موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر العقيدة والتوحيد

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 28-07-2025, 11:39 AM   #1
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي قطرة من بحر من ثمرات الإيمان بالأسماء والصفات.الشيخ ابن جبرين رحمه الله

مختصر تسهيل العقيدة الإسلامية
الباب الأول
التوحيد
الفصل الأول
توحيد الربوبية
توحيد الربوبية هو: الإيمان بوجود الله، واعتقاد تفرده في أفعاله.
ومنهم من عرفه بأنه: الاعتقاد بأن الله هو الخالق الرازق المدبر لكل شيء وحده لا شريك له.
وهو يشتمل على ما يلي:
1- الإيمان بوجود الله تعالى.
2- الإقرار بأن الله تعالى خالق كل شيء، ومالكه، ورازقه، وأنه المحيي، المميت، النافع، الضار، المتفرد بإجابة الدعاء، الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، القادر على ما يشاء، المقدر لجميع الأمور، المتصرف فيها، المدبر لها، ليس له في ذلك كله شريك.
وقد تكاثرت الأدلة في القرآن والسنة في إثبات الربوبية لله تعالى، فكل نص ورد فيه اسم "الرب" أو ذكر فيه خصيصة من خصائص الربوبية، كالخلق، والرزق، والملك، والتقدير، والتدبير، وغيرها فهو من أدلة الربوبية، كقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ** ، وكقوله سبحانه: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ** [الأعراف: 54] ، وكقوله جل وعلا: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ** [المؤمنون: 88] ، والملكوت: الملك.
* * *

(1/19)
الفصل الثاني: توحيد الألوهية.
مقدمة
...
الفصل الثاني
توحيد الألوهية
تمهيد:
توحيد الألوهية: هو إفراد الله بالعبادة.
ويسمى باعتبار إضافته إلى الله تعالى بـ "توحيد الألوهية"، ويسمى باعتبار إضافته إلى الخلق بـ "توحيد العبادة"، و "توحيد العبودية" و"توحيد الله بأفعال العباد"، و "توحيد العمل"، و "توحيد القصد"، و "توحيد الإرادة والطلب"، لأنه مبني على إخلاص القصد في جميع العبادات، بإرادة وجه الله تعالى.
وهذا التوحيد من أجله خلق الله الجن والإنس، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ** [الذاريات: 56] ، ومن أجله أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ** [الأنبياء: 25] ، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، كما قال سبحانه {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ** [النحل: 36] ، ومن أجله قامت الخصومة بين الأنبياء وأممهم، وبين أتباع الأنبياء من أهل التوحيد وبين أهل الشرك وأهل البدع والخرافات، ومن أجله جردت سيوف الجهاد في سبيل الله، وهو أول الدين وآخره، بل هو حقيقة دين الإسلام، وهو يتضمن أنواع التوحيد.
فتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية ولتوحيد الأسماء

(1/20)
والصفات، فإن من عبد الله تعالى وحده، وآمن بأنه المستحق وحده للعبادة، دل ذلك على أنه مؤمن بربوبيته وبأسمائه وصفاته، لأنه لم يفعل ذلك إلا لأنه يعتقد بأن الله تعالى وحده هو المتفضل عليه وعلى جميع عباده بالخلق والرزق والتدبير وغير ذلك من خصائص الربوبية، وأنه تعالى له الأسماء الحسنى والصفات العُلا، التي تدل على أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له.
ومع أهمية هذا التوحيد فقد جحده أكثر الخلق، فأنكروا أن يكون الله تعالى هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وعبدوا غيره معه.
وهذا التوحيد - توحيد الألوهية - تشتمله وتدل عليه كلمة التوحيد: "لا إله إلا الله".
وسأتكلم على هذا النوع من أنواع التوحيد في مبحثين:
المبحث الأول: شهادة "لا إله إلا الله": معناها- شروطها - أركانها - نواقضها.
المبحث الثاني: العباده: تعريفها - أنواعها - شروطها - أركانها.
* * *

(1/21)
المبحث الأول: شهادة "لا إله إلا الله"
المطلب الأول: معناها، وفضلها.
...
المبحث الأول
شهادة "لا إله إلا الله"
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: معناها، وفضلها:
معنى شهادة "لا إله إلا الله" إجمالاً: لا معبود بحق إلا الله تعالى.
أي أنه لا أحد يستحق أن يعبد إلا الله تعالى، فلا يجوز أن يدعى إلا الله تعالى، ولا يجوز أن يصلى أو ينذر أو يذبح إلا لله تعالى، وهكذا بقية أنواع العبادة، لا يستحق أحدٌ أن تصرف له سوى الله تعالى.
فهذه الكلمة العظيمة تشتمل على ركنين أساسين:
الأول: "النفي"، وهو نفي الإلهية عن كل ما سوى الله تعالى، ويدل عليه كلمة: "لا إله" فهي تنفي أن يكون غير الله تعالى مستحقاً للعبادة.
الثاني: "الإثبات"، وهو إثبات الإلهية لله تعالى، ويدل عليه كلمة "إلا الله" فهي تثبت أن الله تعالى هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له. فالله جل وعلا هو المستحق للعبادة وحده، لأنه الخالق، الرازق، المالك، المدبر لجميع الأمور، فيجب على جميع العباد أن يفردوه بالعباده شكراً له على نعمه العظيمة عليهم.

(1/22)
المطلب الثاني: شروطها ونواقضها:
دلت النصوص الشرعية الكثيرة على أن الفوائد والفضائل العظيمة

(1/22)
لكلمة التوحيد "لا إله إلا الله"، والتي من أهمها: الحكم بإسلام صاحبها، وعصمة دمه وماله وعرضه، ودخول الجنة، وعدم الخلود في النار، أنها لا تحصل لكل من نطق بهذه الكلمة، بل لابد من توافر جميع شروطها، وانتفاء جميع نواقضها، فكما أن الصلاة لا تقبل ولا تنفع صاحبها إلا إذا توافرت جميع شروطها، من الوضوء واستقبال القبلة وغيرهما، وانتفت مبطلاتها، كالكلام والضحك والأكل والشرب وغيرها، فكذلك هذه الكلمة، لا تنفع صاحبها إلا باستكمال شروطها، وانتفاء نواقضها.
ولذلك لما قيل لوهب بن منبه: أليس مفتاح الجنة: لا إله إلا الله؟ قال: بلى، ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك.
وقد دلت النصوص الشرعيه على أن لهذه الكلمة العظيمة سبعة شروط، هي:
الشرط الأول: العلم بمعناها الذي تدل عليه، فيعلم أنه لا أحد يستحق العبادة إلا الله تعالى. قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ** [محمد: 19] .
الشرط الثاني: اليقين المنافي للشك، فلابد أن يؤمن إيماناً جازماً بما تدل عليه هذه الكلمة من أنه لا يستحق العبادة إلا الله تعالى، فإن الإيمان لا يكفي فيه إلا علم اليقين، لا الظن ولا التردد، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ** [الحجرات: 15] .

(1/23)
فمن كان غير جازم في إيمانه بمدلول هذه الكلمة أو كان شاكاً مرتاباً أو متوقفاً في ذلك لم تنفعه هذه الكلمة شيئاً.
الشرط الثالث: القبول المنافي للرد، فيقبل بقلبه ولسانه جميع مادلت عليه هذه الكلمة، ويؤمن بأنه حق وعدل. قال الله تعالى عن المشركين: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ** [الصافات: 35، 36] .
فمن نطق بهذه الكلمه ولم يقبل بعض مادلت عليه إما كبراً أو حسداً أو لغير ذلك فإنه لا يستفيد من هذه الكلمة شيئاً.
فمن لم يقبل أن تكون العبادة لله وحده، ومن ذلك عدم قبول التحاكم إلى شرعه تكبراً، أو لم يقبل بطلان دين المشركين من عباد الأصنام أو عباد القبور أو اليهود أو النصارى أو غيرهم، فيقول: إن أديانهم صحيحة، فلا يقبل ما دلت عليه هذه الكلمة من بطلان هذه الأديان الشركية فليس بمسلم.
الشرط الرابع: الانقياد المنافي للترك، فينقاد بجوارحه، بفعل ما دلت عليه هذه الكلمة من عبادة الله وحده. قال الله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى** [لقمان: 22] ، ومعنى {يُسْلِمْ وَجْهَهُ** : ينقاد. ومعنى {وَهُوَ مُحْسِنٌ** : أي موحِّد.
فمن قالها وعرف معناها ولم ينقد للإتيان بحقوقها ولوازمها من عبادة الله والعمل بشرائع الإسلام، ولم يعمل إلا ما يوافق هواه أو ما فيه تحصيل دنياه لم يستفد من هذه الكلمة شيئاً.

(1/24)
الشرط الخامس: الصدق المنافي للكذب، وهو أن يقول هذه الكلمة صدقاً من قلبه، يوافق قلبُه لسانه. قال الله تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ** [العنكبوت: 1- 3] .
ولذلك لم ينتفع المنافقون من نطقهم بهذه الكلمة، لأن قلوبهم مكذبة بمدلولها، فهم يقولونها كذباً ونفاقاً.
الشرط السادس: الإخلاص المنافي للشرك. فلابد من تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك. قال الله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ** [الزمر: 2] .
فمن أشرك بالله تعالى في أي نوع من أنواع العبادة لم تنفعه هذه الكلمة.
الشرط السابع: المحبة. فلابد أن يحب المسلم هذه الكلمة ويحب ما دلت عليه، ويحب أهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها، ويبغض ما ناقض ذلك. قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ** [البقره: 165] .
فمن قال "لا إله إلا الله" ولكنه أبغض ما دلت عليه من عبادة الله وحده لا شريك الله فليس بمسلم، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ** [محمد: 9] .
أما نواقض "لا إله إلا الله"، وتسمى "نواقض الإسلام" و"نواقض التوحيد" وهي الخصال التي تحصل بها الردة عن دين الإسلام، فهي كثيرة، وقد ذكر بعض أهل العلم أنها تصل إلى أربعمائة ناقض.

(1/25)
وهذه النواقض تجتمع في ثلاثة نواقض رئيسة، هي الشرك الأكبر، والكفر الأكبر، والنفاق الأكبر "الاعتقادي"، وسيأتي الكلام على هذه النواقض في الباب الثاني - إن شاء الله تعالى -.
* * *

(1/26)
المبحث الثاني: العبادة
المطلب الأول: تعريف العبادة وبيان شمولها.
...
المبحث الثاني
العبادة
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف العبادة وبيان شمولها:
عرَّف شيخ الإسلام ابن تيمية العبادة بقوله: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
وهذا يدل على شمول العبادة، فهي تشمل:
أولاً: العبادات المحضة. وهي الأعمال والأقوال التي هي عبادات من أصل مشروعيتها، والتي دل الدليل من النصوص أو غيرها على تحريم صرفها لغير الله تعالى.
ويدخل في العبادات المحضة ما يلي:
1- العبادات القلبية. وهي تنقسم إلى قسمين:
أ - "قول القلب"، وتسمى "اعتقادية"، وهي: اعتقاد أنه لا رب إلا الله، وأنه لا أحد يستحق أن يعبد سواه، والإيمان بجميع أسمائه وصفاته، والإيمان بملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وغير ذلك.
ب – "عمل القلب"، ومنها: الإخلاص، ومحبة الله تعالى، والرجاء لثوابه، والخوف من عقابه، والتوكل عليه، والصبر على فعل أوامره وعلى اجتناب نواهيه، وغيرها.
2- العبادات القولية.
ومنها النطق بكلمة التوحيد، وقراءة القرآن، وذكر الله تعالى

(1/27)
بالتسبيح والتحميد وغيرهما، والدعوة إلى الله تعالى، وتعليم العلم الشرعي، وغير ذلك.
3- العبادات البدنية:
ومنها الصلاة والسجود، والصوم، والحج، والطواف، والجهاد، وطلب العلم الشرعي، وغير ذلك.
4- العبادات المالية:
ومنها الزكاة، والصدقة، والذبح، والنذر بإخراج شيء من المال، وغيرها.
ثانياً: العبادات غير المحضة. وهي الأعمال والأقوال التي ليست عبادات من أصل مشروعيتها، ولكنها تتحول بالنية الصالحة إلى عبادات.
ويدخل في العبادات غير المحضة ما يلي:
1- فعل الواجبات والمندوبات التي ليست في الأصل من العبادات: ومن ذلك: النفقة على النفس أو على الزوجة والأولاد، وقضاء الدين، والزواج الواجب أو المندوب إليه، والقرض، والهدية، وبر الوالدين، وإكرام الضيف، وغيرها.
فإذا فعل المسلم هذه الواجبات أو المندوبات مبتغياً بذلك وجه الله تعالى، كأن ينفق على نفسه بنية التقوي على طاعة الله، وكأن ينفق على أولاده بنية امتثال أمر الله، وبنية تربية الأولاد ليعبدوا الله، وكأن يحمل رجلاً كبير السن على راحلته ليوصله إلى أهله ليريحه من تعب المشي مبتغياً بذلك وجه الله، وكأن ينوي بالزواج إعفاف النفس ونحو ذلك كان ذلك كله عبادات يثاب عليها، بلا نزاع.

(1/28)
ومما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سعد: " ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تضعه في في امرأتك ".
متفق عليه، وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي مسعود البدري: " إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة، وهو يحتسبها كانت له صدقة ". متفق عليه، وحديث الثلاثة أصحاب الغار، ففيه أن كلاً منهم توسل إلى الله بصالح عمله، فتوسل أحدهم إلى الله ببره بوالديه ابتغاء وجه الله، وتوسل الثاني إلى الله بإعطائه للأجير أجره بعد تنميته له ابتغاء وجه الله تعالى ... الخ.
2- ترك المحرمات ابتغاء وجه الله تعالى: ومن ذلك ترك الربا، وترك السرقة، وترك الغش وغيرها فإذا تركها المسلم طلباً لثواب الله وخوفاً من عقابه وامتثالاً لنهيه كان ذلك عبادة يثاب عليها بلا نزاع.
ومما يدل على ذلك حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يقول الله تعالى: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ". متفق عليه، وحديث الثلاثة أصحاب الغار، ففيه أن أحدهم توسل إلى الله بتركه الفاحشة ابتغاء وجه الله تعالى.
3- فعل المباحات ابتغاء وجه الله تعالى: ومن ذلك: النوم، والأكل، والبيع والشراء، وغيرها من أنواع التكسب، فهذه الأشياء وما يشبهها في الأصل مباحة، فإذا نوى المسلم بفعلها التقوي بها على

(1/29)
طاعة الله، وما أشبه ذلك، كان ذلك عبادة يثاب عليها.
ومما يدل على ذلك عموم حديث سعد وحديث أبي مسعود السابقين، وقول معاذ رضي الله عنه لما قال له أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: كيف تقرأ القرآن؟ قال: "أنام أول الليل، فأقوم وقد قضيت حزبي من النوم، فأقرأ ما كتب الله لي، فأحتسب نومتي، كما أحتسب قومتي" رواه البخاري.
وهذا يدل على أن العبادة تشمل حياة الإنسان كلها، وتشمل الدين كله، ويدل كذلك على أهمية العبادة، ولهذا كانت هي الغايه التي خلق الله الجن والإنس من أجلها، كما قال سبحانه {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ** [الذاريات: 56] ، فالله تعالى خلقهم ليختبرهم في عبادته وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً** [تبارك: 2] فكل عاقل من الثقلين منذ أن يبلغ إلى أن يموت فهو في حال امتحان واختبار.

(1/30)
المطلب الثاني: أصول العبادة:
عبادة الله تبارك وتعالى يجب أن ترتكز على أصول ثلاثة، وهي المحبة، والخوف، والرجاء، فيعبد المسلم ربه محبة له، وخوفاً من عقابه، ورجاء لثوابه، ولذلك قال بعض السلف: من عَبَدَ اللهَ بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالحب والخوف

(1/30)
والرجاء فهو مؤمن، وقد أسمى بعض العلماء هذه الأصول "أركاناً"، وسأتكلم عليها بشيء من الاختصار فيما يلي:
الأصل الأول: المحبة لله تعالى.
هذا الأصل هو أهم أصول العبادة، فالمحبة هي أصل العبادة، فيجب على العبد أن يحب الله تعالى، وأن يحب جميع ما يحبه تعالى من الطاعات، وأن يكره جميع ما يكرهه من المعاصي وأن يحب جميع أوليائه المؤمنين، وفي مقدمتهم رسله عليهم السلام، وأن يبغض جميع أعدائه من الكفار والمنافقين. وكل هذا واجب على المسلم لاخيار له فيه.
كما أنه يجب على المسلم أن يحب الله تعالى وأن يحب رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أكثر مما يحب نفسه وأولاده وماله وكل شيء. قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ** [التوبة: 24] .
ومحبة الله تعالى إذا قويت في قلب العبد انبعثت جوارحه بطاعة الله تعالى، وابتعد عن معصيته، بل إنه يجد اللذة والراحة النفسية عند فعله لعبادة الله تعالى، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ** [سورة الرعد: 28] .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " قم يا بلال فأرحنا بالصلاة "، وكان أيضاً يقول صلى الله عليه وسلم: " جُعلت قرة عيني في الصلاة ".

(1/31)
ولهذا فإن من يطيع الله، ويجتنب معاصيه، ويكثر من ذكره، ومن نوافل العبادات محبة لله وخوفاً منه ورجاء لثوابه يعيش في سعادة وانشراح صدر، كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً** [سورة النحل:97] .
وإذا عصى العبد ربه نقصت محبته لله بقدر معصيته، فمن علامة ضعف محبة الله في القلب إصرار العبد على المعاصي وعدم توبته منها، وكلما أكثر العبد من معصية الله تعالى ضعفت محبته في قلبه أكثر مما كانت قبل ذلك، وهكذا، ولذلك فإنه يخشى على من أسرف على نفسه بالمعاصي أن تذهب محبته لله كلية فيقع في الكفر، ومن ادعى محبة الله مع استكثاره من معصيته فهي دعوى كاذبة، ولذلك لما ادعى قوم محبة الله تعالى أنزل هذه الآية: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ** [سورة آل عمران: 31] ، وهذه الآيه تسمى آية "المحنة" أو آية "الاختبار" فالذي يحب الله حقيقة يتبع ما أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، وينتهي عما نهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، قال بعض العلماء: من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده فهو كاذب.
وقال الشاعر:
تعصي الإله وأنت تزعم حبه ... هذا محال في القياس شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع
وإذا ضعفت محبة الله تعالى في قلب العبد بسبب كثرة معصيته له فقد لذة العبادة، وربما استولى عليه الشيطان في عباداته بكثرة الوساوس، فتجده ربما صلى أو ذكر الله أو دعاه وقلبه لاه غافل، فتصبح عباداته

(1/32)
أقرب إلى العادة منها إلى العباده.
ولهذا يجد العاصي قسوة وخشونة في قلبه، ويشعر بعدم الطمأنينة والراحة النفسية، بل إنه يحس بضيق في الصدر، وقلق مستمر، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى** [طه: 124] أي: أن من أعرض عن ذكر الله - وهو القرآن - فلم يمتثل أوامره ولم يجتنب نواهيه يعاقبه الله بالشقاء في هذه الحياة، ولذلك تجد كثيراً من العصاة يلجؤون إلى ما يظنون أنه يزيل عنهم الضيق، فيلجأ أحدهم إلى المسكرات، أو المخدرات، أو شرب الدخان أو النظر إلى الصور المحرمة أو سماع الغناء والمحرمات يظن أنه سيجد السعادة فيزيد الطين بلة، فيزيده ضيقاً إلى ضيق، نسأل الله السلامة والعافية.
ولذلك ينبغي للعبد أن يحرص على الأمور التي تجلب وتقوي محبة الله في قلبه، لتحصل له السعاده في الدنيا والآخرة، ومن هذه الأمور:
1- أداء الواجبات، والبعد عن المحرمات.
2- الإكثار من نوافل العبادات، ومن أهمها: سماع أو قراءة كلام الله تعالى بتدبر، والإكثار من ذكره، ومن صلاة النافلة، وبالأخص صلاة الليل، والإكثار من دعائه ومناجاته.
3- معرفة أسماء الله تعالى وصفاته.
4- التفكر في نعم الله الكثيرة عليه.

(1/33)
الأصل الثاني: الخوف من الله تعالى.
الخوف هو: تألم القلب بسبب توقع مكروه.
فيجب على المسلم أن يعبد الله تعالى خوفاً من عقوبته، كما قال تعالى: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ** [آل عمران: 175] ، وقال سبحانه: {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ** [المائدة: 44] ، وقال: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ** [البقرة: 40] .
والخوف من الله تعالى ينشأ ويعظم عند العبد من عدة أمور، أهمها:
1- معرفته بالله تعالى وبصفاته، فمن كان بالله أعرف كان منه أخوف.
2- تصديقه بأن الله تعالى توعد من عصاه بترك الواجبات أو بفعل المحرمات بالعقوبة.
3- معرفته لشدة عقوبة الله تعالى لمن عصاه، وأن العبد لا يستطيع تحمل عقوبته تعالى، وهذا يحصل بمطالعة الآيات والأحاديث الواردة في الوعيد والزجر، والعرض والحساب، وعذاب القبر وعذاب النار.
4- تذكر العبد لمعصيته لله تعالى فيما سبق من عمره.
5- خوفه أن يُحال بينه وبين التوبة، بسبب ارتكابه للذنب، أو أن يختم له بخاتمة سيئة بسبب إصراره على معصية الله تعالى.
وكلما قوي إيمان العبد وتصديقه بعذاب الله تعالى ومعرفته بشدة عذابه تعالى لمن عصاه اشتد خوفه من عذاب الله، ولذلك قال بعض

(1/34)
العلماء "من كان بالله أعرف كان منه أخوف"، والخوف المحمود الصادق هو ما حال بين العبد وبين معصية الله تعالى.
الأصل الثالث: الرجاء.
الرجاء هو: الطمع في ثواب الله ومغفرته، وانتظار رحمته.
فيجب على المسلم أن يعبد الله رغبة في ثوابه، وأن يتوب إليه عند الوقوع في الذنب رجاء لمغفرته، كما قال تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً** [الأعراف: 56] ، وقال سبحانه: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ** [الزمر: 9] ، وقال تعالى عن أنبيائه: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ** [الأنبياء: 90] .
والرجاء ثلاثة أنواع: "اثنان محمودان، والثالث مذموم"، وهي:
1- رجاء من أطاع الله في أن يتقبل الله عمله، وأن يثيبه عليه بالفوز بالجنة والنجاة من النار.
2- رجاء من أذنب ذنوباً ثم تاب منها في أن يغفر الله ذنوبه وأن يعفو عنها.
3- رجاء من هو متماد في التفريط في الواجبات واقع في المحرمات، مصر عليها، ومع ذلك يرجو رحمة الله، فهذا هو "الغرور" و"التمني" و "الرجاء الكاذب".
قال أبوعثمان الجيزي: من علامة السعادة أن تطيع وتخاف أن لا تقبل، ومن علامة الشقاوة أن تعصي وترجو أن تنجو، وحال

(1/35)
صاحب هذا الرجاء المذموم يشبه حال من يتمنى الأولاد من غير أن يتزوج، فهو من أسفه السفهاء، ولذلك قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ** [البقرة: 218] والمعنى: أولئك الذين يستحقون أن يرجو، وقال تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ** [النساء: 123] (1) .
وبالجملة فإنه يجب على المسلم أن يعبد الله محبة له، وخوفاً من عقابه، ورجاء لثوابه كما أنه ينبغي له أن لا يفْرِط في الخوف حتى يصل إلى درجة القنوط واليأس من رحمة الله، وأن لا يفرط في الرجاء فيتعلق بسعة رحمة الله مع إصراره على معصيته، بل يجب أن يجمع بينهما، وإن كان ينبغي له في حال الصحة أن يغلب جانب الخوف ليحمله على طاعة الله وعلى البعد عن معصيته، وعند الموت يغلب جانب الرجاء على جانب الخوف حتى يموت وهو يحسن الظن بالله، فيفرح بلقائه تعالى، فلابد من الجمع بينهما كما في الآيات الثلاث السابقة.
* * *
__________
(1) وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ** [الأعراف: 169] أي أن هؤلاء الخلوف الذين لا خير فيهم يتمنون على الله غفران ذنوبهم التي لايزالون يعودون فيها ولا يتوبون منها، وقال تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ** [الأعراف: 5] ، فدلت هذه الآية بمفهومها على أن رحمة الله بعيده من غير المحسنين. ينظر بدائع الفوائد لابن القيم 3/17. وقال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ** الآية [الأعراف: 156] .

(1/36)
الفصل الثالث: توحيد الأسماء والصفات.
مقدمة
...
الفصل الثالث
توحيد الأسماء والصفات
أسماء الله تعالى وصفاته من الغيب الذي لا يعرفه الإنسان على وجه التفصيل إلا بطريق السمع، لأن البشر لا يحيطون بالله تعالى علماً، كما قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً** [طه: 110] والكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات.
فلا يمكن للعقل البشري أن يستقل بالنظر في أسماء الله وصفاته ومعرفتها على التفصيل إثباتاً ونفياً، ومن فعل شيئاً من ذلك فقد أخطأ، ومال عن الصراط المستقيم.
فيجب على العبد أن يقف عند كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فيؤمن بجميع ما ثبت في النصوص الشرعية من أسماء الله وصفاته، وينفي عنه تعالى ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد دلت النصوص الشرعية الكثيرة على إثبات صفات الكمال لله تعالى على وجه التفصيل فيجب إثباتها له تعالى على الوجه اللائق بجلاله، كما دلت النصوص أيضا على نفي صفات النقص عنه تعالى، فيجب نفيها عنه وإثبات كمال ضدها له سبحانه وتعالى، وهذا هو الحق الواجب في أسماء الله تعالى وصفاته على وجه الإجمال.
وسأتكلم على هذا التوحيد - توحيد الأسماء والصفات - بشيء من الاختصار في المباحث الأربعة الآتية:

(1/37)
المبحث الأول: طريقة أهل السنة في أسماء الله وصفاته.
الأول: طريقتهم في الإثبات.
...
المبحث الأول: طريقة أهل السنة في أسماء الله وصفاته:
طريقة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته يمكن تلخيصها في ثلاثة أمور رئيسة، هي:
الأول: طريقتهم في الإثبات: وهي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل، فيؤمنون بأن جميع ما ثبت في النصوص الشرعية من صفات الله تعالى أنها صفات حقيقية تليق بجلال الله تعالى، وأنها لا تماثل صفات المخلوقين. ويؤمنون كذلك بجميع أسماء الله تعالى الثابتة في النصوص الشرعية، ويؤمنون بأن كل اسم يتضمن صفة لله تعالى، فاسم "العزيز" يتضمن صفة العزة لله تعالى، واسم "القوي" يتضمن صفة القوة له سبحانه، وهكذا بقية الأسماء.
وكل ما ثبت لله تعالى من الصفات فهي صفات كمال يحمد عليها، ويثنى بها عليه، وليس فيها نقص بوجه من الوجوه، بل هي ثابتة له على أكمل وجه.

(1/38)
الثاني: طريقتهم في النفي: نفي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات النقص، مع اعتقادهم ثبوت كمال ضد الصفة المنفية عنه جل وعلا.
إذا تبين هذا فمما نفى الله عن نفسه "الظلم"، والمراد به انتفاء الظلم عن الله مع ثبوت كمال ضده له تعالى، وهو "العدل"، ونفى عن نفسه "اللغوب"، وهو التعب والإعياء، والمراد نفي اللغوب مع ثبوت كمال ضده، وهو "القوة"، وهكذا بقية ما نفاه الله تعالى عن نفسه.

(1/38)
الثالث: طريقتهم فيما لم يرد نفيه ولا إثباته مما تنازع الناس فيه.
كالجسم، والحيز، والجهة ونحو ذلك، فطريقتهم فيه التوقف في لفظه، فلا يثبتونه ولا ينفونه، لعدم وروده، وأما معناه فيستفصلون عنه، فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ردوه، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أن أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم يؤمنون بأن جميع صفات الله جل وعلا الثابتة في الكتاب والسنة صفات حقيقية، لا مجازية.
فهم يعتقدون أن الظاهر المتبادر من لفظ الصفة معنى حقا يليق بجلال الله تعالى، فيثبتون المعنى الذي يدل عليه لفظ الصفة الوارد في الكتاب أو السنة، فمثلاً يثبتون المعنى الذي يدل عليه لفظ "العزة" في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ** ، وهذا المعنى هو: "القدرة والغلبة"، وكذلك يثبتون المعنى الذي يدل عليه لفظ "استوى" في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى** ، وهذا المعنى هو: "العلو والاستقرار" كما سيأتي بيانه عند الكلام على صفة الاستواء - إن شاء الله تعالى -، وهكذا بقية الصفات؛ لأن الله تعالى خاطب عباده في كتابه بلسان عربي مبين، والنبي صلى الله عليه وسلم خاطب أمته بألفاظ عربية صريحة، فوجب إثبات المعنى الحقيقي الذي يدل عليه اللفظ الوارد في القرآن أو السنة في لغة العرب، وهذا هو مقتضى الإيمان بهما ومقتضى الانقياد لما جاء فيهما.
وبهذا يعلم بطلان مذهب المفوضة الذين يقولون: نؤمن بالصفات الواردة في النصوص، لكن لا نثبت المعنى الذي يدل عليه لفظ الصفة، وإنما نفوض علم معناه إلى الله تعالى، وهذا مذهب حادث بعد القرون المفضلة، والسلف بريؤون منه، فقد تواترت الأقوال عن السلف بإثبات معاني الصفات، وتفويضهم الكيفية إلى علم الله عز وجل.

(1/39)
المبحث الثاني: أمثلة لبعض الصفات الإلهية الثابتة في الكتاب والسنة.
1- علو الله تعالى.
...
المبحث الثاني: أمثلة لبعض الصفات الإلهية الثابتة في الكتاب والسنة:
صفات الله تعالى لا يستطيع العباد حصرها، لأن كل اسم لله تعالى يتضمن صفة له جل وعلا، وأسماء الله تعالى لا يستطيع العباد حصرها، لأن منها ما استأثر الله به في علم الغيب عنده، وقد ورد في الكتاب والسنة ذكر صفات كثيرة لله تعالى، وأجمع أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على إثباتها له تعالى على الوجه اللائق بجلاله.
ومن هذه الصفات:
1- علو الله تعالى. وينقسم إلى قسمين: علو ذات، وعلو صفات.
فأما علو الصفات فمعناه: أنه ما من صفة كمال إلا ولله تعالى أعلاها وأكملها.
وأما علو الذات فمعناه: أن الله بذاته فوق جميع خلقه، وقد دل على ذلك: الكتاب، والسنة، والإجماع، والفطرة.
فأما الكتاب والسنة فهما مملوءان بما هو نص، أو ظاهر في إثبات علو الله تعالى بذاته فوق خلقه، وقد تنوعت دلالتهما على ذلك إلى أنواع كثيرة، منها:
1- التصريح بفوقيته سبحانه على خلقه، مقرونا بأداة "مِنْ" المعيِّنة للفوقية بالذات، كقوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ** [النحل: 50] .
2- التصريح بالعلو المطلق الدال على جميع مراتب العلو: ذاتاً

(1/40)
وقدراً وشرفاً، كقوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ** [البقرة: 255] ، وثبت في الحديث أنه يشرع للعبد أن يقول في حال سجوده - وهو أكثر ما يكون سفولاً بوضعه أشرف أعضائه - وهو الوجه - على الأرض: "سبحان ربي الأعلى"، فيصف ربه بصفة العلو وهو - أي الساجد - على هذه الحال من السفول وتنكيس الجوارح تذللا للعلي العظيم.
3- التصريح بكونه تعالى في "لسماء"، كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ** [تبارك: 16] ، وكقوله صلى الله عليه وسلم: " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء " رواه البخاري ومسلم.
4- التصريح بصعود الأشياء وعروجها إليه، كما في قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ** [المعارج: 4] ، وكما في قوله عز وجل: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ** [فاطر: 10] ، وكما في أحاديث المعراج، وهي أحاديث متواترة.
5- التصريح بلفظ "الأين" كقول أعلم الخلق بربِّه وأنصحهم لأمته وأفصحهم بياناً عن المعنى الصحيح للجارية: " أين الله؟ " قالت: في السماء. قال صلى الله عليه وسلم لسيدها معاوية بن الحكم: " أعتقها، فإنها مؤمنة ". رواه مسلم.
6- التصريح بأنه تعالى فوق السموات السبع، كما في قوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ رضي الله عنه لما حكم في بني قريظة بأن تقتل مقاتلتهم وأن تقسم أموالهم وذراريهم: " لقد حكمتَ فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات ".

(1/41)
2- صفة الكلام:
فالله تعالى لم يزل متكلماً بمشيئته وإرادته بما شاء وكيف شاء بكلام حقيقي، حرف وصوت، ويسمعه من يشاء من خلقه، وكلامه عز وجل قول حقيقة على ما يليق بجلاله وعظمته. ومن الأدلة على ذلك: قول الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً** [النساء:164] .
ومن الأدلة على ذلك من السنة: ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يقول الله عز وجل يوم القيامة: "يا آدم" فيقول: لبيك ربنا وسعديك. فينادِي بصوت: "إنَّ الله يأمرك أنْ تخرج من ذريتك بعثا إلى النار" قال: يا رب وما بعث النار? قال: "من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين" فحينئد تضع الحامل حملها ويشيب الوليد وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد ". فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم، وقالوا: أينا ذلك الواحد ... الحديث. رواه البخاري في صحيحه.
وما رواه جابر عن عبد الله بن أنيس مرفوعاً: " يحشر الله العباد عُرَاةً غُرْلاً بُهْمَاً - أي ليس معهم شيء - فيناديهم بصوت يسمعه من بعد، كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان ".
ومن كلام الله تعالى: "القرآن" فهو صفة من صفات الله تعالى، تكلم به ربنا جل وعلا، وسمعه منه جبريل عليه السلام، ونزل به على محمد صلى الله عليه وسلم، فهو منزل، غير مخلوق. وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع.
فمن أدلة الكتاب: قوله تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ** [التوبة: 6] ، وقوله تعالى: {الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ

(1/42)
رَبِّ الْعَالَمِينَ** [السجدة: 1، 2] .
ومن أدلة السنة: ما رواه جابر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول: " هل من رجلٍ يحملني إلى قومه، فإن قريشاً قد منعوني أن أبلّغ كلام ربي ".

(1/43)
3- صفة الاستواء على العرش:
استواء الله تعالى على عرشه معناه: علوه عليه، واستقراره عليه، علواً واستقراراً حقيقياً يليق بجلاله.
واستواء الله تعالى على عرشه من صفاته الفعلية التي دل عليها الكتاب والسنة وإجماع السلف.
فمن أدلة القرآن قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ** [الأعراف: 54] ، وقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى** [طه: 5] .
ومن أدلة السنة:
1- ما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما ذكر الشفاعة يوم القيامة: " فآتي باب الجنة فيفتح لي، فآتي ربي تبارك وتعالى وهو على كرسيه أو سريره، فأخر له ساجداً ".
2- ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله تعالى خلق السموات والأرضين وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على العرش ".

(1/43)
4- صفة الوجه:
"الوجه" من صفات الله تعالى الذاتية، الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف.
قال الله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ** [الرحمن:26، 27] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: " حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ". رواه مسلم، وفي حديث الحارث الأشعري مرفوعاً: " وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا، فإن الله يقبل بوجهه إلى وجه عبده ".

(1/44)
5- صفة اليدين:
مذهب أهل السنة والجماعة أن لله تعالى يدين اثنتين، ويعتقدون أنهما يدان حقيقيتان تليقان بجلال الله تعالى، ولا تماثلان أيدي المخلوقين، وهما من صفات الله تعالى الذاتية، الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف.
قال الله تعالى مخاطباً الشيطان الرجيم: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ** [ص: 75] .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! أو يا أبا القاسم! إن الله تعالى يمسك السماوات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً مما قال الحبر، تصديقاً له، ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ

(1/44)
جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ** [الزمر:67] . رواه البخاري ومسلم.
وعن عبد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر كيف يحكي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يأخذ الله عز وجل سماواته وأرضيه بيديه، فيقول: أنا الله" ويقبض أصابعه ويبسطها؛ "أنا الملك" حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.

(1/45)
6- المحبة:
المحبة من صفات الله تعالى الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف.
قال الله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ** [المائدة:54] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا أحب اللهُ العبدَ نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً....". رواه البخاري ومسلم، وفي الصحيحين أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم خيبر: " لأُعطيَنَّ الراية غداً لرجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله ".
هذا وهناك صفات كثيرة غير ما ذكر ثابتة لله تعالى بالكتاب والسنة، أو بأحدهما، وبإجماع السلف، يطول الكلام بذكرها وذكر أدلتها، ومنها: الخلق، والرزق، والرضى، والضحك، والغضب، والعزة، والعلم، والعدل، والحياء، والجمال، والانتقام من المجرمين، والنزول، والكيد لأعدائه، والخداع لمن خادعه، والعين، والأصابع،

(1/45)
والقدم، وأنه يراه المؤمنون يوم القيامة، وغير ذلك.
(1/46)
المبحث الثالث: ثمرات الإيمان بالأسماء والصفات.
...
المبحث الرابع: ثمرات الإيمان بالأسماء والصفات:
إن معرفة العبد بأسماء الله وصفاته ومعرفته بمعانيها وإيمانه بأنها صفات حقيقية تليق بجلال الله وعظمته وأنها لا تماثل صفات المخلوقين يكسبه سعادة الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بها أو أوَّلَها وصرَفَها عن معناها الحقيقي حرم السعادة، فإيمان العبد بأسماء الله وصفاته له ثمرات وفوائد كثيرة، من أهمها ما يلي:
1- أعظم ثمرات الإيمان بالأسماء والصفات: تنزيه الله تعالى عن النقائص والعيوب، ووصفه بصفات الكمال اللائقة بجلاله، ونفي مماثلتها لصفات المخلوق الضعيف، وإثبات الأسماء الحسنى له جل وعلا.
2- أن مَنْ آمن بأن من أسماء الله تعالى العفو والغفور والرحيم، وأن من صفاته المغفرة للمذنبين والرحمة والعفو دعاه ذلك إلى عدم اليأس من روح الله، وإلى عدم القنوط من رحمته، بل ينشرح صدره لما يرجو من رحمة ربه ومغفرته.
3- أن من عرف أن من صفات الله تعالى أنه شديد العقاب، والغيرة إذا انتهكت محارمه، والغضب، وأنه ذو انتقام ممن عصاه حمله ذلك على الخوف من الله تعالى والبعد عن معصيته.
4- أن المؤمن إذا أيقن أن من أسماء الله تعالى: القوي، والقادر، والعزيز، وأنه تعالى يتولى المؤمنين بالحفظ والنصر

(1/46)
أكسبه ذلك عظمة التوكل على الله، والوثوق بنصره، وعدم الهلع من أعدائه، فيعيش قرير العين، واثقا بحفظ الله وتأييده ونصره.
5- أن من استقر في قلبه أن من أسماء الله تعالى البصير وأنه تعالى يرى دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء، وكذلك إذا علم أن من أسماء الله تعالى الرقيب، والعليم، وأنه تعالى يعلم نيات العباد وخلجات نفوسهم، حمله ذلك على البعد عن معصية الله، وألا يراه الله حيث نهاه، وعلى مراقبته سبحانه في كل ما يأتي وما يذر.
6- أن من آمن بصفات الله واستعاذ بها أعاذه الله مما يخاف منه.
7- أن من علم أسماء الله وصفاته وتوسل إلى الله تعالى بها استجاب الله دعاءه، فحصل له ما يرجوه من مرغوب، واندفع عنه ما يخافه من مرهوب.
وهذا كله قطرة من بحر من ثمرات الإيمان بالأسماء والصفات.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 12:10 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com