عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 21-05-2012, 12:52 PM   #3
معلومات العضو
شذى الاسلام
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

عَنِ ابْنِ أَبِي وَدَاعَةَ -يَعْنِي: كَثِيْراً- قَالَ:


كُنْتُ أُجَالِسُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَفَقَدَنِي أَيَّاماً، فَلَمَّا جِئْتُهُ، قَالَ: أَيْنَ كُنْتَ؟


قُلْتُ: تُوُفِّيَتْ أَهْلِي، فَاشْتَغَلْتُ بِهَا.


فَقَالَ: أَلاَ أَخْبَرْتَنَا، فَشَهِدْنَاهَا.


ثُمَّ قَالَ: هَلِ اسْتَحْدَثْتَ امْرَأَةً؟


فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، وَمَنْ يُزَوِّجُنِي وَمَا أَمْلِكُ إِلاَّ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً؟


قَالَ: أَنَا.


فَقُلْتُ: وَتَفْعَلُ؟


قَالَ: نَعَمْ.


ثُمَّ تَحَمَّدَ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَوَّجَنِي عَلَى دِرْهَمَيْنِ -أَوْ قَالَ: ثَلاَثَةٍ-


فَقُمْتُ، وَمَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ مِنَ الفَرَحِ، فَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي، وَجَعَلْتُ أَتَفَكَّرُ فِيْمَنْ أَسْتدِيْنُ.


فَصَلَّيْتُ المَغْرِبَ، وَرَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي، وَكُنْتُ وَحْدِي صَائِماً، فَقَدَّمْتُ عَشَائِي أُفْطِرُ، وَكَانَ خُبْزاً


وَزَيْتاً، فَإِذَا بَابِي يُقْرَعُ.


فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟


فَقَالَ: سَعِيْدٌ.


فَأَفْكَرْتُ فِي كُلِّ مَنِ اسْمُهُ سَعِيْدٌ إِلاَّ ابْنَ المُسَيِّبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِلاَّ بَيْنَ بَيْتِهِ وَالمَسْجِدِ، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا سَعِيْدٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لَهُ.


فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟ (4/234)


قَالَ: لاَ، أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُؤْتَى، إِنَّكَ كُنْتَ رَجُلاً عَزَباً، فَتَزَوَّجْتَ، فَكَرِهْتُ أَنْ تَبِيْتَ اللَّيْلَةَ وَحْدَكَ، وَهَذِهِ امْرَأَتُكَ.


فَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ مِنْ خَلْفِهِ فِي طُوْلِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا، فَدَفَعَهَا فِي البَابِ، وَرَدَّ البَابَ.


فَسَقَطَتِ المَرْأَةُ مِنَ الحِيَاءِ، فَاسْتَوْثَقْتُ مِنَ البَابِ، ثُمَّ وَضَعْتُ القَصْعَةَ فِي ظِلِّ السِّرَاجِ لَكِي لاَ


تَرَاهُ، ثُمَّ صَعِدْتُ السَّطْحَ، فَرَمَيْتُ الجِيْرَانَ، فَجَاؤُوْنِي، فَقَالُوا: مَا شَأْنُكَ؟


فَأَخْبَرْتُهُم، وَنَزَلُوا إِلَيْهَا، وَبَلَغَ أُمِّي، فَجَاءتْ، وَقَالَتْ:

وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ مَسَسْتَهَا قَبْلَ أَنْ أُصْلِحَهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.


فَأَقَمْتُ ثَلاَثاً، ثُمَّ دَخَلْتُ بِهَا، فَإِذَا هِيَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَأَحْفَظِ النَّاسِ لِكِتَابِ اللهِ، وَأَعْلَمِهِم


بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْرَفِهِم بِحَقِّ زَوْجٍ.


فَمَكَثْتُ شَهْراً لاَ آتِي سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي حَلْقَتِهِ، فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ،


وَلَمْ يُكَلِّمْنِي حَتَّى تَقَوَّضَ المَجْلِسُ.


فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ غَيْرِي، قَالَ: مَا حَالُ ذَلِكَ الإِنْسَانِ؟


قُلْتُ: خَيْرٌ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عَلَى مَا يُحِبُّ الصَّدِيْقُ، وَيَكْرَهُ العَدُوُّ.


قَالَ: إِنْ رَابَكَ شَيْءٌ، فَالعَصَا.


فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِعِشْرِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.


قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: ابْنُ أَبِي وَدَاعَةَ هُوَ كَثِيْرُ بنُ المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَدَاعَةَ.


قُلْتُ: هُوَ سَهْمِيٌّ، مَكِيٌّ.

رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ المُطَّلِبِ؛ أَحَدِ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة