فضل الخشوع في الصلاة
منذ 2022-06-22
الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح من الجسد، فإذا فُقدت الروح مات الجسد، فالخشوع روح الصلاة،
أولًا: تعريف الخشوع:
الخشوع هو: لين القلب وخضوعه، ورقته، وسكونه، وحضوره، وقت تلبسه بالطاعة، فتتبعه جميع الجوارح والأعضاء: ظاهرًا وباطنًا؛ لأنها تابعة للقلب، وهو أميرها، وهي جنوده".
ثانيًا: منزلة الخشوع في الصلاة:
الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح من الجسد، فإذا فُقدت الروح مات الجسد، فالخشوع روح الصلاة، ولبُّها؛ قال الإمام ابن القيم رحمه الله: في كتابه" الوابل الصيب ص 14-15":
" .... وكذلك فوت الخشوع في الصلاة، وحضور القلب فيها بين يدي الرب تبارك وتعالى، الذي هو روحها، ولبها، فصلاة بلا خشوع، ولا حضور، كبدن ميت لا روح فيه، أفلا يستحي العبد أن يهدي إلى مخلوق مثله عبدًا ميتًا، أو جارية ميتة؟ فما ظن هذا العبد أن تقع تلك الهدية ممن قصده بها: من ملك، أو أمير، أو غيره، فهكذا؛ سواء الصلاة الخالية عن الخشوع، وجمع الهمة على الله تعالى فيها، بمنزلة هذا العبد أو الأمَة الميت الذي يريد إهداءه إلى بعض الملوك، ولهذا لا يقبلها الله تعالى منه، وإن أسقطت الفرض في احكام الدنيا، ولا يثيبه عليها، فإنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها..."؛ ا .هـ.
ومما يدل على عظم منزله الخشوع في الصلاة: أن الله تعالى يعرض عمن التفت بقلبه أو ببصره، وذلك للحديث الذي أخرجه الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي ذر t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الله عز وجل مقبلًا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه».
وأخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث الحارث الأشعري t عن النبي صلى الله عليه وسلم:
إن الله تعالى أمر يحيى بن زكريا - عليهما السلام- بخمس كلمات أن يعمل بهنَّ وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ"؛ الحديث، وفيه: ".... وأن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت....".
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه "الوابل الصيب ص 35-36": "الالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان: أحدهما: التفات القلب عن الله عز وجل إلى غير الله تعالى، والثاني: التفات البصر، وكلاهما منهي عنه، ولا يزال الله مقبلًا على عبده ما دام العبد مقبلًا على صلاته، فإذا التفت بقلبه أو بصره، أعرض الله تعالى عنه، ومثل من يلتفت في صلاته ببصره أو بقلبه مثل رجل قد استعداه السلطان، فأوقفه بين يديه، وأقبل يناديه ويخاطبه، وهو في خلال ذلك يلتفت عن السلطان يمينًا وشمالًا، وقد انصرف قلبه عن السلطان، فلا يفهم ما يخاطبه به؛ لأن قلبه ليس حاضرًا معه، فما ظن هذا الرجل أن يفعل به السلطان، أليس أقل المراتب في حقه أن ينصرف من بين يديه ممقوتًا مبعدًا، قد سقط من عينيه؟ فهذا المصلي لا يستوي والحاضر القلب المقبل على الله تعالى في صلاته الذي قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه، فامتلأ قلبه من هيبته، وذل عنقه له، واستحيى من ربه تعالى أن يقبل على غيره، أو يلتفت عنه، وبين صلاتيهما كما قال حسان بن عطية: إن الرجلين يكونان في الصلاة الواحدة، وإن ما بينهما في الفضل كما بين السماء والأرض، وذلك أن أحدهما مقبل بقلبه على الله عز وجل, والآخر ساهٍ غافل، فإذا أقبل العبد على مخلوق مثله، وبينه وبينه حجاب لم يكن إقبالًا ولا تقربًا، فما الظن بالخالق عز وجل، وإذا أقبل على الخالق عز وجل, وبينه وبينه حجاب: الشهوات، والوساوس، والنفس مشغوفة بها، ملأى منها، فكيف يكون ذلك إقبالًا، وقد ألهته الوساوس، والأفكار، وذهبت به كل مذهب"؛ ا .هـ بتصرف.
[1] استفدت كثيراً من كتاب " أركان الإسلام " للشيخ القحطاني حفظه الله : 2/261-281
_____________________________________
الكاتب: الشيخ ندا أبو أحمد