عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 08-11-2009, 07:21 PM   #1
معلومات العضو
إسلامية
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية إسلامية
 

 

I11 لا تستأثر بالحديث !

د. طارق الحبيب


يحسُن بالمُحاور تجنب الاستئثار بالحديث، وألا يعيب على غيره طول الحديث مبيحاً ذلك لنفسه.

وليتذكر أنه كلما تحدث أكثر، كان عرضة للخطأ والزلل بدرجة أكبر.

قال أبو الدرداء: "إن الله خلق لي أذنين ولساناً واحداً؛ كي أسمع أكثر مما أقول".

وقديماً قالت العرب: خير الكلام ما قلَّ، وجلَّ، ودلَّ، ولم يطُل فيُمل.


والأَثرة بالحديث آفة قبيحة، يغفل عنها كثير من المحاورين؛ لأنهم يظنون سكوت من أمامهم إعجاباً بكلامهم، وموافقة لهم على الإطالة.

وتظل الأثرة آفة قبيحة حتى لو كان الحديث مكتنزاً بالمعارف، مليئاً بالأدلة، محلى بنوادر الشعر وطرائفه. ومن هنا كان على المحاور أن يراعي الوقت أثناء كلامه، فإن حُدِّد له التزم به، وإلا حدَّده من تلقاء نفسه.


وتكون الأثرة بالحديث مرفوضة أكثر إن صاحبها تكرار للكلام. فاحرص على عدم التكرار من غير فائدة ترجى؛ لأن من لم ينشط لحديثك أول مرة لن ينشِّطه التكرار. قال قتادة: مكتوب في التوراة: "لا يعاد الحديث مرتين".


واعلم أن إعادة الحديث المفهوم من غير قصد أو فائدة، أشد من نقل الصخر.


ومن عيوب إطالة الكلام تناقص تركيز المتلقي؛ وبالتالي عدم تحقيق الفائدة المرجوة من إطالة وتكرار الحديث عليه.


وقد أُجريت دراسة في إحدى كليات الطب لاختبار قدرة الطالب على مواصلة التركيز، فكانت نتيجتها أن قدرة الطالب على التركيز تبدأ بالتناقص بعد (18) دقيقة من الحديث المتواصل، فما بالك بمستمع لحديث غير ملزم بإدراكه!!


ومن الطريف ما جاء في كتاب الدكتور "جونسون" عن شعوب أفريقيا البدائية.. فقد عاش بينهم وراقبهم طيلة تسع وأربعين سنة، حيث يقول: إنه عندما يلقي خطيب خطاباً طويلاً جداً خلال اجتماع القرية، فإن الجمهور يسكته بالصراخ: كفى! كفى!


ويقال إن قبيلة أخرى تسمح للخطيب بالتحدث ما دام يستطيع ذلك، وهو مرتكز على ساق واحدة، وعندما تلمس ساقه الأخرى الأرض فإنها توجب عليه التوقف عن الكلام!!


قال عبدالله بن مسعود: "حدثوا الناس ما حدجوك بأبصارهم، وأذنوا لك بأسماعهم، ولحظوك بأبصارهم، فإذا رأيت منهم فترة فأمسك".



ويقول أحد الحكماء: لا تطعم طعامك من لا يشتهيه.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة