عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 28-04-2005, 08:22 AM   #3
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

بخصوص سؤالك أختي المكرمة ( فلسطينية ) في كيفية التعامل مع صاحب العاهة أو المعوق أو من به صفة غير محمودة ، فنحمد الله سبحانه وتعالى أنه ما من أمر من أمور الدنيا بعمومه أو خصوصه إلا ذكر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وسوف أذكر لكِ أختي المكرمة بعض الأمور التي تحدد كيفية التعامل مع المبتلى بمثل هذا الأمر ، وهي على النحو التالي :

أولاً : الإيمان بالقضاء والقدر : لا بد من زرع هذا المفهوم في نفسية هذا الطفل ، وليعلم أن القدر خيره وشره من الله سبحانه وتعالى ، وإما أن يكون القدر شرعياً وهو كل ما شرعه الله سبحانه وتعالى ويتماشى مع أحكام الشريعة ، أو أن يكون قدراً كونياً وهو ما لا يرضى به الله ولكنه تمحيص واختبار للعبد كالظلم والسحر ونحو ذلك من أمور أخرى ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( إنا كل شيء خلقنه بقدر ) ( القمر – الآية 49 ) 0

وقد ثبت عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ عَبْدُاللَّهِ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ 000 الحديث ) ( البخاري ) 0

ثانياً : الصبر والاحتساب : ولا بد من زرع الصبر والاحتساب في نفسية هذا الطفل ، مع إدراك أن الأجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى ، يقول الحق جل وعلا في محكم كتابه : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وألئك هم المهتدون ) ( سورة البقرة – الآية 155 ، 157 ) 0

وعَنْ جَابِرٍ – رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ ) ( صحيح الترمذي 1960 ) 0

ثالثاً : الاسترجاع : ومن الأمور الهامة التي لا بد من غرسها عند الطفل المبتلى تعليمه الاسترجاع ، حيث نعلمه عندما يشعر بهذا النقص أن يقول دائماً : ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) ، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ – رضي الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا قَالَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ فَقُلْتُ إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ فَقَالَ أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ ) ( مسلم ) 0

رابعاً : استذكار سيرة بعض الصحابة ممن كان يعاني من بعض تلك الأمور فبلال – رضي الله عنه - كان عبداً حبشياً ومع ذلك كان له قدره في الدارين الدنيا والآخرة ، وعبدالله بن مسعود كان دقيق الساقين ، ولكنها كانت عند الله أثقل من جبل أحد ، فعَنْ أُمِّ مُوسَى قَالَتْ : سَمِعْتُ عَلِيًّا - رَضِي اللَّه عَنْه - يَقُولُ : ( أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ مَسْعُودٍ فَصَعِدَ عَلَى شَجَرَةٍ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ مِنْهَا بِشَيْءٍ ، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ حِينَ صَعِدَ الشَّجَرَةَ فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوشَةِ سَاقَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا تَضْحَكُونَ لَرِجْلُ عَبْدِ اللَّهِ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ ) ( أخرجه الإمام أحمد – حديث صحيح ) 0

وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ – رضي الله عنه - أَنَّهُ كَانَ يَجْتَنِي سِوَاكًا مِنَ الْأَرَاكِ وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مِمَّ تَضْحَكُونَ ، قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ ، فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ ) ( أخرجه الإمام أحمد – حديث صحيح ) 0

خامساً : اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء من قبل المبتلى : وهذا مما يزرع الطمأنينة والسكينة في نفسه ، ويلهمه الصبر والسلوان في مصيبته تلك ، وربما يكون لدعائه وتعلقه بالله سبحانه وتعالى ما يرفع عنه هذا الابتلاء 0

عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ أَبِيهِ – رضي الله عنهم - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ) ( أخرجه الإمام أحمد – حديث صحيح ) 0

سادساً : الدعاء عند رؤية المبتلى : ومما يجب غرسه في نفسية بعض الأطفال الذين يتعاملون مع المبتلى أن يدعو بالدعاء المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ) ، دون أن يسمعوا بها الطفل المبتلى ، ولا بد أن يعلموا يقيناً أن الله سبحانه وتعالى قد أنعم عليهم بالصحة والعافية ، وأنهم قد يبتلون بمثل ما ابتلي به هذا الطفل 0

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ رَأَى مُبْتَلًى فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا ، لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلَاءُ ) ( صحيح الترمذي 2729 ) 0

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ – رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا ، إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ ) ( صحيح الترمذي 2728 ) 0

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ : ( إِذَا رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ فَتَعَوَّذَ مِنْهُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ وَلَا يُسْمِعُ صَاحِبَ الْبَلَاءِ ) ( صحيح الترمذي – 3 / 153 ) 0

سابعاً : مواساة الطفل من قبل المربي والوقوف معه والاهتمام به ومراعاة ظروفه وأحواله ، والسعي حثيثاً لربطه بخالقة ، وزرع الثقة في نفسه ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف مع أصحابه وكافة المسلمين 0

عَنْ أَبِي مُوسَى – رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ ) ( البخاري ) 0

وعَنْ عَامِرٍ – رضي الله عنه - قَالَ : سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ : ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) ( البخاري ) 0

ثامناً : إشغال وقت المبتلى بالأمور النافعة والمفيدة : كالرياضة المقننة ( التي لا تخالف الشريعة الإسلامية ) ، وهذا مما لا شك فيه سوف يعطي صاحب العاهة ثقة بنفسه ، وهذا الذي يحصل عند المجتمعات الغربية ، فتجد المعوق قد أبدع في مجالات كثيرة ، ويا حبذا لو استفدنا من تجارب الغرب في كثير من الأمور التي لا تخالف منهجنا الإسلامي 0

وقد ثبت في الأثر عن عمر - رضي الله عنه - قال : ( علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب االخيل ) 0

وهذا عام يشمل الإصحاء ومن به إعاقة 0

وكل ما ذكر آنفاً يؤكد على اهتمام المربي بالحالة التي يتعامل معها ، وعليه مراعاة بعض الأمور الهامة المتعلقة بالطفل من حيث استيعابه ومقدرته على التعامل مع الآخرين وعمره ، ولو أخلص المربي النية في القول والعمل فإن الله سوف يوفقه بتوفيقه ، ويسدد سعيه بإذنه سبحانه وتعالى 0
هذا ما تيسر لي في هذه العجالة ، ولا نستغني عن رأي اختنا الفاضلة ( لمار ) لتلقي مزيداً من الضوء على هذا الجانب من النواحي التربوية التي في جعبتها ، ونشكر الأخت ( طيبة القلب ) على هذه المداخلة الطيبة 0

سائلاً المولى عز وجل أن يوفقنا للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى أعلم 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة