الأخت الفاضلة ( الفارسة ) حفظها الله ورعاها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
بخصوص أسئلتكم فيسرني الإجابة على النحو التالي :
السؤال الأول : هل يكفي للتحصين قراءة آية الكرسي مرة واحدة ، أم الأفضل التكرار ؟؟؟
الجواب : الوارد والثابت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - والحديث طويل والشاهد منه : ( إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُو الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 255 ) حتى تختمها فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح ) ( صحيح الترغيب والترهيب – 658 ) 0
فلو قراءها المريض بيقين وإخلاص تحقق الشرط في الحديث الشريف وكان عليه حافظ من الله عز وجل ، ولو زاد على ذلك فخير على خير ، والله تعالى أعلم 0
السؤال الثاني : هل الطريقة الصحيحة للنفث تكون بعدم بلع الريق أثناء القراءة ، أرجو توضيح الطريقة الصحيحة للنفخ ؟؟؟
الجواب : هذا الكلام مجانب للصواب أخيتي الفاضلة ، فالنفث كما ذكره ابن الأثير : ( النفث : نفخ يسير مع ريق يسير وهو أقل من التفل وقيل أنه بلا ريق ) 0 ( النهاية في غريب الحديث – 5 / 88 ) 0
أما كيفية النفث والتفل : ولأهمية هذا الموضوع فسوف أنقل كلاما مختصرا لبعض أهل العلم ومن هؤلاء النووي والزمخشري نقلا عن المناوي أورداه في كتابي صحيح مسلم بشرح النووي وفيض القدير بشرح الجامع الصغير ، مع الإشارة إلى ذلك في موضع آخر من الكتاب في هذا الفصل ، المبحث الثالث ( موقف الاسلام من الرقى ) تحت عنوان ( الرقية بالمعوذتين ) مفاده الآتي :
قال النووي : ( قولها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات هي بكسر الواو والنفث نفخ لطيف بلا ريق 0 فيه استحباب النفث في الرقية ، وقد أجمعوا على جوازه ، واستحبه الجمهـور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم 0 قال القاضي : وأنكر جماعة النفث والتفل في الرقى ، وأجازوا فيها النفخ بلا ريق ، وهذا المذهب والفرق إنما يجيء على قول ضعيف 0 قيل : إن النفث معه ريق 0 قال : وقد اختلف العلماء في النفث والتفل ، فقيل : هما بمعنى ، ولا يكونان إلا بريق 0 قال أبو عبيد : يشترط في التفل ريق يسير ، ولا يكون في النفث ، وقيل عكسه 0 قال : وسئلت عائشة عن نفث النبي صلى الله عليه وسلم في الرقيـة ، فقالت : كما ينفث آكل الزبيب لا ريق معه 0 قال : ولا اعتبار بما يخرج عليه من بلة ، ولا يقصد ذلك ، وقد جاء في حديث الذي رقى بفاتحة الكتاب : فجعل يجمع بزاقه ويتفل 0 والله أعلم 0
قال القاضي : وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة ( يقول الدكتور ابراهيم البريكان – حفظه الله - : هذا بالنسبـة له صلى الله عليه وسلم دون غيره ، إذ التبرك بآثار غيره أمر محرم بل هو من الشرك الأصغر أو الأكبر بحسب اعتقاد المتبرك ) 0 والهواء والنفس المباشرة للرقية ، والذكر الحسن 0
لكن قال : كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى 0 وكان مالك ينفث إذا رقى نفسه ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13،14،15 – 351 – 352 ) 0
قال المناوي : ( قال الزمخشري : والنفث بالفم شبيه بالنفخ ويقال نفث الراقي ريقه وهو أقل من التفل والحية تنفث السم ومنه قولهم لا بد للمصدور أن ينفث ، " ومسح عنه بيده " أي بيمينه مسح من ذلك النفث أعضاءه وقال الطيبي الضمير في عنه راجع إلى ذلك النفث والجار والمجرور حال ، أي نفث على بعض جسده ثم مسح بيده متجاوزا عن ذلك النفث إلى جميع أعضائه 0 قال الحكيم : جاء في رواية بدل فنفث فقرأ فدل على أن النفث قبل القراءة ، وفي حديث بدأ بذكر القرآن ثم النفث 0 وفي آخر بدأ بذكر النفث بالقراءة 0 فلا يكون النفث إلا بعد القراءة ، وإذا فعل الشيء لشيء كان ذلك الشيء مقدما حتى يأتي الثاني 0 وفي حديث آخر نفث بـ " قل هو الله أحد " وذلك يدل على أن القراءة تقدم ثم نفث ببركتها ) ( فيض القدير - باختصار - 5 / 101 ) 0
قال ابن حجر في الفتح : ( قال القاضي عياض : فائدة النفث التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء الذي ماسه ذكر الله تعالى ، كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر ( يقول الدكتور الشيخ ابراهيم البريكان – حفظه الله – هذا النقل فيه نظر فليس المقصود التبرك بالرطوبة والهواء ولكن المقصود مباشرة أثر الرقي للعضو المريض كما هو الظاهر من فعله – صلى الله عليه وسلم – وفعل أصحابه – رضي الله عنهم - ) ، وقد يكون على سبيل التفاؤل بنزول ذلك الألم عن المريض ، كانفصال ذلك عن الراقي ) ( فتح الباري - 10 / 197 ) 0
قال الشوكاني : ( قال ابن أبي جمرة : محل التفل في الرقية يكون بعد القراءة لتحصل بركة القراءة في الجوارح التي يمر عليها 0 ( انظر البند الأول من الهامش السفلي ) 0( نيل الأوطار- 3 / 290 ) 0
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن التوفيق بين كون التبرك بغير ريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين حديث " بسم الله تربة أرضنا000الحديث " فأجاب – حفظه الله - : ( ذكر بعض العلماء أن هذا مخصوص برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأرض المدينة فقط وعلى هذا فلا إشكال 0 ولكن رأي الجمهور أن هذا ليس خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بأرض المدينة بل هو عام في كل راق وفي كل أرض ولكنه ليس من باب التبرك بالريق المجردة بل هو ريق مصحوب برقية وتربة للاستشفاء وليس لمجرد التبرك 0
وجوابنا في الفتوى السابقة هو التبرك المحض بالريق وعليه فلا إشكال لاختلاف الصورتين ) ( نيل الأوطار- 3 / 290 ) 0
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ : ( ويتصل بالرقية الشرعية أن الرقية الغرض منها إيصال القرآن أو الدعاء إلى المرء إذا كان عن طريق النفخ أو التفل ورجح أن الجميع جائز ، فإن كان ينفخ وهو إخراج هواء وليس معه شيء من الريق فهو جائز وإن كان ينفث وهو المشروع والذي كان عليه الصلاة والسلام يقرأ ويتعوذ وينفث في يديه وينفث على المريض وأما أن تكون أعظم من النفث الذي هو إخراج بعض الريق مع الهواء فيكون التفل يعني يقرأ الفاتحة وإذا ختم ينفث مع بعض الريق أو يتفل ) ( مجلة الدعوة – صفحة 22 – العدد 1683 من ذي القعدة 1419 هـ ) 0
قلت : فالأحاديث آنفة الذكر وكلام أهل العلم يدل على جواز النفث والتفل في الرقية ؛ وبه قال جماعة من الصحابة وهو مذهب جمهور العلماء 0
هذا ما تيسر لي أختي الفاضلة ، والشكر موصول للمشرفة الفاضلة ( أم محمد أمين ) ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0