باب قول الله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون)
وقوله تعالى ** وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ** وقوله تعالى ** إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ** وقوله تعالى {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً **.
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عُفير.قال: فقال: ( يا معاذ! أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً. وحق العباد على الله عز وجل أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً. قال قلت: يا رسول الله! أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا ).
أخرجه البخاري برقم 2856 ومسلم برقم 30.
قال شيخ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى (2/304): العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.اهـ
باب في أركان العبادة
الركن الأول: غاية الحب.
قال تعالى ** فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ** وقال تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ **.
الركن الثاني: الخوف المجرد من القنوط.
قال تعالى {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ** وقال تعالى {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ** وقال تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء **.
الركن الثالث: الرجاء المقرون بالعمل.
قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ** وقال تعالى {أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً ** وقال تعالى ** َمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً **.
فالرجاء يستلزم الخوف ولولا ذلك لكان أمناً, والخوف يسلتزم الرجاء ولولا ذلك لكان قنوطاً ويأساً. قال تعالى {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ** وقال تعالى {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً **.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الفتاوى الكبرى (2/332): قال من قال من السلف: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق, ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري, ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ, ومن عبد الله بالحب بالخوف والرجاء فهو مؤمن موحد.اهـ