يعاني مجتمعنا الحالي من نقص كبير في ( الانسانيات ) ....
كيف نقبل بعضنا البعض،
كيف نحاور بعضنا البعض،
كيف نفهم بعضنا البعض،
كيف نبني الجسور مع بعض بعضنا البعض،
كيف نحترم بعضنا البعض، حتى وإن لم نقبل آراء بعضنا البعض،
كيف نقدر بعضنا بعضاً،
كيف نبحث عن المساحة المشتركة فيما بيننا، ونقوم بتوسيعها ،
جزء في دائرتك وجزء في دائرتي، هذا فكرك وهذا فكري،
صحيح أن الله تعالى خلقنا مختلفين،
ولكنه - بالتأكيد - بين فكرك وفكري يوجد مساحة في المنتصف.
ولا نعرف .. هل هذا التراجع ناجم عن زيادة المعرفة العلمية والاهتمام بتحصيل كافة انواع المعارف ، مع اهمال الجانب الانساني
ام ان ضغوط الحياة ومشاكلها التي تختلف بطبيعة الحال عن هموم حياة الانسان السابقة هي ما جعلت الانسان ( انانيا ) غارقا بمشاكله ، مغلقا على نفسه باب داره ، لا يجمعه بالاخرين الا مجاملات حتمية....( انا لنفسي ).....
كيف من الممكن ان نغرس الانسانيات بداخلنا دون اجترار للمبررات الاضطرارية التي تفرض على بعضنا تقبل الآخر ، كمحيط العمل او العائلة او الدراسة .....
ان مشكلتنا الاساسية هي ...... الاحساس بالآخر ...
فتجد الزوجة تشكو من عدم إحساس زوجها بها،
والأم تشكو من عدم إحساس أبنائها بها ،
و الأبناء كذلك ....
والموظف يشكو من عدم إحساس مديره به ،
والمدير يظن ان الموظفين لا يشعرون به وبالمسئوليات الملقاه على عاتقه ،
والجار يشكو من تجاهل جاره له وعدم إحساسه به والتعدى على حقوقه وهكذا ..
وبعدها .. نفقد حاسة السمع !
فلا يعود احدنا يسمع الآخر.....وبالتالي ...
نحن لا نفهم بعضنا البعض،
ولا نستطيع توقع تصرفات الأخرين او فهمها حتى ، ثم تتوالد الفجوات المخيفة
ونبادر ( بردم هذه الفجوات ) عن طريق تفسير المواقف الغامضة على هوانا ،
واحيانا لا يكون علاقة لهذه التفسيرات بالواقع !
وبعدها نتوصل الى سوء الظن واصدار القرارات بل والاحكام ...
اننا نغرق في بحر اللافهم......
إننا لا نفهم بعضنا بعضًا، لا في ثقافاتنا المختلفة، ولا في العائلة الواحدة، ولا بين الآباء وأبنائهم، ولا بين الزوجين.
وإذا ما كان هناك شيء لا بدَّ من تعليمه حتمًا ........فهو كيف نفهم بعضنا بعضًا.
نحتاج فقط ان نرتدى حذاء الاخرين ونقف فى اماكنهم حتى نقدر ونفهم مواقفهم بإحساس صادق وانصات كبير ، وليس على طريقة نحن في واد وهم في واد .
لا تنعزل عن من حولك بل اقترب منهم.
واجتهد في ايجاد المناطق المشتركة بينك وبينهم مهما خالفوك الرأي
تأمل كيف دعا القرآن الكريم الى ايجاد مناطق مشتركة مع الآخرين
قال تعالى : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاًَ وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ..."(آل عمران 64)