عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 21-05-2012, 01:51 PM   #2
معلومات العضو
شذى الاسلام
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

الخطبة الأولى.

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.



** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ** [آل عمران: 102].


{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ** [النساء:1 ].


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)** [ سورة : الأحزاب].





أما بعد أيها الأحبة:

لئن اشتدّ حرّ الصيف, فإن هناك يومٌ أشدّ حرًّا.

ولسوف يجمع الله الأولين والآخرين وتدنو الشمس من الرؤوس, ويعظم العرق, ويشتد الهول والكرب؛ فأعدوا - رحمكم الله -


فأعدوا - رحمكم الله - لهذا اليوم.

كيف يرجو النجاة, من لا يرحم عباد الله !!

ولا يشفق على خلق الله !!!


النجاة ... النجاة.

النجاة ... النجاة.


فإن نار جهنم حرها شديد, وقعرها بعيد.

فأعدوا تقوى الله للنجاة من هذا اليوم.

قال - جل وعلا - بعد أن أخبر أن الناس جميعًا سيردون على النار؛ قال ** ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا**[ مريم: 72].

فاتقوا الله - رحمكم الله -

أيهــا الأحبة ...

الزواج سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن رغب عن سنته فليس منه - صلوات ربي وسلامه عليه -

خلق الله - جل وعلا - آدم ثم خلق حواء.


قال - جل وعلا - ** هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ...** [ الأعراف: 189].

فالسكن بين الزوجين, يسكن إليها وليس عندها.

نعم هو يسكن عندها, ولكن اللطيفة في السكن بين الزوجين ** لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا **.

لابد أن تُلبى حاجة الجسد بالزواج, ولابد أيضا أن يحصل التكاثر والتناسل بالزواج, ولابد أن يكون به عمارة الكون.

لذا جاءت آيات الله - جل وعلا في كتابه وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته, حاثّة على الزواج.

قال - جل وعلا - {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ **[ النور: 32].

وأنكحوا : فعل أمر.

والأيامى: جمع أيّم, وهي المرأة التي لا زوج لها.

{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ **.

هذا شرع الله ودين الله, جاء بالتيسير في شتى نواحي الحياة.

والنبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس مع الصحابه - رضوان الله عليهم -, في معشر من الصحابة من سنّ الشباب.

عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - كان واحدًا ممن حضروا هذا اللقاء؛ يقول كما ثبت عنه في الصحيحين وغيرهما:

قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- " يا معشر الشباب, من استطاع منكم الباءة فليتزوج, فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج"

فوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - الشباب بالزواج, "ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"(1).

ولذا كانوا يقولون لمن لم يتزوج: إنه إما غير مستطيع, وإما أنه رجلٌ فاجر - عياذًا بالله من ذلك -

( من استطاع منكم الباءة فليتزوج)

فلم يكن هناك للمستطيع غير الزواج.

وحثّ شرع الله - جل وعلا - على تيسير المهور, وتقليلها, والنظر بعدلٍ وتوسطٍ في هذا الأمر.

فلا تُظلم المرأة حقها, فلا تُعطى مهرًا أبدًا... فهذا حرام.

ولا يجوز أن تتزوج امرأة في الدنيا على شرع الله بدون مهر.


قال الله تعالى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً** [ النساء: 4]

فهذا حق أوجبه الله, ولا يجوز أن تُزوَّج امرأة في الدنيا بلا مهر.

إلا أن الله أجاز هذا للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة - صلوات ربي وسلامه عليه -

فيجوز أن تهب امرأة نفسها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -


قال الله تعالى ** وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ **[ الأحزاب: 33].

فهذه خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -

وأما القاعدة العامة.

فلا يجوز أن تتزوج أن تتزوج امرأة بدون مهر. ولا يجوز ظلمها في مهرها, ولا منع مهرها عنها.

{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا **.

إن طابت المرأة عن شئ من مهرها بمحض إرادتها, وراضية نفسًا بهذا؛ فكلوه هنيئًا مريئًا.

وأما إذا لم يكن؛ فلا وألف لا.


{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً**.

فلا بد من المهر ... هذه النظرة الأولى.

واعتدال النظرة, ألا يُغالى في المهر, فلا يرتفع إلى مبالغ طائلة, وأرقام خرافية.

النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع لنا الضابط, " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"(2) الحديث عن الترمذي في سننه وابن ماجة ورواه الحاكم أيضا بسندٍ صحيح.

" إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"

فهذا هو المعيار.

نعم ... ينبغي ان يكون هناك تكافؤ, فلا تُزوج بنت الأمير لعاملٍ من العمال لا يستطيع أن يُنفق عليها... فليس هذا تكافؤ.

ولكن أن يكون الأمر متقاربًا.

الرجل أغنى قليلاً, أو أفقر قليلاً ... لا حرج.

فالنظرة للدين والخلق, فتنظر إلى الكريم دينًا وخلقًا, فتعطيه ابنتك

التي هي بُضعةً منك حتى يصونها ويحفظها, ويحميها ويعش معها محبًا لها, ويحافظ عليها.

لكن أن تُغالي في رفع المهر؛ فتعضل ابنتك ولا تزوجها.


وأحيانًا يأتيها الكفؤ فلا تزوجها, ثم تظل البنت بلا زواج فترة طويلة, وإن تزوجت رجلاً بهذه المواصفات ( بالمهر العالي )؛

يصبح الرجل يكرهها, كلما حدث نزاع تذكر كم دفع من أجلها,

فيتألم وتثور المشكل وتتفجر وتتهدم.


وكم سمعنا من قضايا طلاق !!

والباحثون يثبتون أن غلاء المهور هو عامل كبير في نسب الطلاق التي تقع في المجتمع.

لو كان غلاء المهر مكرمة لكان لواحدة من الكُمّل من النساء –

والكُمّل في النساء قليل-

نعم .. في النساء فاضلات كثيرات عبر التاريخ وعبر القرون, لكن

أن تصل امرأة إلى مرتبة الكُمّل؛ فلم يصل إليها إلا أربع نساء.

قال - صلى الله عليه وسلم - " كمُلَ من الرجال كثير ولم يكمُل من النساء إلا أربع, مريم بنت عمران, وآسية بنت مزاحم, وخديجة, وفاطمة بنت محمد, - رضي الله عنهن جميعًا -, وفضل عائشة على النساء, كفضل الثريد على سائر الطعام".


فأي واحدة من هؤلاء الكُمّل, لم تتزوج بهذا المهر العالي.

واحدة من هؤلاء وهي فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - بنت خير خلق الله.

فاطمة التي ملأ حبُها قلب أبيها - صلوت ربي وسلامه عليه-

كانت فاطمة تأتي تمشي, النبي - صلى الله عليه وسلم - جالس فيقوم لها.

وكان يزورها في بيت زوجها, كان يحبها حبًا جمًا حتى لحظات وفاته - صلى الله عليه وسلم -؛ لم يخبر أحدًا غيرها؛ بل أسرّ إليها وحدها وفقط.

أسرّ إليها بالسرّ, فخصها بالسرِّ من دون العالمين, لا رجل ولا امرأة عرف هذا السرّ إلا فاطمة - حبيبته -


ومع هذا زوَّجها - صلى الله عليه وسلم - لابن عمه عليّ بدرع.

الدرع: هو الثوب الذي تلبسه المرأة.

هذا مهر واحدة من الكمّل من النساء, هذا مهر بنت خير خلق الله.

والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتأثر إذا سمع المغالاة في المهور.


في بداية الهجرة للمدينة, انظــــر ...

النبي - صلى الله عليه وسلم - مشغول بتأسيس دولة الإسلام في أول خطوة في المدينة؛

ويرى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عوف- طبعًا عبد الرحمن الرجل الكريم الذي عرض عليه نصف المال من غني؛

فرفض, وقال دلوني على السوق, فذهب وتاجر, حتى أصبح عنده مال في بداية وجود المسلمين في المدينة -

فيرى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن عوف عليه أثر صفرة.



والصفرة هذه:
علامة الزواج, من الطيب أو الزعفران أو شئ من هذا مما يُصنع في الزواج .

فيرى أثر الصفرة عليه, فيقول له " مَهْيَم ..

مَهْيَم: أي ما هذا.

فيقول: تزوجت يا رسول الله, تزوجت امرأة من الأنصار.

انظــــر إلى المربي والمعلم, والإمام والقدوة يقول:

كم دفعت لها ؟؟

يقول: قدر نواة من ذهب.

( نواة من ذهب... هذا هو المهر )

فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم - بارك الله لكما..." أولم ولو بشاة"(3).

الوليمة؛ سنة الزواج.

لكن الذي نستفيده من الحديث, حرص النبي - صلى الله عليه وسلم–

على أن يبقى المهر خفيفًا يستطيع الرجل دفعه, وتستقر الحياة,

وتستقيم الأمور, ونسد باب الفاحشة وباب الفتنة.

يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتيسير المهور وتخفيفها.


ولما يأتيه رجل من أصحابه يريد مال للزواج, فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كم تريد من مال.

فيقول: أربع أواقٍ.

أواقٍ: جمع أوقية... تريد أربع أواقٍ من ذهبٍ ؟؟!!

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " كأنما تنحتون الذهب من عرض هذا الجبل"(4)

أي كأنكم تجدون الذهب في الجبال بدون قيمة !!!


الرجل جاء يريد تسع أواقٍ حتى يدفع مهر امرأة, فالنبي - صلى الله

عليه وسلم - لم يقل: اذهب, ما عندنا لنعطيك.

وهذه فاطمة, زُوجت بدرع, وعاشت سعيدة مع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -

عاشت عيشة البساطة, وتأتي أباها وتسأله خادمًا يخدمها, لأن علي فقير.

عليّ, الخليفة الراشد, ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لها " أوَلا أدلكم على خير من خادم ؟

انظـــر؛ كيف تُبنى البيوت, ليست المادة كل شئ, ليست الدراهم الدنانير كل شئ.

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -
" أوَلا أدلكم على خير مما سألتما, إذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثًا وثلاثين, واحمدا ثلاثًا وثلاثين, وكبرا أربعًا وثلاثين " فهذا أفضل من خادم"(5).

جرب وسترى إن شاء الله.

يقول عليّ - رضي الله عنه - : فما تركتهن أبدًا منذ سمعتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

يقول له السائل: ولا يوم النهراوان ؟ ( ليلة المعركة ).

يقول عليّ - رضي الله عنه - : ولا ليلة النهراوان.


ولا ليلة المعركة نسي هذا.

عاش سعيدًا وعاشت فاطمة معه سعيدة - رضي الله عن الجميع- في ظل هذه الحياة الأسرية التي بناها الإسلام.

ولقد كان الصحابي يبحث لابنته عن صاحب الدين والخلق, بغض النظر عما معه من المال.

ف
هذا عمر - رضي الله عنه - لما تأيّمت حفصة ابنته؛ جاء إلى أبي بكر - رضي الله عنه - وعرض عليه ابنته للزواج, ثم عرضها على عثمان, وكان عمر كأنه يجد في نفسه شئ.. لماذا لم يُجيبوا !!


انظـــر الأب الكريم الذي يبحث لابنته عن الزواج ويبحث لها عن الرجل الصالح, فيظل يعرضها على أبي بكر وعلى عثمان, فلا يجيبوه بشئ.

والصواب أن الله اختار هذه المرأة الفاضلة, لتكون زوجة لرسول رب العالمين - صلوات ربي وسلامه عليه -

فلأجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يذكرها بمحضر أبي بكر لم يفشِ أبو بكرٍ السرّ, بل سكت.

لتكون حفصة بعد ذلك زوجة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأمًا للمؤمنين.


هكذا كان يصنع الآباء الأفاضل في البحث لبناتهم عن أزواج صالحين.

وأختم بهذه القصة الشهيرة ...

القصة التي حصلت مع الإمام العالم سعيد بن المسيب - من علماء التابعين - رضي الله عنه -

سعيد بن المسيب كان عنده طالب علم, صاحب دين وخلق اسمه أبو وداعة.

انظــر إلى العالم كيف يختار الزوج لابنته.


في يوم من الأيام يأتي أبو وداعة ( التلميذ ) إلى مجلس الشيخ.

فيقول له شيخه وأستاذه سعيد بن المسيب: يا أبا وداعة, ما أخرك عنا ؟ (لماذا لم تحضر دروسنا قبل ذلك؟).

قال: توفيت زوجتي؛ فاشتغلت بها.

أي اشتغل بتكفينها ودفنها.

قال له: هل أحدث زوجة ؟؟ (يعني وجدت زوجة أخرى).



سبحان الله !!!


الرجل الكريم يشتري رجلاً لابنته, فالرجل لا يُقدّر بمال.

قال: ومن يُزوجني, وما عندي غير درهمين أو ثلاثة ؟

قال سعيد: إن فعلتُ تفعل ؟

( أي: إن أنا زوجتك .. تتزوج ؟؟ )

فمدّ يده, فحمد الله وأثنى عليه, وذكر خطبة العقد, وقال زوجتك ابنتي بما معك.

درهمين أوثلاثة... يكفيني هذا منك.

انتهى المجلس, وذهب أبو وداعة إلى البيت, والدنيا أصبحت ليل.


والباب يُطرَق على أبي وداعة بعد أن ماتت زوجته وهو الوحيد في البيت والباب يُقرع عليه.

فيقول من ؟

قال: سعيد.

قال أبو وداعة: ففكرتُ في أي رجل اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب.

فسعيد بن المسيب, لم يُرَ إلا في حلقة العلم, أو ذاهبًا إلى بيته, أو من بيته إلى المسجد, أو من المسجد إلى البيت.

معقول يكون سعيد بن المسيب !!

يقول: فكرتُ في أي رجل اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب.

ففتحتُ الباب فإذ بسعيد بن المسيب واقف عند الباب.

يقول أبو وداعة: ظننتُ أنه يريد أن يرجع في العقد, ظننتُ أنه بدا له شئ فجاء يقول طلق المرأة.


لا ...

قال سعيد بن المسيب لتلميذه أبي وداعة: رأيتك رجلاً عزبًا فكرهتُ أن تبيت الليلة وحدك, هذه زوجتك.

فدفعها وردّ الباب.

بقي أن تعرفوا يا أحبة أن هذه البنت - بنت سعيد بن المسيب -

خطبها ابن أمير المؤمنين, ولم يُزوجها سعيد؛ إنما اختار لها رجلاً يصونها ويحفظها.

أقول قولي هذا واستغفر الله.



الخطبة الثانية.


الحمد لله, يُعطي الكثير على العمل اليسير, ويزيد ربي ويبارك.

وأصلي وأسلم على خير خلق الله, محمد بن عبد الله.

بعثه ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا, وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.

فأنار الدنيا كلها - صلوات ربي وسلامه عليه-

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسول محمد, وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين, وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد أيها الأحبة...


فإن بلدنا هذا ( الإمارات العربية المتحدة ) تعيش بفضل الله - جل وعلا- نعمة القيادة الحكيمة.

التي تنظر في مصالح أبناء بلدها ووطنها, فتنظر في هذه المصالح, ولا تدخر وسعًا في ذلك.

نحسب ولاة أمرنا كذلك, ولا نزكي على الله أحدًا.


وإنما مبادرة سمو رئيس الدولة بتحديد المهور, ومنع الغلاء فيها, لهُوَ أمرٌ طيبٌ وجيدٌ وعظيمٌ.

إذ أن هذا الأمر يُيسر على الشباب, ويمنع رفع المهور والمغالاة فيها, وتحديدها إلى سقفٍ لا تتعداه.

ويجب الالتزام بهذا شرعًا, لأن لولي الأمر سنُّ القوانين التي تحدد مصالح البلاد والعباد بما فيها من خير للناس بشرط ألا تقع في الحرام,

ولاحرام في هذا؛ أن يُحدد المهر؛ بل هو أمر حسنٌ وطيبٌ,

ألا يُغالى في المهر ولا يُرفع فيه, حتى نصل إلى مرحلة نجد فيها كثيرًا من الفتيات لم يتزوجن, وكثير من الشباب لم يتزوجوا بسبب هذا الأمر.

وإن على المسلم أن يتقِ الله - عز وجل - فلا يغالي في مهر ابنته ويلتزم هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -

فهو أكمل الهدي, وخير الهدي, ويلزم شرع الله بأمر الله لنا جميعًا بطاعة وليّ الأمر.

قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا **[ النساء: 59].

فالخير كله في شرع الله, ألا يُغالى في المهر.

وإن تنازعنا في غلاء المهر, فمرده إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -

ولا ينبغي أبدًا الزيادة في مهور النساء, وتعديتها إلى ما حدده وليّ الأمر, بل يجب الالتزام بهذا.

ثم يجب شكر النعمة, أن هيأ الله ولاة أمرٍ يحرصوا على مصلحة البلاد والعباد.


وذلك فإن قرينة هذه المكرمة, ما يحصل من شان صندوق الزواج - جزى الله القائمين عليه خير الجزاء -

حين يعطون للشباب المال الذي يبدءون به حياتهم.

فهذا المبلغ الذي هو( السبعين ألف درهم) هذا يساعد الشباب وييسر عليهم.

كل ذلك حتى تستمر الحياة, ونحني أبناءنا ومجتمعنا ووطننا مما قد ينتشر - لا قدر الله - إذا تساهلنا في هذا الأمر.

فهذا أمر عظيم, علينا أن نلتزم به وأن نتقِ الله - عز وجل - وأن نسمع ونطيع.



اللهم إنا ندعوك وأنت أحق من دُعي, ونرجوك وأنت خير من رُجي.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها, دقها وجلها.

يا رب فرج هم المهمومين من المسلمين, ونفس كرب المكروبين, واقضِ الدين عن المدينين,

وفك أسر المأسورين, وأصلح جميع أحوال المسلمين.

اللهم لا تدع لنا في جمعنا هذا حاجة إلا قضيتها.

اللهم اقضِ لنا حاجاتنا بمنّك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا, وأصلح من وليته أمرنا, وولِّ علينا خيارنا.

ووفق وليّ أمرنا لما تحب وترضى.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد,

وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



(( الهوامش ))


(1) صحيح البخاري/ كتاب النكاح/ باب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج/ رقم4778.
* صحيح مسلم/ كتاب النكاح/ باب: استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة، واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم/ رقم 1.
* سنن أبي داوود/ كتاب النكاح/ باب: التحريض على النكاح/ رقم 2046.
* سنن النسائي/ كتاب النكاح.
* سنن الترمذي/ كتاب: النكاح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -/ باب: ما جاء في فضل التزويج والحث عليه./ رقم: 1087.
* سنن ابن ماجة/ كتاب النكاح/ باب: ما جاء في فضل النكاح/ رقم 1845.


(2) سنن ابن ماجة/ كتاب النكاح/ باب:الأكفاء/ رقم: 1967.
* سنن الترمذي/ كتاب: النكاح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -/ باب: ما جاء فيمن ترضون دينه فزوجوه./ رقم 1091.
* مستدرك الحاكم/ كتاب النكاح/ رقم: 2695.
* وحسنه الشيخ الألباني في الصحيح الجامع برقم 270.


(3) صحيح البخاري/ كتاب: النكاح / باب: تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام./ رقم: 4785.
* سنن أبي داوود/ كتاب النكاح/ باب: قلة المهر/ رقم: 2109.
* سنن النسائي/ كتاب النكاح.


(4) صحيح مسلم/ كتاب النكاح/ باب: ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها/ رقم: 1424.


(5) صحيح البخاري/ كتاب الدعوات/ باب: التكبير والتسبيح عند المنام./ رقم 5959.
* مسند الإمام احمد / مسند عليّ بن أب طالب – رضي الله عنه -



    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة