نعم هي حياة واحدة نعيشها .. ،
قالو هي حياة واحدة .. كم مرة سنعيش .. لنعش حياتنا، تكرر هذا الكلام وتغنو به في كافة الميادين .. وأصبح موالاً تسمعه من عديدين، وإن لم تسمعه تراه مطبقاً بشكلٍ عملي .. في حياتهم .. يقصدون أن الدنيا فرصة ينبغي استغلالها بشتى السبل والطرق لتشبع رغباتك وتمتع أهوائك فيها، وأحياناً حتى إن كانت الطرق والأساليب غير شرعية أو على حساب الآخرين وظلمهم، بتحايل، بكذب، بمعاصٍ لا يهم، المهم إرضاء تلك النفس الجشعة، الأنانية، غير المسؤولة، بحجة حياة واحدة، بل قل لضعف في الإيمان وأعذار لامنطقية ولا مقبولة.
اختلفت المفاهيم وتكالبت جهود أعداء الاسلام بسوء نية مع بعض المغالين من المسلمين بحسن نية للأسف، حتى أصبحت صورة الدين والالتزام بالشرع لدى كثير من المسلمين وكأنها طوق خانق يحجب الانسان عن الدنيا ويحرمه من التلذذ بحياته والاستمتاع بها، والأمر ليس كذلك، بل والله لشرع الله هو المنظم للحياة، وهو الميزان، وهو السبيل الوحيد للسعادة في الدارين، فلك أن تفعل ما تشاء إن كان مباحاً وبضوابط تحفظ حقوقك قبل الآخرين وبلا اسراف، فقط اجعل أولوياتك في الإخلاص في أدائك لعباداتك .. فرائض وسنن، ثم متع نفسك بالحلال، تحيا حياة طيبة بإذن الله، ويكفي والله _ والذكر يطول في الثمرات _ شعورك بالرضا وقوة عزمك، حين تنجح في ضبط نفسك والتحكم في زمام رغباتها وأهوائها وإلزامها التقوى، حتى تصبح أنت قائدها لا هي.
أيها المسلم .. أيتها المسلمة
لا تحزن .. إن فاتتك فرصة في الدنيا، كن قوياً عزيز النفس، كن مؤمناً، واحمد الله في السراء والضراء، فلربما كان في فوتها خيراً لا تعلمه بحكمة من الله، لا تقارن نفسك بالآخرين، لا تردد ما يرددون بلا علم، ولا تقل حياة واحدة، لا تدعها كلمة تتسرب إلى قاموس ألفاظك فتعتادها في كلامك، فهي في حد ذاتها ككلمة لا تمت للمؤمنين بصلة وإن لم تقصد حرفيتها، فلا تقلها، واذكر وذكر بالحياة الآخرة والجزاء فيها فإنما هي الحياة، فإما نعيم دائم في جنات الخلد نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهلها، وإما عذاب مقيم في نار جهنم نعوذ بالله منها ومن كل ما يقرب لها.
نعم هي حياة واحدة نعيشها .. في ابلاء وامتحان، نعم هي حياة واحدة .. للعمل والسعي، حياة لا استقرار فيها ولا دوام على حال، حياة لا تزن جناح بعوضة عند الله، فاغتنمها نعم، ولا تضيع فرصة فيها نعم، وتشبث بكل ما تستطيع فعله فيها نعم، لكن ليس لإشباع رغباتك وشهوات نفسك التي لا تنقطع؛ بل في فعل الخير وعمل الصالحات وكل ما يعود لك بالنفع بإذن الله في الآخرة، بلا اسراف ولا غلو، انظر بهذا الميزان .. لا بميزانهم المعوج، وتفكر في قوله تعالى في سورة النحل:
" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)"
حياة طيبة ...
وأجراً عظيماً ....
بالله أليست هذه هي الفرص !!
أليس هذا هو الفوز والفلاح !!
اللهم أحيينا حياة طيبة وردنا إليك رداً جميلاً وأحسن خاتمتنا يا رحمن
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا
اللهم احفظ ألستنا وقلوبنا من منكرات الأقوال والأهواء والأدواء ولا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
اللهم آمين
والحمد لله رب العالمين