السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه رسالة كنت قد جمعت منها شتاتا ولكن أكملتها مؤخرا وكل بقدر الله تعالى وعذرا فلم أراجعها فقد نسختها مباشرة والله الموفق إلى سواء السبيل وأترككم مع الرسالة
شهود العيان على شرعية الختان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه أجمعين’’’’’’’’ ثم أما بعد
فهذا سفر جمعته وهو من قليل البضاعة لتبيين شرعية الختان دون التطرق إلى مناقشة أقوال العلماء في قضية وجوب أو استحسان العلماء للختان وهو الذي لم يشذ عنه مذهب من المذاهب فهو دائر بين الوجوب والاستحسان سواء على الذكور أو الإناث ولم أقصد فيه الاستقصاء في الأدلة فهي لاتحصى ولكن أردت فيه الاكتفاء لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فجاء السفر قليلا صفحاته عظيما قدره وليس لذاته ولكن تباركا بما فيه من آيات بينات واضحات وأدلة من السنة قويات جليلات وفهم السلف الصالح لكلام رب البريات وسنة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأسال الله تبارك وتعالى أن يجعله خالصا لوجه وألا يكون فيه لغيره نصيب وأن يكون موافقا لشريعته ( صلى الله عليه وسلم ) إنه ولي ذلك والقادر عليه ,
وستحتوي المادة على :
1- معنى الختان
2- دلائل من الكتاب على شرعيته
3- دلائل من السنة على شرعيته
4- كلام المذاهب في الختان
5- فتوى مفتي الديار الأسبق في الختان للشيخ علي جاد الحق
6- لماذا أشاعوا تحريم الختان
7- كلمة لله عز وجل
الآن مع مادة السفر :
أولا : معنى الختان :
قال الإمام النووي :
الختان مصدر (ختن) أي قطع والختن : قطع الجلدة التي تغطي الحشفة من الذكر وقطع الجلدة التي في أعلى فرج الأنثى .
( المجموع ( 1/ 301)
وقال الإمام ابن القيم :
الختان اسم لفعل الخاتن وهو مصدر كالنزال والقتال وسمي به موضع الختن أيضا ,,,,,,,
وقال ( ويسمى في حق الأنثى خفضا يقال ختنت ختنا وخفضت الجارية خفضا ويسمى في الذكر إعذارا ,,,,,,,,)
( تحفة المودود ( 109)
قلت : ويعني أن الختان قد يستعمل في حق الذكر والأنثى ولكن الأظهر أن اسم الختان معروف أنه للذكر ولفظ الخفض معروف أنه للأنثى وهو الأشهر ولذلك قال ابن سيده في كتابه (المحكم والمحيط الأعظم (2/290):
( وخفض الجارية يخفضها خفضا وهو كالختان للغلام وقيل خفض الصبي خفضا ختنته فاستعمل في الرجل والأعرف أن الخفض للمرأة والختان للصبي)
قلت : إذا فهي أسماء لمسمى واحد أي فعل واحد فهي اختلاف في الألفاظ والفعل لكليهما واحد والله أعلم .
ثانيا : دلائل من الكتاب :
قال تعالى : ** ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ** النحل ( 123 )
قلت: ومن ملة إبراهيم ( عليه السلام ) أنه اختتن والذي يؤكد أهمية الاختتان أنه اختتن ( عليه السلام ) عندما مر عليه ثمانون سنة ولم يتركها رغم مروره كل هذا العمر وهو قليل بالنسبة لأعمارهم ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة ( رضي الله عنه ) أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( اختتن إبراهيم خليل الرحمن عندما أتت عليه ثمانون سنة ) البخاري ( 6298) , مسلم ( 370 ) .
وفي هذا النص دلائل أو فوائد وسنقتصر على الشاهد :
• أن الختان سنة من سنن الأنبياء
فنحن مأمورون باتباع الأنبياء جمعيا ما أقره النبي (صلى الله عليه وسلم ) ولم يكن في شرعنا منسوخا وهو أمر لازم بدوره
للذكور والإناث فليس ثمة أمر يدل على نسخ يفيد أن الأمر ها هنا مختص بالذكور دون الإناث .
•مدى أهمية الختان عند خليل الرحمن والذي دفعه إلى عدم ترك الختان حتى بعد بلوغه ثمانين سنة .
•قص النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الخبر والذي يدل على أن في الأمر سنة وإلا ما كان لقصه ذاك حينئذ فائدة وهو معصوم من العبث فضلا على أنه أخبر أنه من الفطرة والذي سيأتي تعريفه ( إن شاء الله )
•تشريع الختان في حق الذكور والإناث وهذا يظهر من سياق النص لما فعله إبراهيم ( عليه السلام ) والذي أمرنا الله تعالى أن نتبعه والخطاب يشمل الذكور والإناث والله أعلم.
ومن أدلة الكتاب أيضا :
قوله تعالى ** وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ** البقرة ( 124 )
قال الإمام ابن كثير"
" وقد اختلف في تعيين الكلمات التي اختبر الله بها إبراهيم ( عليه السلام ) فروي عن ابن عباس في ذلك روايات , فروي عنه : ابتلاه الله بالمناسك , ابتلاه الله بالطهارة , خمس في الرأس وخمس في الجسد , قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس وفي الجسد تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء "
قلت : الحديث قد رواه الطبري في تفسيره ( 1910) والحاكم في مستدركه ( 2/266) وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ( رحمهما الله )
وقال رحمه الله ( أي ابن كثير ):
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس : أنه كان يقول في هذه الآية : قال : عشر , ست في الإنسان , حلق العانة ونتف –
الإبط والختان ,,,,,,,,)
انظر مختصر ابن كثير تحقيق العلامة أحمد شاكر( 1/154و155)
فانظر أخي الكريم كلام السلف الصالح يقول ابن عباس أن الختان مما قد ابتلى الله به آدم (عليه السلام ) أي أمره بها مختبرا له بها - أي يطيع أم يعصي - فأتمهن - أي فعل ما أمره الله به - فهلا أطعناه ...؟
وقال النووي في المجموع ( 1/298) :
( فإن قيل لا دلالة في الآية على وجوب الختان لأنا أمرنا بالتدين بدينه فما فعله معتقدا وجوبه فعلناه معتقدين وجوبه وما فعله ندبا فعلناه ندبا ولم يعلم أنه كان يعتقده واجبا: فالجواب أن الآية صريحة في اتباعه فيما فعله وهذا يقتضي إيجاب كل فعل فعله إلا ما قام دليل على أنه سنة في حقنا كالسواك ونحوه
ومن ذلك أيضا قوله تعالى :
** فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ** الروم ( 30 )
قلت وقد عرف العلماء معنى الفطرة بشيء واضح ومن ذلك :
ما يقول شارح سنن ابن ماجة تحت حديث الفطرة خمس :
" وهي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي فطروا عليه "
وانظر حاشية السندي (1/19) ونيل الأوطار (1/19)وعمدة القاري للعيني ( 22/45)
قال صاحب الفواكه الدواني على رسالة أبي زيد القيرواني(8/182 ):
( بَابٌ فِي ) تَفْسِيرِ ( الْفِطْرَةِ ) مِنْ قَوْله تَعَالَى : ** فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ** فَإِنَّ الشُّيُوخَ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهَا ، فَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا بِالسُّنَّةِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا لِأَنْبِيَائِهِ وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ حَتَّى صَارَتْ كَأَنَّهَا أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ فُطِرُوا عَلَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا بِالْخِصَالِ الَّتِي يَتَكَمَّلُ بِهَا الْإِنْسَانُ بِحَيْثُ يَصِيرُ بِهَا عَلَى أَشْرَفِ الْأَوْصَافِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا بِالدِّينِ وَرُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : ** كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ** .)
قلت : ومن الفطرة التي فطر الله الناس عليها : الختان , وأما من فسرها بالإسلام فهو يشمل ما نقول وزيادة وليس في ذلك ثمة مناقضة والحمد لله والذي يدل على ذلك ما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة ( رضي الله عنه ) أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال " الفطرة خمس - وفي رواية مسلم عشر من الفطرة - الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الأباط "
البخاري ( 5891) , مسلم ( 257)
وقد بينا معنى الفطرة وهي :
لها مقصود ها هنا وهي الخصال التي إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها وحشرهم عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرف صورة )صحيح فقه السنة ( 1/97 )
قلت : ولما كان الختان من الفطرة التي خلق الله الناس عليها كما نص الحديث كان هذا دليلا واضحا من الكتاب وبينته السنة على مشروعية الختان واستحبابه سواء للذكر أو للأنثى لما في دخوله في قضية الفطرة والذي يؤيد ذلك أن الله تعالى قال عقب قوله (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) قال (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) يعني أن هذا الفعل ارتضاه لهم وأن تغيرهم له أصبح تغييرا لخلق الله وإن شئت فقل لدين الله لأن الله تعالى قد نهى أن يغير خلقه سواء بقليل أو كثير ولذلك قال الإمام ابن كثير :
وقوله : ** لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ** قال بعضهم : معناه لا تبدلوا خلق الله، فتغيروا الناس عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها. فيكون خبرا بمعنى الطلب، كقوله تعالى: ** وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ** [آل عمران: 97]، وهذا معنى حسن صحيح.
وقال آخرون: هو خبر على بابه، ومعناه: أنه تعالى ساوى بين خلقه كلهم في الفطرة على الجبلة المستقيمة، لا يولد أحد إلا على ذلك، ولا تفاوت بين الناس في ذلك؛ ولهذا قال ابن عباس، وإبراهيم النَّخَعي، وسعيد بن جُبَيْر، ومجاهد، وعِكْرِمة، وقَتادة، والضحاك، وابن زيد (3) في قوله: ** لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ** أي: لدين الله.
وقال البخاري: قوله: ** لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ** : لدين الله، خَلْقُ الأولين: [دين الأولين]، (4) والدين والفطرة: الإسلام.
تفسير ابن كثير ( 6/314)
ولذلك أعقب الله تعالى قوله ( لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) بقوله تعالى :
" ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ " وهو واضح الدلالة أنه يريد بذلك الفطرة عامة يقول ابن كثير :
وقوله تعالى: ** ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ** أي: التمسك بالشريعة (5) والفطرة السليمة هو الدين القويم المستقيم، ** وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ** أي: فلهذا لا يعرفه أكثر الناس، فهم عنه ناكبون، كما قال تعالى: ** وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ** [يوسف: 103]، ** وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ** [الأنعام: 116].
تفسير ابن كثير ( 6/407)
والأمر أوضح من أن يبين لذوي الألباب والله المستعان
ثالثا : دلائل من السنة :
1_عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ ( الموطأ حديث 92)وصححه العلامة الألباني
قال صاحب كتاب المنتقي شرح الموطأ :عقب هذا الحديث "
: قَوْلُهُ إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ يُرِيدُ خِتَانَ الْفَرْجِ وَخِتَانَ الذَّكَرِ وَلَا يَتَمَاسَّانِ إِلَّا بِالْإِيلَاجِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ
( المنتقي 1/105)
وقال في الموطأ :
- و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ
إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ
والحديث في أقصى درجات الصحة فهو أصح إسناد إلى ابن عمر والله أعلم
قال صاحب المنتقي :
قَوْلُهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ يَدُلُّ عَلَى تَكَرُّرِ هَذَا الْقَوْلِ عَنْهُ وَاعْتِقَادِهِ لَهُ وَأَخْذِهِ بِهِ)
( المنتقي 1/109)
قلت :
وفي هذا دلالة على أنه كان يعتاد القول به كما سلفه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وليس كان يقولها تحرجا منعا من التصريح بلفظ آخر يفيد به فرج المرأة وكأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لا يستطيع أن يأتي بكلمة تفيد بهذا القول والذي قال في حق نفسه ( أوتيت جوامع الكَلِم )
فها هو يصرح نافع رحمة الله أن ابن عمر كان يقول وهي تفيد الاستمرار كما فهم ذلك أيضا صاحب كتاب المنتقي وهو من علماء المالكية أن ابن عمر كان يقول إذا جاوز الختان الختان فسمي فرج المرأة الختان أي موضع الختن أي مكان فعله وليس الفعل نفسه فالعرب يطلقون اسم الفعل على موضعه وهذا من جنسه وليس كما يقول بعض الذين ليس لهم نصيب من العلم في هذا أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقولها تحرجا أو أنه يقولها تأدبا ولكن كان ينبغي أن يقول كما قال بعض أهل العلم أنه قال الختان ها هنا على فرج المرأة للتغليب أو المشاكلة يعني بين الذكر والأنثى مع أنه نفس الفعل ولذلك قال صاحب كتاب تنوير الحوالك على موطأ مالك
(إذا مس الختان الختان قال أهل اللغة ختان المرأة إنما يسمى خفاضا فذكره هنا بلفظ الختان للمشاكلة) تنوير الحوالك ( 1/66)
وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه بابا في ذلك مشيرا إلى هذا فقال :
بَاب إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ
ولذلك قال الحافظ ابن حجر في الفتح تعقيبا على هذا التبويب:
قَوْله : ( بَاب إِذَا اِلْتَقَى الْخِتَانَانِ )
الْمُرَاد بِهَذِهِ التَّثْنِيَةِ خِتَان الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْخَتْن قَطْع جِلْدَة كَمَرَتِهِ وَخِفَاض الْمَرْأَة وَالْخَفْض قَطْع جُلَيْدَة فِي أَعْلَى فَرْجِهَا تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ بَيْنَهَا وَبَيْن مَدْخَل الذَّكَر جِلْدَة رَقِيقَة وَإِنَّمَا ثُنِّيَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ تَغْلِيبًا وَلَهُ نَظَائِرُ وَقَاعِدَته رَدّ الْأَثْقَل إِلَى الْأَخَفِّ وَالْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى .
( الفتح 1/456)
كما أن العرب كانوا معروفين بالختان وأقر ذلك النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بل جعله من الفطرة
فضلا على ذلك أن هرقل لما أحب أن يستفسر عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا فإذا هو مختتن ( صلى الله عليه وسلم ) والذي يدل على ذلك ما جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة ( رضي الله عنه ) وفيه (قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالُوا لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَّا الْيَهُودُ فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنْ الْيَهُودِ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا فَنَظَرُوا إِلَيْهِ فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ وَسَأَلَهُ عَنْ الْعَرَبِ فَقَالَ هُمْ يَخْتَتِنُونَ فَقَالَ هِرَقْلُ هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ)
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ
البخاري حديث (5823)
قال صاحب فيض القدير( 3/606):
(قال الشافعي : وهو واجب دون بقية الخمس ولا مانع من أن يراد بالفطرة القدر المشترك الذي يجمع الوجوب والندب وهو الطلب المؤكد كما مر)
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ
مُخَفَّفَةً قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَقَالَ بِالْقَدُّومِ وَهُوَ مَوْضِعٌ مُشَدَّدٌ
البخاري (4285)
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ
مِثْلُ مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ قَالَ وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ
وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا خَتِينٌ
البخاري ( 6824
قال الحافظ في الفتح :
(قَوْله : ( مُلْك الْخِتَان )
بِضَمِّ الْمِيم وَإِسْكَان اللَّام ، ولِلْكُشْمِيهَنِيّ بِفَتْحِ الْمِيم وَكَسْر اللَّام .
قَوْله : ( قَدْ ظَهَرَ )
أَيْ : غَلَبَ ، يَعْنِي دَلَّهُ نَظَره فِي حُكْم النُّجُوم عَلَى أَنَّ مُلْك الْخِتَان قَدْ غَلَبَ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ؛ لِأَنَّ فِي تِلْكَ الْأَيَّام كَانَ اِبْتِدَاء ظُهُور النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
وقال رحمه الله (قَوْله : ( مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة )
أَيْ : مِنْ أَهْل هَذَا الْعَصْر ، وَإِطْلَاق الْأُمَّة عَلَى أَهْل الْعَصْر كُلّهمْ فِيهِ تَجَوُّز ، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْله بَعْد هَذَا مُلْك هَذِهِ الْأُمَّة قَدْ ظَهَرَ ، فَإِنَّ مُرَاده بِهِ الْعَرَب خَاصَّة ، وَالْحَصْر فِي قَوْلهمْ إِلَّا الْيَهُود هُوَ بِمُقْتَضَى عِلْمهمْ ؛ لِأَنَّ الْيَهُود كَانُوا بِإِيلِيَاء وَهِيَ بَيْت الْمَقْدِس كَثِيرِينَ تَحْت الذِّلَّة مَعَ الرُّوم ، بِخِلَافِ الْعَرَب فَإِنَّهُمْ وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ تَحْت طَاعَة مَلِك الرُّوم كَآلِ غَسَّان لَكِنَّهُمْ كَانُوا مُلُوكًا بِرَأْسِهِمْ .)انظر الفتح ( 1/6)
ويدل أيضا على أنه كان من أمر العرب الموافق للفطرة بل إنهم كانوا يخصصون له امراة لختان الإناث ويدل على ذلك ما جاء عند الطبراني من حديث أنس ( رضي الله عنه ) :
( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للخافضة ( أي التي تختن الإناث ) قال أشمي ولا تنهكي فإنه أحظى للزوج وأسرى للوجه ) والحديث أورده الهيثمي في المجمع (5/75) وقال رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن , قلت وقد حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ح722) وقد ضعفه بعض أهل العلم وهذا للأمانة العلمية والله أعلم.
وقد أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث جعفر بن عمرو الضمري قال خرجت مع عبيد الله بن عدي ,,,,,,,,,,,,,, إلى أن قال ( قَالَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ يَا سِبَاعُ يَا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ أَتُحَادُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ )البخاري (11/405)
والشاهد من هذا قوله رضي الله عنه يابن أم أنمار مقطعة البظور أي يابن الخاتنة هذا مما يدل على اشتهار هذا الأمر عند العرب كما بينا آنفا وإن كان قد قالها له في معرض الذم لأنه قال له يابن مقطعة البظور بدلا من الخاتنة وهو الاسم الصحيح لفعل الخاتنة ولكن قالها له ذاما لسباع الذي لم يكن حينئذ مسلما ولذلك قال الحافظ رحمه الله (قَوْله : ( مُقَطِّعَة الْبُظُور )
بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَة جَمْع بَظْر وَهِيَ اللَّحْمَة الَّتِي تُقْطَع مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخِتَانِ ، قَالَ اِبْن إِسْحَاق : كَانَتْ أُمّه خَتَّانَة بِمَكَّة تَخْتِنُ النِّسَاءَ ا ه . وَالْعَرَب تُطْلِقُ هَذَا اللَّفْظ فِي مَعْرِض الذَّمِّ ، وَإِلَّا قَالُوا خَاتِنَة وَذَكَرَ عُمَر بْن شَبَّة فِي " كِتَابِ مَكَّةَ " عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن الْمُطَّلِبِ أَنَّهَا أُمّ سِبَاع وَعَبْد الْعُزَّى الْخُزَاعِيُّ ، وَكَانَتْ أَمَة وَهِيَ وَالِدَة خَبَّاب بْن الْأَرَتّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور .)
وقال أيضا في مقدمة الفتح (1/87):
(فصل ب ظ قوله بظر اللات بفتح أوله وإسكان ثانيه ما يقطع من فرج المرأة عند الختان ومنه قول حمزة يا بن مقطعة البظور)
وقال في المقدمة أيضا(1/108):
(الختان هو الموضع الذي يقطع من الفرج ثم استعمل للفعل قوله ختنه بالتحريك أي صهره)
وقال أيضا(وَالْبَظْر بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة قِطْعَة تَبْقَى بَعْد الْخِتَان فِي فَرْج الْمَرْأَة ،)
الفتح (8/283)
بل إنهم كانوا يسمون التي لا تختتن بالمتكاء ففي الفتح يقول الحافظ رحمه الله :
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : الْمُتَّكَأ مَا تُبْقِيه الْخَاتِنَة بَعْدَ الْخِتَان مِنْ الْمَرْأَة ، وَالْمَتْكَاء الَّتِي لَمْ تُخْتَن ، وَعَنْ الْأَخْفَش الْمُتَّكَأ الْأُتْرُجّ)
بل إن الفقهاء كانوا يعدونه (أي الختان) من علامات الإسلام وشعائره فقد قال الإمام ابن بطال في شرحه على البخاري (17/80):
(والختان علامة لمن دخل فى الإسلام، فهي من شعائر المسلمين)
وعن أبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: « اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ، عليه السَّلام، بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ » . مُخَفَّفَةً.
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، وَقَالَ: « بِالْقَدُّومِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ مُشَدَّدٌ. وروى الحديث الأول بالتخفيف شعيب، عن أبى الزناد.
(1)/62 - وفيه: ابْن عَبَّاس، سُئل مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ النَّبِى عليه الصلاة والسَّلام؟ قَالَ: أَنَا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ، وَكَانُوا لا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ.
قال: ابن بطال في شرحه:
قال ابن القصار: الختان سنة عند مالك والكوفيين، وقال الشافعي : هى فرض، والدليل لقول مالك والكوفيين قوله عليه الصلاة السلام: « الفطرة خمس » فذكر الختان فى ذلك، والفطرة السنة، لأنه جعلها من جملة السنن فأضافها إليها، ولما أسلم سلمان لم يأمره النبي - عليه الصلاة والسلام - بالاختان، ولو كان فرضًا لم يترك أمره بذلك.
واحتج الشافعي بقوله تعالى : **ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ** النحل ( 123 ) وكان فى ملته الاختان، لأنه ختن نفسه بالقدوم.
قيل له: أصل الملة الشريعة والتوحيد، وقد ثبت أن فى ملة إبراهيم فرائض وسننًا فأمر أن يتبع ماكان فرضًا ففرضًا، وما كان سنة فسنة، وهذا هو الاتباع، فيجوز أن يكون اختتان إبراهيم من السنن.
وقد روى عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: « الاختتان سنة للرجال، ومكرمة للنساء » والختان علامة لمن دخل في الإسلام، فهي من شعائر المسلمين.
واختلفوا فى وقت الختان، فقال الليث: الختان للغلام مابين السبع سنين إلى العشر.
وقال مالك: عامة ما رأيت الختان ببلدنا إذا أثغر وقال مكحول: أن إبراهيم خليل الرحمن ختن ابنه إسحاق لسبعة أيام وختن ابنه إسماعيل لثلاث عشرة سنة. (أخرجه البخارى (6299)
وللأمانة العلمية أن حديث أن الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء قد رواه الخلال بسند ضعيف َقَالَ الْحَافِظ فِي تَلْخِيص الْحَبِير : حَدِيث الْخِتَان سُنَّة فِي الرِّجَال مَكْرُمَة فِي النِّسَاء أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث الْحَجَّاج بْن أَرْطَاة عَنْ أَبِي الْمَلِيح بْن أُسَامَة عَنْ أَبِيهِ بِهِ ، وَالْحَجَّاج مُدَلِّس ، وَقَدْ اِضْطَرَبَ فِيهِ ، فَتَارَة رَوَاهُ كَذَا ، وَتَارَة رَوَاهُ بِزِيَادَةِ شَدَّاد بْن أَوْس بَعْد وَالِد أَبِي الْمَلِيح ، أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَابْن أَبِي حَاتِم فِي الْعِلَل ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِير ، وَتَارَة
اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا ،ثم قال : وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَن ، وَقَالَ فِي الْمَعْرِفَة : لَا يَصِحّ رَفْعُهُ
قلت ومعنى قوله مكرمة للنساء أنه مستحب كما قال صاحب الفواكه الدواني (8/186):
( وَالْخِفَاضُ ) وَهُوَ قَطْعُ مَا عَلَى فَرْجِ الْأُنْثَى كَعُرْفِ الدِّيكِ ( لِلنِّسَاءِ ) وَحُكْمُهُ أَنَّهُ ( مَكْرُمَةٌ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ كَرَامَةٌ بِمَعْنَى مُسْتَحَبٌّ لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ ، وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ السَّتْرُ بِحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْفَاعِلَةِ وَالْمَفْعُولِ بِهَا وَلِذَلِكَ لَا يُصْنَعُ لِلْخِفَاضِ طَعَامٌ ، بِخِلَافِ الْخِتَانِ فَيَجُوزُ أَنْ يُشْهَرَ وَيُدْعَى إلَيْهِ النَّاسُ
وقد قال صاحب فيض القدير (3/370):
((الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء) أخذ بظاهره أبو حنيفة ومالك فقالا : هو سنة مطلقا وقال أحمد : واجب على الذكر سنة للأنثى وأوجبه الشافعي في الذكور والإناث وأول الخبر بأن
المراد بالسنة الطريقة لا ضد الواجب)
انظر عون المعبود (11/304)
فانظر أخي رحمك الله كيف كان الأمر بين أهل العلم وخاصته هو بين الفرض والسنة كما أنهم كانوا يجعلونه من شعائر الإسلام كما تقدم وسيأتي إن شاء الله عند حكاية أقوال الفقهاء والله المستعان.
فضلا على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم جعله من الفطرة وقد تقدم الكلام عليه ولا بأس بالتذكرة فقد أورده البخاري في صحيحه وكذا مسلم
(1)/61 فعن أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبِيّ، عليه الصلاة والسَّلام: « الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإبْطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ »وفي رواية ( عشر من الفطرة
وأخرجه أيضا أخرجه الحميدي (936)وهو صحيح.
قال الإمام ابن بطال (وَأَمَّا الْفِطْرَة ؛ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَاد بِهَا هُنَا ؛ فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ : ذَهَبَ أَكْثَر الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّهَا السُّنَّة ، وَكَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَة غَيْر الْخَطَّابِيّ قَالُوا : وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا مِنْ سُنَن الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ ، وَقِيلَ : هِيَ الدِّين ، ثُمَّ إِنَّ مُعْظَم هَذِهِ الْخِصَال لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَنْد الْعُلَمَاء ، وَفِي بَعْضهَا خِلَاف فِي وُجُوبه كَالْخِتَانِ وَالْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق ،)شرح ابن بطال على البخاري (1/414 )
هناك أحاديث تحث عليه كثيرة وإن كان فيها ضعف ولكن استدل بها بعض الفقهاء على وجوب الختان وليس هذا قصدنا ولكن سنذكر شيئا منها للاستئناس منها ماجاء عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ
أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْهِكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْلِ
قَالَ أَبُو دَاوُد رُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِمَعْنَاهُ (11/304)سنن أبي داود
قلت :هو ضعيف لما فيه من إرسال وجهالة ولذلك قال أبو داود عقب هذا الحديث:
( لَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيِّ وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلًا قَالَ أَبُو دَاوُد وَمُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ مَجْهُولٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ )
ولا شك أن كل ما هو من الفطرة لابد وأن تكون فيه خير كثير لما أنها من الشارع الحكيم كما أن الختان ليس قطعا للشهوة ولا لزيادتها ولكن للتوسط فهو دين الوسطية في كل شيء ولذلك قال الإمام الرازي : إن الحشفة قوية الحس فما دامت مستورة بالقلفة تقوي اللذة عند المباشرة وإذا قطعت صلبت الحشفة فضعفت اللذة وهو اللائق بشرعنا تقليلا للذة لا قطعا لها توسيطا بين الإفراط والتفريط (كما قال صاحب كتاب فيض القدير 3/370)
وقد قيل أن أول امرأة اختتنت هي هاجر رضي الله عنها كما نقل صاحب كتاب فيض القدير (30/370):
(قال السهيلي أول امرأة خفضت من النساء وثقبت آذانها وجرت ذيلها هاجر وذلك أن سارة غضبت عليها فحلفت أن تقطع ثلاثة أعضاء فأمرها إبراهيم عليه السلام أن تبر قسمها بثقب آذنيها وخفاضها فصارت سنة في النساء كذا في الروض عن نوادر أبي زيد (حم) من حديث الحجاج بن أرطاة (عن والد أبي المليح) قا الذهبي : وحجاج ضعيف لا يحتج به (طب عن شداد بن أوس وابن عباس) رمز المصنف لحسنه قال البيهقي : ضعيف منقطع وأقره الذهبي وقال الحافظ العراقي : في سنده ضعيف وقال ابن حجر فيه الحجاج بن أرطاة مدلس وقد اضطرب فيه قتادة وقال أبو حاتم : هذا خطأ من حجاج أو الراوي.) وهذا ما استطعت جمعه والله المستعان.
يتبع بإذن الله ..