عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 08-05-2005, 06:09 AM   #18
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الأخ الحبيب ( جند الله ) حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعد قراءتي لما ذكر فلا يسعني إلا أن أعقب بالآتي :
الوقفة الأولى : أم قولكم - وفقكم الله للخير فيما ذهبتم إليه - : ( جزاك الله خير الجزاء على حسن اهتمامك ومطالعتك لمقالي، وفقك الله إلى كل ما يحبه ويرضاه . اسمح لي فضيلتكم بسرد بعض التعليقات على ملاحظاتكم القيمة ، منها ما أتفق معك فيه ، وأتراجع عن قولي فيه ، ومنها ما أنا بحاجة إلى بحث وتروي ومراجعة النفس فيه ، ومنها ما أشكل عليكم وبحاجة للتوضيح ، ومنها ما أخالفكم فيه بالحجة والدليل ، وهذا هو منهجنا البحثي ) 0

قلت وبالله التوفيق : أشكرك على ما تفضلت به من حديث يتعلق بشكل عام عن منهج البحث العلمي ، وأعتقد أن هناك لبس في بعض الأمور ولذلك وحيث أننا نؤصل في منتدانا الغالي هذا فلا بد أن نجعل التوافق التام الذي ننطلق فيه للتأصيل والتقعيد وفق أساليب البحث العلمي والتي لا بد أن تنطلق من الأمور الهامة التالي :

أولاً : لا بد أن نعتمد في كل ما يتعلق بهذا العلم وما يختص بالنواحي الغيبيبة على الكتاب والسنة ، وأقوال علماء الأمة الموثقة بتحديد المرجع والقائل 0

ثانياً : لا يجوز في النقل الاستدلال والاستنباط والاجتهاد بما يوافق الهوى ، بمعنى أنه لا يجوز لي ولا لغيري أن يستدل باستنباطات واستدلالات شخصية ، بل لا بد أن يستدل بالآيات والأحاديث وما وافقها من أقوال علماء الأمة في التفسير وشروحات الأحاديث المعتمدة عند أهل السنة والجماعة ، ويأتي أهمية الالتزام بهذا المنهج لعدة أمور أهمها :

1)- لأن فتح هذا الباب يجعل كل نطيحة ومتردية وأكيلة سبع يدخل لنا في استنباطات واجتهادات قد تؤدي بمجملها إلى خروج بالكلية عن مناهج البحث العلمي ليتعلق الأمر بالهوى والعياذ بالله 0

2)- لأن الاجتهاد والاستنباط والقياس كل ذلك له قواعد وشروط وأحكام وهذا بطبيعة الحال لا ينطبق علينا بأي حال من الأحوال ، وأنا ممن أؤمن بمسألة الاجتهاد ولكن أؤمن كذلك بأن الاجتهاد يجب أن يكون لأهله ، وهم العلماء العاملون العابدون ، وبخاصة أن المجتهد لا بد أن يعلم علماً تاماً بالتفسير وشرح الحديث ، وأن يكون كذلك ضالعاً باللغة العربية والصرف والنحو وما شابه ذلك ، وأن يعلم أيضاً بالناسخ والمنسوخ 0

ثالثاً : ولا زلنا في الحديث عن المسائل الشرعية المتعلقة بعلم الرقية الشرعية ، بخلاف التجارب الخاصة بالناحية العملية والتي تتفاوت من معالج لآخر ، وهذه يمكن الاستفادة منها إلى أقصى درجة ، ويمكن من خلالها أن نخدم هذا العلم خدمة جليلة 0

ومن هنا أخي الحبيب فلا بد أن نجعل هناك قاعدة ننطلق فيها في البحث والعرض والنقاش ، فإن اتفقنا على ذلكم فنعما بها ، وإلا فما أراه ومن أجل المصلحة الشرعية الذي يقتضيه لقاؤنا في هذا المنتدى الطيب المبارك أن يحتفظ كل برأيه على أن نقدم جل ما نستطيع في المسائل المتفق عليها وهيَّ كثيرة ولله الحمد والمنة 0
، وعلى هذا سأبدأ تدوين ردي على مراحل، وحسب ما يتيسر لي من وقت متاح للكتابة وجمع الأدلة . الملاحظة الأولى :

الوقفة الثانية : أم قولكم - وفقكم الله للخير فيما ذهبتم إليه - : ( أولاً : وبحيث أننا نؤصل هنا على حسب مصادر التشريع الإسلامي، إذا فما هو الاسم الذي أطلقه الله تعالى على هذا العالم الغيبي؟ هذا العالم الغيبي سماه الله تبارك وتعالى وكما علمنا نبيه صلى الله عليه وسلم باسم عالم ( الجن ) ، والذي سميت به السورة (72) من ترتيب المصحف الشريف، هذا هو المسمى القرآني الذي أعرفه عن هذا العالم، أما مسمى (الروحية) فهذا مسمى بحاجة لدليل شرعي إسلامي، وأنا لم اقف على هذا المسمى عن عالم الجن في الكتاب أو في السنة ) 0

ثانياً : عالم الأرواح حسب الكتاب والسنة واللغة يدل على الآتي: (الروح) التي بدخولها أو خروجها يحيى الإنسان أو يموت، (الملائكة)، (الجن)، وعلى هذا فإطلاق مسمى الروح على الجن هو مسمى جامع غير مانع لدخول أجناس أخرى كالروح والملائكة، فمسمى روح هو مسمى عام وليس خاص بجنس بعينه، وهم جنس الجن، وعلى هذا لا يصح في التعريفات أن يطلق العام ويقصد به الخاص، لأنه تعريف جامع غير مانع ) 0

قلت وبالله التوفيق : بداية ما ذكر هو حق وصدق ، فيطلق هذا المسمى وهو ( عالم الجن ) ، على ما جاء به الدليل النقلي الصريح الصحيح في كل ما يتعلق بهذ العالم وقد ألفت كتب في ذلك ، فلا يمنع مطلقاً تسميته بعالم الجن والشياطين ، ومن ذلك ( عالم الجن والشياطين ) للدكتور عمر الأشقر ، وكذلك ( عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة ) للدكتور عبدالكريم عبيدات ، ولكن من خلال المرجعية لتلك الكتب نجد أن أصحابها قد التزموا منهجية البحث والتقصي بالدليل النقلي الصحيح ، ولم نجد مطلقاً اجتهادات في هذا العلم ، حيث وكما يعلم الجميع أن ذلك يعتبر من العاتلم الغيبي الذي لا يجوز أن يتحدث فيه إلا بالدليل 0
أما إن كان الأمر يتعلق بالتأثيرات التي يحدثها هذا العالم على عالم الإنس فقد أشرت في عدة مواضع أنه يجوز ذلك بل إن الأمانة العلمية تقتضي من كافة المعالجين البحث الاعلمي الشرعي الجاد لتثقديم المزيد فيما يخدم المرضى وينفعهم ، والله تعاللى أعلم 0
هذا من ناحية ، أما من الناحية الثانية : فإن مسمى الأرواح الخبيثة ، قد أطلقه جهابذة أهل العلم ، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم – رحمهما الله - ، وإليك بعض أقوالهم في ذلك :

قال ابن القيم : ( قلت : الصرع صرعان : صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية ، وصرع من الأخلاط الرديئة 0 والثاني : هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه 0
وأما صرع الأرواح ، فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ، ولا يدفعونه ، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة ، فتدافع آثارها ، وتعارض أفعالها وتبطلها ، وقد نص على ذلك بقراط في بعض كتبه ، فذكر بعض علاج الصرع ، وقال : هذا إنما ينفع من الصرع الذي سببه الأخلاط والمادة 0 وأما الصرع الذي يكون من الأرواح ، فلا ينفع فيه هذا العلاج 0
وأما جهلة الأطباء وسقطتهم وسفلتهم ، ومن يعتقد بالزندقة فضيلة ، فأولئك ينكرون صرع الأرواح ، ولا يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع ، وليس معهم إلا الجهل ، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك ، والحس والوجود شاهد به ، وإحالتهم ذلك على غلبة بعض الأخلاط ، هو صادق في بعض أقسامه لا في كلها ) ( زاد المعاد - 4 / 66 ، 67 ) 0

