بسم الله الرحمن الرحيم
  
وصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم 
  
يقول الشيخ عبد المالك رمضاني الجزائري في كتابه ** من كل سورة فائدة **
  
مجي لفظ (أحد) نكرة خاص بالله قال الله تعالى (قل هو الله أحد. الله الصّمد.) 
 
( الإخلاص 1_2) كلمة( أحد) جاءت نكرة و كلمة (الصّمد) جاءت معرفة بالألف واللام, 
 
مع أن الموصوف  
بهما واحد, ومعلوم أن الصفة المضافة لله تعرف إذا كانت تستعمل أيضا لغير الله, فتعرف 
 
لبيان تفرد الله بالصفة مطلقا, و أما ما استعمل للمخلوق مقيد و ناقص وتابع, كما سيأتي
 
في كلام ابن تيمية, و قد استعملت العرب في إشعارها كلمة (صمد) للمخلوق, قال 
 
البخاري في ”صحيحه“ (5/ 739 _ لفتح) ”و العرب تسمي شرافها”الصمد“ 
  
واستشهد له ابن جرير رحمه الله في”تفسيره“ لهده السورة بقول الشاعر׃
  
ألا بكّر النّاعي بخيري بني أسد ........... بعمرو بن مسعودي و بالسّيد الصّمد
  
.أما سبب مجيء لفظة ( أحد ) نكرة، فقد علّله ابن الكثير بقوله ׃ « ولا يطلق هذا اللفظ 
 
على أحد في الإثبات.
  
إلا على الله عز و جل، لأنه الكامل في جميع صفاته و أفعاله »، و لم تأت في القرآن هذه 
 
اللفظ مثبتة
   
مفردة غير مضافة إلا لله سبحانه، فلم تحتج حينئذ إلى أن تعرف بالألف و لام، ولم تأت في حق غير الله 
   
إلا منفية أو مضافة، كقول الله عز و جل׃( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة 
 
فلا تكفر فيتعلمون
   
منهما ما يفرقون به بين المرء و زوجه و ما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله)
 
(البقرة 109)
  
وقوله׃(إذ تصعدون و لا تلوون على أحد) ( آل عمران 153 ). وقوله׃ ( ولوط إذ قال 
 
لقومه أتأتون الفاحشة
   
ما سبقكم بها من احد من العلمين )(الأعراف 80) وقوله׃( فيومئذ لا يعذب عذابه أحد )
 
( الفجر25 ) هذا في النفي،
   
و أما في الإضافة فمثل قوله تعالى׃ (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهم فلا تقل لهما 
 
أف و لا تنهرهما)
   
( الاسراء23) ، ومثل هذه الآيات كثير، و قد قال بها من أئمة اللغة الأزهري رحمه الله 
 
فاعترض عليه الشيخ عطيه سالم رحمه الله بقوله تتمّته على « أضواء البيان» (9/) ׃
 
و أما قوله׃ إن (أحد) 
 
تستعمل في النفي ، فقد جاء استعمالها في الإثبات أبضا ، كقوله ׃ ( أو جاء أحد منكم من
 
الغائط )(المائدة 6) ،
  
فتكون أغلبية في استعمالها، ودلالتها في العموم واضحة، و هذا الاعتراض معترض ، 
 
ودليله متناقض ،
  
لأن كلمة (أحد) في الآية التي استدل بها جاءت في سياق الشرط المنفي، كما تجيء في 
 
سباق الاستفهام 
   
المنفي، و هي من صيغ النفي لا الإثبات كما هو معلوم، و مثله_ و لعلّه أقوى من حيث
 
الاستثناء_ قوله׃ 
تعالى مخبرا عن اليهود أنهم يقولون ׃ ( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع 
 
دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أتيتم أو يحاجوكم عند ربكم ) 
 
( آل عمران 73). وهذه الآية على طريقة ما سبق كما فسرها بعض السلف، أي إن كلمة 
 
(احد) سيقت مساق النفي ، و نصره ابن الجرير. في« تفسيره» (5/505_هجر) 
  
و قال׃« فيكون تأويله حينئذ ׃ و لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ، و لا تؤمنوا أن يؤتى أحد
 
مثل ما أوتيتم ،
  
بمعنى ׃ لا يؤتى أحد مثل ما أتيتم ، و ذكر أن قوله تعالى ( قل إن الهدى هدى الله) 
 
( آل عمران 73).جملة اعتراضية من خطاب الله لنبيه صل الله عليه و سالم و سائر 
 
الكلام خطاب اليهود لقومهم.  و قال ابن تيمية في« المجموع الفتاوى» (17/235_38) 
قال الله تعالى ׃ (قل هو الله أحد الله الصمد) فأدخل اللام في ( الصّمد ) و لم يدخلها في 
 
( أحد ) ، لأنه  ليس في الموجدات ما يسمى أحدا في الإثبات  مفردا غير مضاف إلا الله 
 
بخلاف النفي و ما في معناه، كالشرط وإلا استفهام، فأنه يقال׃هل عندك أحد،
  
و إن جاءني أحد من جهتك أكرمته، و إنما استعمل في العدد المطلق، يقال׃ أحد، اثنان،
   
و يقال أحد عشر، و في أول الأيام يقال يوم أحد....... و المقصود هنا أن لفظ ( الأحد )
 
لم يوصف به شيء  من الأعيان إلا الله وحده، وإنما يستعمل في غير الله في النفي، قال 
 
أهل اللغة ׃ يقول ׃ لا أحد في الدار،  و لا نقل فيها أحد، و هذا لم يجيء في القرآن إلا 
 
في فير الموجب كقوله ׃   ( فما منكم من أحد عنه حاجزين ) ( الحاقة 47) و كقوله ׃ 
 
( لستن كأحد من النساء ) 
 
( الأحزاب 32 ) وقوله ׃ ( و إن أحد من المشركين أستأجرك فأجره ) ( التوبة 6 ) ،
 
و في الإضافة كقوله ׃ ( فا بعث أحدكم ) (الكهف 19 ) و ( جعلنا لأحدهما جنيتي ) 
 
( الكهف32 ) ، و أما اسم الصمد فقد استعملته أهل اللغة في حق المخلوقين كما تقدم فلم 
 
يقل׃ الله صمد، بل قال ׃ ( الله الصمد ) ( الإخلاص 2 ) ، فبيّن أنه المستحقّ لأن يكون 
 
هو الصّمد دون ما سواه، فأنه المستوجب لغايته على الكمال، والمخلوق _ و إن كان 
 
صمدا من بعض الوجوه_ فٳنّ حقيقة الصّمديّة منتفيةٌ عنه، فٳنه يقبل التّفرّق و التّجزئة، 
 
و هو أيضا محتاج إلى غيره، فٳن كلّ ما سوى الله محتاج إليه من كل وجه
 
فليس أحدُ يصمد إليه كل شيء، ولا يصمد هو إلى شيء إلاّ الله تبارك وتعالى و ليس في
 
المخلوقات إلاّ ما يقبل أن يتجزّأ و يتفرّق ويتقسّم و ينفصل بغضه من بعض، و الله 
 
سبحانه هو الصمد الّذي لا يجوز عليه شيء من ذالك»، وانظر« بصائر ذوي التميز 
 
في لطائف الكتاب العزيز » للفيروزآبادي (2/91/92).