آداب الابن مع الوالدين
لميقرن الله تعالى الى عبادته وحده شيئا سوى الإحسان الى الوالدين، ولم يعطف شكر أحدالى شكره وهو مصدر كل نعمة وخير وفضل وعطاء سوى شكر الوالدين:
قالتعال: )وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاًوَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً( النساء 36.
وقال تعالى: )أَنِاشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)( لقمان.
وليس بعد ذلكالشرف العظيم، والوسام الكريم، والحكم الالهي الحكيم تفصيل لمتكلم، ولا تعقيبلمعقب، ولا زيادة لمستزيد.
إنها وصية الله جلّ ذكره( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً( العنكبوت 8.
ووصيةنبيه الكريمصلى الله عليه وسلم القائل:
( الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفسواليمين الغموس( رواه البخاري.
ومن واقع الحياة ننظر الى الموقفين الصالحينالمحبوبين المرزوقين فنجدهم بارين بوالديهم وننظر الى الأشقياء المحرومين وإلى غلاظالقلوب والمرذولين فنجدهم عاقين لوالديهم.
ومن طرائف ما يذكر أن رجلا سمعأعرابيا حاملا أمه في الطواف حول الكعبة وهو يقول:
إني لها مطية لا أذعر **** إذا الركاب نفرت لا أنفر
ما حملت وأرضعتني أكثر **** الله ربي ذو الجلالأكبر
ثم التفت الى ابن عباس وقال: أتراني قضيت حقها؟
قال لا ولا طلقةمن طلقاتها، ولكنك أحسنت، والله يثيبك على القليل كثيرا. وهذه باقة من الآدابالإسلامية مع الوالدين.
1 »»العلم بأن الله تعالى أوصى ببرهما، وحسن صحبتهما،والإحسان إليهما، وقرن ذلك بعبادته، وتعظيما لشأنهما، وتكريما لقدرهما، وأن النبيصلى الله عليه وسلم أوصى بصلتهما وطاعتهما وخدمتهما، وجعل عقوقهما من أكبر الكبائر.
قالتعالى:)وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَاأَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَاقَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (24)( الإٌسراء.
وعن أبيهريرةرضي الله عنه قال: جاء رجل الى رسول اللهصلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال:أمّك ثم أمّك ثم أمّك ثم أباك ثم أدناك أدناكمتفق عليه.
وعن أبيبكرةرضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ( ثلاثا). الشرك بالله،وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور( .
2 »»السلام عليهما عند الدخول عليهماوالخروج من عندهما، وقرن السلام بتقبيل يديهما.
3 »»تعظيم قدرهما، وإكرام شأنهما وإجلال مقامها،والوقوف لهما احتراما عند دخولهما.
4 »»التأدب عند مخاطبتهما، ولين القول لهما، وعدم رفعالصوت فوق صوتهما.
5 »»تلبية ندائهما، والمسارعة لقضاء حوائجهما، وطاعةأمرهما، وتنفيذ وصاياهما، وعدم الاعتراض على قولهما، إلا إذا أمرا بمعصية فلا طاعةلمخلوق في معصية الخالق.
قال تعالى:) وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَافِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15)( لقمان.
6 »»إدخال السرور على قلبيهمابالإكثار من برّهما، وتقديم الهدايا لهما، والتودد لهما بفعل كل ما يحبانه ويفرحانبه.
7 »»المحافظة علىأموالهما وأمتعتهما، وعدم أخذ شيء منهما إلا بإذنهما.
8 »»المحافظة على سمعتهما، والحذر من التسبب فيشتمهما.
عن عبدالله بن عمرورضي الله عنه ما أن النبيصلى الله عليه وسلم قال:من الكبائر شتم الرجل والديه. قالوا: وهل يشتم الرجل والديه؟ قال:نعم، يسب أبا الرجل فيسبّ أباه، ويسبّ أمه فيسبّ أمه. متفق عليه.
9 »»تفقد مواضع راحتهما، وتجنبإزعاجهما أثناء نومهما، أو الدخول عليهما في غرفتهما إلا بإذنهما.
10 »»تجنب مقاطعتهما في كلامهما، أومجادلتهما، أو معاندتهما، أو لومهما، أو السخرية منهما، أو الضحك والقهقهةبحضرتهما.
11 »»تجنبمد اليد الى الطعام قبلهما، أو الاستئثار بالطيبات دونهما.
12 »»تجنب التقدم في المشي عليهما، أوالدخول أو الخروج أو الجلوس قبلهما.
عن أبي هريرةرضي الله عنه أنه رأى رجلينفقال لأحدهما:ما هذا منك؟ قال: أبي. فقال: لا تسمّه باسمه، ولا تمش أمامه، ولا تجلسقبله.
13 »»تجنبالاضطجاع أو مد الرجل أمامهما، أو الجلوس في مكان أعلى منهما.
14 »»استشارتهما في جميع الأمور،والاستفادة من رأيهما وتجربتهما وقبول نصائحهما.
15 »»الإكثارمن الدعاء لهما، والطلب من الله تعالىأن يجزيهما كل خير على فضلهما وإحسانهما وتربيتهما.
16 »»الإكثارمن زيارة قبريهما إن توفيا، والإكثارمنذكرهما والترحم عليهما.
17 »»العمل بوصيتهما، وصلة أرحامهما، وخدمة أحبابهما منبعدهما.
عن مالك بن ربيعة الساعديرضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسولاللهصلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله هل بقي من برّ أبويّ شيءأبرهما به بعد موتهما؟ فقال:نعم، الصلاة عليهما، والاستغفارلهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرامصديقهما . رواه أبو داود.
18 »»تجنّب الأمور المؤدية الى العقوق ومنها:
الغضب منهما، والنظر شزر لهما،والإعراض بالوجه عنهما، والتأفف من قولهما أو فعلهما، والتضجر منهما، ورفع الصوتعليهما، وقرعهما بكلمات مؤذية أو جارحة، وجلب الإهانة لهما، والاستعلاء عليهما،واعتبار الولد نفسه مساويا لأبيه أو أفضل من والديه، والحياء من الانتساب اليهمالفقرهما بعد أن يصبح ذا مركز أو نعمة أو جاه، والبخل عليهما ونسيان فضلهما، وتفضيلغيرهما عليهما، ومصاحبة إنسان غير بار بوالديه.
قال عليّ كرّم الله وجهه: لوعلم الله تعالى شيئا في العقوق أدنى من كلة (أف) لحرمّه. فليعمل العاق ما شاء أنيعمل فلن يدخل الجنة، وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار.
* * *