وقال – رحمه الله - : ( والفرقة الرابعة - يعني أهل السنة والجماعة - وهم أتباع الرسل ، وأهل الحق : أقروا بوجود النفس الناطقة المفارقة للبدن ، وأقروا بوجود الجن والشياطين ، وأثبتوا ما أثبته الله تعالى من صفاتهما وشرهما ، واستعاذوا بالله منه ، وعلموا أنه لا يعيذهم منه ، ولا يجيرهم إلا الله 0
فهؤلاء أهل الحق ، ومن عداهم مفرط في الباطل ، أو معه باطل وحق ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) ( بدائع التفسير – 5 / 435 ، 436 ) 0

قال أيضاً : ( وهذه العلل والأسباب ليس عند الأطباء ما يدفعها ، كما ليس عندهم ما يدل عليها ، والرسل تخبر بالأمور الغائبة ، وهذه الآثار التي أدركوها من أمر الطاعون ليس معهم ما ينفي أن تكون بتوسط الأرواح ، فإن تأثير الأرواح في الطبيعة وأمراضها وهلاكها أمر لا ينكره إلا من هو أجهل الناس بالأرواح وتأثيراتها وانفعال الأجسام وطبائعها 0
والله سبحانه قد يجعل لهذه الأرواح تصرفا في أجسام بني آدم عند حدوث الوباء وفساد الهواء ، كما يجعل لها تصرفا عند غلبة بعض المواد الرديئة التي تحدث للنفوس هيئة رديئة ، ولا سيما عند هيجان الدم والمرة السوداء وعند هيجان المني ، فإن الأرواح الشيطانية تتمكن من فعلها بصاحب هذه العوارض ما لا تتمكن من غيره ، ما لم يدفعها دافع قوي من هذه الأسباب : من الذكر والدعاء ، والابتهال والتضرع ، والصدقة وقراءة القرآن ، فإنه يستنزل لذلك من الأرواح الملكية ما يقهر هذه الأرواح الخبيثة ويبطل شرها ويدفع تأثيرها ) ( الطب النبوي – ص 30 ، 31 ) 0

وقال أيضا : ( وشاهدت شيخنا - ابن تيميه - يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه ، ويقول : قال لك الشيخ : اخرجي ، فإن هذا لا يحل لك ، فيفيق المصروع ، وربما خاطبها بنفسه ، وربما كانت الروح ماردة فيخرجها بالضرب ، فيفيق المصروع ولا يحس بألم ، وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مرارا 0
وكان كثيرا ما يقرأ في أذن المصروع : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ) ( سورة المؤمنون – الآية 115 ) وحدثني أنه قرأها مرة في أذن المصروع ، فقالت الروح : نعم ، ومد بها صوته 0 قال : فأخذت له عصا ، وضربته بها في عروق عنقه حتى كلت يداي من الضرب ، ولم يشك الحاضرون أنه يموت لذلك الضرب 0 ففي أثناء الضرب قالت : أنا أحبه ، فقلت لها : هو لا يحبك ، قالت : أنا أريد أن أحج به ، فقلت لها : هو لا يريد أن يحج معك ، فقالت : أنا أدعه كرامة لك ، قال : قلت : لا ولكن طاعة لله ولرسوله ، قالت : فأنا أخرج منه ، قال : فقعد المصروع يلتفت يمينا وشمالا ، وقال : ما جاء بي إلى حضرة الشيخ ، قالوا له : وهذا الضرب كله ؟ فقال : وعلى أي شيء يضربني الشيخ ولم أذنب ، ولم يشعر بأنه وقع به ضرب البتة ) ( الطب النبوي – ص 68 ، 69 ) 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين السؤال التالي : هل يؤدي صرع الأرواح الخبيثة لحصول الأمراض المتنوعة للإنسان ؟؟؟

فأجاب – حفظه الله - : ( صرع الأرواح الخبيثة هو تلبس شياطين الجن بالمصروع من الإنس ، - ثم نقل كلام أبن القيم – رحمه الله - آنف الذكر – 0
ولا شك أن صرع هذه الأرواح يؤدي إلى الأمراض المتنوعة ، فإن المصروع ينهك بدنه وتقل شهوته ويسوء تصرفه ، وقد يلازم الفراش زمنا طويلا ، وقد يبقى ذلك الملابس له حتى يعالج بقوة نفس المصروع وصدق توجهه إلى ربه والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان ، ثم لا بد في علاجه من كون الراقي أيضا صادق التوجه إلى الله تعالى مستعينا به وحده ، وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد أمثلة من علاج العلماء الربانيين لأمثال هذا الصرع ومنهم شيخ الإسلام الذي قد يكتفي بقوله : اخرجي فإن هذا لا يحل لك فيفيق المصروع ، وربما كانت الروح ماردة فيخرجها بالضرب فيفيق المصروع ولا يحس بألم إلى آخر كلامه - رحمه الله تعالى - ) ( المنهل المعين في إثبات حقيقة الحسد والعين ) 0

قال الشيخ أبو بكر الجزائري - حفظه الله - : ( ونعني بالصرع الدال على وجود الجن والشياطين ، الصرع الذي سببه الأرواح الخبيثة ، ذاك الصرع الذي وقف الطب حتى في أيام تقدمه ، وقف حياله لا يبدي ، ولا يعيد ، فإنه من آثار الجان والشياطين ، ودليل قاطع على وجودهم ) ( عقيدة المؤمن – ص 210 ) 0

وبالعموم تجدني قلت في معرض كلامي والأولى ، وكما تعلم أخي الحبيب ( جند الله ) فخلاف الأولى من أقسام الجواز ، ولكَ أن تحتفظ بالمسمى ، فهو لا يتعدى ذلك ، والله تعالى أعلم 0

الوقفة الثالثة : أم قولكم - وفقكم الله للخير فيما ذهبتم إليه - : ( أيهما أعم وأشمل الرقية أم العلاج، وهل العلاج فرع من الرقية، أم أن الرقية متفرعة عن العلاج؟
الحقيقة أن العلاج أعم والرقية أخص، لأننا نعالج بالأعشاب والحجامة والاغتسال والزيوت، كل هذه الأساليب تتم إلى جانب الرقية، فإذا قصرنا المسمى على الرقية فقط نكون أسقطنا أركانا أخرى في العلاج ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالقصور على مسمى رقية فيه بتر لسنن أخرى ثابتة، أما مسمى العلاج فهم أعم واشمل للرقية وما سواها من السنن المعمول بها ) 0

قلت وبالله التوفيق : مما لا شك فيه أن العلاج أعم من الرقية ، ولكن عندما نطلق مصطلح الرقية فإن ذلك يشمل الجميع بمعنى أنه يشمل الرقية والعلاج ، ولو وقفنا مع بعض الأحاديث النبوية الثابتة وهيَّ على النحو التالي :

* عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال : رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية ، وقال لأسماء بنت عميس : ( مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة ) قالت : لا ، ولكن العين تسرع إليهم ، قال : " ارقيهم " قالت : فعرضت عليه فقال : " ارقيهم " ) ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 3 / 333 ، والإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام ( 60 ) - برقم 2198 ) 0

* عن أم سلمة - رضي الله عنها - زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى سفعة في وجه جارية في بيت أم سلمة فقال : ( استرقوا لها فإن بها النظرة ) ( متفق عليه ) 0

* عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي  : ( أمرها أن تسترقي من العين ) ( متفق عليه ) 0

وفي تلك الأحاديث عندما يوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الخطاب بالاسترقاء فإنه لا يعني حتماً الاقتصار على ذلك دون اتخاذ الأسباب الشرعية والحسية الأخرى والتي لا داعي لذكرها الآن ، ومن هنا جاء المسمى عام يشمل الرقية والعلاج ، كما هو الحال بالنسبة لـ ( علم الرقى ) فهو يشمل هذا العلم وما يتعلق به من أمراض روحية وعلاجاتها المتنوعة 0

ولا زلت أدندن حول مسألة في غاية الأهمية إلا وهيَّ أن نعمل جميعاً في منتدانا الحبيب هذا ونركز على الوقوف مع المرضى والأخذ بأيديهم إلى بر الأمان ، دون التركيز على مسائل تنفع المتخصص دون المريض ، مع تمنياتي لكَ أخي الحبيب ( جند الله ) بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة