عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 26-04-2005, 05:27 AM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

وقفات مع الكتاب :

الوقفة الأولى :

يقول الدكتور محمد بن عبدالله الصغير استشاري وأستاذ مساعد الطب النفسي بجامعة الملك سعود بالرياض ، حول موضوع السحر والمس والعين والأمراض النفسية :

( هذا الموضوع كثرت فيه الآراء ووجهات النظر المتباينة ، وتحدث فيه عدد من المختصين بالأمراض النفسية ، وعدد من المعالجين بالرقية وغيرهم من علماء وطلبة علم ومثقفين وكتّاب وكاتبات وكل أدلى بدلوه وبيّن ما يراه صواباً واستخدمته بعض وسائل الإعلام كمادة إثارة إعلامية بطرق مثيرة أخلت بالجانب العلمي ورسخت بعض المفهومات المغلوطة 0
وقد دلت النصوص الشرعية على أثر السحر والمس والعين على صحة الإنسان ، ولكن لم ترد تفاصيل موسعة في النصوص الشرعية لكيفية ومدى تأثير السحر والمس والعين ، وإنما توسع في ذلك كثير من المعالجين بالرقية وجاءوا فيه بكثير من المخالفات والمبالغات التي راج أكثرها على كثير من الناس فظنّوا ذلك من الشرع وأنه ثابت بأدلة الشرع بينما هو من آراء وتجارب هؤلاء 0 ومن أمثلة ذلك : حصر التخبّط والصرع في المس بحيث يشخصون كل من أصابه شيء من ذلك على أن به مسّاً ، وحصر القلق والكآبة في العين ، وحصر الهلوسة واختلال السمع والبصر في السحر 0

إن السحر والمس والعين أسباب غيبية لا ندرك كنهها ولا نعرف عنها – على وجه الجزم – إلا في حدود ما وردنا من نصوص الشرع ، ولا يمكن إخضاع هذه الأسباب للتجربة والحس لإثباتها أو نفيها بناء على ذلك 0

إن أحد أهم أسباب تباين وجهات النظر حول هذه الأسباب وأثرها في الصحة العقلية والنفسية أن الأمراض النفسية تصنف بحسب وصفها القائم على العلامات والأعراض التي يشكو منها المريض ، وليست تصنف بحسب الأسباب وتحديدها ، ومن ثم فإن الأطباء يشخصون الحالة على ضوء وجود أعراض معينة فيقولون : هذا فصام ، وهذا اكتئاب ، وهذا قلق لاختلاف الأعراض ، وعند نقاش الأسباب يذكر الأطباء ما توصل إليه البحث العلمي التجريبي من نتائج لمسببات الأمراض النفسية ( سواء كانت عوامل وراثية أو كيميائية حيوية أو اجتماعية أو نفسية أو غير ذلك ) 0

وفي المقابل ينظر المعالجون بالرقية لهذه الاضطرابات العقلية والنفسية من زاوية المسببات فيرقون المرضى برقى متفاوته ويسعون للوصول إلى معرفة أي هذه الأسباب وراء الحالة بغض النظر عن طبيعة الحالة وتشخيصها الطبي 0

وعلى هذا فإنه توجد حالات يجزم الرقاة بأنها مس أو سحر أو عين ، ويجزم الأطباء أنها حالات فصام أو اكتئاب أو قلق ، فينشأ خلاف وجدل تحتار فيه كثير من العقول والأفهام ، وكثيراً ما يكون ضحية ذلك المريض وأهله ، الذين لا يدرون كيف يتصرفون في مثل هذه المواقف ، وكثير منهم تقتصر على المعالجة بالرقية ويهمل العلاج الطبي ، وربما حصل العكس ويُغفل الكثيرون أهمية الجمع بين الأسباب الشرعية "الرقية" والمادية " الدواء " ) ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – باختصار - ص 54 – 57 ) 0

قلت : هذا الكلام للدكتور الصغيّر جيد بشكل عام في مضمونه ومحتواه ، إنما يحتاج إلى كثير من الدقة ، وليّ بعض الوقفات اليسيرة بخصوص ما ذكره الدكتور الفاضل تتلخص بالنقاط التالية :

1)- إن فيما ذكره الدكتور بخصوص كثرة الآراء ووجهات النظر المتباينة بين الأطباء النفسيين والمعالجين بالرقية الشرعية والعلماء وطلبة العلم والمثقفين والكتّاب لهو عين الحق ، ومن هنا كان لزاماً على الجميع التأني والتريث وكذلك الدراسة العلمية التحقيقية الموضوعية للوصول إلى الحق المنشود ، ومثل تلك الدراسة تضع النقاط على الحروف ، وتعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي ، خاصة إذا علمنا أن الهدف والغاية للجميع معرفة الحق واتباعه ، وتبقى هناك بعض الأمور المشكلة التي تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة ، من خلال عقد اللقاءات الجادة بين الأطباء النفسيين والمعالجين بالرقية، وكذلك عقد الندوات والمنتديات والمؤتمرات التي يشارك فيها الجميع بأوراق عمل تُدرس بعناية ويتوصل في نهاية الأمر إلى توصيات عامة تخدم الإسلام والمسلمين ، وتُعطي كل ذي حق حقه ، وتُحدد معالم الطريق السوي الصحيح للرقية الشرعية وتنقيتها من كافة الشوائب والرواسب التي لحقت بها من خلال استخدام الأساليب المتبعة وتنوع وتفنن الممارسات التي اتسع فيه الخرق على الراقع نتيجة جهل بعض المعالجين ، وكذلك إيضاح حقيقة الطب النفسي من وجهة نظر علمية بحتة وتحديد كافة الأخطاء التي تُرتكب باسم هذا العلم ، ومحاولة تأصيل مسألة الرقية الشرعية عند كثير من الإخوة في مجالات الطب النفسي وبيان أنها مسألة ثابتة في الكتاب والسنة والأثر ، وأن فيها شفاء ومنفعة بإذن الله تعالى لكثير من الأمراض الروحية كالصرع والسحر والعين ، والأمراض العضوية والنفسية ، والأهم من ذلك كله ايضاح أنه لا يوجد أي تعارض ما بين الرقية الشرعية والطب العضوي والنفسي فكلها أسباب شرعية وحسية للعلاج ، ويبقى أن تُفهم تلك العلوم بأصولها وقواعدها ومرتكزاتها 0

2)- ذكر الدكتور الصغيّر بعض التأثيرات التي قد تحدث نتيجة الإصابة بآفة السحر الخطيرة ، ومنها التخييل ، والتفرقة بين الزوجين ، وتلك بعض الآثار التي قد تحدث بسب السحر وتأثيراته المتنوعة ، والأمر قد يتعدى ما ذكره الدكتور الصغيّر ، فالسحر قد يُمرض وقد يقتل ، وقد يؤدي إلى اضطرابات نفسية أو جنسية ، وقد يؤدي إلى ما يؤدي إليه من أعراض وتأثيرات متنوعة 0

يقول ابن قدامة – رحمه الله – عن السحر هو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه ، ليعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له ، وله حقيقة فمنه ما يقتل ، وما يُمرض ، وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ، ومنه ما يُفرق بين المرء وزوجه ، وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يُحبب بين اثنين ) ( المغني – 10 / 104 ) 0

3)- ذكر الدكتور الصغيّر أنه لم ترد هناك تفاصيل موسعة في النصوص الشرعية ، لكيفية ومدى تأثير السحر والمس والعين ، وإنما توسع في ذلك كثير من المعالجين بالرقية وجاءوا فيه بكثير من المخالفات والمبالغات التي راج أكثرها على كثير من الناس فظنوا ذلك من الشرع وأنه ثابت بأدلة الشرع بينما هو من آراء وتجارب هؤلاء 0

وهذا الكلام جيد بشكل عام إلا أنه يحتاج إلى بعض الدقة ، حيث أنه لم ترد تفاصيل موسعة في النصوص الشرعية لكيفية ومدى تأثير السحر والمس والعين كما أشار إلى ذلك الدكتور الفاضل ، ومع ذلك فقد بيّنت النصوص النقلية الصريحة بعض الأعراض والآثار للأمراض الروحية ، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :

* عن عثمان بن العاص - رضي الله عنه - قال : ( لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف ، جعل يعرض لي شيء في صلاتي ، حتى ما أدري ما أصلي 000 ) ( صحيح ابن ماجة 2858 ) 0

* عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن – قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا – 000 ) ( جزء من حديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الطب ( 50 ) – برقم ( 5766 ) – أنظر صحيح البخاري بشرح الكرماني – 40 ، 41 / 21 ) 0

* عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال : رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية ، وقال لأسماء بنت عميس : ( مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة ) قالت : لا ، ولكن العين تسرع إليهم ، قال : " ارقيهم " قالت : فعرضت عليه فقال : " ارقيهم " ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام ( 60 ) - برقم 2198 ) 0

* عن أم سلمة - رضي الله عنها - زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى سفعة في وجه جارية في بيت أم سلمة فقال : ( استرقوا لها فإن بها النظرة ) ( متفق عليه ) 0

* عن عبدالله بن عامر قال : انطلق عامر بن ربيعة وسهل بن حنيف يريدان الغسل ، قال : فانطلقا يلتمسان الخَمَر ، قال : فوضع عامر جبة كانت عليه من صوف ، فنظرت إليه – أي إلى سهل – فأصبته بعيني فنزل الماء يغتسل ، قال : فسمعت له في الماء قرقعة فأتيته فناديته ثلاثاً فلم يجبني فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، قال : فجاء يمشي فخاض الماء حتى كأنّي أنظر إلى بياض ساقيه ، قال : فضرب صدره بيده ثم قال اللّهمّ أذهب عنه حرّها وبردها ووصبها " الوصب : التعب " ) قال : فقام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه أو ماله ما يعجبه ، فليبركه ، فإن العين حق ) ( صحيح الجامع 556 ) 0

وأنقل في سياق هذا الموضوع كلام مبدع لفضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله – عندما سئل عن تشخيص المرض من قبل الراقي ، يقول فيه :

( معلوم أن الراقي الذي تتكرر عليه الأحوال ويراجعه المصابون بالمس والسحر والعين ويعالج كل مرض بما يناسبه أنه مع كثرة الممارسة يعرف أنواع الأمراض النفسية أو أكثرها وذلك بالعلامات التي تتجلى مع التجارب فيعرف المباشرة بتغير عينيه أو صفرة أو حمرة في جسده أو نحو ذلك ، ولا تحصل هذه المعرفة لكل القراء وقد يدعي المعرفة ولا يوافق ذلك ما يقوله ، لأنه يبني على الظن الغالب لا على اليقين ، والله أعلم ) ( الفتاوى الذهبية – ص 20 ، 21 ) 0

ومن خلال تتبع النصوص آنفة الذكر وكذلك ما نقله العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ، يُرى بأن لتلك الأمراض – أعني الأمراض الروحية – آثار تدل عليها ، ولا بد من اليقين بأن نصوص القرآن والسنة لم تُشر في كثير من المواضع إلى التفصيلات الدقيقة بقدر الإشارة إلى العموم ، ومن هنا لا يمكن أن يأتي تفصيل الأعراض والآثار على ما هيَّ عليه في الواقع العملي ، إنما تجد الشارع يحدد قواعد عامة تتعلق بالرقية الشرعية بحيث تعتبر منطلقاً للحكم على المسائل بشكل عام ، ومثال ذلك : ما ثبت في صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال : كنا نرقي في الجاهلية فقلنا : يا رسول الله : كيف ترى في ذلك فقال : " اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " ( صحيح الجامع 1048 ) ، هذا من جهة الرقية ، أما من جهة التوسع في تحديد الأعراض والآثار ، فإن كان هذا التوسع مبنيّ على الدراسة العلمية الموضوعية الجادة وبناء على ما نُقل تواتراً عن الإخوة المعالجين أصحاب العلم الشرعي المتمرسين الحاذقين مع إقرار علماء الأمة لتلك الممارسات ، فلا يرى بأس بمثل هذا التوسع المنضبط إن شاء الله تعالى ، مع علمي اليقين بأن الذي يقصده الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – تلك المخالفات والمبالغات التي اتسع فيها الخرق على الراقع والتي انتشرت بين العامة والخاصة انتشار النار في الهشيم فضلت وأضلت ، فنسأل الله سبحانه وتعالى السلامة والعفو والعافية في الدنيا والآخرة 0

4)- ذكر الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – بعض الأمثلة من آراء وتجارب بعض المعالجين ، بحيث تم حصر التخبط والصرع في المس ، ويشخصون كل من أصابه شيء من ذلك على أن به مسّاً ، وحصر القلق والكآبة في العين ، وحصر الهلوسة واختلال السمع والبصر في السحر ، وحقيقة الأمر فإن مثل هذه التصرفات غير المسؤولة تصدر من بعض المعالجين – وفقهم الله لكل خير - ممن لا يملكون الخبرة والممارسة في الحكم على المسائل العامة المتعلقة بالرقية بشكل عام ، ومن هنا فإنني أنادي الإخوة المتخصصين في الرقية الشرعية بمزيد من البحث والدراسة العلمية الجادة وإعطاء هذا العلم –علم الرقى– حقه بالكامل ، لكي نقدم صورة نقية صافية عن الرقية الشرعية وما يدور في فلكها ، واستئصال كافة الشوائب والرواسب التي علقت بهذا العلم ، لكي لا تصبح الرقية الشرعية مطية لكل نطيحة ومتردية وأكيلة سبع ، ومثار قذف وتشكيك وتشهير من قبل المغرضين والعقلانيين أصحاب الفكر المنحرف الملوث 0

5)- أما قول الدكتور الصغيّر بأن السحر والمس والعين أسباب غيبية لا ندرك كنهها ولا نعرف عنها – على وجه الجزم – إلا في حدود ما وردنا من نصوص الشرع ، ولا يمكن إخضاع هذه الأسباب للتجربة والحس لإثباتها أو نفيها بناء على ذلك 0

فهذا القول هو عين الحق إن كان الأمر يتعلق بالناحية الغيبية التي لا يمكن أن نقر منها إلا ما جاءت تؤكده النصوص النقلية الصريحة ، أما إن كان الأمر يتعلق بالآثار التي تُحدثها تلك الأمراض فلا ينطبق الحكم على الوصف المشار إليه ، وبإمكان القارئ الكريم مراجعة ذلك في كتابي ( الأصول الندية في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية ) ( المبحث الثامن : تساؤلات الطب العضوي والنفسي حول الرقية الشرعية ) ( البند السابع - الرقية الشرعية تعامل مع الآثار الحسية للأمراض الروحية ) 0

6)- ذكر الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – بأن أحد أسباب تباين وجهات النظر بين الأطباء النفسيين والمعالجين بالرقية أن الأطباء يصنفون الأمراض النفسية بناء على العلامات والأعراض ، أما بالنسبة للمعالجين بالرقية فإنها تكون من زاوية المسببات ، فيرقون المرضى برقى متفاوته ويسعون للوصول إلى معرفة أي هذه الأسباب وراء الحالة بغض النظر عن طبيعة الحالة وتشخيصها الطبي 0

أما بالنسبة لتصنيف الأمراض النفسية والحكم عليها من قبل الإخوة من أهل الاختصاص في الطب النفسي ، فهذا الأمر يعود لمعرفتهم ولطبيعة دراستهم العلمية وكون أن يقال بأن التصنيف يتم بناء على العلامات والأعراض فهذا الكلام لا لبس فيه البتة ، إلا أنني أرى وحسب اطلاعي المتواضع في مجال الطب النفسي بأن التصنيف لا يتم بمعزل عن دراسة الأسباب والمسببات ، وكون أن تشخص الحالة بعد الدراسة العلمية بناء على العلامات والأعراض فأهل الطب هم أعلم بذلك ، وأهل مكة أدرى بشعابها ، والاخوة المخلصون من أهل الاختصاص في الطب النفسي هم أهل لمثل هذا العمل الجليل، وهؤلاء ممن يوثق في علمهم ودينهم ، ونحسبهم على خير وصلاح والله حسيبهم 0

أما بالنسبة لما ذكره الدكتور الفاضل - وفقه الله لكل خير – من تصنيف المعالجين بالرقية فإنها تكون من زاوية المسببات ، فيرقون المرضى برقى متفاوته ويسعون للوصول إلى معرفة أي هذه الأسباب مؤدية لتلك الاضطرابات العقلية ، فهذا الكلام مجانب للصواب من الناحية العلمية ، وإن كان مقصود الدكتور الواقع العملي لبعض المعالجين اليوم فهذا حق وصدق ، ولكنني أود أن أصحح نظرة الأخ الفاضل الدكتور الصغيّر حول موضوع الرقية الشرعية وما يدور في فلكها بشكل عام ، حيث أنها علم قائم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يُشخص من خلاله للمرضى بناء على معرفة جزئية معينة كمعرفة الأسباب والمسببات ، فهذه نقطة من مجموعة نقاط لا بد أن يُلِم بها المعالج للحكم على الحالة المرضية بشكل عام ، فلا نستطيع القول بأن كل من سقط وأُغمي عليه في الحمام على سبيل المثال يُعاني من صرع الأرواح الخبيثة ، وليس كل من رأى قطاً أسوداً فجاءه خوف شديد واضطراب لمثل هذا الموقف يعاني من لبس وهكذا ، فالمسألة برمتها تعتمد على الدراسة الموضوعية المتأنية للوصول إلى الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله تعالى ، وبالامكان مراجعة ذلك والتأكد من هذا المنهج من خلال كتابي ( الأصول الندية في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية ) ( المبحث الثامن : تساؤلات الطب العضوي والنفسي حول الرقية الشرعية )( البند السابع - الرقية الشرعية تعامل مع الآثار الحسية للأمراض الروحية ) 0

أما مسألة معرفة الأسباب من قبل بعض المعالجين للحالة المرضية بغض النظر عن طبيعة الحالة وتشخيصها الطبي ، فلا زلنا نتكلم عن فئة من المعالجين ، قل علمها وساء خلقها ، واتخذت هذا العلم مطية لتحقيق مآرب شخصية ، وهؤلاء لا أعنيهم مطلقاً ، وكلي ثقة بأن الدكتور الصغيّر سوف يغير من نظرته العامة وبعض آراءه حول منهجية العلاج المتبعة عند بعض من تصدر للرقية الشرعية إذا اطّلع على هذه السلسلة بكافة تفصيلاتها وجزئياتها ، سائلاً المولى عز وجل أن يَهديّ الجميع لما يحب ويرضى 0

7)- أما قول الدكتور الصغيّر بأنه توجد حالات يجزم الرقاة بأنها مس أو سحر أو عين ، ويجزم الأطباء أنها حالات فصام أو اكتئاب أو قلق فينشأ خلاف وجدل تحتار فيه كثير من العقول والأفهام ، وكثيراً ما يكون ضحية ذلك المريض وأهله ، وكثير منهم تقتصر على المعالجة بالرقية ويهمل العلاج الطبي ، وربما حصل العكس ويُغفل الكثيرون أهمية الجمع بين الأسباب الشرعية " الرقية " والمادية المحسوسة " الدواء " 0

فمسألة الجزم في مسائل التشخيص بالنسبة للأمراض الروحية مجانب للصواب ، حيث أن هذه القضايا تبقى أقرب إلى نطاق العالم الغيبي ، فلا يجوز مطلقاً للمعالج أن يجزم في تحديد الداء ، ويكتفي بالرقية بنية شفاء المريض بإذن الله تعالى ، خاصة أن هناك بعض الحالات التي قد يحتار فيها المعالجون بالرقية الشرعية ويقفون أمامها مكتوفي الأيدي لا يستطيعون أن يحركوا أمامها ساكناً ، وكون أن تكون هنالك وجهات نظر متباينة بين الأطباء والمعالجين فهذا لا يقدح بأي حال في عمل كل واحد منهم ، والطريق الأسلم في مثل هذه الحالة أن يعالج المريض بالرقية الشرعية ، وكذلك بالطب النفسي ، ومراجعة الأخصائيين في هذا المجال ، دون الخوض والهمز واللمز أو إثارة الشبهات والقذف والذم والتشهير من قبل كلا الطرفين ، وهذا سوف يساعد على التقارب والتآخي ، ويولد الاحترام المتبادل بين الطرفين ، ويصب غالباً في مصلحة المريض وأهله ، ومن هنا نكون قد جمعنا في طريقة العلاج بين الأسباب الشرعية والأسباب الحسية كما أشار إلى ذلك الدكتور الصغيّر – حفظه الله – 0

يتبع / 000

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة