أخذت قلما وورقة .. لأكتب عن أبيّ صامد .. قوي العزم شامخ .. كنهيم الأسد صادح
عن مقيد بالأغلال والسلال .. يمكث بين سود جدران ومتين قضبان
أردت أن أكتب عن أسد رابض في العرين .. عن مرابط على ثغر العراق والشيشان وفلسطين
كيف أصفه وبأي العبارات أذكره .. ماذا أكتب عنه .. كيف ومن أين أبدأ
هل بعزمه وصموده .. أم بشرفه وشموخه
ماذا أقول وأنا بين الأفكار أصول وأجول .. وكأن لسان حالي يقول : أشيروا علي أيها الناس
اجتررت الأفكار تلو الأفكار .. وأرسلت إشارات إغاثة توجب على الأحداث التكرار
لم يستطع حبره أن ينحدر على الورقة كاتبا
ربما كان عجزه لعظم ما سيكتب .. أو ربما هي يدي التي انتفضت لتآزر ذلك القلم
أو ربما حبر ذلك القلم قد جمد من شدة الأفكار
احتمالات متعددة قد تكون كلها مجتمعة وواحدة منها كفيلة بمنع كاتب عن كتابة مقاله .. أو منع أديب عن إكمال إبداعه .. أو تحول بين شاعر وشطر بيته
وبدلا من أن يكون النزاع بين طرفين تحول إلى الثالث
إذ الثالث لهما بمثابة الأعضاء من الجسد
فالأول – أي القلم – بمثابة القلب النابض الذي يمد الجسم بالدم والثاني - أي اليد – عقل مدبر ينقل الإبداع إلى العضو الثالث – وهو الورقة –
وحين يكون العقل والقلب والأعضاء من الرافضين لشيء معين فهذا يعني أن ذاك الأمر محال
حينها حاولت النفس أن تجبر اليد على الكتابة فكأنما وقف القلم حائلا بينهما
اشتد بينهما الخصام وبدأ النزاع يُجلب .. وكأن جمعهما من بعد سيتلبلب .. أو كأني على أعتاب صراع سينشب
إذ حدة الصراع تسقط حبرا أسودا على تلك الورقة
حين تنظر إليه تراه أشد من عتمة الليل
فتتذكر ذاك العرين شديد السواد .. وصاحبه في العتمة لا ينسى رب العباد .. ويقوم لله قانتا كما هم الزهاد .. فلما تراءى لي ذلك قلت : يا نفس أنت أقرب للحياد
فالقلم ليس أهلا لوصف الكرام .. وإن كتب لن ينصف فخشيت أن توصفي بين اللئام .. فيقال إنما أرادت أن تغرر بالأنام
فأبدلت العبارات بنقاط لتدل على كلام كثير تعجز النفس عن وصفه ..........
وكأنما هي الهدنة بين تلكم الأعضاء
ثم انتهى ذاك الأمر بأني قد عجزت عن وصفك أيها الرابض في العرين
لكم الله يا أسرى العزة