الموضوع: الولاء والبراء
عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 24-02-2009, 02:19 AM   #3
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

أولاً: الحقوق اللازمة من كل مسلم لأخيه المسلم:

(1) الحب:

يدل لهذا قوله صلى الله عليه وسلم: [لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه] (الشيخان والترمذي والنسائي وغيرهم).
وهذه أدنى درجات المحبة والمقصود أن كل مسلم يجب عليه أن يحب لأخيه من خير الدنيا والآخرة ما يحبه هو لنفسه ولا يمكن أن يحصل هذا إلا بأن تحب الشخص لأنك لا تحب الخير لمن تكره.
ولا يتصور أن تحب الخير إلا لمن تحب، وهذا الواجب قد تناساه وأهمله اكثر المسلمين في زماننا بل لا نكاد نجد إلا قليلاً ممن يحبون إخوانهم المسلمين حباً دينياً حقيقياً مجرداُ عن الهوى والمصلحة والعصبية،
وبالرغم من أن هذه المنزلة -أعني محبة المسلم لأخيه المسلم- من لوازم الموالاة فإنه أيضاً باب عظيم من أبواب الخير في الآخرة والشعور بحلاوة الإيمان في الدنيا كما جاء في الصحيحين في شأن السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم: [رجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه] (متفق عليه)
وكذلك جاء في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: [ثلاث من وجدهن وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار] (البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم).
وقد يظن ظان أن المحبة عمل قلبي ولا يستطيع الإنسان التحكم فيه فكيف يرغم على محبة المسلمين؟! والجواب أن هذا خطأ لأن القلب تابع للعقيدة والإيمان فمن آمن بالله وأحبه فلابد أن يحب من يحب الله، والمسلم مفروض فيه أن يحب الله ويطيعه ولذلك وجب علينا محبة المسلم لمحبتنا الله ولدينه، بل لا يمكن أن يتصور إيمان أصلاً دون أن يحب المسلمون بعضهم بعضاً، كما قال صلى الله عليه وسلم: [لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم] (مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة).
وهكذا نعلم أنه لا إيمان قبل المحبة، وقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سبيلها وهي إفشاء السلام لأنه أدنى معروف من الممكن أن يبذله المسلم لأخيه المسلم وهو لا يكلف أكثر من كلمة طيبة تتضمن دعاء وطلباً من الله بالسلامة والعافية من كل شر والرحمة لمن تسلم عليه. ولا شك أن الدعاء والتمني على هذا النحو يرقق القلب ويشعر بمحبة المسلم لأخيه المسلم، فأين المسلمون اليوم من تطبيق هذه الجزئية في هذا الأصل الشرعي "الموالاة"؟

(2) المجاملة:

وهي تضم حقوقاً خمسة واجبة جمعها النبي في حديث واحد كما قال صلى الله عليه وسلم: [حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وتشميت العاطس، واتباع الجنازة، وعيادة المريض، وإجابة الدعوة] (متفق عليه)،
ومعنى تشميت العاطس أن تقول له إذا سمعته يحمد الله بعد عطاسه: "يرحمك الله" فيرد عليك "يهديكم الله ويصلح بالكم
وأما إجابة الدعوة فالمقصود إجابة دعوة الطعام حتى وإن كره الإنسان الحضور لقوله صلى الله عليه وسلم: [ومن لم يحب الداعي فقد عصا أبا القاسم] (مسلم وأبو داود وابن ماجة)، وفي البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ولو دعيت إلى كراع لأجبت] والكراع هو رجل الماشية، وهذه الحقوق الخمسة الآنفة من باب المجاملات اللازمة الواجبة من كل مسلم على أخيه المسلم.

(3) النصرة:

وهي تعني أن يقف المسلم في صف إخوانه المسلمين فيكون معهم يداً واحدة على أعدائهم ولا يخلي بتاتاً -ما استطاع إلى ذلك سبيلاً- بين مسلم وعدوه ويدل لهذا المعنى آيات وأحاديث كثيرة منها قوله تعالى: **وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً** (النساء:75)
وقد جعل الله هنا القتال في سبيل تخليص المسلمين المستضعفين قتالاً في سبيله ونصراً له سبحانه وتعالى، وقال صلى الله عليه وسلم: [انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً] (الشيخان والترمذي وأحمد)،
وقد فسر صلى الله عليه وسلم نصر الأخ ظالماً بأن ترده عن الظلم وأما نصره مظلوماً فمعناه رد الظلم عنه، ومثل هذا المعنى أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: [المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه] (البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم) ومعنى أن يسلمه أي يخلي بينه وبين أعدائه.
ولما كان هذا الحق يتعلق بعلاقات المسلمين والكفار قوةً وضعفاً وفي وقت عهد وهدنة وفي غير ذلك، وفي دار الإسلام ودار الكفر أقول لما كان الأمر كذلك كان للنصرة قواعد وأحكاماً كثيرة ملخصها أنه يجب أن ننصر إخواننا المسلمين المستضعفين فلا يجب عليهم ذلك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر على آل ياسر وهو يعذبون فلا يملك إلا أن يقول لهم [صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة] (سيرة ابن هشام 1/319-320)، ولم يستطع أن يرد عن أحد المستضعفين شيئاً طيلة مكوثه صلى الله عليه وسلم بمكة، ولكن بعد أن عزه الله بسيوف الأنصار استطاع أن يمد يد العون للمستضعفين بمكة فكان يرسل إليهم من ينقذهم ويساعدهم على الفرار إلى المدينة، ولكن الله سبحانه وتعالى نهانا أن نساعد المستضعفين من المؤمنين بديار الكفار إذا كان بيننا وبين قومهم عهد كما كان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية حيث امتنع عن مساعدة المستضعفين في مكة بعد هذا الصلح
ولذلك اضطروا إلى الفرار إلى ساحل البحر كما قال تعالى: **وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير** (الأنفال:72) وهكذا نعلم أن هذا النص [ولا يسلمه] الوارد في الحديث
وكذلك قوله تعالى: **وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان** (النساء:75) مخصصين بالاستطاعة، وبأن لا يكون المسلمين قد ارتبطوا بعهد وميثاق مع قوم من الكفار فلا يجوز خيانتهم في هذا.

وهذه الحقوق السالفة "الحب والمجاملة والنصرة" هي حقوق عامة من كل مسلم لأخيه المسلم في الشرق أو الغرب لا تمييز فيها بين مسلم وآخر
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة