عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 16-05-2006, 07:07 AM   #10
معلومات العضو
القطوف الدانيه

افتراضي الله أعطى سليمان عليه السلام سراً من علم الكتاب (3)

ثم يقول الله تعالى : ( فلما جآء سليمان قال أتمدونن بمال فمآ ءاتاني الله خير مما ءاتاكم به بل أنتم بهديتكم تفرحون ) ..... " النمل : 36"
أي : لما جاء الرسول سليمان بالهدية ، قال له سليمان : لست بحاجة إلى مالكم لإن الله أعطاني خيراً مما عندكم ، وقوله تعالى ( بل أنتم بهديتكم تفرحون ) يصح أن يكون معنى قوله أنكم إناس تفرحون بأنكم قدمتم هدية لي لتأسروني بها ، أو أن معناها أنهم يفرحون حين تأتيهم هدية من أحد ، فكلاهما صحيح ، أو أنا رددت الهدية وسترجع لكم وستفرحون برجوعها ؛ هذه ثلاث معان ، فأنتم بهدية منكم لي ستفرحون حين تأتيكم هدية ، أو أنني حين أرد الهدية لكم ستفرحون برجوعها إليكم .

ثم قال لرسول بلقيس في لهجة حاسمة : ( ارجع إليهم فلنأتيهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون ) .....< النمل : 37>
كلامه هنا يكشف كلامها الذي قالته لقومها ؛ فهي قد قالت : ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ) .... فكأنه من منطلق النبوة يرد عليها وعلى كلامها بالحرف .

ومعنى ( لا قبل لهم بها ) القبل : هو المقابل ، أي لا يستطيع مقابلة هذا الأمر او مواجهته ، أو أنهم أضعف من أن يواجهوا هذا الأمر .
ومعنى ( أذلة وهم صاغرون ) أي يخرجهم من الملك ( أذلة ) لأنهم كانوا ملوكاً ، وسلب منهم الملك فصاروا اذلة ، والصغار يكون بالأسر او القتل .
ثم إلتفت سليمان حوله وقال : ( يأيها الملؤا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ) ..
هذه أيضاً من إلهامات النبوة ، فكأن الله اعلمه أن القوم بعد أن رد إليهم هديتهم ، سيأتونه مسلمين طائعين ولن يحاربوه ، فكأنه قد علم أنهم سيأتون إليه ، فأراد ان يرسل من يذهب إلى سبأ ، ويأتيه بعرش بلقيس قبل أن يصل القوم إليه ، ولأن هذا الأمر صعب التحقيق ويتطلب قدرات خاصة .

وقيل إن الذي تكلم عفريت من الجن ، قال ( أنا ءاتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين ) ....
وقوله : ( قبل أن تقوم من مقامك ) هذه كلمة مجملة ؛ لإن مقام سليمان في مجلسه بينهم للحكم والعلم ومدارسة الأمور ، مقام طويل قد يستمر ساعات ، والذي يحدد هذا المقام مدة الإقامة التي كان يجلسها معهم ، من أجل هذه الأمور ، ومعنى هذا أن العفريت سيأتيه بعرش بلقيس قبل أن يترك مجلسه هذا أي أنه لن يتأخر بها إلى جلسة أخرى .
هنا القرآن لم يخبرنا أن أحداً آخر تكلم في هذا الموضوع إلا بالوصف حيث قال تعالى :
......( قال الذي عنده علم من الكتاب أنا ءاتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) < النمل : 40>
أنت لو حسبت المدة التي يستغرقها هذا الكلام ( أنا ءاتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) تجد أن طرفك ارتد خلالها مرتين أو ثلاثاً ، فالعفريت من الجن طلب إعطاءه مدة من الوقت ، هي مدة بقاء سليمان في مجلسه ، وليكن ساعة أو ساعتين أو أكثر ، لكن أن يأتي به قبل أن يرتد إليه طرفه ، فهذه سرعة خارقة !! ؛ لإن الطرف يرتد بسرعة ، ولذلك لم يقل القرآن فذهب الذي عنده علم من الكتاب فجاء بالعرش ، ولكن جاء بالخبر مباشرة في قوله تعالى ( قال الذي عنده علم من الكتاب أنا ءاتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رءاه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ) ............ وهذا دليل على السرعة الفائقة .

بعض العلماء قالوا : إن هذا الرجل هو آصف بن برخيا ، وكان رجلاً صالحاً أعطاه الله من أسرار قوته .
وآخرون قالوا : الذي عنده علم من الكتاب هو سليمان نفسه ، فكأن العفريت لما قال له ( أنا ءاتيك به قبل أن تقوم من مقامك ) ... قال له هو ( أنا ءاتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) فهو إذن سليمان ، لمــــــــــاذا ؟ ؟ قالوا : لإنه لو كان هذا الرجل واحداً غير سليمان ، فمعنى هذا أن له تفوقاً في معرفة الكتاب قبل سليمـــان .....
ورد بعض العلماء على ذلك بقولهم : إن هذه عظمة لسليمان ؛ لإن فوق من يعرف هذا العلم ، والمزايا لا تقتضي إلا فضيلة ؛ لإن هذا الرجل مع ما عنده من علم بأسرار الكون سخره الله لخدمة سليمـــــــان .
وليس بالضرورة أن يكون الرجل العظيم عارفاً بكل شئ ، فلا يمكن أن نطلب من الملك أن يكون ماهراً في بعض ما يجيده الصبية في الصناعات اليدوية مثلاً ، فمن عظمة سليمان أن الله سخر له كل هولاء .

قال الله سبحانه وتعالى : ( فلما رءاه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني ءأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم )......
وما دام سليمان قال : ( هـــــــــذا من فضـــــل ربي ) فهذا يدل على شيئين لا ثالث لهما : إما أن الله سخر له أحداً فجاءه بالعرش ، أو أن الله أعطاه علماً من الكتاب فجاء به ، وإن كانت هذه أو تلك ففضل الله عليه بإعطائه هذا العلم له أو لأحد من أتباعه .


ومعنى ( ليبلوني ) : الإبتلاء هو الإختبار ، والإختبار ليس مذموماً لذاته ، ولكنه يذم لنتيجته فالذي ينجح فيه يكون سعيداً ، وإن فشل يكون حزيناً ، ولذلك سليمان ذكر النتيجتين معاً فقال : ( ليبلوني ءأشكر أم أكفر ) .. فالشكر معناه : أنه ذكر المنعم ولم يلهه جمال النعمة عن جلال الواهب ، وأما كفر النعمة : أن يقول الإنسان هذا من ذكائي وجهدي وقوله تعالى ( ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ) .. أي أن الله لا يحتاج لشكرنا ، فشكرك لا يزيد في صفات الله صفة الكمال وكذلك الذي يكفر النعمة ولا يشكر الله عليها فإن الله ( غني كريم ) أي غني عن الشكر ، وكريم يعطي بغير حساب .............. ( يتبــــــــــــــــع )


التعديل الأخير تم بواسطة القطوف الدانيه ; 16-05-2006 الساعة 10:41 AM. سبب آخر: إضافة رقم (3) على العنوان
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة