موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > المنبر الإسلامي العام

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 14-07-2009, 01:55 PM   #1
معلومات العضو
القصواء
اشراقة ادارة متجددة
 
الصورة الرمزية القصواء
 

 

افتراضي موت العلماء ثلمةٌ لا تسد ..للشيخ /عبدالرحمن السديس

رحيل العلماء

إن موت العلماء خطب جلل تتشنف له المسامع، بل تذرف له المدامع؛ لأن بموتهم تطوى صفحات لامعة، وسجلات ناصعة، من خصال الخير المتكاثرة، فرحيل العلماء ثلمة لا تسد، ومصيبة لا تحد، وفجيعة لا تنسى، فموت العالم معناه انهيار الأمة وتهدم لبنيان أقوام وحضارات أمم.


مكانة أهل العلم في الأمة


الحمد لله الدائم بره، النافذ أمره، الغالب قهره، الواجب حمده وشكره، وهو الحكيم الخبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الملك والتدبير، جلَّ ذكره، وإليه يُرجع الأمر كله، علانيته وسره، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه وهو على كل شيء قدير، سبحانه وبحمده جعل لكل أجلِّ كتاباً، وللمنايا آجالاً وأسباباً، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، الهادي البشير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحابته الأخيار، ما جن ليل وبزغ نهار، وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:-

فاتقوا الله -عباد الله- فبالتقوى يُنال رضا الواحد الأحد، وبها تتحقق سعادة الأبد، وتحصل البركة في الأهل والمال والولد، فطوبى لمن جد واجتهد في توحيد ربه وتقواه وعبد، ويا بشرى له بحسن العقبى إلى أبد الأبد.

أيها المسلمون! حفظ الدين أعظم مقاصد هذه الشريعة الغراء، وإن من أعظم أسباب حفظ الدين حفظه بالرجال المخلصين، والعلماء العاملين، فوجودهم في الأمة حفظ لدينها، وصون لعزتها وكرامتها، وذود عن حياضها، فإنهم الحصن الحصين، والسياج المتين، الذي يحول بين هذا الدين وأعدائه المتربصين.

إخوة الإسلام! إن لله -سبحانه وتعالى- الحكمة البالغة، والقدرة النافذة في كونه وخلقه، وإن مما كتبه الله -جلَّ وعلا- على خلقه الموت والفناء، يقول سبحانه:


كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:26-27].

ويقول عز وجل: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34]، ويقول: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [العنكبوت:57].

ويقول جلَّ وعلا: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر:30-31].



وإن أعظم أنواع الفقد على النفوس وقعاً، وأشده على الأمة لوعة وأثراً، فقد العلماء الربانين، والأئمة المصلحين.

ذلكم يا عباد الله! لأن للعلماء مكانة عظمى، ومنزلة كبرى، فهم ورثة الأنبياء، وخلفاء الرسل، والأمناء على ميراث النبوة، هم للناس شموسٌ ساطعة، وكواكب لامعة، وللأمة مصابيح دجاها، وأنوار هداها، بهم حفظ الدين وبه حفظوا، وبهم رفعت منارات الملة وبها رُفِعُوا: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11].

يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون به أهل العمى، ويهدون به من ضل إلى الهدى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائه قد هدوه، وما عزت الأمم، وبلغت سامق القمم، وأشيدت صروح الحضارات، وقامت الأمجاد، وتحققت الانتصارات بعد الله إلا بهم، فهم أهل خشية الله: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28]، وهم مادة حياة القلوب، وغذاء الأرواح، وقوت الضمائر، وزاد القرائح، ومهما صيغت النعوت والمدائح في فضائلهم فلن توفيهم حقهم.......



مكانة أهل العلم كما في السنة النبوية


العالم للأمة بدرها الساري، وسلسالها الجاري، لا سيما أئمة الدين، وعلماء الشريعة؛ ولذلك كان فقدهم من أعظم الرزايا، والبلية بموتهم من أعظم البلايا، وأنَّى للمدلجين في دياجير الظلمات أن يهتدوا إذا انطمست النجوم المضيئة.

صح عند أحمد وغيره من حديث أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إنما مثل العلماء كمثل النجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة **.

يقول الإمام أبو بكر الآجري رحمه الله: "فما ظنكم بطريقٍ فيه آفات كثيرة، ويحتاج الناس إلى سلوكه في ليلة ظلماء، فقيض الله لهم فيه مصابيح تضيء لهم، فسلكوه على السلامة والعافية، ثم جاءت فئامٌ من الناس لا بُدَّ لهم من السلوك فيه فسلكوا، فبينما هم كذلك إذ أطفئت المصابيح فبقوا في الظلمة، فما ظنكم بهم؟ فهكذا العلماء في الناس".

وحسبكم يا عباد الله! في بيان فداحة هذا الخطب، وعظيم مقدار هذه النازلة، قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الشيخان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: {إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً؛ اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا **.

ويُوضح ذلك ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {تظهر الفتن، ويكثر الهرج، ويقبض العلم ** فسمعه عمر فأثره عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: [[إن قبض العلم ليس شيئاً يُنتزع من صدور الرجال، ولكنه فناء العلماء ]].



أقوال السلف في فضل العلماء


ولقد أخبر حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا [الرعد:41] قال: [[ بموت علمائها وفقهائها ]].

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [[عليكم بالعلم قبل أن يُقبض، وقبضه ذهاب أهله ]].

وقال الحسن رحمه الله: "موت العالم ثلمة في الإسلام، لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".

وقيل لـسعيد بن جبير رحمه الله: "ما علامة الساعة وهلاك الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم".

ولما مات زيد بن ثابت رضي الله عنه قال ابن عباس رضي الله عنهما: [[من سرَّه أن ينظر كيف ذهاب العلم فهكذا ذهابه ]]، وقال رضي الله عنه: [[لا يزال عالم يموت وأثر للحق يدرس حتى يكثر أهل الجهل، ويذهب أهل العلم، فيعمل الناس بالجهل، ويدينون بغير الحق، ويضلون عن سواء السبيل ]].

وفي الأثر عن علي رضي الله عنه قال: [[إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف منه ]].

وقال رجل لـابن سيرين رحمه الله: إني رأيت الليلة أن طائراً نزل من السماء على ياسمينة، فنتف منها، ثم طار حتى دخل السماء، فقال ابن سيرين رحمه الله: "هذا قبض العلماء".

فلم تمض تلك السنة حتى مات الحسن ، و ابن سيرين ، و مكحول ، وستة من العلماء بالآفاق، وقد كان السلف -رحمهم الله- يأسون أشد الأسى لفقد واحدٍ منهم، يقول أيوب رحمه الله: "إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة فكأني أفقد بعض أعضائي".

وأخرج اللآلكائي : أن حماد بن زيد قال: "كان أيوب يبلغه موت الفتى من أصحاب الحديث فيرى ذلك فيه، ويبلغه موت الرجل العابد فما يرى ذلك فيه".

وقال يحيى بن جعفر : "لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل -أي: البخاري - من عمري لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموته ذهاب العلم".

وأورد الخطيب البغدادي عن عبد الله بن عبد الكريم قال: كان محمد بن داود خصماً لـأبي العباس بن سريج القاضي وكانا يتناظران، ويترادان في الكتب، فلما بلغ ابن سريج موت محمد بن داود ، نحى مخاده ومشاوره وجلس للتعزية، وقال: ما آسى إلا على تراب أكل لسان محمد بن داود .



موت العلماء ثلمة لا تسد



وقال أيوب : "إن الذين يتمنون موت أهل السنة يُريدون أن يُطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون"" أخرجه اللآلكائي .

تشنف المسامع، بل تذرف المدامع، لذلك -أيها المسلمون- في الوقت الذي رُزئت فيه أمتنا الإسلامية في هذه الآونة الأخيرة بفقد كوكبة من علمائها وفضلائها، ووفاة نخبة من فقهائها ونبلائها، فما إن كفكفت الأمة دموعها، ولملمت ضلوعها على فقد طودٍ منهم، حتى رُزئت بفقد آخر في انفراطٍ لعقد متلألئ وضاء، وتناثر لحباته المناسقة، وبموت هؤلاء الجهابذة تُطوى صفحات لامعة، وسجلات ناصعة، من خصال الخير المتكاثرة.

إنهم نماذج شامخة، وأطواد راسخة في العلم والتقوى، وأعلام بارزة في السنة والفقه والفتوى، فضائلهم لا تُجارى، ومناقبهم لا تُبارى، ثلمتهم لا تسد، والمصيبة بفقدهم لا تُحدِّ، والفجيعة بموتهم نازلة لا تنسى، وفاجعة لا تمحى، والخطب بفقدهم جلل، والخسارة فادحة، ومهما كانت الألفاظ مكلومة، والجمل مهمومة، والأحرف ولهى، والعبارات ثكلى، فلن تستطيع التعبير، ولا دقة التصوير، فليست الرزية على الأمة بفقد مال، أو بموت شاة أو بعير، كلَّا ثم كلَّا، ولكن الرزية أن يفقد عالم يموت بموته جمعٌ غفير، وبشر كثير، فموت العالم ليس موت شخص واحد، ولكنه بنيان قوم يتهدم، وحضارة أمة تتهاوى.

عباد الله! وتعظم الفجيعة إذا كان من يفقد متميز المنهج، فذ العبقرية، متوازن النظرة، متماسك الشخصية، معتدل الرؤى.

أمة في إمام، أئمة في رجل، نسيج بمفرده، وطراز مستقل وحده، من دعاة العقيدة الصحيحة، والمعتنين بالدليل والأثر، والمتحلين بالاعتدال والوسطية، والحريصين على الجماعة، والنصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، على الرغم من حصول زوابع، وهبوب عواصف، وهيجان أمواج، تعرضت فيها الأمة للكثير من جوانب الخلل العقدي والفكري والأخلاقي، فما كان من هذا الطراز المتميز إلا الاجتهاد في حسن التوجيه، لتماسك بنية المجتمع، والحفاظ على أمن الأمة بصوره المتعددة، وجوانبه المختلفة، حتى لكأنهم مدارس جامعة، يصدر عنهم الرأي في النوازل، والمنهج في المستجدات، والمسلك الأسلم في المتغيرات، تمسكاً بالتأصيل الصحيح، والمنهجية المنضبطة بضوابط الشرع، فلا غرو إذاً أن يكون موتهم هزة عنيفة الوطء، شديدة الأثر، محلياً وإقليمياً وعالمياً، في الوقت الذي تُعاني فيه أمتنا الإسلامية ظروفاً عصيبة في عالم اليوم الذي يموج بالتحديات، وتكتنفه سرعة المتغيرات، وتعصف بعوامل استقراره المستجدات، وتضج فيه أنواع من الفوضى الفكرية الوافدة، والاتجاهات العقدية المتنوعة.

إنَّ ما تموج به الساحة من فوضى الاجتهاد عند بعض المتعالمين، في أطروحات عرجاء، ومداولات ممجوجة، وكارثة الفوضى في الفتيا، والقول على الله بغير علم، والتلاعب بالحلال والحرام حسب الأهواء، أمام طوفان هائج من العولمة والتغريب، ومن هنا فإن غياب العلماء الراسخين، يخلي الساحة لتصدر الرويبضة، ونطق أنصاف المتعلمين، مما تحتاج معه الأمة إلى وقفات حازمة لوضع الضوابط الشرعية في المجالات كافة، حتى تعبر سفينة الأمة بأمانٍ في بحر الفتن المتلاطم، وسير المحن المتفاقم، إلى شاطئ السلامة وبر النجاة، حتى يسد الطريق أمام المصطادين في الماء العكر.

أمة الإسلام! إنَّ من حسن العزاء عند فقد العلماء: أن دين الله محفوظ، وشريعته باقية، وخيره يفيض ولا يغيض، فأعلام الديانة مرفوعة بحمد الله: {ولا تزال طائفة من أمتي -أمة محمد صلى الله عليه وسلم- على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ** كما صح بذلك الخبر عن سيد البشر عليه الصلاة والسلام، خرَّجه مسلم وغيره.

وأخرج أبو داود بسند جيد، و الحاكم وصححه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها **.. ** وَعَلَمُ هذا الدين يحمله من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين **.

ولم تصب الأمة بمصيبة هي أعظم من مصابها بفقد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فالمصيبة بفقد من بعده تهون، مهما كان شجاءً.

كما أن من حسن العزاء أن هؤلاء العلماء -رحمهم الله- باقون بذكرهم.. أحياء بعلمهم، يلهج الناس بالثناء عليهم والدعاء لهم، ويجتهدون في اقتفاء آثارهم، وترسم خطاهم، علماً وعملاً، ودعوة ومنهاجاً، تشبهاً بالكرام إن لم يكونوا مثلهم، فذلك أمارة الفلاح.

كما أنَّ مِنْ حسن العزاء -أيضاً- أن علماء الشريعة -ولله الحمد والمنة- مُتوافرون عبر الأعصار والأمصار، يحي الخلف منهج السلف، وأمة الإسلام أمة معطاءة، زاخرة بالكفاءات، ثرية بالعطاءات، مليئة بالقدرات، ولن يخور العزم ويضعف العطاء -بحول الله- بفقد علم بارز، ففي الأمة -بحمد لله- من سيحمل مشعل الهداية، وراية العلم والدعوة، ويسد الثغرة، وينهض بالمسئولية العلمية والدعوية، وما علينا إلا أن نسمو بهممنا، وننهض بمهماتنا في نصرة دين الله، ونفع عباد الله.......


الحث على الدعوة وطلب العلم



فيا علماء الشريعة! نناشدكم الله أن تكونوا خير خلف لخير سلف، الله الله.. في استنهاض الهمم، انزلوا بثقلكم إلى ميدان التعليم والتوجيه، وابذلوا وسعكم في ملء ساحة الدعوة والنصح للأمة، فقد أخذ عليكم العهد والميثاق:لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187] وصونوا علمكم عن الدنايا، وترفعوا عن مواطن الريب، وتحلوا بسمت العلماء الربانيين.

واعلموا أن التقاعس في أداء هذه المهمة يجرئ العوام وأنصاف المتعلمين على الخوض في أمور الدين وهم ليسوا منها في ورد ولا صدر.

ويا طلاب العلم! ويا شباب الإسلام! الله الله.. في جمع ما تناثر من عقد المحبة والصفاء، والمودة والولاء، وانتظامه فيما بينكم في نسيج وحدوي متميز، تتماسك فيه أيدينا مع أيدي ولاتنا وكبار علمائنا، قطعاً لدابر الخلاف، وحسماً لأسباب النزاع والشقاق أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى:13] وحذارِ من بوادر اليأس، وإطلالة التشاؤم التي قد تطفو على السطح في ميادين العلم والدعوة والحسبة والإصلاح، فإن هول الفواجع يقتضي كمال الرضا بقضاء الله وقدره، وعدم الاستسلام للجزع والتسخط، مع حسن التصرف في الأمور، وألا تغلب العواطف والانفعالات على العقل والتأصيل وحسن العمل والتدبير، فدين الإسلام دين علم وعمل، وليس خواطر وانفعالات.

فبالعلم تُضبط المسيرة، وتُهدى الأمة، ولا يأس من روح الله ولا قنوط من رحمة الله، والخير في هذه الأمة باقٍ إلى قيام الساعة، والله وحده هو المسئول أن يلهمنا رشدنا، وأن يغفر لمن مات من علمائنا، ويرفع درجاتهم في المهديين، وأن يوفق الأحياء لبيان الحق والدعوة إليه، وأن يرزقهم التسديد والتأييد، ويكتب لهم القبول ودوام النفع، وأن يخلف على الأمة الإسلامية خيراً، ويحفظها من شرور الغير، وهول الفواجع، فلله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، والحمد لله على قضائه وقدره، وهو وحده المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، اللهم أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.......


تقدير العلماء واحترامهم من تعظيم الدين



الحمد لله نواصينا بيده، ماضٍ فينا حكمه، عدلٌ فينا قضاؤه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الدائم عطاؤه، العظيمة آلاؤه، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، المتألق نوره وبهاؤه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، ما ليلٌ سجى، وما صبح بدا، وسلم تسليماً أبدياً سرمداً.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله! وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة:281] واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

أيها الإخوة في الله! إن تقدير مكانة العلماء أحياءً وأمواتاً إنما ينبع من تعظيم الشريعة التي احتفت بهم، والدين الذي كرمهم وحفل بهم: بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت:49] ومن أعلى قدر الشريعة أعلى قدر حملتها، وهذا ما تميزت به بلاد الحرمين الشريفين حرسها الله، ففيها تعانق سلطان العلم مع سلطان الحكم، في نسيجٍ مترابط، وانسجامٍ متكامل، لم يشهد التاريخ المعاصر له مثيلاً، ففتحت الأمة قلوبها ولاءً لولاتها وعلمائها، وقام ولاة الأمر فيها بتشجيع علمائها وطلاب العلم فيها، مما يمثل شاهداً من شواهد الثوابت الراسخة التي قامت عليها منهجية هذه البلاد نصرها الله ما نصر الدين.

فارتقت -بحمد لله- إلى سلم التميز الفريد في عالم يموج بالفوضى والاضطرابات، وتلك نعمة نسأل الله أن يحفظها ويرزقنا شكرها، تعاوناً وتلاحماً بين الرعاة والرعية، والعلماء والعامة، والشباب والشيوخ، وأن تتواصل حلقات العطاء، وسلاسل الوفاء، أداءً لحق من سبقنا من العلماء، وربطاً للأجيال والناشئة بعلمائهم الذين تميزوا بفضل الله بالمرجعية العالمية في العلم والفتوى، لما تحلوا به من اعتقاد صحيح ومنهج سليم.

والحق أنهم أتعبوا من بعدهم، وتركوا فراغاً يصعب ملئه، ولكن الأمل في الله -عز وجل- ثم في البقية المباركة من علمائنا الأجلاء الذين نرجو أن يكونوا خير خلف لخير سلف، فلا تزال -بحمد لله- شجرة أئمة الدعوة الإصلاحية المباركة تُؤتي أُكلها كل حين بإذن ربها، يحملها اللاحق عن السابق، في سلاسل ذهبية في نفع البلاد والعباد، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:21].

ألا واعلموا -رحمكم الله- أن من أفضل أعمالكم، وأرفعها في درجاتكم، كثرة صلاتكم وسلامكم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، نبيكم محمد بن عبد الله، كما قال ربكم جل في علاه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتك وكرمك يا أكرم الأكرمين!

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مُطمئناً وسائر بلاد المسلمين.


موقع اسلام ويب
http://audio.islamweb.net/audio/inde...id=28228#28613

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 14-07-2009, 01:58 PM   #2
معلومات العضو
***
عضو موقوف

افتراضي

بارك الله فيك أختنا الفاضلة القصواء

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 08:08 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com