الحق لا يعرف بالرجال !         
      فضيلة العلامة صالح بن سعد السحيمي :   
إن  الحق لا يعرف بالرجال ولكن الرجال هم الذين يعرفون بالحق ، وقد ابتلينا  بالغلو والمبالغة في تقديس الأشخاص ، وإن كان كثير من هؤلاء الذين يقدسون  لا يستحقون عشر معشار ذلك التقديس .
 وتقديس الأشخاص أمر معروف عند المبتدعة ؛ لأن العلم عندهم لا يعرفونه بأخذه  من مظانه ومن أهله ، وإنما العلم عندهم ما يقوله زعماؤهم وحتى وإن خالف  الحق . ولذا تجده يأخذ قول زيد وعمرو مسلمًا ، ولو خالف هدي الكتاب والسنة  صراحة ! 
 نعم ، يجب أن نعظم العلماء ، وأن نوقرهم ، وأن نعطيهم حقوقهم ، وأن نعرِف  لهم فضلهم ، وأن ندعو لهم ، وأن نترحم عليهم ، وأن نجتهد في التلقي عنهم -  كما بينا - . ولكن لا نغلو في أحد ؛ لأننا ابتلينا منذ انحراف الناس عن  منهج الحق في القرون الأولى ، عندما ظهرت الفرق والجماعات المتعددة ، منذ  أن تألب الخوارج على عثمان - رضي الله عنه - وإلى يومنا هذا ؛ ابتلينا  بأقوام في كل عصر وفي كل مصر ، لا يعدو الدين عندهم تقديس الأشخاص . 
 فالقول عندهم ما يقوله زعماؤهم ، ولو كان مخالفًا للدين جملة وتفصيلاً . 
 ولذلك نجد الكثير منهم لو بينت له خطأَ مؤلف في كتاب وزلته - التي ربما  كانت بدعة منكرة أو إلحادًا ، وربما كانت طريقًا إلى الكفر - لو بينت له  هذا الخطأَ ؛ تقوم قيامته ، لكن لو قلت الصحابي فلان : أخطأ ، والعالم  الفلاني من علماء الأمة أخطأ في هذه المسألة والصواب كذا ، تجده ؛ بل لو  نيل من الصحابة ، أو لو غمز زعيمه الذي يتعصب له صحابيًا من صحابة رسول  الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإنه لا يحرك ساكنًا ؛ بل الأمر عنده هين ،  إنما لو قلت : الكاتب الفلاني أخطا في كتابه كذا ؛ فقد تقوم عليك القيامة !  وتجدهم يرمونك عن قوس واحدة ! 
 حتى لو قلت : إن هذا الفلاني يقول عن الصحابي فلان كذا . 
 فلان يقول عن عثمان كذا ... 
 فلان يقول عن معاويةَ - رضي الله عنه - كذا ... 
 فلان يقول عن عمر بن الخطاب كذا ... 
 فلان يقول عن الصحابي الفلاني كذا وكذا ... 
 أنت عندما تذكر هذا القول معترضًا ، تصبح أنت محل الاعتراض ، وتصبح محل  النقد ، وربما أُوذيت من أجل هذا الأمر . 
 فالحق قاعدة السلف : [ أن الحق لا يعرف بالرجال وإنما الرجال هم الذين  يعرفون بالحق ] . 
 بمعنى : أن نبتعد عن الغلو في الأشخاص ؛ لأن الغلو هو أول معاوِل هدم الدين  ، منذ قوم نوح إلى يومنا هذا . 
 فالغلو في غاية من الخطورة . 
 محاضرة : [ منهج السلف أسلم وأعلم وأحكم ]