عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 08-02-2009, 04:13 PM   #1
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي إشراقات إيمانية

إشراقات إيمانية

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  ] آل عمران: 102 [.
فهذه مجموعة من القصص الحقيقية التي نرى فيها كيف يفعل الإيمان حينما يشرق القلب بأنواره، فتتحول حياة المرء من النقيض إلى النقيض في ثوانٍ معدودات
إن لقوة الإيمان مفعول خطير إذا لامست سويداء القلب. فتجد الرعديد حينئذ شجاعا، والضعيف قويا، والمريض معافى!!
وهذه قصص واقعية حقيقية حدثت ورأيتها بعيني أو سمعتها من شيوخي جزاهم الله خيرا، فأردت أن أعرضها لعلها تشجع مترددا يريد أن يعود إلى الله سبحانه، أو لعلها تُسرع بخطى متلكئٍ يُسوّف في التوبة. فما لي من فضل سوى روايتها بهذا الشكل.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن يكون أنيسا لي في قبري، وأن ينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون.

لماذا لا تدعو إلى الله؟

جلس الشيخ أمين في المسجد بعد صلاة العشاء ينتظر أحمد صديقه الحميم، وأخذ يشغل وقته بتلاوة أذكار ختام الصلاة. كان الموعد المضروب بينهما بعد صلاة العشاء في الجامع الكبير بالمنطقة التي يسكنون فيها.
ولم يطل انتظار الشيخ أمين، فقد جاء أحمد في الموعد المحدد. وأخذا يتجاذبان معا أطراف الحديث. وفجأة سأل أحمد الشيخ أمين قائلا:
- ولكن احكِ لي يا شيخ عن أغرب المواقف التي مرت بك في مجال الدعوة إلى الله!!
أخذ الشيخ أمين يعبث في لحيته وهو يسترجع المواقف في ذهنه. ثم برقت عينيه ببريق من تذكر شيئا هاما يريد أن يخبر به. وهتف قائلا:
- لعل من أهم المواقف التي مرت بي في حياتي الدعوية هو حالة حاجة أمينة ... وهو الاسم الذي اشتهرت به أمينة الصادق، البالغة من العمر الأربعين عاما.
قال أحمد في شغف:
- إذن احكِ لي قصتها!!
أخذ الشيخ أمين نفسا عميقا كأنه يسترجع في ذهنه تفاصيل القصة، ثم بدأ في الحديث قائلا:
- كانت تأتيني خطابات كثيرة من بعض الأفراد يطلبون مني تزويدهم بكتيبات أو مطويات تشرح أركان الإسلام أو تناقش مواقف دعوية، وذلك لتوزيعها على الناس. ولكن استوقفتني الخطابات التي كانت تصلني من امرأة بعينها. كانت في غاية النشاط، وكانت خطاباتها تأتيني بصفة مستمرة تطلب فيها كميات كبيرة من هذه الكتيبات أو المطويات.
وقاطعه أحمد متسائلا:
- وماذا كان الغريب في هذا الأمر؟
رد الشيخ أمين:
- كان كل الدعاة يمرون بفترات من النشاط يعقبها شيء من الفتور. أما هذه السيدة، فقد كانت لا تعرف الملل أو الكلل. لدرجة أننا أخذنا نفكر ... ما الذي تفعله بهذه الكميات من الكتيبات والمطويات التي تطلبها بهذه الكثرة!!! وتمنيت أن لو التقيت بها!!!
وسأل أحمد في شغف:
- وما الذي حدث بعد ذلك؟
قال الشيخ أمين:
- أخذت عنوان الحاجة أمينة من أحد المظروفات التي كانت تصلنا منها، وقررت أن اذهب لزيارتها لاستطلاع الأمر!!
وقاطعه أحمد منفعلا:
- وهل ذهبت بالفعل لها؟
أجاب الشيخ أمين مسرعا:
- بحثت عن العنوان، وذهبت إليها. ودققت جرس الباب، وجاءني صوت من الداخل عمن يكون الطارق. فأجبت أنني الشيخ أمين، وأنني أريد مقابلة الحاجة أمينة.
وفُتح الباب بسرعة. وقادتني خادمة منقبة إلى غرفة الصالون. وأفهمتني أن الحاجة أمينة لا تقابل أحدا إلا بموعد سابق، ولكنها ما أن علمت بشخصيتي إلا وقررت أن تقابلني فورا.

ثم وجدت سيدة تجلس على كرسي متحرك تدخل علينا الغرفة. لقد جاءت الحاجة أمينة! وبدأت أمارات الدهشة ترتسم على وجهي!! فلم أكن أتصور أن تكون الحاجة أمينة هي تلك السيدة المُقعدة!!
وجاءني صوت الحاجة أمينة مفعما بالإيمان واليقين:
- السلام عليكم وحمة الله وبركاته! كيف حالك يا شيخ أمين؟ جزاك الله خيرا عني وعن الإسلام والمسلمين. الحقيقة أنا لا أستطيع توجيه الشكر اللائق بك عن مجهوداتك معي في خدمة الدعوة إلى الله!!
- الشكر لله يا حاجة أمينة أن وفقنا لخدمة الدين!
وقرأت الحاجة أمينة علامات الدهشة والحيرة التي ملأت وجهي، فقالت:
- لعلك تندهش من منظري وأنا على هذا الكرسي، وتقول: كيف يمكن لسيدة مُقعدة أن تطلب هذه الكميات من الكتيبات والمطويات. ولكن قبل أن أقص عليك قصتي، تعال أولا إلى الغرفة المجاورة.
واصطحبتني الحاجة أمينة إلى غرفة مجاورة لغرفة الصالون. وجدت غرفة صغيرة بها أربع موائد، على كل واحدة منها جهاز حاسب آلي بجميع مستلزماته. وتجلس أمام هذه الأجهزة أربع فتيات منقبات، وتقوم كل واحدة منهن بالاتصال بمجموعة من العناوين عبر البريد الإلكتروني.
وبدأت الحاجة أمينة تشرح لي ما أراه:
- تزوجت وأنا صغيرة من أحد كبار الدعاة. كان رجلا عظيما. تعلمت منه كيف تكون الدعوة إلى الله في كل وقت وعلى أي حال. وفي إحدى رحلاته الدعوية التي كان يقوم بها كثيرا، داهمته سيارة نقل كبيرة فأودت بحياته. وتغيرت حياتي جذريا.
وبعد أن استقرت حالتي النفسية، فكرت كيف يمكنني أن أكمل مسيرة زوجي العظيم، فهداني الله إلى الدعوة إلى دينه عن طريق شبكة الإنترنت.
فبدأت بالعمل بمفردي. عملت عنوان بريدي أو ما يسمونه (E-mail) لي على الإنترنت، وبدأت في مراسلة أصدقائي الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة ودول أوربا الغربية، لكي أحثهم على الالتزام بتعاليم ديننا في الخارج، وأن يكونوا قدوة بالعمل لرفع شأن هذا الدين. ثم طلبت منهم عناوين أصدقائهم الذين يتوقعون منهم أن يهتدوا إلى الإسلام لكي اشرح لهم تعاليم الإسلام وأركانه.
وبدأ عدد الذين تتم مراسلتهم في الازدياد، مما اضطرني لكي ابحث عمن يعاونني في هذا العمل. ثم اشتريت جهاز كمبيوتر آخر، ثم ثالث ورابع. وبدأت في إرسال خطابات منتظمة لمن يمكن أن يهتدوا إلى الإسلام.
كان أحمد ينصت فاغرا فمه. لم يكن يتوقع أن تقوم سيدة مُقعدة بكل هذا من أجل نصرة دينها وإعلاء كلمة ربها، خاصة إذا كان الله قد رفع عنها التكليف.
وبدأ يقارن بينها وبين نفسه. لقد أنعم الله عليه بموفور الصحة، وبعمل كريم يدر عليه دخلا كبيرا. لكنه لم يفكر يوما في الدعوة إلى دين الله أو نصرته بأي شكل من الأشكال، سواء بجهده أم بماله!!
وقرأ الشيخ أمين ما يدور في رأس أحمد من أفكار، فانتهز هذه الفرصة السانحة وقال له:
- وأنت أيضا لابد لك من التفكير في أي عمل يكون من شأنه إعلاء كلمة الله! فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل:  وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ  [ فصلت: 33 ] . وقال سبحانه:  كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ  [ آل عمران: 110 ]
. فلابد لك من الدعوة إلى الله والصبر عليها. وتذكر صبر أهل الباطل على باطلهم والعمل على نشر دينهم الباطل.
فقد قال تعالى مخبرا عن كفار قريش:  وَانطَلَقَ الْمََلأُ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ  [ ص: 6 ] . فهم يصبرون في سبيل إعلاء كلمة آلهتهم الباطلة.
وأنت!! لماذا لا تصبر على الدعوة إلى الله؟!!
اتخذ من مجال عملك منبرا للدعوة: إذا كنت طبيبا فلماذا لا تُهدي إلى مرضاك الكتيبات التي تشرح لهم أمور دينهم،
وإذا كنت معلما فلماذا لا تغرس في تلاميذك الالتزام بدين الله وتعاليمه ... كذلك اتخذ من وسيلة المواصلات التي تركبها أيا كان نوعها ميدانا للدعوة: فإذا كانت سيارة فلتضع بها الشرائط الدعوية التي يمكن أن تهديها إلى من يقفون بجانبك في إشارات المرور، وإذا كان " باصا " فلتأخذ معك المجلات الدعوية التي تعطيها لمن يجلسون بجوارك ... وهكذا. المهم أن يكون شغلك الشاغل هو كيف يمكنك أن تفعل شيئا لدين الله!! وتذكر قول الشاعر:
أما لك بالرجال أسوة .... أتسبقك وأنت رجل نسوة
يُتبع
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة