الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
من الأمور التي انتشرت في الآونة الأخيرة وبشكل ملفت للنظر ما يسمى الجراحة الغربية ) وهو شد الرحال لطلب الاستشفاء في بعض الدول الكافرة أو بعض الدول الإسلامية لدى أشخاص يدعون العلاج ، من خلال إجراء عمليات جراحية يدوية دون استخدام المعدات الطبية ومستلزماتها وتوابعها ونحو ذلك من أمور أخرى 0
وتحت عنوان ( الجراحة الغربية ) ، يقول الأستاذ محمد سيد محمود في كتابه " البديل الإسلامي للشعوذة والدجل " :
( لا يوجد الآن وربما لن يوجد أبدا أي تفسير منطقي أو علمي لظاهرة تحدث أحيانا وهي ظاهرة الجراحة الغربية ، فهل هي من الظواهر الخارقة غير المألوفة أو هي مجرد دجل يجري على الناس البسطاء ومن هؤلاء "الجراحين" الذين اجتذبوا اهتمام الناس البرازيلي (ARIGO) فمنذ عام 1950م وحتى وفاته عام 1971 م أجرى أريغو آلاف العمليات مستخدما سكاكين غيرة أو أمواس حلاقة عادية أو أي أداة أخرى تقع عليها يده ، كان أريغو يجرح مرضاه بهذه الأدوات الغريبة وينتزع أوراما كبيرة ثم يلتئم الجرح فقط بالضغط على حوافه ولم تظهر آثار للالتهابات بعد هذه العمليات العنيفة فلم تستخدم أي مطهرات وكان أريغو يشخص الأمراض عن بعد بدون أي فحص فعلي للمريض ، وبعد ذلك كان يكتب وصفة غريبة أيضا 0
وهناك جراحين آخرين لم يستخدموا السكاكين في جراحة المرضى وإنما استخدموا التنويم المغناطيسي 0
وفي الفلبين يعالج بعض الأطباء ( السحرة ) المرضى بأيديهم الخالية حيث ينتزعون أوراما من أجسامهم بدون ترك أي أثر للجراحة على أجسامهم 0
ويعتقد كثير من الباحثين أيضا أن ذلك مجرد غش أو خداع ، ويبدأ للناظر بأن هؤلاء يدفعون أصابعهم إلى داخل أجسام المرضى ويخرجون كتلا كبيرة من هذه الأجسام فمن الممكن أن هؤلاء يثنون أصابعهم ولا تخترق هذه الأصابع أجسام المرضى ، ويخبئ هؤلاء هذه الكتل بعيدا عن أنظار المشاهدين ، وإن الدم كان أحيانا يخص دما إنسانيا وأحيانا دما حيوانيا وفي إحدى المرات أعطي الورم المنتزع من الطفل إلى المحلل لتحليله فوجد أن هذا الورم يحدث فقط في سرطان الثدي ولا يمكن أن يحدث في الأطفال ) ( البديل الإسلامي للشعوذة والدجل - ص 24 ) 0
وقال أيضا : ( وفي اليوم الثالث والعشرون من عام 1981 م عرض التلفزيون الألماني الغربي فيلما وثائقيا بعنوان " الأيدي الشافية " والفيلم يعالج موضوع في غاية الأهمية معالجة الأمراض نفسيا وجسديا بواسطـة الأنامل فقط وبالفعل فقد أحدث هذا الفيلم ضجة كبيرة على كافة المستويات ، ولقد تلقى العاملون في محطة البث التلفزيوني آلاف من المكالمات الهاتفية يسأل فيها عن أصحاب الأنامل السحرية وخلال يومين فقط استلم المدير العام لمديرية الإذاعة والتلفزيون حوالي خمسة عشرة ألف رسالة جميعها تريد تفسيرا كاملا عن موضوع الفيلم الوثائقي الذي وضع الجميع في حيرة ودهشة حيال هذا الأمر وفي 30 من تشرين الثاني أي بعد أسبوع على عرض الفيلم الوثائقي الجزء الأول عرض التلفزيون الألماني الجزء الثاني والأخير من الفيلم عن الموضوع نفسه يتضمن محتوى الفيلم وقائع العلاج بالأنامل السحرية ، ولقد اتضح من الفيلم أن الحكومة الألمانية لا تسمح إلا لمن يثبت مقدرته على المعالجة دون أي وسيلة لذلك فإن موضوع المعالجة بالأنامل السحرية ما زال موضوع بحث واهتمام
وهو مقتصر على عدد محدود جدا من القادرين على إثبات المعالجة الروحية الخارقة ، وأما صاحب الأنامل السحرية فهو " توم جوهانسون " من الجنسية الإنجليزية ، يبلغ من العمر خمس وستون عاما ، وهو قادر على معالجة المرضى دون استخدام أي وسيلة من وسائل العلاج المألوفة في العيادات أو المستشفيات ويقول جوهانسون على أسلوب علاجه : أنه بدأ العلاج منذ 13 سنة وكان الذي يقف معي في هذا العمل الإنساني أناسا كثيرون عالجتهم من أمراض جسدية لا علاقة لها بالأمراض النفسية على الإطلاق ، ولقد اقنعتني تجربتي بالقدرة على معالجة أنواع من الأمراض النفسية والجسدية ، وعن كيفية العلاج كيف يتم ؟ يقول جوهانسون : لا استطيع الإجابة ، وهو نفسه يتسائل ، لو افترضت أن الحالات التي
عالجتها منها معالجتي الرجل الذي كان مصاب بعدة كسور أثر اصطدامه بسيارة وأيضا كيف تمكنت من معالجة طفل كان مصاب بداء السكر وهو في العاشرة من عمره لا رد عندي على ذلك سوى كلمة واحدة فقط إنه الإيمان الجازم والراسخ لدي 0
وأما في الاتحاد السوفيتي فقد شاعت الظاهرة الجديدة ، وكانت الشخصية صاحبة الأنامل السحرية ( دسثونا ) هذا في الاتحاد السوفيتي أما في بريطانيا ففي عام 1982 تأسست في بريطانيا رابطة أطلق عليها اسم الاتحاد الوطني لمعالجة المرض بالطرق الروحية ، وبعد ذلك بفترة قصيرة تأسست أيضا الجمعية الروحية وبعد ذلك بفترة قصيرة تأسست أيضا الجمعية الروحية لبريطانيا العظمى ضمت حوالي 70 معالجا تحت رئاسة توم جوهانسون ولقد شكل ذلك الأمر أزمة حادة للطب الحديث وللأطباء الذين كان عليهم مواجهة هذه الأزمة فلقد أصبحوا أمام خيارين الاعتراف بفشلهم أمام هذه الظاهرة الخارقة أو محاولة فهم وإدراك طرق المعالجة السحرية التي تتنافى مع مأدبة علومهم ، علما بأن هذه الظاهرة لم يعد هناك مجال لرفضها ولا يعني العجز عن فهمها وضرورة مكافحتها ولكن كيف يمكن الخلط بين العقل وبين هذه الظاهرة الغربية 0
وجهت شتى التهم للأطباء الذين فوجئوا بأن أشخاصا كان الأطباء قد قرروا استحالة شفائهم قد شفوا في الفلبين على أيدي أصحاب الأنامل السحرية لذلك قرر رئيس اتحاد الأطباء في ألمانيا الغربية ( دولف بيرنسمان ) زيارة الفلبين على رأس وفد طبي ضم أشهر الأطباء والجراحين ، وفي الفلبين التقى الوفد الطبي الألماني حوالي 300 معالج ولقد اطلع الجميع على طرق العلاج وأبدوا استعجابهم وصرح رولف بيرنسمان عن هذه الظاهرة أنني عاجز عن وصف ما شاهدته في الفلبين ، رجل يجري عملية جراحية معتمدا على أنامله ولا يستخدم أي وسيلة علاجية ( الكسيس أوربينو ) واحد من هؤلاء المعالجين يزور العيادة يوميا حوالي 300 مريض ولقد استطعت دخول غرفة العمليات الخاصة في عيادته 0 وبها بعض من القطن ولقد أجرى أمامنا عملية جراحية في دقائق بينما المعروف لنا بأن هذه العملية يلزمها تحضير فقط لا يقل عن 48 ساعة ، ولقد قال ( أوربيو ) إنني أتميز عن البشر بأني لي عين ثالثة غير مرئية بواسطتها أستطيع اكتشاف المرض ولقد قال أحد الأطباء معلقا قوله لقد جعلته يهزأ من علومنا 0 أما ( جوان بلانس ) الذي رافق الوفد ممثلا عن مجلة شتيرن حيث كتب قائلا : كنت في العاصمة الفلبينية شاهدا أمينا على ما حدث أمامي كان أمامي رجل أعمال سويدي مصاب بتورم في صدغه الأيمن ولقد عجز الطب عن علاجه ولكن عندما عرف المعالج بأنني صحفي مع الوفد حاول أن يكون بارعا في مهمته بل حاول في وقت على إزالة شكوكي حيث أمسك يدي اليمنى وطلب مني بسط يدي ، نفذت ذلك صاغرا لطلبه وبشكل مفاجئ حرك يدي في الهواء بحيث أصبحت على ارتفاع 20 سم من رأس الرجل الخاضع للعلاج فجأة لاحظت وجود جرح صغير طوله أربعة مليمترات وعرضه 3 مليمترات ترك يدي قائلا : بإمكانك التقاط صور إن شئت وبعد ذلك أخذ يوسع الجرح الصغير بإصبعه الأيمن وأخرج أنسجة مدماه ولقد أيقظتني من دهشتي انفعال الطبيبة الألمانية ( ميدروف ) والمشهورة في أوروبا كلها بينما المعالج يناول قطعة من القطن جفف الدم الذي سال من الجرح هكذا بكل بساطة ، ولقد عاد بعد ذلك رجل الأعمال السويدي إلى بلده تاركا لنا عنوانه ورقم هاتفه ، وعند عودتي اتصلت به بعد أسبوعين فأخبرني بأنه شفي تماما ) ( البديل الإسلامي للشعوذة والدجل - ص 25 ، 27 ) 0
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين السؤال التالي :
ماذا تقولون في الظاهرة المنتشرة في الغرب وتسمى بـ ( الجراحة الغربية ) بحيث يقوم أشخاص بإجراء عمليات جراحية دون استخدام أية أدوات أو معدات طبية ، وبعض تلك العمليات تؤدي إلى نتائج طيبة ؟
فأجاب – حفظه الله – : ( الجراحة الغربية لا أعرف عنها شيئا ، ويظهر أنها شعوذة وتخييل على الناظرين ، أو أنهم يستعينون بالشياطين فيلابسون المريض ويجري الطبيب العملية والناس ينظرون ولا يحس المريض بشق بطنه ولا بإخراج أعضائه الباطنية وتغييرها أو إزالة المرض الذي في الجوف واستئصال أسبابه وقد يحضره بعض أهله ويصوره وهو يشتغل في جوف المريض ولا يشاهد معه أدوات جراحة ولا استعمال مخدر مما يظهر من العجب للحاضرين فتارة يبرأ المريض مطلقا والغالب أنه يعود إليه المرض بعد قليل مما يدل على أن ذلك الجراح يخيل على الناظرين ما لا حقيقة له فأرى أن لا بد من سؤاله والتحقق عن كيفية الوصول إلى هذا العمل دون غيره والله أعلم ) ( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين – ص 186 ، 187 ) 0
يقول الأستاذ ماهر كوسا : ( كثيراً ما نسمع عن شخص ما يعالج الناس بعمليات دون جراحة ، وذلك مثل المرأة الروسية والتي كانت بارعة في هذا النوع من العلاج والواقع أن ذلك يكون بوجود جني أو جنية طبيبة في هذه المرأة فيقوم بهذه العمليات ) ( فيض القرآن في علاج المسحور – ص 12 ) 0
وبعد دراسة هذه الظاهرة الغريبة التي انتشرت انتشار النار في الهشيم يتبين أن لتلك الدعاوى أوجه مختلفة :
أ)- لا يمكن إنكار هذه الحقيقة ، وإعادة هذا الأمر المشاهد للعيان لمجرد الغش أو خداع النظر ونحوه ، فالأمر قد أقره الأطباء الأخصائيون بأنفسهم وشاهدوه بأعينهم 0
ب)- قد تكون هذه الأعمال صادرة عن السحرة والمشعوذين والدجالين ، بطرق مختلفة ووسائل مبتكرة 0
ج)- والذي يترجح لدي في هذه المسألة أن هذا الصنف من الناس يستعينون بالجن والشياطين في مجال التطبب والاستشفاء كما أشار لذلك فضيلة الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين ، خاصة أنه قد ثبت بالتواتر أن عالم الجن والشياطين عالم متقدم علميا في هذا الجانب ، ولهم طرقهم الخاصة في علاج تلك الأمراض بكيفية لا يعلمها إلا الله ، وحصول تلك المشاهدات على هذا النحو وبهذه الصورة ، لا يمكن أن تفسر من الناحية العلمية أو الطبية ، وهذا ما أربك الأطباء ووضعهم في حيرة من أمرهم نتيجة لعدم خضوع تلك التجارب العملية للدراسة الطبية والتطبيق العملي الأكاديمي 0 والله أعلم 0
قال الدكتور عمر الأشقر : ( كما يستطيع الجن معالجة بعض الأمراض كما يعالجها البشر ، كمعالجة الصمم أو الصلع أو أمراض القلوب والأمعاء ونحو ذلك ) ( عالم السحر والشعوذة – 158 ) 0
هذا ومعلوم المفاسد الشرعية الكثيرة المترتبة عن الاستعانة بالجن والشياطين بشكل عام ، والمفسدة سوف تكون أعم وأشمل إذا تطرقت للجوانب الطبية المذكورة لتعلق أفئدة الكثير من المسلمين بهؤلاء المدعين ، مما قد يترتب عن الاستعانة بهذا الشكل والمضمون مفاسد عظيمة لا يعلم مداها وضررها إلا الله 0
ولا بد للمسلم أن يحذر من تلك الأساليب ، وأن يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى ويتوكل عليه ، ويجعل تعلقه به وحده دون سائر الخلق ، وأن يحرص على سلامة عقيدته وتوجهه ، وبذلك يصون العقيدة ويحفظها من الشوائب والرواسب ، وعليه اتخاذ الأسباب الشرعية للعلاج ، وذلك بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة ، وكذلك اتخاذ الأسباب الحسية المتبعة في العلاج والاستشفاء وذلك من خلال مراجعة المصحات والمستشفيات والمتابعة الطبية لدى الأطباء المتخصصين 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصجبه وسلم 0
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني