب عنه .فماذا أنت قائل يا أخي الحبيب انه الدفاع عن عرض من أعراض إخوانك التي تنتهك في مجالس المسلمين اليوم في كل ساعة ما أحلى هذه القصص ليستنبط منها العبر والدروس لنؤدب به النفوس و اسالكم بالله العظيم من منا وقف مثل هذا الموقف إذا كان انتهاك أعراض إخواننا تتكرر كثيرا فمن منا وقف مثل هذا الموقف وذب عن عرض أخيه والله لو أحيينا مثل هذه السنة في مجالسنا لما تجرا منتهك لعرض أن يتكلم في احد من المسلمين هذا إذا كان في عامة الناس فكيف به إذا كان في العلماء والصالحين وطلبة العلم من الناس فهلا أحييت هذه السنة يا عباد الله .قال حنبل ابن إسحاق سمعت ابن معين يقول رأيت عند مروان ابن معاوية لوحا فيه أسماء شيوخ فلان رافضي وفلان كذا ووكيع ابن الجراح رافضي فقلت لمروان أي يحى ابن معين يقول فقلت لمروان وكيع خيرا منك يقول قال مروا ن مني يعني كأنه مغربا مني قال قلت نعم فسكت وقال يحي أي ابن معين لو قال لي شي لوثب أصحاب الحديث علي فقال فبلغ ذلك وكيع أي علم بما حصل فقال يحي صاحبنا وكان بعد ذلك يعرف لي ويرحب هكذا تجتمع القلوب وتتصافى النفوس عندما يكون كل مسلم قد اخذ العهد على نفسه أن يدفع عن عرض إخوانه نريد أن نجمع الكلمة ونجمع القلوب مع بعضها ونريد أن تتصافى هذه النفوس إذا فانصب نفسك وكيلا عن أخيك فانه بهذه الوسيلة نصل إلى هذا الأمر .
الصورة الخامسة :سررتني سرك الله .
ذكر الذهبي في السير قال قال العوف ابن الحارث سمعت عائشة تقول دعتلي أم حبيبه عند موتها فقالت قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك فقلت غفر الله لك كله وحللك من ذلك فقالت سررتني سرك الله و أركنت إلى أم سلمه فقالت لها مثل ذلك .سبحان الله والله إن القلب ليقشعر وهو يسمع لمثل هذه الحكاية ومثل هذه المواقف فأين نسائنا من مثل هذه القلوب ومثل هذه الصور نسائنا الآتي لا يطيب لهن المجلس إلا وفلان فاكهة ذلك المجلس وفلانه فاكهة ذلك المجلس سبحان الله إن كان لنا عمل صالح فقد ذهب ومشي بهذه الأعمال في القيل والقال عن فلان وفلانه أفلا نتقي الله أفلا نخاف الله أفلا نخشى الله يانساء المؤمنين .
صورة سادسة إذا تقع في الشغل
صورة قصيرة جدا لكنها كثيرة المعاني قال رجل لعمر ابن العاص رضي الله تعالى عنه والله لا أتفرغنا لك ولو قيلت هذه الكلمة لواحد منا ماذا سيكون حاله الله اعلم والله لا أتفرغنا لك قال عمر إذا تقع في الشغل وانتهى الموقف عند هذا الحد سبحان الله حكمه وبصيره من عمر العاص رضي الله عنه وصدق -رضي الله عنه-نعم إن من يتفرغ للناس وأعراض الناس وسبهم وشتمهم والانتقام منهم والتشفي منهم انه يقع في الشغل ويضيع عمره هباء منثورا والعياذ بالله .
الصورة السابعة :ما عرفني إلا أنت .
في سيرة سالم ابن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهم-إن رجل زاحمه في منى وتعرفون أحوال الناس في منى و كيف تصل النفوس إلى منتهاه في بعض المواقف وفي أوقات الشدة والزحمة فالتفت الرجل إلى سالم وقال لسالم وسالم من علامة التابعين -رضي الله عنه- فقال له الرجل إني لا ظنك رجل سوء فبماذا أجاب سالم؟ ماذا أجاب قال :سالم -رضي الله عنه-ما عرفني إلا أنت سبحان الله ما عرفني إلا أنت. قال الذهبي معلق على هذه القصة هكذا هضم النفس ومحاسبتها وتحمل أذى الآخرين والله يا أحبه وأنا اقرأ في كتب السير والتراجم وانظر إلى مثل هذه المواقف لا يملك دمع العين إلا أن يسيل على الخد هؤلاء هم سلفونا وهذه هي أخلاقهم و والله لم يصلح آخر هذه الامه إلا بما صلح أولها فلننتبه لأنفسنا ونراقب قلوبنا ولنعرف طعم الحياة وحلاوة الإيمان وسلامة الصدر وطهارة القلب .
الصورة الثامنة :ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله .
ذكر الذهبي في السير في ترجمة أمير المؤمنين البخاري رحمه الله تعالى صاحب الصحيح قال وكان كثير من أصحابه يقولون له أن بعض الناس يقعوا فيك أي باقي الذم والشتم فيقول أي البخاري إن كيد الشيطان كان ضعيف ويتلو أيضا ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فقال له عبد المجيد بن إبراهيم كيف لا تدعوا الله على هؤلاء الذين يظلمونك ويبهتونك ويتناولونك فقال -رضي الله عنه-قال النبي -صلى الله عليه وسلم-اصبروا اصبروا حتى تلقوني على الحوض اخرجه البخاري في كتاب الفتن ومسلم في كتاب الاماره وقال -صلى الله عليه وسلم-من دعا على ظالمه فقد انتصر والحديث أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات وضعفه مخرج السير إن رحمه الله أي البخاري لا يفكر بالدعاء على من ظلمه وبهته فضلا على أن يهم بالقول والفعل انتقاما أو تشفي ممن تكلم عنه أو وقع فيه هكذا هي الأخلاق هكذا هي الأخلاق رضي الله عنهم وأرضاهم .
إذا تشاجرا في فؤادك مرة أمراني فعمد للاعف الأجمل
وإذا هممت بأمر سوء فستعذ وإذا هممت بأمر خير ففعلي
الصورة التاسعة :إن كنت صادقا فغفر الله لي
عن أبي يعقوب المدني قال كان بين الحسن ابن الحسن وبين علي ابن الحسين بعض الأمر يعني بينهم شي كما يكون بين بعض الناس فجاء حسن ابن الحسن إلى علي ابن الحسين وهو مع أصحابه في المسجد فما ترك شيء إلا قاله له قال وعلي ساكت فانصرف حسن فلما كان من الليل أتاه في منزله أي آتاه علي ابن الحسين أتى إلى حسن في منزله فقرع عليه الباب فخرج إليه فقال له على تصور ماذا سيقول له؟ يوبخه ينهره يخاصمه فقال له علي: يا أخي إن كنت صادقا فيما قلت لي فغفر الله لي, وان كنت كاذب فغفر الله لك السلام عليك ثم ولى وأدبر. سبحان الله سبحان الله عجب أمر هؤلاء الرجال وعجب حقيقة هذه النفوس إن كنت صادقا فيما قلت لي فغفر الله لي وان كنت كاذبا فغفر الله لك السلام عليك وولى قال فاتبعه حسن والتزامه من خلفه وبكى حتى رثا له فقال لا جرما لا عودت في أمرا تكرهه .فقال له علي : وأنت في حلا مما قلت لي وهكذا النفوس الطيبة والمواقف اللينه تربي الرجال وتحرج الخصوم فهلا فقهنا ذلك يا أحباب ؟.
الصورة العاشرة و الاخيره :لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنه .
قال أبو الربيع محمد ابن الفضل البلخي سمعت أبا بكر محمد ابن مهروي الرازي قال سمعت علي ابن الحسين ابن ( )قال سمعت يحي ابن معين يقول إننا لنطعنوا على أقوام قد حطوا رحالهم في الجنه من أكثر من مئتي سنه إننا لنطعنوا على أقواما أي ( ) ونجرحهم إننا لنطعنوا على أقوام قد حطوا رحالهم في الجنه من أكثر من مئتي سنه سبحان الله وفعلا إذا نظرنا لمثل هذا الموقف فإننا نجد كثيرا من الناس لا يحلو له الأمر إلا إذا وقع في لحوم العلماء والصالحين ولا يلتذ نفسه ويطيب باله إلا إذا وقع في لحوم العلماء والصالحين والمخلصين والعياذ بالله وما أجمل قول ابن مبارك لذلك الرجل الذي سمعه ابن مبارك ينتقص بعض إخوانه فقال له ابن مبارك -رضي الله عنه-سلم منك اليهود والنصارى ولم يسلم إخوانك منك وهذه حقيقة ورسالة يرسلها لذلك الذين ينتقصون ويجرحون ويتكلمون ويغتابون في أعراض العلماء وطلبة العلم لم يبقى أحدا من أعداء الإسلام أن تنتقصهم وتقف لهم وتحاجهم إلا العلماء والصالحين الذين وهبوا أنفسهم لله أين اليهود وأين النصارى وأين الرافضة وأين المنافقين والعلمانيين أين الكذابين لماذا أين أنت عنهم ؟لماذا تركت هؤلاء يصولون ويجولون في الميدان وما وجدت من تقف أمامه من الصالحين والعلماء وما وجدت من تأكل لحمه وتتعرض لجسده إلا هؤلاء الصالحين والعلماء من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب فأنت تحارب الله فحدد أمرك أيها المسكين وعرف ضعفك وارجع إلى الحق قبل أن تكون خاتمتك هذه الخاتمة السيئة يقول قال ابن المهروي والقصة مازالت قال ابن المهروي فدخلت على عبد الرحمن ابن حاتم وهو صاحب كتاب الجرح والتعديل قال فدخلت على عبد الرحمن ابن حاتم وهو يقرا على الناس كتاب الجرح والتعديل فأحدثته بهذا يعني بكلام ابن معين يقول فبكى أي ابن أبي حاتم وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب وجعل يبكي ويستعيد الحكاية ابن أبي حاتم لم يعمل ذنبا أيها الأحبه ابن أبي حاتم يؤدي أمانه فانه يتكلم ويجرح ويعدل أولئك الرجال للحرص على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا امر جائز بل ومندوب عند أهل العلم ومع ذلك ترتعد فرائسه -رضي الله عنه- ويرمي الكتاب ويبكي ويستعيد ابن المهروي الحكاية مرات ومرات ونحن إذا سمعنا من يتكلم في المجالس ويتكلم عن الصالحين قد نتلذذ بهذا الكلام إن لم نشارك بدل أن يكون موقفنا موقف الذب والندب والندم على هذه النفس ولكن مواقفهم رحمهم الله تعالى نفوس أبيه ونفوس كبيره وإذا كانت النفوس كباره تعبت في مرادها الأجسام .
هذه صورا عشر وهي صورا متنافره ومواقف متعددة قصيرة و والله لقد تركت الكثير منها خشية الاطاله و والله كنت اترددت كثير أي القصص التي أمامي اعرض لكم فهذا فيض من غيض من أخلاق أولئك الرجال .
العنصر القادم تكامل الشخصية في حياة السلف وهو أيضا صور ولكن صور لحياة الرجال حياة متكاملة قد يقول قائل تلك الصور هي مواقف تمر على الإنسان في حياته وان كان لنا تحفظ في هذا القول نقول قل إذا أدلة أخرى على حياة أولئك الرجال في جميع جوانبها انك إذا نظرت في حياة أولئك الرجال وجدتها مدرسة في جميع الجوانب في العلم, في الجهاد, في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, في العبادة ,والحرص على النوافل في الخوف من الله في الزهد والورع في التواضع وحسن الخلق في كل شي
حدث فيما شئت من حلم ومن كرما وانثر مآثرهم فالباب متسع
فتعال اليوم وانظر لحالنا فان ظاهرنا الصلاح وقد نشهد في القدوات والسادات وانك لتجدوا الصالح وظاهره وشكله يدل على صلاحه وعلى ورعه وتقاه والله اعلم بسرائره وبسرائرنا فبمصارحة النفس ونحن بصلاحها نريد فإننا ننظر إلى أفعالنا وأقوالنا وأحوالنا وانتصارنا لأنفسنا وتفكرنا وعهدنا بذواتنا وإذا وقفت على حالنا مع النوافل والطاعات فما نملك إلا الحسرات والآهات وقل مثل ذلك في طلبنا للعلم وأمرنا ونهينا ثم فوق ذلك كله اهمالونا لقلوبنا وحملنا على الآخرين وجرحهم ونبذهم واستغفروا الله أن أعمم ولكن كلن منا اعلم بنفسه وكل نفس بما كسبت رهين وان أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله نعم انظر نظرت مقارنه بين حياة أولئك الرجال في جميع جوانبها انظر نظرت لكثير منا وخذ اشرف القوم وهم الصالحين وقارن بين حياتهم وأحوالهم نحن نرى أنفسنا ونتهم أنفسنا كثيرا ونحن وحدنا اعلم بأنفسنا وكلا منكم أيها الأخيار كلن منكم يعلم حقيقة نفسه مهما حاول أن يزيف هذه النفس ويظهرها أمام الآخرين تعال يا أخي الحبيب تعال أقف وإياك للنظر في جانب سلامة الصدر وطهارة القلب في حياة علمين فاضلين في أكثر من موقف في حياتهما إنهما الإمام احمد ابن حنبل -رضي الله عنه-والإمام ابن تيميه-رضي الله عنه- ففي حياتهما مثل أعلى للعاملين و الدعاة المصلحين والعباد المخلصين فمع كثرة الأذى لهما مع كثرة ما حصل لهما وسجنهما وجلدهما وتعرضهما للفتن بل وللتكفير بل وللتنفيق والتبديع في كثير من الأحيان ومن أراد ذلك فليرجع إلى مغانم في ترجمة هاذين العلمين ومع هذا كله العياذ بالله فاسمع وتفكر لتعرف من أنت أيها المسكين صارح نفسك وكن لها من الناصحين الإمام احمد ابن حنبل يذكر عبد الغني المقدسي في كتابه نشأة الإمام احمد ويسوق بسنده إلى أبي على حنبل قال حضرت لدى عبد الله واتاه رجل في مسجدنا وكان الرجل حسن الهيئه كأنه كان مع السلطان فجلس حتى انصرف من كان عند عبد الله ثم دنى منه ورفعه أبو عبد الله ما رأى من هيأته الرجل فقال له أي الرجل يا أبا عبد الله اجعلني في حل قال احمد من ماذا قال كنت حاضرا يوم ضربت وما اعنت ولا تكلمت إلا أني حضرت ذلك وكان الإمام احمد يضرب بالسياط حتى يغمى عليه وقد يكون ذلك إمام السلطان وإمام حاشية السلطان لما حصل له من فتنة خلق القران رحمه الله تعالى فاطرق أبو عبد الله ثم رفع رأسه إليه وقال فحلف لله توبة أي تب إلى الله و لا تعد لمثل ذلك الموقف فقال له يا أبا عبد الله أنا تائب إلى لله تعالى من السلطان قال أبو عبد الله فأنت في حلا وكل من ذكرني إلا مبتدع هذا كلام الإمام احمد لان صاحب البدعة أمره إلى الله فقد احدث في دين الله قال أبو عبد الله أي الإمام احمد وقد جعلت أبا إسحاق وأظنه الخليفة في حل ورأيت الله عزوجل يقول وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم وقد أمر الرسول-صلى الله عليه وسلم- والكلام لأحمد وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-أبا بكر بالعفو في قضية مقبح ثم قال أبو عبد الله العفو أفضل وما ينفعك أن يعذب أخوك المسلم بسببك اسمع الكلمات وما ينفعك أن يعذب أخوك المسلم بسببك ولكن تعفو وتصفح عنه فيغفر الله لك كما وعدك وأيضا ساق عبد الغني المقدسي موقف آخر في الكتاب نفسه بإسناده إلى أبي علي الحسن ابن عبد الله الفرسي وقد رأى احمد ابن حنبل قال أي الفرسي قال بت مع احمد ابن حنبل ليله فلم أره ينام إلا يبكي إلى أن أصبح ما الذي يبكي الإمام احمد .فقلت :يا أبا عبد الله كثر بكائك الليلة فما السبب قال احمد ذكرت ضرب المعتصم إياي ومر بي في الدرس أي درسه وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله يقول احمد فسجدت وأحللته من ضربي في السجود سبحان الله نفوس أبيات الله اكبر على هذه الأخلاق وعلى هذه القلوب وموقف ثالث وأخيرا في حياة هذا العلم وحياة هذا الرجل يذكره لنا ابن رجب في طبقات الحنابلة في الجزء الأول عن أبي محمد فوزان قال جاء رجل إلى احمد ابن حنبل فقال له نفسه عن محمد ابن منصور الطوفي يعني يسأله نفسه عن محمد ابن منصور الطوسي الإمام احمد يقول إن لم تكتب عن محمد ابن منصور الطوسي فعن من يكون ذلك قالها مرارا واخذ يكررها رحمه الله تعالى فقال له الرجل الذي سأله انه يتكلم فيك وهو هذا الشاهد فقال له الإمام احمد واسمع المقالة رجلا صالح فابتلي فينا فما نعمل سبحان الله عجب لأخلاقهم
( ) ابن حنبل محنة مأمونة وبحب احمد يعرف المتمسك فإذا رأيت بأحمد متنقص فاعلم بان ستوره ستهتك
وتعال وانظر في حياة العلم الآخر في حياة ابن تيمية رضي الله عنه اسمع مواقف هذا الرجل العجيبة وان مرت عليك هذه المواقف ومرت على قلبك ونفسك ولم تحدث فيه حسرا فعليك السلام وعلى قلبك السلام يا أخي الحبيب والله مواقف عجيبة يا أحبه للإمام ابن تيميه مع ما حدث له من إيذاء وتضيق وفتنه وتسجين وضرب واتهام وتكفير وتفسيق وتقبيح وكل أذى قد حصل للإمام -رضي الله عنه-فضاقت عليه نفسه ومع ذلك اسمع كيف كانت نفسه رحمه الله تعالى يقول وأنا والله من أعظم الناس معاونة على اقفاء كل سرا فيها وفي غيرها وإقامة كل خير وابن مخلوف لو عمل مهما عمل من هو ابن مخلوف هذا ابن مخلوف يقول عن ابن تيمه هذا عدو ولما بلغ ابن مخلوف ان الناس يتردتون على ابن تيمه في سجنه قال عنه يجب التضييق عليه يعني ابن تيمه يجب التضييق عليه إن لم يقتل وإلا قد ثبت كفره يعني قد كفر ابن تيميه والعياذ بالله ومع ذلك اسمع ما يقول ابن تيميه على ابن مخلوف هذا وابن مخلوف لو عمل مهما عمل والله ما أقدر على خير إلا واعمله معه وألا أعين عليه عدوه قط ولا حول ولا قوة إلا بالله هذه نيتي وعزمي مع علمي بجميع الأمور فاني اعلم إن الشيطان ينزغ بين المؤمنين ولن أكون عونا للشيطان على إخواني المسلمين هذا كلام ابن تيميه وكلام آخر في موضع آخر من الفتاوى والكلام الذي قبل قليل في الجزء الثالث صفحه 271 ومقولة أخرى في الجزء الثالث صفحه 245 يقول هذا وإنا في سعة صدر لمن يخالفوني وانه وان تعدى حدود الله فيه بتكفيري أو تفسيقي أو اجتراء أو عصبية جاهليه فانا لا أتعدى حدود الله فيه بل اغبط ما أقوله وافعله وازنه في ميزان عدل واجعله مهتما بكتاب الذي انزله الله وجعله هدى للناس حاكم فيما اختلفوا فيه سبحان الله ويقول في موضع آخر في الفتاوى في الجزء الثامن والعشرين صفحة 55يقول فلا أحب أن ينتصر من احد بسبب كذبه علي وكان قد قربه السلطان وأخرجه من السجن فهو في مكان امن يستطيع أن يأخذ حقه لمن تكلم فيه ومع ذلك اسمع ماذا يقول يقول فلا أحب أن ينتصر من احد بسبب كذبه علي أو ظلمه وعدوانه فاني قد أحللت كل مسلم و أنا أحب الخير لكل المسلمين وأريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي الله اكبر الله اكبر وأريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي والذين كذبوا وظلموا فهم في حل من جهتي وأما ما يتعلق بحقوقي الله فان تابوا تاب الله عليهم وإلا فحكم الله نافذ فيهم فلو كان الرجل مشكورا على حسن عمله لكنت اشكر كل من كان سبب في هذه القضية فيما يترتب عليه من خير الدنيا و الآخرة لكن الله هو المشكور على حسن نعمه وآلاءه وآياته التي لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خير له هذه كلمات لهذا الرجل الفذ العظيم وأعجب من هذا كله والعجائب كثيرة في حياة هذا الرجل اسمع هذا الموقف ولعله يكون الأخير حتى لا أطيل قال الإمام ابن القيم في مدارج السالكين في الجزء الثاني وما رأيت احد قط اجمع يعني مع ابن القيم وإلا فرسول الله وصحابته أعظم و أفضل دون شك يقول ما رأيت احد قط اجمع لهذه الخصال يقصد سلامة القلب ونقائه وصفاء السريره وسعة البال يقول وما رأيت احد قط اجمع لهذه الخصال من شيخ الإسلام ابن تيميه قدس الله روحه وكان بعض أصحابه الأكابر يقول وجدت أني لأصحابه مثله لأعدائه وخصومه يقول وجدت أن أكون لأصحابي وأصدقائه مثل ما يكون ابن تيميه لأعدائه وخصومه يعني نحن قد لا نود ولا ندافع ولا نحرص على إخواننا فضلا عن ما يفعله ابن تيميه من حرصه ومدافعته وإحلاله لأعدائه فيقول ابن قيم يقول وما رايته يدعو على احد منهم قط يعني الذين عادوه ومن أعدائه وكان يدعو لهم يقول ابن القيم وجئت يوم مبشرا له بموت أكثر أعدائه وأشدهم عداوة وأذى له فنهرني وتنكر لي واسترجع ثم قام من فوره إلى بيت أهله يعني بيت عدوه هذا فعزاهم وقال إني لكم مكانه ولا يكون لكم أمرا تحتاجون فيه إلى مساعده إلا ساعدتكم ونحو هذا من الكلام فسروا به ودعوا له وعظموا هذه الحاله منه فرحمه الله و-رضي الله عنه- سبحان الله يا أحبه والله إنني أتعجب ولا املك أمام هذه المواقف إلا العجب والتكبير والتسبيح أمام هذه النفوس ولكن لعل العظة والعبرة تأخذ مأخذها في نفوسنا أيها الأحبه وهذا والله ما نريده وأقول هذين الرجلين وغيرهم من السلف الصالح رضوان الله عليهم جميعا حياة متكاملة الجوانب في كل أمر كما أسلفنا فقد نتساءل كيف تكاملت جوانب حياتهم بهذه الصوره وأقول والله اعلم ولعل السر هو سلامة صدورهم وسخاء نفوسهم ونصحهم للامه بهذا نالوا إمامة الدين وبالصبر واليقين تنالوا إمامة الدين
كرر على حديثهم ياحادي فحديثهم مثل الفؤاد الصادي
العنصر التالي نتائج سلامة الصدر وأثاره
لو لم يكن من آثاره أيها الاحبه سوى أن سلامة الصدر ونقاء القلب سبب لدخول الجنة لكفى بهذا نتيجة ولا كفا به مطلب فان سلامة الصدر من أعظم أسباب دخول الجنة كما في حديث انس السابق واسمع لابن القيم في مدارج السالكين في الجزء الثاني وهو يقول وهاهنا للعبد إحدى عشر مشهدا فيما يصيبه من أذى الخلق وجنياتهم وأرجو أن ترجع لهذا الباب لان المقام لا يتسع لذكر الإحدى عشر مشهد كلها ذكره ابن القيم في مدارج السالكين في الجزء الثاني صفحة 318
يقول فذكر المشهد الثالث مشهد العفو والصفح والحل فانه متى شهد ذلك وفضله وحلاوته وعزته لم يعدل عنه إلا لعمى في بصيرته فانه ما زاد الله عبدا بعفوا إلا عزه كما صح ذلك عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-وعلم بالتجربة والوجود وما انتقم احد لنفسه إلا ذل هذا وفي العفو والصفح والحل من الحلاوة والطمانينه والسكينه وشرف النفس وعزها ورفعتها عن تكفيها في الانتقام ما ليس شي منه في المقابلة والانتقام انتهى كلامه-رحمه الله- .
وأيضا نتيجة أخرى وهي طمأنينة هذا القلب وان هذه الصفة تبعث في القلب الأمن والطمانينه وراحة البال فينتفع ذلك القلب وتلك النفس التي اتصفت بهذه الصفة يندفع إلى العمل المثمر الجاد بدل أن يكون أسيرا للأحقاد والضغائن والغل والتشفي فإننا نسمع المشغول لا يشغل فعلا أيها الاحبه إن صاحب القلب الذي افرغ قلبه للحقد على الآخرين والتشفي والانتقام منهم لاشك إن صاحب هذا القلب قد اشغل نفسه فكيف سيكون عمله مثمر وكيف ستكون دعوته جاده ولذلك أقول للصالحين وطلبة العلم ولشباب الصحوه إن أردتم أيها الأخيار أن يكون للعمل الذي تعملونه نتيجة ويكون له ثمره ويكون له اثر في قلوب الناس لنحرص على الاتصاف بهذه الصفة ليقع كلامنا موقعه وليؤثر كلامنا في النفوس فلنحرص أن نطهر النفوس ونخلصها من الشوائب المتعلقة بها من أمراض القلوب فان القلب إن اتصف بهذه الصفة أصبح قلب مطمئن وأصبح مرتاح البال وعند ذلك تفرغ للأعمال الجادة والمثمرة فلا تنظر لكلام القائلين وجرح الجارحين وغيبة المغتابين فاجعل ذلك كله خلف ظهرك وسر فان قافلة الصالحين تسير وان العمل لله والدعوة إلى الله تسير ولن تقف مهما تكلم المتكلمون ومهما فعل الفاعلون ومهما جرح المنافقون فانك بحفظ الله وحراسة الله سائر إن شاء الله وموفق إن شاء الله إذا مازلت على هذه الصفة وتمسكت بهذه الخصلة الحميدة .
العنصر التالي وهي الأسباب التي يجيء منه حقد القلب أو نفرته :
ما هي الأسباب التي يجيء منه حقد القلب أو نفرته وقبل ذلك في العنصر السابق أيضا بعض الأقوال لعلي انقلها إن سمح الوقت فابن القيم مثلا في المشاهد التي ذكرناها قبل قليل وهي إحدى عشر أيضا ذكر المشهد السادس وقال وهو كلام جميل لذلك حرصت عليه قال مشهد السلامة وضرب القلب وهذا مشهد شريف جدا لمن عرفه وذاق حلاوته وهو أن لا يشتغل قلبه وسره بما ناله من الأذى وطلب الوصول إلى درك ثأره وشفاء نفسه بل يفرغ قلبه من ذلك ويرى إن سلامته وضربه وخلوه منه انفع له وألذ وأطيب واعون على مصالحه فان القلب إذا اشتغل بشيء فاته ما هو أهم عنده وخير له منه فيكون بذلك مغبوبا و الركيد لا يرضى بذلك ويرى انه من تصرفات السفيه فأين سلامة القلب من امتلائه بالغل والوسواس وإعمال الفكر في إدراك الانتقام انتهى كلامه رحمه الله .
وذكر الذهبي في السير في الجزء الأول قال زيد ابن اسلم دخل على أبي دجانه -رضي الله عنه-وهو مريض وكان وجهه يتهلل .فقيل له مالي وجهك يتهلل ؟فقال ما من عمل شيء اوثق عندي من اثنتين كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني والأخرى فكان قلبي للمسلمين سليما.يعني هذه الصفة مازالت مع أبي دجانه حتى في خاتمته بل و استوضحت بفضل الله على وجه أبي دجانه عندما أصبح قلبه سليم للمسلمين
ويذكر أيضا ابن السري في كتاب الزهد عن سفيان ابن دينار قال قلت لأبي بشير وكان من أصحاب على بن أبي طالب -رضي الله عنه-اخبرني عن أعمال من كان قبلنا قال كانوا يعملون يسيرا ويؤجرونا كثير كلمه مهمه جدا اسمعها كانوا يعملون يسير ويؤجرون كثير ما هو السبب إننا بحاجة الأجر إننا نحرص ونندفع إلى العمل من اجل طلب الأجر فما هو يا ترى الطريق الذي يقلل العمل ويكثر الأجر قال قلت ولما ذاك قال لسلامة صدورهم ويذكر ابن رجب في غربة الإسلام قال قال الفضيل ابن عياض-رحمه الله-لم يدرك عندنا من أدرك بكثرة صيام ولا صلاة إذا المسألة ليست كثرة صيام وصلاة و إنما أدرك بسخاء الأنفس وسلامة الصدر والنصح للامه نالوا إذا هذه المنزلة بهذا الأمر ولذلك قد تجد كثيرا من المصلين ومن العباد الذين يقومون الليل قوام في الليل صوام في النهار ) ( السجود على أثره وعلى محياه ومع ذلك قد يضيع عمله هذا هباء منثورا والعياذ بالله لذلك يقول ابن القيم إني لا أعجب من الرجل الصالح حفظ نفسه من الشهوة وما استطاع أن يحفظ نفسه من لسانه وقد كان كلامه هذا عندما تكلم عن حديث من ضمن لي مابين لحييه وفخذيه ضمنت له الجنة قال كثير من الصالحين يحفظ مابين فخذيه ولكنه ينسى ويسهى عن مابين لحييه وهو اللسان وهذا كلام واضح معلوم مشهور لمن تدبره ونظر فيه .
العنصر القادم عن الأسباب التي يجيء منه حقد القلب أو نفرته أو إن شئت فقل أسباب جلاء الصدر وغل القلب ما هي أسباب جلاء الصدر لماذا أصبحت قلوب كثير من المسلمين اليوم والعياذ بالله مليئة بالغل والحقد والحسد على الآخرين وأصبحت قلوب كثير من الناس أيضا لا هم لها إلا الانتقام والتشفي من الآخرين والعياذ بالله .
ما هي الأسباب :تنقسم إلى قسمين أسباب مباشره وأسباب غير مباشره
أما الأسباب المباشرة فاذكرها باختصار وعلى رأسها الشيطان نعوذ بالله من الشيطان فان الفرقة والخلاف ومليء الصدور والشحناء وضيق الصدر غاية من غاياته كما ورد ذلك في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه في صفات المنافقين باب تحريش الشيطان وبعثه سرياه لفتنة الناس وان مع كل إنسان قرين من حديث جابر-رضي الله عنه-قال سمعت الرسول-صلى الله عليه وسلم-يقول إن الشيطان ايسا أن يعبده المصلين في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم قال النووي أي في الخصومات والشحناء والحروب وغيرها انظر إلى الواقع اليوم نقول صدق -صلى الله عليه وسلم-فان الشيطان نجح في مهمته في قلوب كثير من الناس .
الأمر الثاني من الأسباب أمراض القلوب وخذ أمراض القلوب بجملتها بأنواعها بدء بسوء الظن والنجوى والحسد والغرور والهوى وحب التصدر وغيرها من الأمراض وهي كثيرة وجماع ذلك كله الغفلة عن القلب وإهماله ألا ترونا إننا نغفل عن قلوبنا كثير ونهملها أيها الاحبه لو أصاب الإنسان جرح لسعى جريا إلى المستوصفات والمستشفيات لعلاج هذا الجرح ولكن القلب هذه المضغة التي بين جوارحنا يصيبها من الأمراض الخطيرة الكثيرة ولا يفكر الإنسان إن ( ) هذه الأمراض ولا ينتبه لها ويغفل عنها ويترك لقلبه العنان فتمتلئ فتظلوا مثل النقط السوداء الواحدة تلوه الأخرى فيصبح القلب والعياذ بالله اسود ( )لا يعرف معروف ولا ينكر منكرا والعياذ بالله وخذ مثل لهذه الأمراض سوء الظن مثلا وسوء الظن تعريفه هو تركيز ما يخطر في النفس من احتمال السوء ويبدأ في خاطرة تنغرس في الذهن ثم لا يزال الشيطان ينفخ فيها حتى تصبح حقيقة نعم قد مثلا يمر فلان من عندك اليوم مشغول البال ما انتبه إليك ما سلم عليك تقع في نفسك ما سلم علي فلان مؤكد كذا هو ما يريدوني هو يكرهوني ثم تقع هذه في النفس وما تزال في القلب هي خاطره ليست حقيقة فمازال الشيطان ينفخ فيها حتى جعلت فلان عدو لك والأمر خلاف ذلك وهذه حقيقة كثير من الناس وهذه مصيبة سوء الظن حتى إننا دخلنا في النيات والمقاصد والعياذ بالله فأصبحنا نقول فلان يريد كذا ويقصد كذا لا وقد يقول هو بنفسه عرفت بكلامه ذلك فلو قالوا له لا أنت أردت ذلك سبحان الله هو بنفسه يقول أردت ذلك وأنت تقول لا دخلت قلبه وعلمت نيته حتى أن الشخص قد يقسم ويقول والله العظيم ما أردت بكلامي إلا إذا يقول لا إنما أردت بكلامك ذاك سبحان الله دخلنا في القلوب وفي النيات وفي الاردات وأخذنا نتهموها ونفسرها بحسب أهوائنا ورغباتنا هذه صوره واحده من أمراض القلوب وليس الدرس درسا لأمراض القلوب ولكني هنا انتبه وأقول لعلنا من اليوم أيها الاحبه نبدأ بملاحظة هذا القلب وعلاجه والتنبه لحاله يقول محمد ابن سيرين وجميل كلامه جدا يقول -رحمه الله-إذا بلغك عن أخيك شي فالتمس له عذرا فان لم تجد فقل لعل له عذرا لا اعلمه .
وأسباب غير مباشره وهي مداخل وأبواب في امتلاء الصدر وغل القلب أولها الاختلاف في وجهات النظر وطريقة سير العمل فقد يؤدي الخلاف بالآراء والتصورات إلى اختلاف القلوب وصفوتها وامتلاء القلوب بالشحناء والبغضاء والعياذ بالله نعم فلان خالفني وجهت النظر إذا هو عدو هذا كلام خاطئ فلان خالفني وجهت النظر فو الله هذي وجهت نظري وهذي وجهت نظره فان اتفقنا فالحمد لله وان اختلفنا فالحمد لله فمازلنا إخوة متحابين ومازلنا مسلمين فان خالفني في طريقة العمل وطريقة السير فهذا له والحمد لله نحن اتفقنا في الأصول وان اختلفنا في الفروع فلا باس واختلاف الأمة والعلماء فهو اختلاف في الفروع وليس في الأصول ولذلك يقول الذهبي في السير في الجزء العاشر قال قال يونس الصدفي ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يوم في مسالة ثم افترقنا ولقيني فاخذ بيدي ثم قال يا أبى موسى ألا يستقيم أن نكون إخوان و إن لم نتفق في مسالة سبحان الله هذه القلوب يا أخوه عجيب أمر هذه القلوب
كرر عليه حديثهم ياحادي فحديثهم يجلي الفؤاد الصادي
وقال السعدي شيخ ابن عدي صاحب الكامل للضعفاء سمعت احمد ابن حنبل يقول لم يعبر الجسر إلى فرسان مثل إسحاق وان كان يخالفونا في أشياء هو يثني عليه ويمدحه -رحمه الله-قال وان كان يخالفونا في أشياء فان الناس ولم يزل يخالف بعضهم بعض فالخلاف لايفسد للود قضيه الخلاف في الفروع يا أخي الحبيب افهم هذا وأعقله و لا تؤذي المسلمين والعلماء وطلبة العلم بلسانك فان الخلاف في الفروع لايفسد للود قضية أبدا .
الأمر الثاني من الأسباب الغير مباشره هو التنافس التنافس أمر محمود في أمور الخير وفي ذلك فليتنافس المتنافسون لكنه قد يتعدى أمره وقد يتعدى ذلك من الحسد والغل على الآخرين خاصة بين الأقران الأقران الذين قد تقاربوا في أعمارهم فالزملاء في الفصل الواحد بينهم منافسه على المرتبة الأولى وهذا أمر محمود ولكن قد يصل الأمر إلى أن يجد الطالب لفلان في قلبه على فلان أو حتى في البيع والشراء قد يجد فلان يتنافس مع فلان في البيع والشراء فيجد في قلبه غل وحسد عليه عياذ بالله ويقول الذهبي في كلام الأقران يقول (اصطبر) ويحك وسل ربك العافية فكلام الأقران بعضهم في بعض أمر عجيب وقع فيه سادة فرحم الله الجميع ويقول أيضا رحمه الله كلام الأقران بعضهم في بعض يحتمل وقلبه أولى من بته إلا أن يستبق المعاصرون على جرح شيخ فيعتمد قولهم ويقول أيضا كلام الأقران يطوى ولا يروى وهذه قاعدة عند أهل الحديث إن كلام الأقران يطوى ولا يروى ولكن هذا الكلام كله أيضا ليس على إطلاقه فهناك من يعظم أقرانه ويمتدحهم ثم يفضلهم حتى على خاصة نفسه فهذا هشام ابن يوسف -رحمه الله-يقول كان عبد الرزاق أعلمنا و أحفظنا فهذه صورة جميلة لحال الأقران المنصفين وهناك صورا أخرى لا يتسع المقام لذكرها .
الأمر الثالث من الأسباب الغير المباشرة امتلاء القلوب بالغل والحسد التناصح عجيب كيف يكون التناصح سبب من أسباب امتلاء القلب بالغل والحسد أقول أن بعض الناس لايحتمل النصيحة فيبدأ في ) (الناصح يعني ليش تنصح وتكلم فلان في أمرا فيه تجد انه قد لايحتمل هذه النصيحة ولا يقبلها منك ثم قد يبدأ في تفتيش عيوبك والكيد لك وهذا واقع في الناس كثير اليوم وللأسف وقد جربت بنفسي هذا الأمر فإذا ذهبت لفلان ونصحته وأنكرت منكر عليه فإذا به يقول وأنت فيك كذا وكذا وأنت فيك كذا وكذا سبحان الله يا أخي أنا لا أبريء نفسي واعترف بالتقصير وجزاك الله خير أن تعف لي وتنصحني بما فيه ولكن لماذا لم تقل لي هذا الكلام إلا عند ذكر لك أصبحت القضية معاداة أو أيضا قد يتقبل النصيحة ويقولها في حينها ولكن يبقى في قلبه شي من الكيد والبغض والشحناء فيبدأ يكيد لذالك الإنسان هذا إذا أحسن الإنسان النصيحة وجاء بها بآدابها ووسائلها الحسنه الصحيحة ,فكيف بالإنسان إذا اخطأ الوسيلة واخطأ آداب النصيحة فهل يجي إنسان بحجه وغلظه فينصح إنسان آخر فالله المستعان عندما يتصرف ذلك الإنسان المنصوح بشدة وغلظه إن لم يتعدى الأمر من هم وغل في القلب إلى فعلا وضرب في القلب .
الأمر الرابع والأخير من الأسباب الغير المباشرة وهي كثيرة ولكنها اجتهاد ونسال الله تعالى يجعله صواب ويغفر لما كان به من زلل هو التجارة والبيع والشراء والتعامل مع الآخرين وخاصة في أمور المال فإنها اشد المداخل في وقتنا الحاضر التي بسببها امتلأت القلوب وأصابت الصدور الشحناء والبغضاء بسبب التعاملات المالية بين الناس حتى بين الأصدقاء وقد يكون حتى بين الأب وابنه وبين الزوج وزوجه العياذ بالله وما المحاكم عنا ببعيد لتروا كثيرا من هذه القضايا ورحم الله رجل سمح إذا باع سمح إذا اشترى سمح إذا قضى سمح إذا اقتضى كما قال -صلى الله عليه وسلم-أو بمعناه هذه الأسباب ونأتي إلى العنصر قبل الاخير
كيف السبيل لسلامة الصدر وهو مربط الفرس وهو الذي نريد أن تنتبهوا له أيها الاحبه وهو نتاج هذه الجلسة وهو الثمرة الحلوه التي نجنيها من هذا الموضوع سؤال لاشك أن بعد سماعكم الكثير من هذه القصص وهذه الصور وهذه المواقف كل منكم يحاول مع نفسه ويقول سأحرص على نفسي إن شاء الله وسأنتبه إلى قلبي إن شاء الله ولكن كيف السبيل وكيف الطريق
أقول مستعين بالله أول الأمور أدعو الله بصدق وإلحاح أدعو الله أن يرزقك قلبا سليم محب للآخرين فان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-اللهم إني أسالك قلب سليم فاجعل هذا الدعاء ميزنك في ركوعك وسجودك وردد دائما ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غل للذين ءامنوا واسأل الله حسن الخلق إن العبد ليدرك بحسن الخلق لدرجة القائم الصائم وما وصل أولئك الرجال إلى ماوصلوا إليه إلا بسخاء الأنفس وسلامة الصدر والنصح للامه فعليك بالدعاء فان الدعاء نصف الطريق بل إن شئت فقل الطريق كله فانك بدعائك الله تستعين بالله وسوف تستلهم من الله الاعانه فابشر بها متى مادعوة بقلب صادق مخلص ولا تمل هذا الدعاء أبدا
فان أمراض القلب عوارضه تأتي في اليوم بل في الساعة عشرات اتهام لتقضي على هذا القلب نسال الله العافية.
الأمر الثاني من الوسائل المعينة لسلامة الصدر احذر الغفلة عن القلب وراقبه مراقبه جيده واعلم إن تنقية القلب من الغل والحقد يحتاج إلى ترويض النفس وطول مجاهده ومراقبه فإذا وجدت في قلبك على احد فسال وارجع إلى نفسك لماذا يانفس لماذا وجدت على فلان لماذا حقدت على فلان ولا تستجب لباعث الهوى فيها وعليك بهضمها واحتقارها واسأل الله العون عليها حتى تربي هذه النفس .
الأمر الثالث أحسن الظن بالآخرين والتمس لهم الأعذار جهدك فان لم تجد فقل لعل لأخي عذر لا أعلمه قيل أن أبا إسحاق نزع عمامته وكانت بعشرين دينار وتوضأ في دجله فجاء لص فأخذها وترك عمامة الربيع بدلها فطلع الشيخ ولبسها وما شعر حتى سألوه وهو يدرس سألوه الطلاب وهو يدرس فاسمع ماذا قال قال لعل الذي أخذها محتاج وانتهت القضية
أولئك آبائي فجئني بمثل هموا إذا جمعتنا ياجرير المجامع
الأمر الرابع الصبر والتحمل فان الاحتمال مقبرة المتاعب كما يقال وتمثل دائما بقول الشاعر :إذا أدنت قوارب فؤادي صبرت على إذاكم وانطويت وجئت إليكم منطلق المحيا كأني ماسمعت ولا رأيت
السبب الخامس من الوسائل وهو الاخير العفو والصفح فمن عفا واصفح فأجره على الله ومن علامات العفو والصفح الدعاء لإخوانك خاصة من كان بينك وبينه جفوه أو شحناء وهذا الأمر كما ذكر ابن عبدا لله عمرو ابن العاص هو الذي لايطاق وهي التي لانطيق ولكن أقول لك نصيحة من أخيك العبد الفقير المسكين أقول لك يا أخي الحبيب إذا آويت إلى فراشك في المساء فارفع يديك إلى الله واشهد الله جل وعل انك قد عفوت عن الناس وتصدقت بعرضك فمن اغتابك أو ذكرك بسوء أو لك حق عنده اشهد الله على انك قد عفوت عنه وسامحته وحللته ثم بعد ذلك ) ( تمام وقل اللهم انك عفوا تحب العفو فأعفو عني هل ترى أخي الحبيب انك أكرم وأفضل من الله بالعفو عندما عفوت عن خلقه وعن عباده هل ترى انك أكرم من الله لاوالله ثقة بالله لاوالله إيمانا بالله سبحانه وتعالى وقد قال جل وعل إن يعلم في قلوبكم خيرا يؤتكم خير مما اخذ منكم ومن ترك شي لله عوضه الله خيرا منه فنم قرير العين وضع خدك على وسادتك بعد هذا الدعاء وان مت مت على خاتمة حسنه جرب هذا الدعاء وهذا العمل في كل ليله تنامها مهما كان منك من الذنوب فان الله رحيم غفورا إذا علم عنك هذه الخصلة الحميدة قال عبدا لله بن احمد ربما سمعت أبي بالسحر يدعوا لاقواما بأسمائهم واني والله لأعجب أن ينام المسلم وبينه وبين أخيه شحناء أو جفوه اياقرو لمن كان له قلب حي ايقرو له القرار وقد تأتيه المنية في تلك الليلة وما أجمل قول المقنع الهندي عندما قال إن الذي بيني وبين ابن أبي وبيني وبين بني عمي لمختلف جدا فان أكلوا لحمي وفرت لحومهم وان هدموا مجدي بنيت لهم مجدا وان ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم وإنهم هووا غيي هويت لهم رشدا ولا احمل الحقد القديم عليهم وليس كريم القوم منيحمل الحقد
وأخيرا ثلاثة قبل النهاية الأمر الأول إن ماتقدم لايعني أننا ننهى عن تصحيح الأخطاء ولايعني أننا لاننبه عليها ولا أن نقوم بتقويم الآراء بل نطالب بذلك ونأمر به ولكن بالضوابط الشرعية المقررة عند سلفنا الصالح وعلمائنا الأفاضل .
الأمر الثاني هذا الموضوع رسالة إلى العلماء والى المشايخ وطلاب العلم ورسالة إلى المدرسين والآباء ورسالة إلى المربين لتربية الشباب على صفاء النفس وطهارة القلب وصدق العمل وتقدير العلماء والدعاة وان أهم أساليب التربية القدوة الحسنه فكن قدوة حسنه لطلابك وكن قدوة حسنه لأولادك وكن قدوة حسنه لزملائك في العمل في سلامة الصدر وحب الناس والإصلاح بينهم فإذا كان كذلك نجد اثر ذلك في مجتمعنا .
والأمر الأخير إن هذا الموضوع دعوة عامه لطهارة القلب وسلامة الصدر وصفاء النفس فهو أمانة لكل من سمعه هو أمانة في أعناقكم يامن تجلسون أمامي الآن هو أمانة في أعناقكم في نشره وبثه بين الناس في كل طبقاتهم ومختلف أحوالهم ليحصل الحب والمودة وجمع القلوب وتوحيد الكلمة بين المسلمين فيشرق بذلك أعداء الإسلام ويشرق بذلك المنافقين والعلمانيين فبادر بنشره وليكون حديث مجالسنا وأسواقنا فربا مبلغ أوعى من سامع اللهم هل بلغت اللهم فشهد ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر وترحمنا لنا لانكوننا من الخاسرين ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إن هديتنا وهب لنا من لدونك رحمة انك أنت الوهاب ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ربنا لاتجعلنا مع القوم الظالمين ربنا افرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ربنا لاتجعل في قلوبنا غل للذين ءامنوا واغفر لنا وارحمنا .
نسال الله التوفيق للاخ الذى قام بكتابة المحاضرة